سودانايل:
2025-08-01@07:36:42 GMT

على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (15 – 20)

تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT

"لنْ يستطيعَ أحدٌ أنْ يركبَ على ظهرِك، ما لمْ تَكُنْ منحنياً"

مارتن لوثر كينج

النور حمد

التَّعْمِيِةُ على ما تحصل عليه مصر من السودان

للأنظمة المصرية المتعاقبة نهجٌ ثابتٌ في التَّعْمِيَةِ على ما تحصل عليه مصر من السودان. وربما دخل هذا في باب "يكاد المُريب أن يقول خذوني". فمن أمثلة التعميات المصرية على ما يجيئها من السودان، ما ورد في تقريرٍ لمركز البحوث الزراعية المصري، الذي يُرمز إليه بـ ARC وموقعه على شبكة الإنترنت https://shorturl.

at/lRUHq. ذكر أحد تقارير هذا الموقع أن قيمة الواردات المصرية من اللحوم الحمراء من أستراليا، والدنمارك، وألمانيا، والصومال، وأمريكا تصل إلى حوالي 94.6% من إجمالي الواردات المصرية من اللحوم ومشتقاتها الصالحة للأكل خلال متوسط الفترة 2018-2022. وأرجو أن يلاحظ القارئ أن اسم السودان لم يرد هنا على الإطلاق، رغم أنه البلد الذي تذهب منه اللحوم الحية والمذبوحة إلى مصر بالشاحنات يوميًا. فتقديم الإحصائية بهذه الصورة يخفي دور السودان كليّأ في مد مصر باللحوم. لكن دعونا، في المقابل، نقرأ ما أورده موقع "العربية بيزنيس" في 22 يناير 2025، حيث قال: إن وزارة الزراعة الأميركية تتوقع في تقريرٍ حديثٍ لها أن تتراجع واردات "القاهرة" من الماشية الحية بنحو 44% خلال العام الجاري. *وأن* هذا يحدث على خلفية استمرار أزمة الحرب الدائرة في السودان، وهو البلد الأكبر توريدًا للحوم الحية إلى مصر. (راجع: موقع "العربية بيزنيس"، على الرابط: (https://tinyurl.com/t55mux4k. (الخط تحت الجملة الأخيرة من وضعي). واللحوم الحية التي تذهب إلى مصر هي اللحوم التي تقوم مصر بتصديرها إلى بقية أجزاء العالم بسبب ارتفاع الطلب عليها لجودتها العالية، وفقًا لشهادة وزير *التجراة* المصري، الباشمهندس، أحمد سمير صالح. فقد قال هذا الوزير *أن* منتجات مصر من اللحوم قد حازت على المستوى الأول عالميًّا لأنها تعتمد على الثورة الحيوانية السودانية، التي تُعدُّ عالميًّا من أفضل وأجود المنتج فى العالم، لأنها تعتمد بنسبة مائة في المائة على المرعى الطبيعي، ما أكسبها إقبالاً عالمياً على المستوى الأول. أما بخصوص المنتجات المصرية من الجلود، فقد قال: إننا نفخر بهذا القطاع الحيوي الذي، أيضًا، بفضل الله، تصدَّر المرتبة الأولى عالميًّا لجودة المواشي السودانية وخلوها من الأمراض. (راجع: موقع النورس على الرابط: https://shorturl.at/lFX9q).

مصر تُصَدِّر السمسم!

