عُقِد اليوم الأربعاء، بالعاصمة طرابلس، لقاء ضم عدداً من الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات والروابط النيابية والنسائية الليبية ولجنة الـ90 المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي الثاني، بتنظيم وأشراف تجمع الأحزاب الليبية ولجنة الـ90، وذلك للوقوف على المشكل السياسي وانسداد العملية السياسية في ليبيا.

وفي بيان صُدِر عقب اللقاء تحصلت “عين ليبيا” على نسخة منه، أكد المجتمعون أن من يملك العملية السياسية هم الليبيون وحدهم دون غيرهم وأن هذه العملية يجب ألا تكون ناقصة أو منقوصة الحقوق.

وأكد البيان على ضرورة إزاحة مجلسي النوّاب والأعلى للدولة لانتهاء مدتهما والإخفاق في نتائج أعمالهما واستمرار التصارع بينهما.

وطالب البيان بتفويض المجلس الرئاسي للقيام بالترتيب القانوني لتجميد عمل مجلسي النوّاب والدولة، وفي حالة عجزه فإنه يستوجب تشكيل جسم تشريعي ليتولى الإشراف على العملية الانتخابية بما في ذلك إصدار التشريعات اللازمة وتهيئة الظروف الإيجابية.

كما طالب البيان أيضاً، بالعمل على تشكيل لجنة متخصصة لصياغة دستور حسب ما اتفق عليه الليبيين من شكل وهوية الدولة،  بالإضافة إلى اعتبار خارطة الطريق لتجمع الأحزاب الليبية ولجنة الـ90 والورقات السياسية الشارحة لعام منهاج عمل للوصول إلى الانتخابات.

وأعرب المجتمعون عن أسفهم البالغ لما ورد في إحاطة المبعوث الأممي أمام مجلس الأمن أمس الثلاثاء، والتي لم تلامس تطلعات الشعب الليبي لنيل حقه الانتخابي المفقود والتي أشارت بكل وضوح إلى أن البعثة موجودة لإدارة الأزمة وتمكين الأجسام السياسية الحالية من الاستمرار في المشهد إلى أطول فترة ممكنة، بحسب البيان.

هذا وطالب المجتمعون من الشعب الليبي أن يحسم أمره ويعتمد على نفسه في تخليص بلاده من كل أشكال التدخل الخارجي، مؤكدين أن سيادة ليبيا ووحدة أراضيها أمر لا تنازل عنه وأن المماطلة أو التسويف بتأجيل العملية الانتخابية هو تأخير لبناء شراكات إستراتيجية.

واختتم المجتمعون بيانهم بالتأكيد على أهمية وجود سلطة تنفيذية موحدة تُسهم في توفير المناخ اللازم لعملية الانتخابات النزيهة.

آخر تحديث: 23 أغسطس 2023 - 18:13

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: المجلس الأعلى للدولة المجلس الرئاسي انتخابات مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

حجرُ الأحزاب في بركة السياسة

12 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة:

رياض الفرطوسي

من قبل سقوط النظام كان الحزب أشبه بصوتٍ واحدٍ يعلو فوق الجميع: لا يُناقَش، لا يُجاوَر، ولا يُزاحم. المعارضات كانت في المنافي، تُراكم ضوءها على نارٍ صغيرة، تنتظر لحظة العودة. لكن حين انهار الباب الحديدي عام 2003، لم تخرج السياسة بهدوء… بل انفجرت، وانفتح

المشهد حتى كاد يتشظّى من فرط الكثرة.

ظهرت الأحزاب كما لو أن الأرض أفرزتها دفعة واحدة: مئات اللافتات، عشرات الزعامات، وخطابات تتشابه حتى يُظنّ أنها خرجت من ورشةٍ واحدة. وبدلاً من أن تُحدث هذه الكثرة موجة حياةٍ سياسية، صنعت دوامةً بلا اتجاه. كل حزب يحمل هدفاً، وكل هدف يذوب بين الطائفة والهوية والغنيمة.

ثم جاء الشباب… لا كما حلمنا أن يأتوا، لا بوصفهم طلائع تُضيف معنى وتبني فكرة. جاءوا متعبين، يبحثون لا عن مشروعٍ ولا عن دور، بل عن «موقع» أو «فرصة» أو (امتياز). في زمنٍ صارت فيه الأحزاب بواباتٍ للترقي الوظيفي لا للارتقاء الفكري، وفي زمن صار فيه (الانتماء) بطاقةً للعبور أكثر منه إيماناً بمبادئ.

هكذا انقلب المشهد: بدلاً من أن تكون الطلائع الشابة رافعةً تعيد للحزب روحه، صار الحزب هو من يُغذي الأعضاء بالوعود والمغانم، حتى تفَرَّغت الأحزاب من مضمونها التربوي والفكري، وصارت أقرب إلى شبكاتٍ تنظيميةٍ تبحث عن القوة العددية أكثر مما تبحث عن القوة الأخلاقية.

ومع ولادة كل قضية اجتماعية، تولد معها أحزاب جديدة تقدم (رؤى للحل) على الورق، لكنها في العمق تتزاحم على صوتٍ واحد: صوت النفوذ. تاريخ الأحزاب يمتد عبر العصور، سريةً وعلنية، لأنها الوسيلة الأكثر منطقية حين تعجز قوة الفرد عن مواجهة الدولة أو المجتمع أو الخارج. هذا ما نعرفه نظرياً… لكن الواقع العراقي تَفَصَّل بطريقةٍ أخرى.

