يمانيون/ تقارير في مسعى واضح للإجهاز على ما تبقى من مقدرات الشعب اليمني، والنيل من جهود الدولة لتحقيق التعافي الاقتصادي في المحافظات الحرة، يمعن العدوان الأمريكي في استهداف وتدمير المصانع والمنشآت الاقتصادية والخدمية، والتي كان آخرها استهداف محلج للقطن، ومصنع للحديد في محافظة الحديدة.

فبعد أن صب تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي جام حقده على المنشآت الاقتصادية والمصانع الإنتاجية في اليمن وتعمد تدمير أكثر من 22 ألفا و404 منشآت اقتصادية، إلى جانب 392 مصنعاً و11 ألفا و227 منشأة تجارية و407 ما بين مزارع دواجن ومواشي، ها هو العدوان الأمريكي يواصل نفس النهج والمخطط التدميري باستهدافه لما تبقى من مقومات ومقدرات ومصانع ومنشآت اقتصادية في المحافظات الحرة.

يكشف استهداف المصانع زيف ادعاءات العدوان الأمريكي المزعومة بشأن حماية الملاحة، ويؤكد أن هدفه الرئيس تدمير ما تبقى من بنية اليمن التحتية والاستمرار في إفقار وتجويع اليمنيين، استكمالا لما قام به تحالف العدوان على مدى السنوات الماضية من تدمير ممنهج للمصانع الإنتاجية والمطارات والموانئ ومحطات الكهرباء والاتصالات والطرق والجسور وغيرها من المنشآت الاقتصادية والخدمية الحيوية في البلد، والتي أدى تدميرها إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية للشعب اليمني، وتكبيد الاقتصاد الوطني خسائر باهظة شكلت تهديدا حقيقيا لحاضر ومستقبل البلد.

تسبب العدوان الذي تعرض له اليمن منذ العام 2015م، بآثار اقتصادية كارثية جراء ما نتج عنه من تعطيل لمعظم قطاعات الإنتاج وتراجع متوسط دخل الفرد، وتحويل غالبية البنى التحتية والمرافق الخدمية لليمن إلى ركام، بينما لاتزال دول تحالف العدوان بقيادة أمريكا ترفض تحييد الاقتصاد والعملة ومعيشة المواطنين، وتستغلها لتضييق معيشة الشعب اليمني في إطار حربها الاقتصادية الممنهجة والمتزامنة مع الحصار المفروض على الموانئ والمطارات والمنافذ اليمنية، وحرمان البلد من عائدات ثرواته النفطية والغازية.

لهذا فإن استهداف العدوان الأمريكي لهذين المصنعين وغيرهما يمثل امتدادا للمؤامرة التي تتعرض لها القطاعات الإنتاجية والحيوية في اليمن من استهداف في إطار حرب اقتصادية تشنها قوى العدوان بقيادة أمريكا بهدف إنهاك البلد اقتصاديا وتقويض كل قدراته الإنتاجية.

فقد تسببت غارات العدوان المباشرة والمتعمدة على المنشآت الاقتصادية والبنى التحتية في تعطيل الكثير من المصانع بما فيها التحويلية المعتمدة على الخامات المتوفرة محليا والتي تشكل ركيزة أساسية في تشغيل الأيادي العاملة ودعم التنمية.

ونتيجة للقصف المكثف تعرضت المصانع لدمار واسع أوقفها عن الإنتاج بشكل كلي، في إطار مخطط عدواني خبيث هدفه منع أي توجه وطني نحو الإنتاج المحلي ليظل البلد معتمدا على الاستيراد لكل ما يحتاجه من منتجات لتغطية الاستهلاك المحلي.

