السودان.. قرقعة السلاح أقوى من أصوات الدبلوماسية
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
تتواصل المعارك الطاحنة بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لليوم الرابع على التوالي بهدف السيطرة على مقر سلاح المدرعات جنوب العاصمة السودانية الخرطوم.
سيطرة الدعم السريع على سلاح المدرعات سيكون انتصاراً كبيراً
كلا الطرفين ينظران للحرب بحسابات صفرية وهو ما يعطل أي مسار سياسي
وتبادلت القوتان المتناحرتان منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، إعلانات بالسيطرة على المقر الذي يضم ترسانة عسكرية ضخمة من الدبابات، التي تعتبر سلاحاً حاسماً في المواجهة المستمرة بين الجانبين في عدد من مناطق العاصمة.
#السودان.. إلغاء جوازات سفر دبلوماسية ومعارك قرب سلاح المدرعات https://t.co/fahHZGInmH
— 24.ae (@20fourMedia) August 23, 2023 أهمية استراتيجيةيرى المحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني، أن "السيطرة على هذه المنطقة تكتسب أهمية استراتيجية بالنسبة لطرفي القتال".
ويقول ميرغني إن "المدرعات من أقوى أسلحة الجيش السوداني وتضم منطقة الاشتباكات منطقة شاسعة في الجزء الجنوبي من مدينة الخرطوم، ومقر سلاح المدرعات يحوي مئات الدبابات التي تشكل القوة الضاربة في العمليات العسكرية".
وأضاف "الاستيلاء على مقر المدرعات أحد أهم الأهداف التي تسعى إليها قوات الدعم السريع، لتحقيق نصر عسكري وإعلامي يساعد في تقوية موقفه التفاوضي في أي مباحثات للتسوية".
شاهد بالفيديو أشاوس الدعم السريع من داخل سلاح المدرعات ومشاهد حية تدحض كذب الفلول والانقلابيين#معركة_الديمقراطية #حراس_الثورة_المجيدة pic.twitter.com/UxWLQnBt0F
— Rapid Support Forces - قوات الدعم السريع (@RSFSudan) August 23, 2023وتتفق الباحثة المتخصصة في الشأن الافريقي ومديرة وحدة الدراسات الإفريقية بمركز المستقبل الإقليمي للدراسات الاستراتيجية الدكتورة إيمان الشعراوي، في أن "السيطرة على قاعدة المدرعات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تحمل الكثير من الدلالات، لأنها تعتبر النقطة الأخيرة الفاصلة بين تمركزات وإمدادات قوات الدعم السريع والقيادة العامة للجيش، خاصة أن المكان يقع على بعد نحو 12 كيلومتراً إلى الجنوب من القيادة العامة للجيش السوداني".
وأشارت الشعراوي إلى "أهمية سلاح المدرعات باعتباره قوة قتالية وسلاحاً استراتيجياً"، مضيفة "كما أنه يمتلك آليات ومعدات وقدرة تدميرية هائلة تستطيع من خلاله ترجيح كفة المعارك لصالح أي من الطرفين، كما أن السيطرة عليه من قبل الدعم السريع ينهي وجود القوات المسلحة في مدينة الخرطوم، ويسهل اقتحام بقية المواقع العسكرية خاصة أن معظم الانقلابات العسكرية التي حدثت في السودان كان لسلاح المدرعات دور فيها".
من سلاح المدرعات في الشجرة جنوب الخرطوم ..الجنود يتوعدون الميليشيا المنبتة بنهاية وشيكة لهم #السودان pic.twitter.com/w9LBjRIFMD
— أحمد القرشي إدريس (@ahmadhgurashi) August 23, 2023 وأوضحت أن "سيطرة الدعم السريع على هذا السلاح سيكون انتصاراً كبيراً لهم وسيؤدي لرفع روحهم المعنوية، خاصة أنه السلاح الوحيد الذي لم يتم نشر فيه أي وحدات تابعة لقوات الدعم السريع". حسابات صفريةتقول الشعراوي إنه بالنسبة لعدم نجاح محاولات الهدنة، فإن "كلا الطرفين ينظر للحرب بحسابات صفرية، بمعنى كسب كل شيء ورفض تحقيق الطرف الآخر أي مكسب، وهو ما يعطل أي اتفاق أو مسار سياسي".