ففي ظل العراق الجديد، لم تعد الأحزاب فقط كيانات سياسية تُحاول أن تُمثّل جماهيرها. صار بعضها (أحزاباً صغيرة) تُنشئها الأحزاب الكبيرة، كظلالٍ لها: واجهات تُبرقِع المسارات، أو أدوات لتشويش الخريطة، أو إشارات تُوحي بأن هناك «تنوعاً» بينما هو تنسيقٌ مقنّع. لعبةٌ تُؤدى على مسرح كبير، لا يعرف الجمهور تماماً من الذي يكتب النص.

وحين يعجز الحزب عن تمثيل الحقيقة المجتمعية — حين يفشل في صقل طبقته المستهدفة، أو يعجز عن تقديم قراءة ثاقبة للحدث — يذوي حوله الجمهور شيئاً فشيئاً. يبتعد الناس كما يبتعد الطير عن شجرة لم تعد تعطي ظلاً. لا يبقى سوى الهياكل: مقرات بلا فكرة، شعارات بلا روح، ووجوهٌ تُكرر ما لا تؤمن به.

يزداد هذا التآكل حين يتحول الخطاب إلى ازدواجية: قولٌ في العلن و قولٌ آخر في السر، وعندما يتجاور النفاق السياسي مع الجهل الثقافي، في مساحةٍ تتداخل فيها النخب السياسية مع النخب الثقافية دون أن تنتج رؤية مشتركة. إنها مساحةٌ ضبابية لا تُنتج فكراً ولا تفتح أفقاً. وحين نصل إلى الجذر العميق للأزمة، نجد أن تغييب الفرد في ثقافتنا كان عاملاً حاسماً في إجهاض أي تعددية سياسية حقيقية. نحن، بثقل الموروث، لم نمنح الفرد فرصة ليقف مستقلاً، ربّيناه ليكون ظلّ جماعته لا صوته الخاص. وفي اللحظة التي يحاول فيها اتخاذ قرار، تنهض العائلة والعشيرة والطائفة لتعيده إلى (الحظيرة) القديمة. وهكذا ينمو الفرد نصف مكتمل: يتكلم بثقة، لكنه يتصرف بتردد. وفي غياب الفرد الحرّ، تتولد أحزاب بلا روح، هياكل بلا مشروع، وتيارات تذوب عند أول امتحان. فالتعددية تحتاج أناساً أحراراً لا مجموعات تتحرك بدافع العرف والولاء. ولذلك لم تكن التعددية عندنا مشروعاً سياسياً بقدر ما كانت زينة لغوية… بينما التعدد الحقيقي الوحيد الذي نجحنا فيه، وبامتياز مبهر، هو تعدد الزوجات.

اليوم، يبدو العراق كبركةٍ طال سكونها، تحتاج إلى حجرٍ يُلقى فيها لا ليُحدث ضجيجاً عابراً، بل ليوقظ الماء من غفوته الطويلة. حجرٌ لا يُضيف حزباً إلى ازدحام الأحزاب، بل يضيف فكرة إلى جفاف الأفكار؛ حزبٌ يعيد للمثقفين مكانتهم الطبيعية في قيادة المزاج العام، وينهض بالطبقة الوسطى من سباتها، ويصلُ بالشباب إلى المعنى قبل المصلحة، ويُعيد تعريف الولاء باعتباره انتماءً للدولة لا ارتهاناً لسلطاتها العارضة. حزبٌ يمنح السياسة وجهاً يشبه حياة الناس، لا تشبه مقايضات السياسيين.

قد لا يتغيّر شكل الماء عند أول ارتجاجة، لكن ما في القاع سيتحرّك، وسيعرف السكون أن زمنه لم يعد مطلقاً. والعراق، بعد هذه السنوات الثقيلة، يستحق ارتجافةً تعيد إليه نبضه، وتذكّره بأن المعنى يمكن أن يعود… إذا وُجد من يملك الشجاعة ليرمي الحجر.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • رئيس الحكومة الليبية يرحّب بانطلاق انتخابات البلديات ويعدّها خطوة نحو الانتخابات العامة
  • عقب بدئها... مطالبات واسعة بتغيير وفد الحوثيين المشارك في المفاوضات
  • الشركات الليبية تعرض منتجاتها بـ«ملتقى الأعمال الإفريقي» في المغرب
  • حجرُ الأحزاب في بركة السياسة
  • الاتحاد الأوروبي يستعد لتجميد الأصول الروسية
  • لجميع مشتركي ألفا... إليكم هذا البيان
  • السعداوي: مهلة أخيرة من البعثة أمام النواب والدولة
  • في الجيزة.. ضبط مخالفات فردية والدولة تؤمّن انتظام العملية الانتخابية بالكامل
  • مراسلة إكسترا نيوز بالجيزة: ضبط مخالفات فردية والدولة تؤمّن انتظام العملية الانتخابية بالكامل
  • بنتايج يشترط الحصول على مستحقاته لتجميد قرار فسخ عقده مع الزمالك