كشفت تقارير دولية مؤخرًا عن عرض مفاجئ تقدّمت به روسيا لإيران، يقضي بوقف كامل لتخصيب اليورانيوم مقابل اتفاق نووي شامل برعاية أمريكية.

 يأتي هذا التطوّر غير المتوقع في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة، وتحاول فيه موسكو إعادة ترتيب علاقاتها ومصالحها في الشرق الأوسط، بالتزامن مع استمرار الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية المفروضة عليها.

الصفقة المقترحة تعكس رغبة روسيا في لعب دور الوسيط بين طهران وواشنطن، لكنها أيضًا تحمل رسائل سياسية، خاصة أن موسكو كانت من أبرز الداعمين لحق إيران في التخصيب سابقًا.

ويُثير هذا التحوّل تساؤلات حول أهداف روسيا الحقيقية، ومدى استعداد إيران لقبول مثل هذا العرض، وما إذا كان الغرب سيتجاوب معه في ظل مخاوف إسرائيل من أي تقدّم إيراني في البرنامج النووي.

أستاذ علوم سياسية: روسيا تلوّح بـ"صفر تخصيب" لمساومة الغرب

قال سعيد الزغبي، أستاذ العلوم السياسية، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد، إن تقارير دولية كشفت مؤخرًا عن تحوّل مفاجئ في موقف موسكو، حيث عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إيران صفقة جريئة تقوم على أساس "صفر تخصيب" مقابل اتفاق شامل مع الولايات المتحدة.

وأوضح الزغبي أن مصادر سياسية مطلعة أفادت لبعض مراكز الفكر في الولايات المتحدة بأن موسكو، التي لطالما دعمت حق طهران في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، باتت ترى أن خفض منسوب التوتر مع الغرب في الشرق الأوسط يخدم أولوياتها الحالية.

وأضاف: "من وجهة نظري، روسيا لا تريد بالفعل أن تتخلى إيران عن التخصيب، لكنها تستخدم فكرة (صفر تخصيب) كورقة ضغط تساوم بها الغرب حتى تكسب:

تخفيف العقوبات عنها بسبب أوكرانيا.

إعادة هيكلة النفوذ في الشرق الأوسط وفقًا لما تريده".

وتابع الزغبي: "بوتين الآن لا يقول لإيران (توقّفي)، هو يتحدث إلى الغرب: (ما هو المقابل بالنسبة لروسيا إذا جعلت إيران تتوقّف؟)."

واستطرد: "إيران لن تقبل بسهولة، لكنها سوف تستفيد، فهي تعلم تمامًا أن روسيا تحتاج إليها كورقة ضغط، ولذلك سيتم استخدامها في دور (الممنوع مرغوب)."

وأشار إلى أن السيناريو المحتمل سيسير كالتالي:

ستقول إيران (لا) في البداية.

ستطلب ضمانات وحوافز ضخمة (رفع العقوبات، فك تجميد الأرصدة، وحتى صفقات سلاح).

وهكذا تحقق إيران مكاسب حتى لو لم يُبرم اتفاق نووي شامل.

وأضاف: "لا روسيا ستسمح بسلاح نووي إيراني، وروسيا تؤيد إيران قوية لكن ليست نووية بالكامل، حتى تظل إيران بحاجة إلى حماية موسكو، ولا تصبح (فرسًا نوويًا منفلتًا)."

وفي الوقت نفسه، تريد موسكو تقييد إسرائيل ومنعها من كسر اللعبة، بحيث تظل روسيا هي من تُمسك بـ(صمام الأمان).

وأكد الزغبي أن موسكو تمسك العصا من النصف، فهي تعطي إيران دعمًا نوويًا مدنيًا وغطاءً دبلوماسيًا، وتساوم الغرب بورقة "صفر تخصيب"، وتردع إسرائيل بالتهديد غير المُعلن.

ووصف ذلك بقوله: "هي لعبة توازن معقدة جيوسياسيًا، لكن الجميع يفهم أن أي خطأ صغير يمكن أن يُشعل حربًا أوسع من توقعات الجميع."

وأوضح أن السيناريو الأفضل هو تفادي الحرب عبر صفقة كبرى، تنجح روسيا من خلالها في إقناع إيران بقبول تجميد التخصيب عند مستوى منخفض، مقابل حزمة تحفيزات اقتصادية وضمانات أمنية، يتم التفاوض عليها برعاية روسية – أوروبية.