يقول موقع استاتيستا Statista الإحصائي، (https://shorturl.at/Vr5ih)، أنه اعتبارًا من عام 2021، أصبح السودان هو المنتج الرئيسي لبذور السمسم في أفريقيا. أنتج السودان من بذور السمسم ما يزيد عن 11.19 مليون طنا متريا . وتلي السودان في ذلك تنزانيا ونيجيريا بكمية إنتاج بلغت 700 ألف طنا متريا . (راجع موقعStatista على الرابط: (https://shorturl.at/zoHMT. ولنلاحظ هنا الفرق بين السودان وبين ثاني أكبر المنتجين في إفريقيا، وهما نيجيريا وتنزانيا اللتان تنتجان أقل من مليون طنا ز متري، في حين ينتج السودان أكثر من 11 مليون طن متري. أما مصر فقد جاءت القطر رقم 15 في إنتاج السمسم في إفريقيا، بإنتاجٍ لا يتعدى 45 طنا في السنة، في حين أن إنتاج السودان من السمسم يتعدى 11 مليون طنا. ومع ذلك تصدر مصر السمسم إلى العالم. ويقول موقع تنمية الصادرات المصرية EDA، إن شركة ليجند انترناشونال Legend International Company تستطيع تصدير 100,000 طن من السمسم شهريًا لمن يطلبها. (أنظر موقع هيئة تنمية الصادرات المصرية على الرابط: https://shorturl.at/S5BA1. ويعني هذا أن هذه الشركة تستطيع توفير أكثر من مليون طن من السمسم سنويًّا للمستوردين. فكيف يحدث هذا وإنتاج مصر من السمسم لا يتعدى 45 ألف طنا في العام؟

المعروف أن إنتاج السمسم يكثر في المنطقة المدارية، وأكثر منتجيه في العالم هي دول ميانمار والصين والهند والسودان وتنزانيا ونيجريا وإثيوبيا. يقول موقع تنمية الصادرات المصرية EDA، الذي أشرنا إليه سابقًا، أن شركة أخرى اسمها "ميزا فودز" Meza Foods المصرية، تصدِّر بذور السمسم الذهبي ذات الجودة العالية من مصر إلى الأسواق الخارجية بأسعار تنافسية، وأن في وسعها توفير 100 طنا في اليوم. ففي حين يتحدث موقع تنمية الصادرات المصرية عن هذه المقادير الضخمة التي تقوم هذه الشركة المصرية وحدها بتصديرها إلى الخارج من حبوب السمسم، نجد أن موقع الشروق قد أورد في الأربعاء 3 مايو 2023، ما يفيد بأن مصر غير مكتفية أصلاُ من محصول السمسم، ذاكرًا أنها تستورده بكمياتٍ كبيرة. ويقول الموقع في ذلك، إن واردات مصر من السمسم ارتفعت بنسبة 70.3% لتسجل 9.5 مليون دولارًا خلال شهر فبراير 2023، مقابل 5.6 مليون دولارا خلال نفس شهر فبراير من العام السابق 2022. (راجع: موقع "بوابة الشروق" على الرابط: https://tinyurl.com/mrpckwad). ولابد من الملاحظة هنا أن زيادة الاستيراد قد حدثت بعد عامين من الانقلاب الذي نفذه الفريق البرهان على حكومة الثورة التي ترأس وزارتها عبد الله حمدوك. وغالبًا ما يكون التراجع في واردات السمسم في عام 2022، قد كان نتيجةً لإغلاق ثوار المديرية الشمالية الطريق الرابط بين السودان ومصر.

تقول كاتبة التقرير، أميرة عاصي، إنها استندت على بيانات وردت في نشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر. وإن واردات مصر من السمسم قد تراجعت خلال الـ 9 أشهر الأولى من عام 2022، خلال الفترة وهي: (يناير – سبتمبر)، لتبلغ 52.7 مليون دولار، مقابل 64.8 مليون دولار عن نفس الفترة من العام الماضي 2021. أهم ما جاء فيما أوردته الكاتبة أن المساحات المزروعة فى مصر من السمسم تتراوح بين 40-60 ألف فدان سنويًا. (راجع: موقع الشروق على الرابط: (https://shorturl.at/z9nIU). فهذه المساحة المزروعة بالسمسم في مصر لا تساوي 5% من المساحة المزروعة بالسمسم في السودان. وعمومًا فإن ما أقامه الثوار من حواجز على الطريق الرابط بين السودان ومصر في الولاية الشمالية، وما قاموا به من تفتيش للشاحنات المصرية التي تدخل إلى أعمال السودان كشفت أنواعًا مختلفة من المنتجات السودانية التي يجري تهريبها إلى مصر. وقد حدث أن وجدوا سبائك ذهب داخل عبوات الحبوب. وتؤكد مختلف التقارير أن معظم الذهب السوداني الذي يجري إرساله إلى الخارج يذهب عن طريق التهريب. وقد أوردت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن ما يجري تهريبه من إنتاج الذهب السوداني يصل إلى 90%. (راجع: موقع "سي إن، إن"، على الرابط: https://tinyurl.com/aavbhx3s).