وتوقعت "عدم حدوث أي التزام بالتهدئة إلا إذا تعرض أي طرف لهزيمة ملحوظة، ولضغوط داخلية من عناصره، بعد فشل الضغوط الخارجية ومحاولات دول الجوار إيجاد حلول لوقف الصراع".
من جانبه.. يشير المحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني، إلى أن "فشل مساعي التسوية التفاوضية سببه التعويل على النصر العسكري من جانب الجيش الذي انسحب وفده من مفاوضات جدة".
كارثة إنسانية متفاقمةيقول ميرغني: "حاولت كثير من الدول المجاورة التعامل مع أزمة نقص الغذاء والكارثة الإنسانية والصحية في السودان، وفعلاً وصلت كميات كبيرة إلى مطار وميناء بورتسودان، لكن فشلت جهود إيصالها للمستهدفين الذي يحتاجونها".
وأوضح أن "السبب يكمن في عدم توفر ممرات آمنة، وسرقة المساعدات مع استمرار الاشتباكات في الخرطوم ودارفور".
منظمة: وفاة نحو 500 طفل جوعاً منذ بدء الحرب في #السودان https://t.co/kLQED9KIGi
— 24.ae (@20fourMedia) August 22, 2023 في حين تشير الشعراوي إلى أن هناك "كارثة إنسانية كبيرة في السودان، تفوق الأزمة الإنسانية في عام 2004"، موضحة أن "ما يقرب من 4 ملايين شخص فروا من القتال، وهم يواجهون حرارة شديدة تصل إلى 48 درجة مئوية، وتهديدات بشن هجمات وعنف جنسي وموت، فضلاً عن انتشار الأمراض، وعدم توافر المستشفيات للعلاج ووجود أزمة غذائية تهدد الملايين من الشعب السوداني".وقالت إن "هناك عجزاً وقصوراً من المجتمع الدولي نحو حماية الشعب السوداني في هذه الحرب، وهو ما يعيد إلى الأذهان ما تم في ظروف مشابهة بعد حرب دارفور في عقدها الأول، حيث استمرت معاناة سكان الإقليم ومواجهة التشريد والنزوح واغتصاب النساء، من دون أي دعم أو حماية من الأطراف الدولية".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أحداث السودان قوات الدعم السریع سلاح المدرعات السیطرة على
إقرأ أيضاً:
هل تُمهّد استعادة الخرطوم الطريق لنهاية الحرب في السودان؟
في تطوّر عسكري لافت، أعلن الجيش السوداني يوم الثلاثاء استكمال ما وصفه بـ"تطهير كامل لولاية الخرطوم" من قوات الدعم السريع، بعد أسابيع من معارك ضارية شهدتها العاصمة ومحيطها. اعلان
قالت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في بيان إن الولاية، التي تضم الخرطوم وأم درمان ومدينة بحري، باتت "خالية تمامًا من المتمردين"، في إشارة إلى القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
وجاء هذا الإعلان في إطار عملية عسكرية واسعة بدأت قبل أسابيع لاستعادة السيطرة على آخر معاقل الدعم السريع في جنوب وغرب أم درمان، ولا سيما منطقة صالحة. وأوضح المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله، أن العمليات شملت مناطق متعددة من العاصمة ومحيطها، وتواصلت حتى إحكام السيطرة الكاملة عليها.