وبذلك تحصل إسرائيل على تطمينات أمنية واضحة بأن إيران لن تصل أبدًا إلى العتبة النووية.

ويخفف الغرب بعض العقوبات عن موسكو وإيران، فتتراجع أسعار الطاقة، ويهدأ الشرق الأوسط مرحليًا.

واستدرك الزغبي قائلًا: “هذا السيناريو يحتاج إلى تنازلات مؤلمة من إيران، وضمانات حقيقية للغرب، وتحركات ذكية جدًا من روسيا لتقديم نفسها كـ(ضامن موثوق به)، وهي كلمة السر: الضمانة”.

السيناريو الأسوأ: شرارة الحرب الإقليمية

أما بخصوص السيناريو الأسوأ، فقال الزغبي: "هو الانزلاق إلى حرب مفتوحة، حيث تواصل إيران التخصيب بسرعات قياسية، وتبدأ في تركيب أجهزة طرد متقدمة بشكل معلن. ومن ثم، تنفذ إسرائيل ضربة استباقية واسعة ضد المنشآت النووية، فترد إيران بقصف مدن وقواعد إسرائيلية بالصواريخ والطائرات المسيّرة."

ثم يفتح حزب الله جبهة لبنان، وتشتعل المليشيات في العراق وسوريا، فيتوسع الصراع إقليميًا.

ولا تتدخل روسيا عسكريًا بطريقة مباشرة، لكنها تدعم إيران بأسلحة دفاعية متقدمة، وأنظمة دفاع جوي، وحرب إلكترونية، مما يزيد كلفة أي تصعيد.

وأكد الزغبي أن “هذا السيناريو قد يدفع أسعار النفط فوق 200 دولار للبرميل، ويعيد تشكيل أمن الخليج، لأن روسيا تُمسك بخيوط المسرح: تُطمئن الغرب لتكسب تنازلات، وتدعم إيران لتضمن حاجتها إليها، وتردع إسرائيل حتى لا تكسر اللعبة”.

واختتم الزغبي تصريحاته قائلًا: “أرى أن الحرب الكبرى ليست مرجّحة غدًا، لكنها ممكنة في أي وقت، والشرق الأوسط يظل رهينة توازن دقيق جدًا… قابل للانفجار عند أول شرارة، ولا يدفع ثمنه إلا أبناء المنطقة العربية".
 

طباعة شارك تخصيب اليورانيوم روسيا موسكو الشرق الأوسط الحرب في أوكرانيا إيران

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: تخصيب اليورانيوم روسيا موسكو الشرق الأوسط الحرب في أوكرانيا إيران الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

روسيا تنتظر خطوات عملية من الغرب لإعادة توازن العلاقات الثنائية

صراحة نيوز- أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، اليوم الجمعة، أن موسكو ما تزال تنتظر خطوات عملية من الدول الغربية لإعادة النظر في طبيعة العلاقات الثنائية، مشددة على أن أي تقدم يتطلب تحركاً حقيقياً يعكس جدية في تغيير النهج الحالي تجاه روسيا.

وأوضحت زاخاروفا، خلال مؤتمر صحفي، أن موسكو لم تغلق أبوابها أمام أي مسار إيجابي يقوم على الاحترام المتبادل والشرعية الدولية، معتبرة أن المعطيات الراهنة لا تظهر امتلاك الغرب المقومات اللازمة لاعتماد نهج بنّاء يعيد التوازن للعلاقات المشتركة.

مقالات مشابهة

  • الكرملين: بوتين سيلتقي مبعوث ترامب في موسكو الأسبوع الجاري
  • باقة ورد أثقل من المعتاد..تصل لعالم نووي إسرائيلي من إيران
  • تقارير أمريكية تحذر من حرب أبدية فى الشرق الأوسط
  • إيران ومعركة السيادة
  • ماذا سيحدث إذا خرجت واشنطن من الشرق الأوسط؟
  • CNN: السعودية أصبحت عاصمة المخدرات الأولى في الشرق الأوسط (شاهد الصورة)
  • عبلة كامل «كلمة السر».. كواليس تراجع أشرف زكي عن استقالته من منصب نقيب الممثلين
  • روسيا: ننتظر خطوات عملية من الغرب لإعادة العلاقات
  • روسيا تنتظر خطوات عملية من الغرب لإعادة توازن العلاقات الثنائية
  • طليقها كلمة السر .. صديقة هبة الزياد تفجر مفاجأة جديدة