يكشف هذا الاستهداف للمصانع أيضا عن حقد العدو الأمريكي وتربصه بكل ما تحقق من خطوات ونجاحات في إعادة تأهيل وتشغيل المصانع الانتاجية وغيرها من الخطوات المتقدمة التي قطعها اليمن ضمن طموحات وتوجهات قيادته الثورية والسياسية الحكيمة لتحقيق التعافي الاقتصادي، من خلال إنعاش الصناعات المحلية وتحفيزها على المنافسة في السوق وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

كما أن هذه الجرائم هي تكرار لنفس السيناريو والمخطط التدميري الذي تعرضت له المنشآت الاقتصادية في قطاع غزة خلال العدوان الصهيوني الأمريكي المستمر على القطاع، وما ألحقه باقتصاد القطاع من خسائر مباشرة نتيجة التدمير المتعمد للمنشآت الاقتصادية التجارية والصناعية والخدماتية، والذي يسعى العدو الأمريكي الصهيوني من خلاله لتعميق الأزمة الاقتصادية وإفقار وتجويع شعبي اليمن وفلسطين.

وتعد المصانع والمنشآت الاقتصادية من الأعيان المدنية التي تجرم القوانين والمعاهدات الدولية استهدافها أثناء الحروب، إلا أن المنظمات الحقوقية الدولية بما فيها التابعة للأمم المتحدة لم تحرك ساكنا إزاء كل ما شهده اليمن من استهداف مباشر من قبل العدوان الغاشم، والذي طال كل بنيته التحتية بما فيها المرتبطة بتقديم الخدمات الأساسية والضرورية للمواطنين.

وبفعل الهيمنة الأمريكية على المؤسسات والمنظمات الدولية تنصلت هذه المنظمات عن مسؤولياتها، وتجاهلت كل جرائم العدوان التي استهدفت المصانع والمقدرات الاقتصادية، مثلما تجاهلت جرائم استهداف المنازل والأسواق والمستشفيات والمدارس ومجالس وصالات العزاء والأعراس والطرق ووسائل النقل وغيرها، التي نجم عنها ازهاق أرواح عشرات الآلاف من اليمنيين جلهم أطفال ونساء، والتي ترتقي إلى جرائم حرب وإبادة جماعية تجعل من قادة وأنظمة دول العدوان مجرمي حرب يتوجب ملاحقتهم قانونيا أمام المحاكم الدولية.

وكانت تقارير تابعة للبرنامج الانمائي الأممي حول تأثيرات الحرب العدوانية على اليمن، توقعت عواقب وخيمة على اقتصاد البلد، بعد كل ما تسببت به من انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي من نحو 35.7 مليار دولار عام 2014م إلى 20.1 مليار دولار عام 2019، بينما هبط الناتج المحلي الإجمالي للفرد من 3،770 دولاراً إلى 1950 دولاراً خلال الفترة نفسها، وهو مستوى لم يشهد له اليمن مثيلاً منذ ما قبل عام 1960م.

ولخصت هذه التقارير أيضاً الآثار الاقتصادية للعدوان والحصار المفروض على اليمن، فيما تسميه خسائر الناتج الاقتصادي بنحو 180.8 مليار دولار عام 2022م، فيما ستزيد الخسائر إلى 656.9 مليار دولار بحلول عام 2030م، أي 26 ضعفاً عمّا كان عليه حجم اقتصاد اليمن عام 2014م.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المنشآت الاقتصادیة العدوان الأمریکی ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

هل تعافي الريال يعكس تحسنًا اقتصاديًا حقيقيًا؟ أم أنه خداع ومضاربة مكشوفة؟

  

شهد الشارع اليمني في الآونة الأخيرة تراجعًا ملحوظًا ومفاجئًا في سعر صرف الدولار مقابل الريال، حيث انخفض في مناطق الحكومة المعترف بها دوليا إلى ما دون 2000

 ريال، بعد أن لامس سابقًا حاجز

3000 ريال يمني للدولار الواحد.

ان هذا التغير السريع أثار جدلًا واسعًا بين المختصين والمواطنين على السواء، وطرح سؤالًا جوهريًا: هل نحن إزاء تحسن اقتصادي فعلي؟ أم أمام وهم نقدي جديد يُدار من خلف الستار؟

 

أولًا: ما الذي يُحرّك سعر العملة الوطنية عادةً؟

 

في الأدبيات الاقتصادية، يتحدد سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار أو العملات الأجنبية بناءً على توازن معقد بين العرض والطلب، والسياسات النقدية والمالية، وحجم التجارة الخارجية، ومدى تدفق العملات الصعبة إلى البلد. ومن بين العوامل الحاسمة:

1. نمو الناتج المحلي وزيادة الصادرات.

