جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-13@04:24:18 GMT

صراع من أجل تحقيق العدالة

تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT

صراع من أجل تحقيق العدالة

 

 

 

خالد بن أحمد الأغبري

 

شهر رمضان المُبارك شهر الخير والانفتاح والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة والمواقف الإيجابية المحمودة، يقترب من مُغادرتنا ويتركنا في صراع مع هذا الزمن، والكل يترقب ذلك الانفراج الحقيقي لتلك الأزمة والمعاناة الإنسانية ومدى تأثيرها على المستوى الإقليمي والدولي.

ما نراه الآن مأساة متجذرة وصراع مستمر يتسع نطاقه وتتطور أيدولوجيته، ويتفاقم وضعه من حيث تعميق العنصريات على شكل خطط وبرامج تدعو إلى إثارة الفتنة وإراقة الدماء وتعطيل مصالح الآخرين وتضييق الخناق عليهم، متجاوزًا بذلك كل القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية التي من المفترض أن تكون علامة واضحة وبارزة لترجمة قواعد هذه الحياة وأساسياتها ومبادئها الكريمة، والبُعد الحضاري والاجتماعي القائم على مُعطيات العدالة والمساواة والأمن والاستقرار الذي يخلق ذلك التوازن المادي والمعنوي؛ باعتباره مركز تحكم وسيطرة، ومنطلقًا لحياة فاضلة داعمة لتنمية المجتمعات والنهوض بها إلى آفاق أرحب، ونتيجة لفقدان هذه المعطيات من خلال هذه المفارقات؛ فهؤلاء الناس المضطهدون من المسلمين الذين يشكلون نسبة عالية في الكثير من بلدان العالم يعيشون في حروب دامية وفتن متأصلة وملتهبة ومناطق غير آمنة، وهم بين قتيل وجريح وفاقد لحريته وممتلكاته ومعرض لانتهاك كرامته وأعراضه.

إنِّهم بذلك يواجهون حياة غير طبيعية تتشكل في مفهومها وشرعنتها ذلك الجحيم الذي لا يُطاق، وأبناء الأمة الإسلامية يتابعون الأحداث وكأنهم يتابعون مسلسل تاريخي عبر شاشة التلفاز وضمائرهم متجمدة وقلوبهم متحجرة؛ بل هي أشد من الحجارة الصماء التي لا تتأثر بمن حولها، والعدو يسرح ويمرح مدعومًا بالخيانات المتفشية من قبل أصحاب المصالح وأذرعهم المنتشرة في مختلف بقاع الأرض، وبالمال والعتاد والسلاح تكتمل جاهزيتهم، للقيام بتلكم المجازر الوحشية والهمجية النتنة في ظل غياب الشهامة والشجاعة والنخوة العربية.

وعلى الجانب الآخر، وفي خضم تلك الأحداث المتلاحقة، يوجد من يقف خلف الكواليس ليؤنب أبناء جلدته وعروبته ويقف ضد قضيتهم ويحملهم مسؤولية ما فرض عليهم من أحداث دامية وانفلات أمني ومسار غير منضبط؛ ذلك المسار الذي يبدو في ظاهره الرحمة والمواقف النبيلة الخيرة ذات البعد الإنساني، لكنه في المقابل وللأسف الشديد يخبئ في باطنه الخبث والنفاق والسعي الحثيث لتركيع وتصفية أصحاب الحق وزعزعة أمنهم وملاحقتهم، والتكالب عليهم من أجل التخلي عن قضيتهم وإخراجهم قسرًا من ديارهم وأراضيهم، في سياق متصل بمسارات القتل والظلم والتدمير؛ بما يجسد مخططات وطموحات عدوهم التي أصبحت ظاهرة للعيان دون خوف ولا حياء ولا وجل؛ وذلك بقدر ما هو مشروع تبنى عليه آمال المحتل وتتبلور من خلاله تلكم المخططات ذات القيمة المضافة لصالح العدو الصهيوني على حساب أصحاب الحق الذين ضحّوا ولا يزالون يضحّون بأموالهم وأولادهم وانفسهم من أجل قضيتهم.

إلى متى هذا الاستهتار وإلى متى هذه العنجهية؟ ألم يحن الوقت إلى مراجعة حساباتنا والقيام بواجباتنا وتمزيق ثوب الخوف والجبن والعمل في مقابل ذلك بما يرضي الله من أجل توحيد الصفوف والدخول في مفاوضات جادة وفاعلة تضمن لكل ذي حق حقه باستعمال وسائل الضغط المتاحة بحكم تداخل المصالح الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والأمنية مع توافر مراكز التحكم والسيطرة وتفعيلها في رسالة شديدة اللهجة وواضحة العبارات والمعاني تترجم تلكم المشاعر الايمانية والإنسانية في إطار نافذ البصر والبصيرة.

إن أسلوب التعاطي مع تلك العنجهية والوحشية والهمجية الصهيونية التي تعمل على تشكيل تلك المفارقات الكبيرة والعمل على ديمومتها في محيط العالم المتغطرس الذي أصبح لا يدرك مدى الخطورة الكبرى وما ينتج عنها من إبادة جماعية وتدمير شامل وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان وللقوانين والأنظمة الدولية التي يفترض أن تكون محل تقدير واحترام، لكنها بهذا الوضع المأساوي لم يبق لهذه القوانين والأنظمة أي تأثير أو دور يذكر، وهذا شيء لا ينم عن عقلية واعية وإنسانية متحررة من قيود الجاهلية وثقافة عالية تدرك معنى القيم والسلوك الحضاري.

ومن المؤشرات السيئة غير محسوبة العواقب هي تلك التي تواجه الإنسان في حياته ضمن سلسلة من المتغيرات التي تدعو إلى أخذ الحيطة والحذر؛ بما تجسده من واقع مؤلم ومقلق يتعارض مع تطلعات وطموحات هذا الإنسان الذي يراقب الوضع عن كثب من أجل أن يرى العالم من حوله قادرًا على التحرر من قبضة الطغاة الذين تستهويهم الأنانية والكراهية والحقد المتأصل الذي يعتبرونه مصدر قوة من أجل تحقيق نفوذهم والعمل على استعباد النَّاس وقتلهم وتدمير حياتهم وممتلكاتهم في صورة بشعة ومخزية دون الشعور بمدى أهمية ذلك الموقف العظيم الذي ينتظرهم أمام عدالة الخالق سبحانه وتعالى.

نسأل الله أن يُوحِّد كلمة المُسلمين ويخرجهم من هذه الأزمة القاسية التي فُرضت عليهم ويأخذ بأيديهم للخروج من حالة اليأس والخوف إلى حالة مليئة بالتفاؤل والرضا التام تتجدد من خلالها العزيمة المتوقدة بطاعة الله والسير وفق منهجه سبحانه وتعالى ودستوره الكريم، إن الله على كل شيء قدير.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تركيا.. تدني شعبية الحركة القومية يضع تحالف أردوغان أمام خيارات صعبة

أنقرة (زمان التركية)- يكشف استطلاع رأي حديث نشرته مؤسسة”سونار” للأبحاث عن تراجع تاريخي في شعبية حزب الحركة القومية، الشريك الرئيسي لحزب العدالة والتنمية في “تحالف الشعب” الحاكم، حيث سجل الحزب نسبة تأييد بلغت 4.4%، وهو أدنى مستوى له خلال الـ 25 عامًا الماضية.

ويُزعم أن هذا التدهور قد تسبب في استياء كبير لدى الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يُقال إنه يبحث عن استراتيجية جديدة لمواجهة هذا الوضع.

وأشار هاكان بايراكجي، رئيس شركة سونار، إلى أن نسبة التصويت المُقاسة في الاستطلاع الأخير هي الأقل لحزب الحركة القومية على مدى ربع قرن.

ووفقًا لتقرير ميرفي كيليتش في صحيفة “جمهوريت”، تتزايد حدة التقييمات المتعلقة بحزب الحركة القومية داخل أروقة الحزب الحاكم (العدالة والتنمية)، خاصة في الأسبوعين الأخيرين.

وتُفيد التقارير أن بعض القياديين في حزب العدالة والتنمية قد لخّصوا وضع التحالف في اجتماعات مغلقة بالقول: “لم يعد حزب الحركة القومية يضيف أصواتًا، بل على العكس، أصبح يُفقِدنا إياها. التكاليف الاقتصادية تُحمّل علينا، بينما الجدل حول الأمن والقضاء يُبعد الناس عن حزب الحركة القومية. لقد اختلت الموازين”.

وتُشير المعلومات الواردة في التقرير إلى أن بعض كبار المسؤولين في حزب العدالة والتنمية أبلغوا أردوغان بأن التحالف مع حزب الحركة القومية قد وصل إلى طريق مسدود على مستويي الإدارة والخطاب.

وتتركز الانتقادات داخل حزب العدالة والتنمية في نقطتين رئيسيتين:

– تصاعد ردود الفعل في القاعدة الشعبية ضد “عملية الانفتاح” (إشارة إلى بعض سياسات سابقة).

– تضييق حزب الحركة القومية الخناق على حزب العدالة والتنمية في سياسات القضاء والدستور والبيروقراطية.

ويُزعم أن أحد مديري حزب العدالة والتنمية صرّح لمقربيه بالقول: “لا يمكن خوض الانتخابات بهذه النسب. نحن نخسر أصواتًا أكثر مما يخسر حزب الحركة القومية”.

وتُفيد مصادر مطلعة من حزب العدالة والتنمية بأن الرأي السائد في القصر الرئاسي هو أن فقدان حزب الحركة القومية للأصوات أصبح “مزمنًا”، مما يستلزم إعادة كتابة سيناريوهات الانتخابات.

وقُدمت لأردوغان اقتراحات من بعض مستشاريه تشمل:

– توسيع التحالف: فتح الباب أمام قوى سياسية جديدة في يمين الوسط لتوسيع القاعدة الآخذة في الانكماش.

– نموذج التحالف المُخفف: الحفاظ على الشراكة الرسمية مع حزب الحركة القومية، مع إنشاء تحالفات بديلة في الدوائر الانتخابية.

– البحث عن شريك جديد: تقليل تأثير حزب الحركة القومية الذي يضيق المجال السياسي في يمين الوسط، والتوجه نحو أحزاب أخرى.

ويُشير مراقبون سياسيون إلى أن الانخفاض الحاد في أصوات حزب الحركة القومية قد أحدث “صدعًا يصعب إصلاحه” داخل التحالف.

ويُتوقع أن يُسرّع أردوغان من خطوات “إعادة الهيكلة” لاستراتيجية التحالف في الفترة المقبلة. ويسود في أنقرة رأي مفاده أن هذا التراجع لن يقتصر على مجرد بيانات استطلاع، حيث يمكن لأردوغان اتخاذ خطوات تُعيد تشكيل كل من إدارة الحزب واستراتيجية التحالف.

ويُذكر أن بعض المسؤولين داخل الحزب قد أبلغوا أردوغان بأن تراجع أصوات الحركة القومية قد دفع إجمالي أصوات “تحالف الشعب” إلى ما دون الـ 40%، وأن “خوض الانتخابات بهذه الحسابات محفوف بالمخاطر”.

Tags: أردوغانالحركة القوميةتحالف السعبتركيادولت بهتشلي

مقالات مشابهة

  • حكم الدين في عدم الإنجاب.. أزهري: الشخص الذي يرفض النعمة عليه الذهاب لطبيب نفسي
  • فضل الله بعد لقائه سلام: الملف الأساسي الذي ناقشناه يرتبط بإعادة الأعمار
  • الجميل: وعدُنا أن نكمل الطريق الذي استشهد لأجله جبران وبيار وباقي شهداء ثورة الأرز
  • تركيا.. تدني شعبية الحركة القومية يضع تحالف أردوغان أمام خيارات صعبة
  • هرب من العدالة في إيطاليا فتخفّى داخل مشهد الميلاد.. قبل أن يُكتشف أمره ويُعتقل
  • جلال كشك.. الذي مات في مناظرة على الهواء مباشرة وهو ينافح عن رسول الله
  • على صلة بحزب الله وايران.. اليكم آخر المعلومات عن ناقلة النفط التي احتجزتها أميركا في الكاريبي
  • قبائل حجور وبكيل المير تؤكد الجهوزية لأي جولة صراع قادمة
  • المنظمات الأهلية تدعو لوقف جرائم الاحتلال ومعاقبته دوليًا
  • سوريا.. فيديو وسيم الأسد وكيف ظهر خلال تحقيقات قبل إحالته إلى المحاكمة