فرنسا تدخل على خط الأزمة بين فنزويلا وغويانا وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية
تاريخ النشر: 10th, October 2025 GMT
نشر موقع "شيناري إيكونومتشي" الإيطالي، تقريرا، يسلّط الضوء على دخول فرنسا على خط النزاع بين فنزويلا وغويانا الفرنسية، على منطقة "إيسيكويبو" الغنية بالنفط، مبينا أنّ: "هذه الخطوة تزيد من حدة التوتر في منطقة الكاريبي في ظل تصاعد الضغوط الأمريكية على كاراكاس".
وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "فنزويلا التي تمتلك أكبر احتياطات نفط خام في العالم، ما تزال عالقة تحت وطأة العقوبات الأمريكية ونقص الاستثمارات، بينما تحظى غويانا بدعم غربي كبير لزيادة إنتاجها في المنطقة المتنازع عليها".
وأوضح أنّ: "غويانا الفرنسية قد أعلنت مؤخرا تعزيز تعاونها العسكري مع باريس لحماية منطقة "إسيكويبو" الغنية بالنفط"، في إشارة إلى أنّ ذلك يأتي في أعقاب تقارير عن مساعدة فرنسية لغويانا في عمليات المراقبة والدوريات الجوية على حدودها الغربية، بينما تستمرّ شركة إكسون موبيل في قيادة إنتاج النفط في المنطقة، والذي يتجاوز 640,000 برميل يوميًا، وفقًا لما أوردته وكالة "يونايتد برس إنترناشيونال".
وصرّح المسؤولون في وزارة الدفاع الفرنسية بأنّّ: "الشراكة تهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي والوعي بالسيادة البحرية، بينما شدّدت جورج تاون على أن إنتاجها النفطي المتزايد يتطلّب تنسيقًا أكبر في المجال الأمني، إذ من المتوقع أن ترتفع الصادرات إلى 800,000 برميل يوميًا بحلول منتصف عام 2026".
وذكر الموقع أنّ: "فرنسا تحتفظ بجنود في غويانا الفرنسية، معظمهم من قوات الفيلق الأجنبي الفرنسي، إضافةً إلى زوارق بحرية تعمل بين جزر الكاريبي وغويانا. ورغم أن هذه القوة ليست كبيرة، إلا أنه يمكن تعزيزها بسرعة من الجانب الفرنسي".
النزاع مع فنزويلا
أكد الموقع خلال التقرير نفسه، أنّ: "فنزويلا تطالب بمنطقة إيسيكويبو، وهي منطقة تشمل معظم الاحتياطات النفطية البحرية المؤكدة لغويانا، والتي تُعدّ من أكبر اكتشافات النفط في القرن الحالي".
وتؤكد كاراكاس أنها لا تعترف بقرار التحكيم الصادر عام 1899، والذي منح منطقة إيسيكويبو لما كان يُعرف آنذاك بـ"غويانا البريطانية"، كما ترفض الولاية القضائية لمحكمة العدل الدولية في القضية التي رفعتها غويانا بشأن هذا النزاع الحدودي بينهما.
تصاعد التوتر بين واشنطن وكراكاس
أشار الموقع إلى أنّ: "هذا التعاون بين غويانا وفرنسا يتزامن مع تصاعد التوتر بين واشنطن وكراكاس، حيث نفّذت القوات الأمريكية خلال الأسبوع الماضي ما لا يقل عن أربعة هجمات ضد ما وصفه البنتاغون بأنه قوارب تعمل في تهريب المخدرات؛ بالقرب من المياه الفنزويلية".
إلى ذلك، وفقا للموقع الإيطالي فإنّ: "أحد هذه الهجمات أسفر عن مقتل أربعة من أفراد الطاقم بعد أن أصيب زورق سريع في المياه الدولية قبالة شبه جزيرة باريا".
واسترسل: "دافع الرئيس دونالد ترامب عن هذه العمليات، مشيرا إلى أنها نُفِّذت وفقًا لقواعد الاشتباك ضدّ عصابات المخدرات، في حين ندّد المسؤولون الفنزويليون بهذه الضربات واعتبروها: أعمالًا حربية".
لماذا تتدخل فرنسا في النزاع؟
أوضح الموقع أنّ: "فرنسا لها مصلحة مزدوجة من التدخل في هذا النزاع، حيث تهدف على الصعيد الرسمي إلى ضمان الاستقرار في منطقة لها فيها مصالح مباشرة".
وتابع: "كما أنها تريد إبراز نفوذها الجيوسياسي، والدفاع عن المصالح النفطية الغربية بشكل عام، وتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع بلد غني بالنفط"، مردفا: "بما أن عدم الاستقرار في هذه المنطقة قد يضر بالاقتصاد العالمي، ترى فرنسا التي تنتمي لمجموعة السبع الكبار أن من دورها ضمان أمن إمدادات الطاقة".
هل يندلع صراع مسلح بين غويانا وفنزويلا؟
يشير الموقع إلى أنّ: "نشوب صراع واسع النطاق بين غويانا وفنزويلا غير مرجّح حاليا رغم أنه يبقى احتمالا قائما"؛ مضيفا: "فنزويلا تتفوق عسكريًا على غويانا، لكن أي غزو مباشر سيُثير ردّا دوليا قويا تقوده الولايات المتحدة، مع عواقب مدمّرة محتملة على كراكاس".
وحسب الموقع، تأتي خطوة غويانا بإشراك فرنسا في المعادلة، إلى جانب تعزيز الوجود الأمريكي، كأداة ردع واضحة، أما الخطر الأكبر فإنه يكمن في الاشتباكات الحدودية المحدودة أو الحوادث البحرية، التي قد تتصاعد وتؤدي إلى تدخل دولي.