2. التحويلات الخارجية والاستثمارات الأجنبية.

3. الاحتياطي النقدي الأجنبي للبنك المركزي.

4. ثقة المواطنين والمؤسسات بالعملة الوطنية.

5. الاستقرار السياسي والأمني، والحد من الانقسام المؤسسي.

في اليمن، وبشهادة المؤسسات الدولية (البنك الدولي، IMF، ووكالة Fitch Ratings)، لا يتوفر أي من هذه الشروط بشكل فعّال، بل إن المؤشرات تسير باتجاه معاكس تمامًا: تفكك اقتصادي، تراجع في الإنتاج المحلي، اعتماد مفرط على الواردات، وشبه غياب للسيادة النقدية في ظل انقسام سياسي ومؤسسي.

ثانيًا: ما الذي يفسّر الانخفاض الأخير في سعر الدولار؟

الانخفاض الحالي في سعر الدولار لا يمكن تفسيره من منظور اقتصادي تقليدي، بل هو نتاج واحد أو أكثر من العوامل التالية:

1. مضاربات منظمة داخل السوق:

عدد محدود من الصرافين وشركات التحويل الكبرى يتحكم عمليًا بالعرض والطلب، ويقوم بإغراق السوق مؤقتًا بكميات من الدولار، لتخفيض السعر بشكل مصطنع، ودفع الناس إلى بيع مدخراتهم بالدولار، ثم يعيدون شراءه بعد انخفاضه، في عملية منظمة ومكررة، وقد حدث هذا سابقًا في عدن وتعز ومأرب، وهو أسلوب معروف في الأسواق غير المنظمة، وتمت دراسته ضمن تقارير البنك الدولي عن الاقتصاديات غير الرسمية (World Bank – Shadow Economies, 2023).

 

2. تدخلات نقدية ظرفية بدعم خارجي:

البنك المركزي في عدن قد يكون استفاد من منح أو ودائع مؤقتة (مثل الدعم السعودي الأخير) لضخ كميات من العملة الأجنبية، ما أحدث تأثيرًا محدودًا على سعر الصرف. لكن هذه المعالجات، دون وجود سياسة نقدية شاملة، تبقى قاصرة عن تحقيق الاستقرار الفعلي.

 

3. توظيف سياسي لسعر الصرف:

غالبًا ما يُستخدم انخفاض سعر الدولار كأداة تهدئة شعبية، أو وسيلة لإثبات "نجاح حكومي"، خاصة في ظل أوضاع معيشية منهكة، حيث يُراد إقناع المواطنين بوجود "تحسّن" اقتصادي، ولو كان مصطنعًا، وقد جرى توظيف هذه الآلية سابقًا في دمشق، عندما تم تثبيت سعر الليرة في عام 2020 رغم التضخم الجامح، وكذلك في بيروت قبيل انهيار 2019.

 

ثالثًا: المقارنة مع التجربتين السورية واللبنانية.

 

يوفر تحليل تجارب سوريا ولبنان نماذج شديدة الشبه بالحالة اليمنية الحالية. ففي سوريا، بعد تدخلات أمنية لمنع المضاربة، انهارت الليرة في 2020 إلى أكثر من 4000 مقابل الدولار، رغم تثبيتها سابقًا عند 700. أما في لبنان، فالثبات المصطنع لسعر الصرف عند 1500 ليرة طوال 25 سنة، انهار فجأة عام 2019، بعد فقدان البنك المركزي للقدرة على الدفاع عن السعر. والنتيجة في البلدين كانت واحدة: انهيار العملة، وضياع المدخرات، وانعدام الثقة بالنظام المصرفي.

