رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس| الضوء الشارد.. صراع الحب والسلطة في عالم الصعيد
تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص، حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ، كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التليفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.
من "ليالي الحلمية" إلى "بوابة الحلواني"، ومن "هند والدكتور نعمان" إلى "رحلة السيد أبو العلا البشري"، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة. لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.
رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث يجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية. واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.
حين يجتمع الحب والسلطة في دراما صعيدية مشوقة، تكون النتيجة تحفة درامية مثل "الضوء الشارد"، الذي يُعد واحدًا من أنجح مسلسلات رمضان وأكثرها تأثيرًا.
استطاع المسلسل أن يأسر قلوب المشاهدين بقصة حب مستحيلة، وصراعات اجتماعية تعكس واقع الصعيد المصري بكل ما يحمله من عادات، تقاليد، وصراعات طبقية.
تدور أحداث المسلسل حول رفيع بيه العزايزي، الشاب الصعيدي الثري الذي ينتمي إلى واحدة من أكبر عائلات الصعيد، ويجسده ببراعة ممدوح عبد العليم. يعيش رفيع حياته وفقًا لقوانين الصعيد الصارمة، حيث السلطة للعائلة والنفوذ فوق الجميع. لكنه يقع في حب فرحة "منى زكي"، الفتاة البسيطة التي لا تنتمي لنفس الطبقة الاجتماعية، لتبدأ أزمة كبرى تهدد استقرار العائلة.
يجد رفيع نفسه في مواجهة بين قلبه وعقله، بين الحب والولاء للعائلة، بين العادات القديمة ورغبته في التغيير. ومع تصاعد الأحداث، يدخل في صراع مع عائلته، خاصة مع شقيقه الأكبر (جمال عبد الناصر)، الذي يرى في زواج رفيع من فرحة كسرًا لقوانين الصعيد وإهانة للعائلة.
وفي الخلفية، تدور معارك أخرى حول النفوذ والسلطة، حيث تكشف القصة عن تحالفات، خيانات، وصراعات على الأرض والثروة، مما يجعل المسلسل مليئًا بالأحداث المشوقة.
عند عرضه لأول مرة في رمضان 1998، حقق "الضوء الشارد" نجاحًا هائلًا، وأصبح واحدًا من أكثر المسلسلات التي أثرت في الجمهور. تفاعل المشاهدون بشدة مع قصة رفيع وفرحة، وتعاطفوا مع معاناتهما في مواجهة التقاليد الصارمة.
كان أداء ممدوح عبد العليم في دور رفيع العزايزي أيقونيًا، حيث أبدع في تقديم شخصية الصعيدي القوي والممزق بين الحب والواجب. كما قدمت منى زكي واحدة من أروع أدوارها الدرامية، وجعلت شخصية فرحة مليئة بالعاطفة والبراءة والقوة في آنٍ واحد.
وكان هناك كيمياء رائعة بين ممدوح عبد العليم ومنى زكي، جعلت قصة الحب نابضة بالحياة فى حبكة مشوقة جعلت المشاهدين في انتظار الحلقات بشغف.
المسلسل تأليف محمد صفاء عامر، وإخراج مجدي أبو عميرة، ومن بطولة ممدوح عبد العليم، منى زكي، سميحة أيوب، جمال عبد الناصر، رانيا فريد شوقي، يوسف شعبان.
"الضوء الشارد" لم يكن مجرد مسلسل عن الحب، بل كان مرآة للصراع بين العادات والتغيير، بين القلب والعقل، وبين الماضي والمستقبل. هو واحد من تلك الأعمال التي لا تُنسى، والتي تعيدنا إلى زمن الدراما المصرية الحقيقية، حيث القصة تلامس القلوب، والأداء يترك أثرًا لا يمحى.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الضوء الشارد ممدوح عبد العليم منى زكي مجدي ابو عميرة ممدوح عبد العلیم الضوء الشارد
إقرأ أيضاً:
الحب في زمن التوباكو (16)
مُزنة المسافر
وأنا أمضي وحيدة في شارع ضيق، وأردد أغنياتي، وأفكر في أغنية جديدة، أوقفني لص، زعق في وجهي: هيه يا امرأة!.