التأثير على أسعار النفط
وفقا للموقع، أي تصعيد عسكري في منطقة غنية بالنفط سيؤدي إلى تقلبات حادة في أسواق الطاقة العالمية.
ورغم أن إنتاج غويانا لا يزال يشكل جزءًا صغيرًا من الإنتاج العالمي، فإنه ينمو بسرعة كبيرة ويستند إلى احتياطيات ضخمة، وأي توقف لصادراتها، إلى جانب الوضع الهش في فنزويلا، سيؤدي إلى انخفاض العرض عالميا ويدفع الأسعار إلى الارتفاع.
وختم الموقع، بالقول إنّ: "الأسواق المالية تتابع هذه التطورات عن كثب، إذ يعد استقرار أمريكا الجنوبية عنصرًا أساسيًا في توازن الطاقة العالمي".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية فرنسا فنزويلا غويانا فرنسا فنزويلا غويانا المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن
إقرأ أيضاً:
عودة القاهرة إلى الخطوط الأمامية: قراءة في دبلوماسية الموقع والتاريخ
عصام عباس
من يتابع المشهد في الشرق الأوسط هذه الايام، يدرك أن القاهرة عادت لتتحرك بثقة في محيطها، محاولةً استعادة الدور الذي طالما تميزت به كقوة إقليمية صاحبة تأثير وقرار. فبعد سنوات من الانكفاء الداخلي، تبدو مصر وكأنها تعيد ترتيب أوراقها ورسم حدود نفوذها في سباق سياسي شديد التنافس.
تراجع مؤقت… وأسباب واضحة
لم يكن تراجع الدور المصري خلال السنوات الماضية وليد الصدفة، بل نتيجة طبيعية لظروف داخلية وإقليمية معقدة.
فمنذ انتفاضة ٢٠١١ وما تبعها من اضطرابات سياسية واقتصادية، انشغلت الدولة المصرية بإعادة بناء الداخل وتأمين استقرارها، وهو ما انعكس على حضورها في الملفات الإقليمية. الأزمة الاقتصادية المستمرة بدورها كبّلت حركة السياسة الخارجية وفرضت على القاهرة أولويات جديدة.
وفي المقابل، صعدت قوى إقليمية جديدة إلى الواجهة، مستغلة الفراغ الذي تركه التراجع المصري، ونجحت في التحرك بحرية في ملفات كانت مصر اللاعب الرئيسي فيها لعقود. هذه التطورات تسببت في تغير المشهد الإقليمي، ووجدت القاهرة نفسها مطالبة بإعادة التموضع.
العودة إلى الواجهة
مؤخرا، يبدو أن مصر قررت استعادة موقعها القيادي والريادي في الإقليم.
ففي ملف القضية الفلسطينية، استطاعت القاهرة أن تستعيد دور الوسيط المركزي بديلا عن الدوحة، معتمدة على حدودها المباشرة مع غزة وعلى تاريخ طويل من السلام يربطها بإسرائيل. فقد قادت جولات تفاوضية مكثفة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وكان اجتماع شرم الشيخ الأخير مثالاً واضحاً على هذا الحضور المصري المؤثر في هذا الملف الشائك.
ليس فقط الرغبة في لعب دور الوسيط هو ما دفع مصر الي التصدي لهذا الملف المعقد ، ولكن ايضا لمواجهة المطالب الإسرائيلية والأمريكية التي دعت إلى تهجير سكان غزة نحو سيناء، فقد أعلنت القاهرة موقفها الحاسم بالرفض المطلق، مؤكدة أن أمنها القومي خطا احمرا وليس قابل للتفاوض. هذا الموقف، يحمل بعدا أمنيا داخليا، إذ تسعى مصر لمنع أي فراغ أو اختراق قد تستغله الجماعات المتطرفة على حدودها الشرقية.
ملفات الأمن والحدود والمياه
التحركات المصرية لا تتوقف عند حدود غزة. فالقاهرة تدرك أن استقرار جوارها المباشر في ليبيا والسودان ضرورة لأمنها الداخلي. لذا، تنخرط بفاعلية في مسارات الوساطة والتهدئة في البلدين، في محاولة لاحتواء الفوضى ومنع تدفق اللاجئين أو تمدد الميليشيات المسلحة إلى أراضيها.
أما ملف سد النهضة الإثيوبي، فيبقى العنوان الأبرز لأمن مصر الاستراتيجي. فالقاهرة تعتبر مياه النيل مسألة وجود، وتخوض مفاوضات مضنية مع أديس أبابا لتأمين حقوقها التاريخية، مدركة أن الصراع على المياه قد يتحول إلى اختبار حقيقي لمدى تأثيرها في القارة الأفريقية.
ما وراء الحراك المصري
لا شك أن هذا الحراك يعكس إدراك القيادة المصرية أن استعادة الريادة الإقليمية ليس امرا ثانويا، بل ركيزة لوجود ومستقبل مصر. فالقوة الإقليمية تمنح القاهرة نفوذا تفاوضيا على الساحة الدولية، وتعيد إليها صورتها التاريخية كركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا.
اختم بالقول ان القاهرة تتحرك بخطوات محسوبة لإعادة تثبيت مكانتها في معادلة الشرق الأوسط.
هذا التحرك ليس بخافيا على عين المنافس أو الخصم وبالتالي قد لا تكون استعادة النفوذ أمرا سهلا في ظل الديناميكيات الاقليمية والتحديات الاقتصادية، لكن المؤكد أن مصر عادت لتقول كلمتها، وأن شرم الشيخ لم تعد مجرد منتجع سياحي، بل ساحة دبلوماسية تعيد رسم توازنات المنطقة في مواجهة العواصم الطموحة، وفي مقدمتها الدوحة واديس ابابا.