 

المؤشر اليمن-سوريا-لبنان:

شكل التدخل النقدي غير منتظم وضعيف ، أمني ومركزي ، دعائي ومصرفي،

سياسة تثبيت السعر غير رسمية عبر المضاربة ،تثبيت أمني دون احتياطي حقيقي ، تثبيت طويل رغم التضخم البنيوي

احتياطي البنك المركزي منخفض جدًا و منهك- استُنزف بالكامل،

الثقة بالعملة المحلية ضعيفة ومضطربة و منهارة ومعدومة و احتمالات الانهيار عالية جدا إن لم يتم الإصلاح -تحقق الانهيار فعليًا -حدث الانهيار، وما زال قائمًا.

 

المصادر: تقارير صندوق النقد الدولي 2021 و2022، البنك الدولي – المراقب الاقتصادي للبنان وسوريا، ومعهد تشاتام هاوس – دراسات الاقتصاد النقدي في البيئات المنهارة، 2023.

 

رابعًا: إلى أين يتجه الريال اليمني؟

 

إن لم تُتخذ إجراءات إصلاحية عميقة تشمل توحيد السياسة النقدية بين صنعاء وعدن، وضبط سوق الصرافة، وتعزيز الشفافية في إدارة الاحتياطي النقدي والتحويلات، فإن ما نشهده حاليًا من "تحسن شكلي" قد يكون مقدمة لانهيار جديد، وربما أكثر حدة من الموجات السابقة. فالثقة بالعملة تُبنى بالتراكم المؤسسي، لا بالإعلانات الإعلامية أو الضخ المؤقت.

 

خامسًا: الخلاصة والتوصيات:

 أؤكد أن الانخفاض الأخير في سعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني لا يعكس واقعًا اقتصاديًا مستقرًا، بل هو ظاهرة مضاربية مؤقتة قابلة للانفجار في أي لحظة. ووفق التجارب المشابهة في المنطقة، فإن مثل هذه الانخفاضات المصطنعة تسبق غالبًا موجات من الانهيار السريع في سعر العملة الوطنية.

 

لذا، أوصي بما يلي:

1. عدم التفريط بالمدخرات بالعملة الأجنبية بناء على هذا الانخفاض المؤقت.

2. الضغط المجتمعي والمؤسسي باتجاه رقابة أكثر صرامة على السوق النقدي وشبكات الصرافة.

3. تعزيز الشفافية في أداء البنك المركزي، ونشر تقارير شهرية تفصيلية عن الاحتياطي والتحويلات.

4. إطلاق حوار وطني اقتصادي لتوحيد السياسة النقدية ومواجهة المضاربات المؤسسية.

٥. إنشاء لجنة اقتصادية محايدة تراقب السوق النقدي، أو إنشاء منصة رقمية شفافة لرصد سعر الصرف اليومي.

 

فالثقة بالريال اليمني لن تتحقق عبر خفض رقمي مؤقت، بل عبر مسار إصلاحي نقدي حقيقي ومتكامل.

 

مقالات مشابهة

  • جشي: مطالبة المقاومة التخلي عن سلاحها دعوة مكشوفة لتسليم لبنان لإسرائيل
  • موقع بريطاني: قدراتُ اليمن البحرية تكشف هشاشة الردع الغربي
  • "الجهاد": زيارة ويتكوف محاولة مكشوفة لتجميل بشاعة الاحتلال
  • تصريحات ترامب.. محاولة مكشوفة لغسل يدي واشنطن من جريمة حرب الإبادة والتجويع بـ غزة
  • هل تعافي الريال يعكس تحسنًا اقتصاديًا حقيقيًا؟ أم أنه خداع ومضاربة مكشوفة؟
  • وزير الصناعة: مشروع المصانع متعددة الأدوار يهدف إلى استقطاب رواد الأعمال في قطاعات متنوعة
  • أمير المنطقة الشرقية يُدشّن مشروع المصانع المتعددة الأدوار وإنشاء 84 مصنعًا جاهزًا في المدن الصناعية بالدمام
  • أمير المنطقة الشرقية يدشن مشروع المصانع متعددة الأدوار وإنشاء 84 مصنعًا جاهزًا في المدن الصناعية بالدمام
  • جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 31 يوليو
  • تحذيرات من عرض مقدرات أرض الصومال على ترامب