مصر تُصدِّر الصمغ العربي!

أورد موقعWorld Integrated Trade Solution ، الذي يُرمز إليه بـ WITS، وموقعه على شبكة الانترنت: https://shorturl.at/dJ51f، إن مصر تُصدِّر صمغًا عربيًا بما يزيد عن مليار دولار سنويا. هذا في حين أن أشجار الهشاب وغيرها من الأشجار من فصيلة أكاشيا التي تنتج الصمغ لا تنبت إلا في الحزام الإفريقي الواقع في المنطقة المدارية في نطاق السافنا الفقيرة. فمن أين لمصر كميات الصمغ التي تصدرها بمليار دولارا سنويا؟ وقد أورد طارق الشيخ الأمين، الذي كان أمينًا عامًا لمجلس الصمغ العربي، حتى مايو/أيار 2022، أن نصيب السودان من تجارة الأصماغ الطبيعية في العالم يتراوح بين 8% و10% على الرغم من أنه ينتج 80% من الإنتاج العالمي. وأضاف قائلاً *أننا* في السودان: نخسر 90% من القيمة المضافة، فعائد الصادر في أحسن أحواله 120 مليون دولارا ، في الوقت الذي يتضاعف فيه سعر المُنتج بالسوق العالمي خمس مرات. وبطبيعة الحال ليست مصر هي الدولة الوحيدة التي تصدر المنتجات السودانية، فعدد من دول الجوار يجري تهريب المنتجات السودانية إليها. وهذا ما يشير إلى الخلل البنيوي القاتل الذي أحدثة نظام الإخوان المسلمين الكليبتوقراطي في بنية الدولة السودانية. وهذا هو الذي جعل السودان فريسةً سهلةً تتلمَّظ لها شفاه جميع الدول، قويِّها وضعيفِها.

أيضًا، يدخل في تسبيب هذا الانهيار المريع للدولة السودانية وفقدانها السيطرة على مواردها، أصحاب المصالح من الرأسماليين وكبار التجار الذين عُرفوا بانتهاج أسهل السبل لتحقيق الربح. ومن ضمن السبل السهلة لتحقيق الأرباح تصدير الخام بالطرق الرسمية بسبب الفساد والتلاعب بالضوابط، وعن طريق التهريب إلى دول الجوار. فالفساد المؤسسي؛ الذي كانت تمارسه الأحزاب السياسية، والذي تضاعف على أيدي الأنظمة العسكرية، وخاصة النظام اللصوصي الإخواني، هو السبب وراء هذا الهدر الضخم للموارد.