كان يحمل سكيناً يلمع، ويبدو حاداً، يبدو جاداً أنه يود أن يقتلني.
فسألته: هيه يا هذا هل تريد أن تقتلني؟
اللص: نعم، إن لم تعطيني كل النقود.
ماتيلدا: لدي فقط ساعة قديمة خذها قد تفيدك.
اللص: هل هذه هدية؟ أم سرقة؟
ماتيلدا: أنا نجمة يا هذا!، هل ستقتل إنساناً مشهوراً؟
تردد اللص، لم يعرف ما يفعل، يبدو أنَّه كان يلعب الخفة بدل السرقة، كان أضحوكة اليوم بطوله، وقد اقترب والليل لم يخيم جيداً على كل شيء، إنه لص فاشل، لص عالة على جميع اللصوص.
ماتيلدا: سأكلم أحد رجال الدرك، ليزّج بك في أقرب سجن.
تردد أكثر، وتوسل إلي وقال إنه آسف.
ماتيلدا: وكيف أعود أنا لبيتي بلا شيء أيها اللص.
اللص: أنا لست لص، أنا إنسان طيب أيتها النجمة!.
أخذت السكين ورفعته في وجهه، وزعقت أنا الأخرى بأعلى صوتي: أغرب عن وجهي، وأعد لي الساعة.
جوليتا: وهل أعادها إليكِ يا عمتي؟
ماتيلدا: كان جباناً يا ابنة أخي، أراد أن يزهق روحي، لكن روحي كانت ثمينة، وعليمة بما يحدث، في داخلي تمنيت أن يتغير السيناريو، وأكون أنا الأقوى، وهذا ما حدث بالفعل.
في اليوم التالي أخبرت خورخيه منتج الأسطوانات حين كنَّا نسجل في الأستوديو ما حدث، قال لي خورخيه: اكتبي أغنيةً عن لصوص القلوب، هنالك من يأتون لحياتنا ويزهقون وقتنا، ويريدون بدل الساعة ساعات كثيرة من عمرنا، اكتبي يا ماتيلدا أغنية عن السارقين للهوى، والراغبين في أعظم جوى، لكن النَّوى والبُعد يرسمونه بأيديهم، ويطيرون بأرواحهم في أحلامنا، يريدون اقتحام عوالمنا الليلية، ويريدون أن يكونوا معنا في نهار جلي، وفي مساء خفي وسط مشاعرنا وهواجسنا، وبوعي كبير ينسجون خيوطاً رفيعة يمكنها أن تُقطع في أي لحظة.
أجبت خورخيه أنها فكرة نجيبة، لكنني لم أُسرق في حياتي، من الذي سرق وقتي؟، ومن الذي عبث به، هل كان ألبيرتو؟، هل سرق قلبي حين كان يرقص معي؟، حين كانت خطواته أسرع مني، وحين حدث كرنفال البلدة، وخرج الناس بالريش والألوان، وكان وجهي ووجهه بأقنعة مبهرجة، ونظرت نحوه سعيدة بوجوده وسط وقتي وفي حياتي، بينما كان موكب الكرنفال يمضي نحو أضواء كثيرة، ونحو سماء مليئة بالألعاب النارية.
شعرت أنها فرصة للحب، وفرصة لكل محب، إنها فرصة فيها الكثير من الوقت، إنها أخيراً هنا،
هل كان ألبيرتو لصاً محترفاً دخل إلى أحشائي ليخرب عروقي الموصولة بعقلي؟، ويتلف أعصابي وينسج نفسه في كل بقعة نابضة في جذعي، إنه يضع اسمه في كل مكان، ولا يدون أي عنوان غير عنوانه.