يمثل استرجاع الجيش للخرطوم ومحيطها، بما في ذلك القصر الجمهوري ومطار الخرطوم، نقطة تحوّل رمزية وعسكرية في الحرب التي تدخل عامها الثالث. ففي آذار/ مارس الماضي، أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أن "الخرطوم حرة"، بعد ساعات من استعادة المطار الرئيسي في العاصمة، رغم تواصل الاشتباكات المحدودة مع عناصر من قوات الدعم السريع.
وفي المناطق التي أجبرت فيها هذه القوات على التراجع، لجأت إلى تكتيكات التخريب، مستخدمة طائرات مسيّرة لاستهداف بنى تحتية حيوية، من بينها منشآت للطاقة في الخرطوم وبورتسودان.
كما تستمر المعارك في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، إضافة إلى اشتباكات على محور كردفان.
ورغم الانتصارات الأخيرة للجيش، لا تزال قوات الدعم السريع تحتفظ بنفوذ واسع في إقليم دارفور وأجزاء من جنوب البلاد.
تعيين رئيس وزراء: خطوة نحو الاستقرار؟بالتوازي مع التقدّم العسكري، شهدت الساحة السياسية خطوة جديدة، مع إصدار البرهان مرسومًا دستوريًا يقضي بتعيين الدبلوماسي السابق كامل الطيب إدريس رئيسًا للوزراء في أيار/ مايو 2025، خلفًا لدفع الله الحاج الذي شغل المنصب لفترة قصيرة.
ويمثل ذلك أول خطوة رسمية نحو تشكيل سلطة تنفيذية منذ اندلاع الحرب، ويأتي تنفيذًا لتعهد سابق من البرهان بتشكيل حكومة انتقالية تقودها شخصية تكنوقراطية غير حزبية.
ويعكس هذا التعيين رغبة واضحة من المؤسسة العسكرية في تقديم إشارات إلى المجتمع الدولي والداخلي حول إمكانية استعادة العمل المؤسسي وبناء مسار سياسي، رغم استمرار القتال في أجزاء من البلاد.
هل نحن أمام نهاية وشيكة للحرب؟استعادة الخرطوم وتعيين رئيس وزراء جديد يرسلان رسائل أولية نحو احتمال تهدئة الصراع وتدشين مرحلة انتقال سياسي.
لكن الواقع الميداني والأمني لا يدعم بالضرورة سيناريو نهاية قريبة للحرب. فالمواجهات لا تزال مشتعلة في دارفور، والطائرات المسيّرة التي تستخدمها قوات الدعم السريع في بورتسودان توحي بقدرتها على نقل المعركة إلى جبهات غير متوقعة.
كما أن الدعم الخارجي الذي تتلقاه هذه القوات، فضلًا عن غياب توافق دولي حاسم، يعقّدان فرص التهدئة. وحتى الآن، لم تتبلور مبادرة سلام فعّالة قادرة على وقف إطلاق النار بشكل شامل، في ظل انقسام دولي حيال الملف السوداني وتراجع مستويات الضغط الدولي.
Relatedالبرهان يعيّن كامل إدريس رئيسًا للحكومة وسط استمرار الحرب في السودانتصعيد دامٍ في دارفور وكردفان: الجيش السوداني يكثّف غاراته الجوية والدعم السريع يردّ بمسيّراتتصاعد التوتر بين السودان والإمارات بعد إبعاد دبلوماسيين من دبيورغم آمال البعض بأن تُبدي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اهتمامًا أكبر بإنهاء النزاع خلال العام الجاري، إلا أن غياب الإرادة الجماعية والتعقيدات الميدانية والإنسانية قد تجعل من هذا الطموح رهانًا غير مضمون.
من هنا، فإنّ نهاية الحرب التي اندلعت بالسودان في نيسان/ أبريل 2023 تبقى رهينة بتوازنات داخلية شديدة التعقيد، وتدخلات إقليمية ودولية متشابكة، وأزمة إنسانية متفاقمة، رغم المكاسب العسكرية والسياسية.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة