نجاة عبد الرحمن تكتب: التهجير الناعم
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
على طريقة احنا أسفين يا صلاح، تراجع ترامب عن اقتراحه بنقل سكان غزة إلى سيناء بسبب عدة عوامل أهمها الموقف المصري الرافض لمحاولات التهجير القسري لأهل فلسطين تنفيذا لمخطط جيورا إيلاند، لجأ الكيان الصهيوني لتنفيذ مخطط التهجير الناعم، حيث شهدت غزة خلال الساعات الأخيرة تصعيدًا خطيرًا حيث أسفرت الغارات الإسرائيلية عن استشهاد 14 فلسطينيًا وإصابة العشرات، و تركزت هذه الغارات في جنوب القطاع، خاصةً قرب منطقة المواصي الإنسانية التي أُنشئت سابقًا كمأوى للنازحين
استهدفت الغارات خيامًا تأوي نساءً وأطفالًا، بالإضافة إلى منازل في أحياء مختلفة من غزة.
جاء تراجع ترامب عن موقفه لعدة عوامل رئيسية أهمها :
• الرفض المصري القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى أراضيها، مؤكدة أن سيناء ليست خيارًا لهذا الأمر، وأنه لن يُسمح بانتهاك السيادة المصرية.
• المعارضة الدولية: قوبل اقتراح ترامب بانتقادات حادة من الدول العربية والمجتمع الدولي، حيث اعتُبر تهجير الفلسطينيين انتهاكًا لحقوقهم وسيادتهم على أراضيهم، إضافة إلى كونه مخالفة للقوانين الدولية.
• الضغط من حلفائه السياسيين: واجه ترامب انتقادات حتى داخل حزبه الجمهوري، حيث عبر بعض أعضاء الكونجرس عن قلقهم من تأثير هذه الفكرة على العلاقات الأمريكية مع الدول العربية الحليفة، وخاصة مصر والأردن.
• مخاوف أمنية وإنسانية: حذرت منظمات حقوق الإنسان من أن تهجير سكان غزة قسريًا سيؤدي إلى كارثة إنسانية وأزمة لاجئين كبيرة، وهو ما قد يفاقم التوترات في المنطقة بدلاً من تهدئتها.
نتيجة لهذه العوامل، اضطر ترامب إلى التراجع عن الفكرة، مؤكدًا أن الفلسطينيين لن يُجبروا على مغادرة غزة، وأنه سيبحث عن حلول أخرى للأزمة.
بعد تراجع الرئيس الأمريكي لجأ نتنياهو للعنف لإجبار الفلسطينيين و دول الجوار على قبول مخطط التهجير القسري الناعم، على طريقة فتوة الحارة الذي يمارس البلطجة لنهب الأهالي بعد تخلي كبير البلطجية عن دعمه .
بالإضافة إلى ذلك، اعلان ترامب أن بلاده ستمنح البلدان العربية فرصة للتوصل إلى خطة بديلة بشأن غزة، بعد رفضها مقترحه بتهجير سكان القطاع وسيطرة الولايات المتحدة عليه. وأشار إلى أن شركاء الولايات المتحدة العرب سيجتمعون في السعودية في غضون أسبوعين ثم يعودون إلى واشنطن بخطة حول غزة، الأمر الذي أستفز نتنياهو و لجأ لتنفيذ التهجير الناعم .
حتى الآن، لم يتم الإعلان عن أي خطة بديلة محددة من قبل الإدارة الأمريكية أو الدول العربية المعنية سوى مصر ولا تزال المشاورات جارية بين الأطراف المختلفة للوصول إلى حل مستدام يضمن حقوق سكان غزة ويحترم سيادة الدول المجاورة.
و تمثلت الخطة المصرية المقترحة لإعادة إعمار غزة تمثل خطوة استراتيجية نحو دعم الشعب الفلسطيني والحفاظ على حقوقه المشروعة. تستند هذه الخطة إلى عدة محاور رئيسية :
إعادة الإعمار الشامل: تتضمن الخطة إعادة بناء البنية التحتية والمرافق الحيوية في قطاع غزة، بهدف تحسين الظروف المعيشية للسكان وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
حل الدولتين : تؤكد الخطة على ضرورة تحقيق حل الدولتين كسبيل لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل بسلام وأمان.
رفض التهجير القسري: تشدد الخطة على رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مؤكدة على حقهم في البقاء والعيش بكرامة داخل وطنهم.
دعم دولي وعربي: حظيت الخطة بتأييد واسع من الدول العربية والمجتمع الدولي، حيث تم تبنيها كبديل عملي للمقترحات الأخرى التي قد لا تراعي حقوق الفلسطينيين.
بناءً على هذه المحاور، أرى أن الخطة المصرية تمثل نهجًا متوازنًا وواقعيًا لحل أزمة غزة، حيث تركز على إعادة الإعمار وتحقيق السلام الدائم دون المساس بحقوق الشعب الفلسطيني أو سيادة الدول المجاورة.
و تأتي تلك الخطة لتنسف المعتقد اليهودي بأنه لابد من خوض حرب شاملة مع العرب و إبادتهم لتحقيق النبؤة التي يؤمنون بها رغم عدم وجود نبوءة مؤكدة أو نص ديني متفق عليه ينص صراحة على حرب بين اليهود والعرب تؤدي إلى الاستيلاء على أرض العرب.
ومع ذلك، هناك تفسيرات وتأويلات لنصوص دينية وتاريخية تشير إلى صراعات مستقبلية بين بني إسرائيل وبعض الدول المحيطة بهم.
منها النبوءات الدينية في التوراة والإنجيل :
سفر حزقيال (إصحاح 38-39): يتحدث عن "حرب جوج ومأجوج"، والتي يُفسرها البعض على أنها صراع عالمي يشمل إسرائيل ودولًا أخرى. لكن النصوص لا تشير إلى ضرورة الاستيلاء على سيناء تحديدًا.
سفر دانيال: يتحدث عن صراعات بين ممالك الشمال والجنوب، وقد فُسرت بعض الأجزاء على أنها تشير إلى حروب بين قوى عالمية وإسرائيل، ولكن دون ذكر مباشر لمصر، عكس الروايات و الأكاذيب الإسرائيلية.
سفر إشعياء (إصحاح 19): يذكر اضطرابات في مصر، ولكن ليس احتلالًا على يد إسرائيل، بل يتحدث عن أزمات داخلية.
النبوءات الإسلامية
في بعض الأحاديث النبوية توجد إشارات إلى معارك كبرى في آخر الزمان، مثل "ملحمة كبرى" بين المسلمين وأعدائهم، لكن لا يوجد نص صريح يقول إن إسرائيل لابد أن تستحوذ على سيناء لاستعادة ملك سليمان، أما الأحاديث التي تتحدث عن الصراع مع اليهود مثل حديث "قتال اليهود حتى ينطق الحجر والشجر" ترتبط غالبًا بفلسطين وليس مصر، مما يدحض الأكاذيب الصهيونية .
التفسيرات الحديثة
بعض الجماعات الصهيونية المتطرفة لديها رؤية توراتية تدعو إلى توسيع دولة إسرائيل، وتذكر "من النيل إلى الفرات"، لاستعادة هيكل سليمان عليه السلام وبناء المملكة الكبرى التي يؤمن بها نتنياهو و حلفائه.
بالمختصر المفيد لا توجد نبوءة مؤكدة أو نص مقدس يشير إلى ضرورة استيلاء إسرائيل على الأراضي العربية و خاصة مصر، ولكن هناك تأويلات دينية ونظريات سياسية تطرح هذه الفكرة.
و لكن استمرار الحرب قد يكون جزءًا من خطة لإجبار السكان على مغادرة غزة طوعًا بسبب الظروف القاسية، مما يُسهل تنفيذ التهجير دون الحاجة إلى إعلان رسمي، و أي مفاوضات مستقبلية قد تتضمن بنودًا تُسهل خروج عدد من الفلسطينيين بحجة "إعادة الإعمار" أو "المساعدات الإنسانية".
السيناريوهات المحتملة:
• تزايد الضغط الدولي لمنع التهجير، لكن مع استمرار الأوضاع المأساوية داخل غزة.
• محاولة إسرائيل فرض "تهجير ناعم" عبر التضييق المعيشي، مع استخدام مصر كمنطقة عبور مؤقتة للفلسطينيين.
التصعيد العسكري الحالي يخدم أهداف التهجير القسري بشكل غير مباشر، لكنه لن يكون كافيًا لتنفيذ خطة ترامب بالكامل إلا إذا وُجد دعم دولي واضح أو تخاذل عربي. في النهاية، يبقى صمود الفلسطينيين، والموقف المصري الصلب حتى الآن، العائق الأكبر أمام تنفيذ هذا المخطط.
حفظ الله مصر و أرض فلسطين وشعبها .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ترامب غزة سيناء فلسطين المزيد التهجیر القسری الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
محلل سياسي إسرائيلي كبير: “إسرائيل” فقدت شرعيتها الدولية لمواصلة الحرب
#سواليف
في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أكد #المحلل_السياسي الإسرائيلي البارز #إيتمار_أيخنر أن ” #إسرائيل ” فقدت شرعيتها الدولية للاستمرار في #الحرب، محذرًا من تداعيات هذه العزلة المتزايدة. واعتبر أن استمرار #القتال في ظل غياب الدعم الدولي قد يؤدي إلى إضعاف قدرة “إسرائيل” على الدفاع عن نفسها، ويعرّضها لعقوبات سياسية واقتصادية، وقرارات تنفيذية ضدها في الأمم المتحدة.
وبحسب أيخنر، فإن “إسرائيل” أهدرت الزخم الدولي الذي حظيت به عقب 7 أكتوبر، حيث #فشل رئيس وزراء بنيامين #نتنياهو في ترجمة الدعم العالمي إلى #إنجازات_سياسية. وأشار إلى أن هذا الإخفاق كان جليًا خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية ودول الخليج، حيث فضّل القادة هناك تجاهل نتنياهو، ما حول “إسرائيل” إلى لاعب هامشي.
ويضيف أيخنر أن نتنياهو ووزراء خارجيته، من إيلي كوهين إلى يسرائيل كاتس وجدعون ساعر، يفتقرون إلى الحد الأدنى من الكفاءة الدبلوماسية. فالدبلوماسية، وفق رأيه، تتطلب الاستماع والفضول والمرونة، وهي صفات لا يمتلكها هؤلاء. أما الوزير رون ديرمر، فليس سوى منفذ لأوامر نتنياهو، من دون أدوات دبلوماسية حقيقية.
مقالات ذات صلة البروفيسور الدكتور محمد علي المعايطة: أيقونة الطب العربي، وعبقرية واحتراف جراحة الوجه والفكين 2025/05/29ويشير أيخنر إلى أن “إسرائيل” كان بإمكانها حشد دعم عالمي لإعادة إعمار غزة لو قدمت خطة واضحة لـ “اليوم التالي”، لكن نتنياهو فضّل ضمان بقاء ائتلافه الحكومي على حساب الإنجاز السياسي وحتى على حساب #الأسرى_الإسرائيليين. ونتيجة لهذا الإخفاق، خسرت “إسرائيل” التعاطف الدولي الذي حصلت عليه بعد الهجوم، ولم يتبقّ لها سوى علاقات متينة مع رئيس وزراء المجر أوربان والرئيس الأرجنتيني ميلي.
ويتابع أيخنر بالقول إن الواقع السياسي الجديد يفرض معادلة قاسية: ترامب هو من سيقرّر مصير غزة الآن، من دون الرجوع إلى نتنياهو. فالرئيس الأميركي بدأ بالتفاوض مع السعودية وإيران وحماس والحوثيين وحتى مع الحاكم الجديد لسوريا، وكل ذلك من دون إشراك “إسرائيل” في التفاصيل. ويعتبر أن “إسرائيل” أصبحت على الهامش في معادلة ترسيم مستقبل الشرق الأوسط.
ويذكّر أيخنر بحقيقة تاريخية معروفة: الحروب تفتح أحيانًا فرصًا سياسية. فالأذرع الأمنية الإسرائيلية – الموساد، الجيش، والشاباك – قدمت لنتنياهو إنجازات عسكرية. لكن رغم الغطاء العسكري، أخفق المستوى السياسي في توظيف هذه الإنجازات دبلوماسيًا، نتيجة خوف نتنياهو من تفكك ائتلافه، ما انعكس في تراجع التصنيف الائتماني لإسرائيل وتصاعد مشاعر الإحباط لدى الإسرائيليين الذين يفكرون بمغادرة فلسطين المحتلة.
ويؤكد أيخنر أن تحميل المسؤولية لفشل “الهاسبارا” (الدعاية الإسرائيلية) ليس دقيقًا، رغم أن أداءها ضعيف فعلاً. إذ لا يظهر على الشاشات سوى عدد محدود من المتحدثين الإسرائيليين القادرين على مخاطبة العالم، وحتى عندما يظهر السفراء مثل تسيبي هوتوفيلي، يتعرضون لهجمات إعلامية شرسة. لكنه يرى أن الصمت قد يكون أفضل، لأنه ببساطة “لا توجد أجوبة مقنعة حاليًا”.
كما يلفت أيخنر إلى خطأ استراتيجي ارتكبه رئيس الأركان الجديد لجيش الاحتلال، إيال زامير، بتغيير المتحدث باسم الجيش أثناء الحرب. فقد تم استبدال المتحدث المحنّك بشخص لا خبرة له في الإعلام ولا يظهر أمام الكاميرات. وهو أمر أثار الاستغراب حتى داخل الحكومة، حيث عبّر بعض المسؤولين عن عدم رضا نتنياهو عن هذا التعيين منذ البداية، وتساءلوا: أين المتحدث باسم الجيش؟.
ويختم أيخنر مقاله بالتأكيد على أن ما تبقّى لإسرائيل هو محاولة التنسيق مع الأميركيين لوضع خطة لمرحلة ما بعد الحرب، وإعلان استراتيجية خروج واضحة. ويلقي جزءًا من المسؤولية على ترامب نفسه، لأنه هو من سوّق للوهم القائل بإمكانية “إعادة توطين” سكان غزة. ويشير إلى أن ترامب لم يؤمن بذلك فعليًا، بل أراد فقط أن يقول للدول العربية إن أميركا لن تدفع الثمن، وأن عليها تمويل إعادة الإعمار وهو ما أراد أن يفهمه الأوروبيون أيضًا بالنسبة لأوكرانيا.
ويضيف أيخنر أن ترامب تسبّب أيضًا في توقف الدعم العلني لإسرائيل، ما شكّل إشارة إلى العالم وإلى خصوم “إسرائيل” بأن “الضوء الأحمر” قد أُشعل بين “إسرائيل” وواشنطن. وهذا ما يفسّر تغيّر مواقف بعض حلفاء “إسرائيل” في العالم، ممن باتوا يقرؤون التحولات الجارية في واشنطن جيدًا.
وفي ختام تحليله، يحذر أيخنر من اقتراب لحظة الحقيقة، حيث سيكون مصير الحرب مرهونًا بإمكانية استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن. فحتى اللحظة، لا تزال “إسرائيل” تحتمي بالمظلة الأميركية، لكن هذا الوضع لن يدوم طويلاً. ووفق تقييمه، يبدو أن ترامب يقترب من لحظة اتخاذ قرار جذري، وقد لا تمر أسابيع قليلة حتى يقول: “كفى، أوقفوا قرع طبول الحرب”.
ويختتم أيخنر بالقول إن “إسرائيل” ستواجه خلال أسابيع تحديين كبيرين: أولاً، الاتفاق النووي المحتمل بين واشنطن وطهران، وثانيًا، المؤتمر الدولي الذي تخطط له فرنسا والسعودية للاعتراف بالدولة الفلسطينية في 17 يونيو. ويعتقد أن صمت واشنطن تجاه هذا المؤتمر – رغم تصريحات نائب السفير الأميركي في الأمم المتحدة – يشير إلى أن كل شيء يسير نحو تثبيت واقع دبلوماسي جديد، ستكون نتيجته الحتمية إعلان فشل سياسة نتنياهو الخارجية، الذي امتلك المؤهلات، لكنه فضّل التضحية بمستقبل “إسرائيل” من أجل استمرار ائتلافه.