الأسبوع:
2025-12-14@00:27:38 GMT

دمى تتكلم.. .ثم تُرمى خلف الستار.. !

تاريخ النشر: 10th, July 2025 GMT

دمى تتكلم.. .ثم تُرمى خلف الستار.. !

في العتمة لا يُصنَع الزعماء، بل تُصنَّع الدمى. في السياسة، كما في المسرح، ليس كل من يعتلي الخشبة بطلاً حقيقياً، فبعضهم يؤدي دوراً مكتوباً بحبر الاستخبارات، ويُصفَّق له لا لبلاغته أو رؤيته، بل لطاعته وخفّة ظله على مراكز القرار.

يخرج هؤلاء من العدم، دون خلفية نضالية أو مشروع سياسي، يُقدَّمون بوصفهم "منقذين"، لكنهم في الحقيقة مجرد أدوات، صالحة للاستخدام المؤقت، ثم يُستغنى عنهم عندما تنتهي صلاحيتهم أو يخرجون عن النص.

تحت الأضواء، يُطلّون كقادة، لكن في الكواليس، لا شيء سوى خيوط تتحكم بهم، وأصابع تقطعها عند الحاجة. هذه ليست مصادفات فردية، بل نمط ممنهج، متكرر، ومثبت في وثائق رسمية أُفرِج عنها بعد عقود من التعتيم، وفي أرشيف الصحافة الأمريكية.

عبر العقود، شهدنا عشرات النماذج لزعماء أُوتي بهم لتنفيذ أدوار محددة، ثم جرى التخلّص منهم بأساليب تتفاوت بين الاغتيال العنيف والاختفاء الناعم.

في جمهورية الدومينيكان، حكم الجنرال روفائيل تروخيو البلاد بقبضة من حديد لعقود، وكان حليفاً وفياً لواشنطن. وحين بدأ يطمح إلى الاستقلال قليلاً عن الخط الأمريكي، نُصِب له كمين في 30 مايو 1961 في سانتو دومينغو، وأُردي قتيلاً. لم يكن مقتله مجرد حادثة، بل إنهاء لمهمة.

في فيتنام، الرئيس نجو دينه ديم، الذي نُصّب بدعم أمريكي في سياق الحرب الباردة، فشل في السيطرة، وانشغل بعائلته والبروتوكولات. فجاء قرار تصفيته في نوفمبر 1963، حيث تم اغتياله مع شقيقه داخل شاحنة عسكرية، بمباركة ضمنية من واشنطن.

أما في الفلبين، فقد كان الرئيس رومان ماغسيساي مثالاً آخر للوكيل "الموثوق" لوكالة الاستخبارات الأمريكية، لكنه تحوّل إلى عبء مع اشتداد الأزمات، فاختفى في حادث تحطم طائرة عام 1957 في ظروف غامضة.

في سريلانكا، حين قرر رئيس الوزراء سالمون بندرانايكه الخروج عن الفلك الأمريكي والانفتاح على الكتلة الشرقية، تم اغتياله على يد راهب بوذي متخفٍّ في معبد، عام 1959، وهي حادثة تظل مثار تساؤل حتى اليوم.

وفي كوريا الجنوبية، عندما فشل الرئيس بارك تشونغ هي في ضبط الأوضاع عام 1979، تلقّى رصاصة من رئيس استخباراته في اجتماع مجلس الأمن القومي، لتبدأ مرحلة جديدة بوجه جديد.

النمط نفسه تكرّر في عالمنا العربي، بصياغة محليّة ولكن بسيناريو خارجي:

في أفغانستان، تم تنصيب حامد كرزاي - المعروف بتجارته للمخدرات - ثم تم التخلي عنه، ليأتي أشرف غني، الذي هرب من كابول لحظة دخول طالبان، وهو يرتدي "الشحّاطة"، وترك بلاده تنهار.

في اليمن، كان عبد ربه منصور هادي مجرد ختم على مرحلة انتقالية، انتهى دوره مع نهاية الصمت الدولي عليه.

وفي العراق، مصطفى الكاظمي - القادم من خلفية صحفية ومجهولة - ظهر فجأة مديراً للمخابرات، ثم رئيساً للوزراء، في حالة تجسّد تمامًا معايير "الدمية المثالية": لا قاعدة شعبية، لا تاريخ سياسي، فقط ولاء مطلق وإدارة من خلف الستار.

هذه ليست وقائع محلية فقط، بل هي جزء من منظومة عالمية لتدوير الزعامات واستخدامها وفق الحاجة. يتم انتقاؤهم بعناية من "الفراغ السياسي"، ليكونوا أكثر سهولة في التحكّم والتخلّص، دون أن يسببوا أيّ هزة في النظام أو الشارع.

وبينما نتابع هذه السيناريوهات تتكرر، من السودان إلى العراق، ومن فلسطين إلى ليبيا، ندرك أن كثيراً من هؤلاء لم يكونوا سوى أدوات تنفيذ مؤقتة، انتهى دورها، فاختفت أو تم إخفاؤها. لا يُبكَى عليهم، ولا يُؤبَّنون، بل يُستبدلون كما تُستبدل بطاريات آلة. فقط الجماهير، للأسف، تظل تُصفّق في كل مرة للمسرحية نفسها، بأبطال جدد، ونهاية قديمة.. .

كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية

[email protected]

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

جلسة طارئة لإعادة المنتخب

محمد الساعدي

لست هنا لأجل جلدٍ أو عتاب، ولا لأحمل صفات ناقدٍ محسوب على الساحة الرياضية. أنا مجرد مشجعٍ عُماني تغلي في داخله غيرة الوطن، ويتوارث حُب المنتخب كما يتوارث الأهالي رائحة البحر وصوت الأمواج في مدنهم الساحلية. نحن- أبناء هذا الوطن- نحلم بعودة كرةٍ كانت يومًا  متنفس للجماهير  العمانية.يومها أذكر المعلّق الكبير يوسف سيف علق على أحدى مباريات المنتخب. يقول: “منتخب عمان  لا يعرف الرجوع إلى الخلف…”.

