بين التأكيد والتأجيل.. مصير الإنتخابات في مهب التوترات الإقليمية - عاجل
تاريخ النشر: 2nd, April 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
أكد الباحث والأكاديمي محمد التميمي، اليوم الأربعاء (2 نيسان 2025)، أن تأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة إلى إشعار آخر يظل احتمالا واردا، رغم التصريحات الرسمية التي تؤكد إجراءها في موعدها المحدد نهاية العام الجاري.
وقال التميمي في تصريح خص به "بغداد اليوم"، إن "العراق قد يواجه متغيرات داخلية وخارجية قد تدفع نحو تأجيل العملية الانتخابية"، مشيرا إلى أن "التصعيد المتزايد بين واشنطن وطهران قد يجعل العراق ساحة لتداعيات غير محسوبة".
وأضاف، أن "الأولوية خلال المرحلة المقبلة قد لا تكون للانتخابات بقدر ما ستكون لكيفية تجنيب العراق تداعيات أي مواجهة محتملة، سواء عبر تفادي العقوبات الأميركية أو حماية المصالح الأميركية داخل البلاد من أي رد إيراني محتمل في حال اندلاع مواجهة عسكرية بين الطرفين".
وبرغم التأكيدات الحكومية على التزام الجدول الزمني للانتخابات، تبقى التطورات الإقليمية عاملا قد يفرض تغييرات غير متوقعة على المشهد السياسي العراقي.
وشهد العراق منذ عام 2003 دورات انتخابية متعاقبة، غالبا ما تأثرت بالأوضاع الأمنية والسياسية الإقليمية.
ولأن الانتخابات البرلمانية تشكل ركيزة الديمقراطية في العراق، لم تخلُ من التحديات، سواء بسبب الانقسامات الداخلية أو التدخلات الخارجية.
اليوم، ومع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، يواجه العراق مناخا سياسيا معقدا، حيث تتزامن الاستعدادات مع تصعيد غير مسبوق بين الولايات المتحدة وإيران، وهما قوتان لهما نفوذ مباشر داخل العراق.
وبحسب مراقبين، فإن المخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية بين الطرفين قد تضع البلاد في موقف حرج، يجعل من الاستحقاق الانتخابي أقل أولوية مقارنة بمحاولات تجنيب العراق تداعيات الصراع الإقليمي.
وفي غمرة الاصطفاف، فإن كل هذه العوامل تجعل مسألة تأجيل الانتخابات احتمالا قائما، رغم التصريحات الرسمية التي تؤكد الالتزام بموعدها المحدد.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
العراق على أبواب صناديق جديدة: هل تغير انتخابات 2025 قواعد اللعبة
آخر تحديث: 2 غشت 2025 - 9:43 صبقلم: د. مصطفى الصبيحي ها هو العراق مرة أخرى يقف أمام صناديق الاقتراع موعد جديد مع الديمقراطية في بلد لم يعرف الاستقرار منذ عقود وكأن التجربة السياسية ما زالت في مرحلة المخاض المتعثر رغم مرور أكثر من عشرين عامًا على التغيير. انتخابات 2025 تحمل في ظاهرها استمرارية شكلية لكنها في باطنها حبلى باحتمالات مفتوحة تتراوح بين إعادة إنتاج نفس الخرائط القديمة، أو كسر بعض قواعد اللعبة الراسخة ولو جزئيًا. ولعل السؤال الأكبر الذي يفرض نفسه بقوة اليوم: هل هناك نية حقيقية لإحداث تغيير؟ أم أن اللعبة محكومة بسيناريو معد سلفًا تتبدل فيه الأدوار بينما تبقى البنية السياسية على حالها؟ من المؤكد أن ما يسبق الانتخابات هذه المرة ليس كما كان عليه الحال في السابق فالمشهد السياسي يعيش حالة من التمزق الظاهر والانقسام الضمني التيارات التقليدية تعاني من تراجع في شعبيتها حتى وإن بدت مسيطرة في المؤسسات والشباب – وهم القوة الحقيقية – لا يجدون أنفسهم ممثلين في خطاب تلك القوى. منذ انتفاضة تشرين وما تلاها من انسحابات وموجات قمع وصعود للوعي الشعبي تغيرت المزاجات. لم يعد الشارع يثق بالوعود ولا يؤمن بأن الاقتراع وحده كفيل بالتغيير. هناك حالة من الشك من التعب من الترقب الحذر. المفوضية العليا للانتخابات تواصل استعداداتها، وتفتح سجلات الناخبين وتعلن عن جاهزيتها لكن الجاهزية التقنية لا تعني بالضرورة جهوزية سياسية حقيقية لانتخابات نزيهة. ثمّة غائب حاضر في المشهد هو التيار الصدري الذي انسحب من البرلمان وترك الساحة السياسية تعيد تشكيل توازناتها على عجل. السؤال المطروح اليوم في كل ردهات السياسة العراقية: هل يعود التيار إلى المشهد؟ وإذا عاد فكيف؟ وبأي خطاب؟ وإن غاب هل سيتمكن خصومه من ملء الفراغ أم أن الساحة ستشهد فراغًا سياسيًا وشعبيًا معًا؟ ما من إجابة حاسمة لكن المؤكد أن غياب الصدريين – إذا استمر – سيضعف الحماسة العامة ويجعل الانتخابات تميل أكثر لصالح قوى الإطار التنسيقي التي تسعى إلى تكريس نفوذها ولو على حساب التوازن الوطني العام. على الضفة الأخرى هناك محاولات متفرقة من المستقلين ومن بعض بقايا الحركات الاحتجاجية لتشكيل قوائم جديدة أو العودة للساحة بخطاب إصلاحي حاد لكن هذه المحاولات تصطدم بجدار التمويل وبضعف التنظيم وبسيف السلاح المنفلت الذي يهدد كل من يخرج عن السياق. فما زال العنف السياسي حاضرًا سواء عبر الاغتيالات الرمزية أو الحقيقية وما زالت الدولة عاجزة عن ضبط المشهد أو حماية من يسعى للتغيير. إلى جانب التحديات الداخلية لا يمكن إنكار حجم التأثير الإقليمي والدولي الذي لا يزال يلعب دورًا مؤثرًا في تحديد اتجاهات المرحلة المقبلة. فالعراق وهو بين فكي التوازن الإيراني-الأميركي لا يتحرك بحرية كاملة. وأي تغيير جوهري في المشهد الانتخابي لا بد أن يمر بميزان حساس من التفاهمات أو التصادمات الخارجية. وهذا يعني أن معركة الانتخابات ليست داخلية فحسب بل تتجاوز الصندوق إلى ما بعده حيث تبدأ الحسابات الحقيقية. لكن رغم كل ذلك يبقى الأمل قائمًا في أن تكون هذه الانتخابات نقطة تحوّل ولو متواضعة. أن تنجح بعض الأصوات الجديدة في كسر الحصار المفروض على التمثيل الشعبي الحقيقي. أن ينجح الشارع في فرض إرادته، ولو بنسبة محدودة في برلمان يشبهه أكثر مما يشبه المكاتب المغلقة. فالتغيير لا يحدث دفعة واحدة ولا على شكل معجزات، بل عبر تراكمات مستمرة تبدأ بخطوة بكلمة بصوت واحد يقول: كفى. وإذا كانت الانتخابات السابقة قد كرست الإحباط فإن انتخابات 2025 تمثل لحظة اختبار عسيرة لكنها ضرورية. لحظة سيكتشف فيها العراقيون إن كانت صناديقهم ما تزال أدوات للتعبير أم أنها مجرد صناديق لإعادة تدوير الفشل. واللعبة إن لم تتغير قواعدها فستتغير وجوه لاعبيها فقط. ويبقى الوطن في الانتظار.