من المهم القول، بعد إيراد تلك الإحصاءات الموجزة التي تشير بوضوح لا لبس فيه، أن مصر تصدِّر منتجاتنا، الإشارة إلى أن مصر لا تفعل شيئًا فيما يخص تصدير منتجاتنا، لا تستطيع الدولة السودانية فعله. فمصر فقط تضع عليها القيمة المضافة التي قد لا تتعدى مجرد الغسل وتبريد ما يحتاج التبريد كاللحوم. إضافةً إلى التغليف الجيد وتقديم العينات المعدة إعدادًا جيدًا التي تنال الموافقة من المستوردين، ثم القدرة على الترويج والتسويق. إلى جانب ذلك، توفير وسائل النقل الجوي والبحري المعدة لمثل هذه الأغراض. ثم يأتي دور المواني الكفؤة، وكل تلك أمورٌ مقدورٌ عليها، بل هي من أوجب واجبات الدولة، لو كانت الدولة في يد حكامٍ وطنيين أوفياء لوطنهم وشعبهم، وليست في قبضة لصوص يدمِّرون منشآت بلادهم ويضعفون قدراتها، ليملأوا حساباتهم الشخصية في البنوك الأجنبية بالدولارات. وقد سبق أن نظَّم البرهان والنظام المصري وتنظيم الإخوان المسلمين ممثلًا في الناظر محمد الأمين ترك، مؤامرة إغلاق ميناء بورتسودان والطريق البري الرابط بينه وبين بقية البلاد لهلهلة حكومة حمدوك وخنقها، ما جعل مصر تفتح موانيها لحركة التصدير والاستيراد السودانية. وقد كسبت مصر من ذلك ماليًّا وسياسيّا.

مصر تعترف بنهب موارد السودان!

قبل 25 يومًا من انقلاب الفريق عبد الفتاح البرهان على حكومة رئيس وزراء الفترة الانتقالية، د. عبد الله حمدوك، كتب د. عبد اللطيف محمد سعيد مقالاً في موقع "النورس نيوز"، سبق أن أشرنا إليه. أورد الكاتب في ذلك المقال جزءًا من كلمةٍ لوزير التجارة والصناعة المصري، الباشمهندس، أحمد سمير صالح جاء فيها، أيضا: "بعون الله تشهد مصر نهضة صناعية وتجارية مطرده أهَّلها لكسب ثقة الأسواق الأوروبية والغربية والعربية، وحتى دول الجوار الافريقي، إذ أنها انتهجت سياسية الدولة الاستراتيجية للصناعات التحويلية. ويقول الوزير المصري، بحمد الله قفز مستوى عدد المصانع في مصر من 320 مصنع في 2016م الي 1200 مصنعَا في عام -2022م. ويشكل هذا التطور نهضةً غير مسبوقةٍ على المستوى العربي والأفريقي، بل على مستوى العالم. وكان ذلك بفضل هذا التطور في كل الصناعات التحويلية من صمغ عربي، وسمسم، وكركدي، وسنمكه، وفول سوداني، وقمح، ودخن، وماريق، وطابت، وقدم الحمام، وغيره من المنتجات الزراعية. وكل هذه المنتجات التي ذكرها الوزير المصري منتجاتٌ سودانية. (راجع: موقع "النورس" على الرابط: https://shorturl.at/lFX9q).

أما على مستوى صناعة المعادن، فيقول وزير التجارة المصري إن الكثير من المعادن السودانية النادرة كالذهب والنحاس والكروم والحديد وغيره ترفد مصانعهم. ويواصل قائلا: "بذلك نخلص إلى تضاعف مستوى العقودات مع الشركات العالمية، حيث تجاوز الستين مليار دولار، لذلك، نحن مهتمون جدًا بمسألة استقرار الأوضاع السياسية في السودان. وندعم الاتفاق الإطاري والتحول المدني الكامل للسلطة، لتستقر الأوضاع، ويستمر تدفق المنتجات السودانية الممتازة. وأيضا تصدير منتجاتنا المصرية إلى السودان الشقيق من سراميك وأسمنت وأدويه ولعب أطفال". (راجع: موقع النورس على الرابط: https://shorturl.at/lFX9q). غير أن الذي حدث فعلاً أن مصر لم تدعم الاتفاق الإطاري، وإنما عملت بكل *مل* تملك على نسفه.