فما الذي تغيّر؟

كيف تحوّل منتخب كانت المنتخبات العربية تحسب له ألف حساب، إلى منتخب يفقد بريقه، وتتسلل إليه الأخطاء في الدقائق الأخيرة كأنها لعنة ثابتة لا فكاك منها؟

لماذا تراجع ذلك الفريق الذي قدّم علي الحبسي ورفاقه نموذجًا للإصرار؟

اليوم لا نملك رفاهية الانتظار؛ ولذلك نحتاج خطة طوارئ، لا تمشي على استحياء، ولا تخشى أن تهدم من أجل أن تبني، ولا تتردّد في إعادة كل شيء إلى نقطة البداية من أجل مستقبل أوضح وأمتن.

أولًا: لجنة طوارئ وطنية لا مجاملة فيها. نعم، نحن بحاجة إلى لجنة استثنائية تضم خبراء محليين، ومدربين سابقين، ونجومًا حملوا قميص المنتخب بعرق وجهد، إضافةً إلى عقليات إدارية تُجيد اتخاذ القرار.

هذه اللجنة لا تكون شكلية ولا ورقية، بل تعمل في الميدان، وتشخّص المشكلات، وتضع جدولًا زمنيًا واضحًا، وتقدّم تقريرًا شهريًا للرأي العام.

ثانيًا: البحث عن المواهب، ليس فقط من مسقط وصحار وصلالة؛ فالمواهب الحقيقية قد تكون في ملعب ترابي في المضيبي، أو في ساحة المدرسة في محوت، أو في شاب من صور يركل الكرة كما يركل البحر أمواجه نحو الشاطئ.

إننا نحتاج مشروعًا وطنيًا للطواف في المحافظات، لاكتشاف جيل جديد قادر على أن يكتب سطرًا جديدًا في تاريخ المنتخب.

ثالثًا: معالجة عقدة الدقائق الأخيرة؛ إذ إن أكبر نزيف يصيب المنتخب هو غياب التركيز في اللحظات الحاسمة.

وهذا يحتاج إلى:

       •      مدربين متخصصين في الإعداد الذهني.

       •      تمارين مكثفة على سيناريوهات “آخر خمس دقائق”.

       •      تطوير اللياقة البدنية بحيث لا يسقط اللاعب قبل صافرة النهاية.

فكم مباراة خسرناها لأن الدقيقة الـ90 كانت خصمًا إضافيًا علينا؟!

رابعًا: إعادة صناعة المهاجم العُماني؛ فمُنذ سنوات ونحن نسمع أن منتخبنا ينقصه “اللمسة الأخيرة”. والحقيقة أن التهديف ليس موهبة فقط، بل علم يُدرّس:

       •      تدريبات تسديد يومية

       •      محاكاة لحالات انفراد

       •      تدريبات على اتخاذ القرار تحت الضغط

       •      مباريات داخل التدريب تُمنح فيها نقاط إضافية لمن يسجّل

وبدون مهاجم قوي، تظل كل الخطط مجرد كلام جميل.

خامسًا: الاستعانة بالخبرات السابقة ولو لفترة محدودة؛ حيث إن جيل 2007- 2010 لم يكن مجرد لاعبين؛ كانوا مدرسة في الروح والإصرار.

وجودهم اليوم، عبر المحاضرات، والبرامج المشتركة، والدعم النفسي، قد يُعيد بعضًا من ذلك البريق المفقود، وينقل خبرات لا يمكن لأي كتاب تدريبي تقديمها.

سادسًا: صناعة دوري أقوى، أو صناعة منتخب رغم ضعف الدوري؛ فإن كانت حجة بعض الوسط الرياضي هي ضعف الدوري، فدعونا ننظر للعالم.

فمثلًا منتخب فلسطين، رغم الظروف القاسية وقلة الإمكانات، قدّم ملحمة في كأس العرب.

إذن المشكلة ليست في الإمكانات؛ بل في الإرادة.

ويمكن تشكيل منتخب قوي حتى من دوري غير مثالي، عبر برامج معسكرات منتظمة، ورفع الجودة الفردية للاعبين، وخلق ثقافة تنافس جديدة.

وأخيرًا.. الكرة العُمانية تستحق الكثير، ونريد عُمان التي كانت تفرض حضورها.

مقالات مشابهة

  • سقوط هجليج
  • ممدوح عيد الرئيس التنفيذي لبيراميدز يتبادل القميص مع رئيس نادي فلامنجو قبل مواجهة الفريقين
  • فوضى عارمة ومقاعد ممزقة.. جماهير الهند تُلقي مقذوفات بعد زيارة ميسي!
  • حين تتحدث الأرقام… مؤشرات الأداء كمرآة للمؤسسة
  • تحقيق دولي يزيح الستار عن إمبراطورية “مارساليك” السرية في قطاعي النفط والإسمنت بليبيا
  • تعين الدكتور محفوظ عبد الستار رئيسًا لجامعة الغردقة
  • افتتاح دولي رفيع المستوى لمعرض IRC EXPO 2025 برعاية الرئيس السيسى وحضور رئيس الوزراء
  • جلسة طارئة لإعادة المنتخب
  • برعاية الرئيس السيسي وحضور رئيس الوزراء.. وزير التعليم العالي يعلن نتائج مبادرة تحالف وتنمية وتوقيع الاتفاقيات الفائزة
  • الجيش الإيراني يزيح الستار عن منظومة الحرب الإلكترونية “صياد 4”