للمرء أن يتساءل: أليس من اللافت أن يزداد عدد المصانع في مصر من 320 مصنعًا في عام 2016، إلى 1200 مصنعًا في عام 2022؟ أي، بعد 6 سنوات فقط! واضح من حديث الوزير، أن سبب هذه الزيادة الضخمة في عدد المصانع قد حدثت لاستقبال المواد الخام السودانية التي يتباهى الوزير المصري بجودتها وكأنها من إنتاج بلده، هو وجود الفريق عبد الفتاح البرهان على رأس السلطة في السودان. فهو الذي أتاح هذه الفرصة الكبيرة جدًا لمصر لكي تنهب موارد السودان على هذا النحو العجيب. ويشير هذا أيضًا، إلى سيطرة العسكر على الاقتصاد في السودان، وإدارته بمعزل عن رقابة الدولة، في هذه الفترة الممتدة ما بين 2016 و2023. فالتدفق الخرافي للمواد الخام السودانية إلى مصر ازدادت معدلاته في السنتين الأخيرتين من حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، (2016 – 2018). غير أنه تواصل بضخامةٍ أكبر في السنوات الخمس التي تلت ذلك، إبتداءً من ثورة ديسمبر 2018 وإلى عام 2023. وقد كان نتيجةً لسيطرة العسكر على على مقاليد الأمور في السودان، عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير.

لقد عمل الفريق عبد الفتاح البرهان، والتنظيم الإخواني على عرقلة كل محاولات الإصلاح التي حاولت حكومة د عبد الله حمدوك القيام بها، ومنها تقييد تصدير الخام. فالفريق البرهان قام عقب الانقلاب على حكومة حمدوك في أكتوبر 2021 بوضع يده على شركات المؤسسة العسكرية السودانية، التي أصبحت الأنبوب الذي تشفط عبره مصر موارد السودان الاقتصادية الخام. لتقوم مصر نيابةً عن السودان بوضع القيمة المضافة عليها ومن ثم تصديرها. ويجري هذا عبر اتفاق بين المؤسستين العسكريتين في كل من السودان ومصر، اللتان تعملان باستقلالٍ تامٍّ عن الدولة الأم في كلا البلدين.

مرةً أخرى، وجدت مصر في البرهان أنموذج الحاكم العسكري الذي ظلت تبحث عنه منذ استقلال السودان. فما وجدته في الفترة التي سيطر فيها على مقاليد الأمور من فرصٍ لشفط منتجات السودان وإعادة تصديرها لم تجد ما يماثلها طيلة السبعين عامًا الماضية. لذلك انخرطت مصر بكل الوسائل لهندسة الأحوال السياسية السودانية الداخلية، بما يُبقى البرهان على قمة السلطة في السودان، ولأطول فترةٍ ممكنة. أسهمت مصر، وبقوةٍ، عبر جهاز مخابراتها وسيطرتها على رئيس جهاز المخابرات السوداني السابق صلاح قوش، المقيم في مصر، وعبر اختراقها لجهاز الاستخبارات العسكرية السودانية، في تعطيل ثورة ديسمبر 2018 من بلوغ أهدافها. وقد أعانها في ذلك، أيضًا، ما أبداه الفريق عبد الفتاح البرهان من استعداد لا محدودـ لخدمة أجندتها في السودان، نظير دعمها له؛ سياسيًّا، ودبلوماسيًّا، وعسكريّا. بسبب كل ذلك، أسهمت مصر بفكرة فض اعتصام القيادة العامة، ليكون على نسق فض اعتصام ميدان رابعة العدوية في مصر، وممارسة أقصى درجات الوحشية فيه بما يُحدث صدمة هائلة، ينتج عنها خضوعٌا كاملا. وكذلك عبر تشكيل الحاضنة الشعبية الضرار، من بقايا النظام القديم ومن الكارهين للثورة، وعبر إغلاق الموانئ والطرق السريعة لخنق حكومة عبد الله حمدوك، تمهيدًا للانقلاب عليها.ولا يزال النظام المصري منخرطًا، حتى هذه اللحظة، عبر أذرعه العديدة من السودانيين الذي وضعهم في خدمته في محاولة هندسة الأمور في السودان، والذهاب بعامل الحرب نحو حلٍّ يبقي على الفريق البرهان مسيطرًا على الأمور في السودان تحت مظلة ما يسمى "الحوار السوداني السوداني". لتتشكل دائرة ديكورية من السياسيين المعروفين بالارتشاء من سدنة النظام القديم، ومن أصحاب المصالح تقدم السند السياسي للفريق البرهان، للزعم أن بقاءه في السلطة خيارٌ شعبيٌّ محض.

(يتواصل)  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الفریق عبد الفتاح البرهان تنمیة الصادرات المصریة المنتجات السودانیة عبد الله حمدوک البرهان على ملیون دولار فی السودان على الرابط من السودان السمسم فی ر السمسم إلى مصر فی حین التی ت فی عام فی ذلک الذی ی أن مصر فی مصر

إقرأ أيضاً:

«البرازيل ليست حديقة خلفية».. بين تحدي الهيمنة وصعود القوة الناعمة في الجنوب العالمي

منذ عودته إلى سدة الحكم، رفع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا شعار «البرازيل أولًا»، ليس كنسخة مقلّدة من شعارات قومية أخرى، بل كتعبير صادق عن رغبة وطنية لكسر حلقة التبعية والهيمنة، وإعادة تعريف موقع البرازيل على الخريطة العالمية.

في زمن تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية، وتتفكك فيه مراكز القوة التقليدية، قررت برازيليا أن تكون أكثر من مجرد قوة إقليمية: أن تصبح لاعبًا عالميًا له موقف مستقل، ورؤية مختلفة للعالم، بعيدًا عن الوصاية الغربية.

تسعى البرازيل اليوم لتكون رافعة جديدة للاقتصاد العالمي من خلال دورها المحوري في مجموعة «بريكس»، وتوسيع نفوذها في ملفات التنمية، والطاقة النظيفة، والمناخ، والغذاء، وأيضًا عبر سياسة خارجية متوازنة تراعي العدالة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

في هذا السياق، برز موقفها المتقدم من قضايا الشرق الأوسط، وخصوصًا في دعمها لحل الدولتين في فلسطين، ورفضها القاطع لأي تدخل عسكري أجنبي في سوريا، وإدانتها للحصار على غزة، ما جعل منها صوتًا جنوبيًا حرًا يعيد التوازن في خطاب العلاقات الدولية.

ولا يمكن تجاهل الدور المتنامي للجاليات العربية في الداخل البرازيلي، لا سيّما من أصل لبناني وسوري وفلسطيني، التي تجاوزت عدة ملايين من السكان، وساهمت في تشكيل المزاج العام والسياسات، سواء في البرلمان أو الإعلام أو التجارة.

لقد أصبحت هذه الجاليات جسرًا ثقافيًا واقتصاديًا وإنسانيًا، يعزّز من روابط البرازيل بالمنطقة العربية، ويجعلها في قلب الحسابات الجديدة لما بعد عصر الهيمنة.

ترامب ونظرة التسلط المستمرة

في هذا الإطار، يبرز موقف الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، الذي لا يزال يتعامل مع أمريكا اللاتينية بعقلية الحرب الباردة. يعتقد ترامب أن البرازيل مجرد "حديقة خلفية"، وأن بإمكانه توجيه قراراتها، أو على الأقل ليّ ذراعها اقتصاديًا من خلال فرض ضرائب وعقوبات غير معلنة على صادراتها تحت ذرائع بيئية أو سياسية أو تجارية.

لكن هذه النظرة الفوقية تصطدم بواقع مختلف: البرازيل لم تعد تلك الدولة التي تُدار من واشنطن، بل باتت أكثر جرأة في رفض الإملاءات، وأكثر وعيًا بمصالحها القومية، كما ظهر في ملفات كبرى تتعلق بعلاقاتها مع الصين وروسيا، ورفضها التدخل في نزاعات لا تعنيها إلا من منظور العدالة الدولية، وليس الاصطفاف السياسي.

صراع الضرائب.. أم صراع السيادة؟

في الأشهر الأخيرة، تصاعد التوتر التجاري بين البرازيل وبعض القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في شكل ضغوط مالية وضرائبية تمس قطاعات استراتيجية في الاقتصاد البرازيلي، مثل الزراعة والتعدين والطاقة.

هذه "الإتاوات الجديدة" ليست مجرد أدوات ضغط تجارية، بل هي شكل من أشكال تقييد القرار السيادي، وإجبار البرازيل على إعادة تموضعها الجيوسياسي.

البرازيل من جانبها لم تقف مكتوفة الأيدي، بل بدأت في تعزيز شراكاتها مع دول الجنوب العالمي، والانخراط بعمق أكبر في مبادرات بديلة للنظام المالي الغربي، سواء عبر بنك التنمية التابع للبريكس، أو في تعزيز التجارة بالعملات المحلية بعيدًا عن الدولار.

هل تستطيع البرازيل المواجهة؟

الجواب نعم، ولكن بشروط، فالبرازيل تملك مقومات القوة: اقتصاد كبير ومتنوع يُعد من أكبر 10 اقتصادات في العالم، وموارد طبيعية هائلة تؤهلها لتكون قوة غذائية وطاقوية عظمى، وتحالفات استراتيجية مثل «بريكس+»، تمنحها بدائل للنظام الغربي، فضلًا عن رأي عام محلي بات أكثر وعيًا ورفضًا للهيمنة الأجنبية.

وفي المقابل، تحتاج إلى تحصين مؤسساتها السياسية ضد محاولات زعزعة الاستقرار، وإصلاح داخلي جاد يعالج التفاوت الاجتماعي ويعزز الثقة، وإعلام مستقل يستطيع أن يعبّر عن الرؤية الوطنية دون الوقوع في فخ الدعاية.

البرازيل والتاريخ المعاد كتابته

تخوض البرازيل اليوم معركة رمزية كبرى، ليست فقط على مستوى التجارة أو المناخ أو السياسة، بل على مستوى سردية «من يملك الحق في القرار».

لم تعد مستعدة لأن تكون تابعًا، بل شريكًا متكافئًا في كتابة فصول النظام العالمي الجديد.وكما قال أحد المحللين البرازيليين: «الاستقلال لا يُستعاد فقط من الاستعمار، بل من كل وصاية جديدة تتخفى خلف خطاب ديمقراطي أو بيئي أو أمني».

البرازيل إذن، ليست حديقة خلفية لأحد، بل غابة سيادية كثيفة، فيها ما يكفي من الجذور والأغصان لتقاوم الرياح القادمة من الشمال.

كاتب وباحث في الشؤون الجيوسياسية والصراعات الدولية. [email protected]

اقرأ أيضاًوزير الخارجية يلتقي نظيره البرازيلي في نيويورك لبحث جهود وقف إطلاق النار بغزة

رئيس البرازيل يرفض تهديدات ترامب: لن نخضع للضغوط

مقالات مشابهة

  • عناوين الصحف السودانية الخميس 31 يوليو 2025
  • شفيونتيك تفرض «الهيمنة الكاملة» في «مونتريال»
  • شاهد بالفيديو.. “خريج” سوداني يختار النشيد الوطني كأغنية رسمية في حفل تخرجه..يهدي والدته “مصحف” ويوشح والده “المساعد” بالجيش بعلم السودان والجمهور يشيد: (لا رقيص ولا فارغة خريج محترم لانو طلع من أسرة محترمة)
  • المنتخب المغربي في "شان" 2025: بين جرأة التغييرات ورهان استعادة الهيمنة القارية
  • «البرازيل ليست حديقة خلفية».. بين تحدي الهيمنة وصعود القوة الناعمة في الجنوب العالمي
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • عناوين الصحف السودانية اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025
  • عاصم الجزار: الجبهة الوطنية حزب شعبوي.. ونستهدف التأثير لا الهيمنة
  • حريق جزئي بمركز كونترول “الشهادة السودانية”.. و”التربية” توضح
  • عناوين الصحف السودانية اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025