الانتخابات البرلمانية المصرية.. فرصة ضائعة للإصلاح
تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT
توقع الكثيرون أن تكون الانتخابات البرلمانية المصرية التي جرت لغرفتها الأولى (مجلس الشيوخ) في آب/ أغسطس الماضي، وبدأت قبل أيام الاستعدادات لغرفتها الثانية (مجلس النواب) فرصة جديدة للإصلاح السياسي، ولو بشكل تدريجي، لكن المشهد العام حتى الآن يشي بأنها فرصة مهدرة، لحقت ما سبقها من فرص مهدرة أيضا، مثل الحوار الوطني، أو لجنة العفو الرئاسي، أو حتى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان!! وكشفت عن إصرار النظام على المضي قدما في المزيد من السياسات القمعية في ظل أوضاع شديدة الالتهاب تحيط بمصر، تُعرّض أمنها القومي للخطر، وتتطلب توحيدا حقيقيا لجبهتها الداخلية.
يحلم الكثيرون في صفوف المعارضة داخل مصر بانفراجة سياسية، ويهللون لكل خطوة متناهية الصغر مثل الإفراج عن معتقل، أو الدعوة لحوار وطني، واستدعاء بعضهم للمشاركة فيه، أو حتى دعوة البعض لحفل عشاء بحضور السيسي. ولا يمكن لومهم على هذه الأحلام البسيطة، حيث لم يترك النظام فرصة لأحلام كبيرة مع فرضه لحالة الانسداد السياسي، والقمع الأمني، والصوت الواحد، وهذا وضع غير قابل للاستمرار، ويحتاج تضافر جهود كل المخلصين للمسارعة بالخروج منه.
ربما يعتقد البعض أن مرور 12 عاما على نظام الثالث من تموز/ يوليو كافية للانتقال من حالة الانغلاق السياسي والإعلامي إلى حالة من الانفتاح، والانفراجة السياسية، وحين نصب النظام سيرك الحوار الوطني ارتفعت الآمال بالحلحلة السياسية، ورغم أن الحوار لم يكن شاملا، إلا أنه قدم وصفة علاج لا تمثل إزعاجا كبيرا للنظام، فالمشاركون يتحاورون تحت سقفه، ويدركون المواءمات المطلوبة، وكان من بين توصياتهم تعديل قانون الانتخابات البرلمانية ليعتمد نظام القائمة الحزبية النسبية، بحيث تجد الأحزاب فرصا في التمثيل البرلماني حسب أوزانها الانتخابية، لكن السلطة رفضت هذه التوصية، وأصرت على تطبيق ما يعرف بالقائمة المطلقة، والتي تعني أن حصول قائمة على نسبة 50 في المئة من الأصوات + صوت واحد تفوز بكل المقاعد، في حين تخرج القائمة الحاصلة على أقل من 50 في المئة بصوت واحد من المولد بلا حمص، أي لا تحصل على أي مقعد برلماني.
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل عمدت السلطات لتكليف أحزاب الموالاة التابعة لها (4 أحزاب) لتشكيل ما يسمى بالقائمة الوطنية، يحصلون من خلالها على الغالبية العظمى من المقاعد، مع ترك بعض الفتات لأحزاب أخرى تقبل الانضواء تحت جناح تلك القائمة، وهو ما أحدث شقاقا داخل أحزاب المعارضة بين قبول، ورفض، ومقاطعة للانتخابات باعتبارها محض مسرحية هزلية جديدة.
إلى جانب القائمة المغلقة، ترك قانون الانتخابات مساحة للترشح الفردي، ويفترض أن تكون هذه المساحة فرصة لمنافسة حرة بين المرشحين، وبالذات من الأحزاب التي لم تستطع تشكيل قائمة، أو لم تقبل الانضواء تحت القائمة الوطنية، لكن السلطة لم تترك هذه المساحة أيضا، إذ أوعزت لأحزابها بترشيح منتسبيها في تلك الدوائر، مع ضمان مسبق بفوزهم، كما تركت السلطة الباب مفتوحا للمال الحرام، حيث أصبح البعض يشتري مقعد مجلس الشيوخ أو النواب بأسعار فلكية وصلت إلى خمسين مليون جنيه مصري (100 ألف دولار)، وحين اشتكى البعض من هذا الطلب تم استدعاؤه للتحقيق، بينما لم يتم استدعاء الأحزاب التي ارتكبت هذه الجريمة لأنها ببساطة من أحزاب السلطة.
لم يكن غريبا والحال كذلك أن تسيطر 4 أحزاب حديثة عهد بالسياسة على 90 في المئة من مقاعد مجلس الشيوخ، وفاز حلفاؤها الذين ترشحوا ضمن قائمتها بـ10 في المئة الباقية، وخرجت بقية الأحزاب والمستقلين صفر اليدين، وهو ما سيتكرر بالضرورة مع انتخابات مجلس النواب التي ظهرت مقدماتها المماثلة تماما لمقدمات مجلس الشيوخ، وأهمها هيمنة أحزاب الموالاة الأربعة على المشهد الانتخابي، وبالتبعية سيُنتج ذلك برلمانا مشوها، لم يصل نوابه إلى قاعته عبر نضال سياسي، أو حضور جماهيري، بل عبر قرارات سلطوية، ومال فاسد.
ولنتخيل هذا ذاك النائب الذي دفع 50 مليون جنيه ثمنا لمقعده البرلماني كيف ستكون أولوياته تحت القبة؟! المؤكد أنه لن يشعر بأي التزام تجاه دائرته الانتخابية لأنه اشترى المقعد بماله، والمؤكد أنه سيكون حريصا على تعويض ما دفع من أموال بطرق مختلفة مستغلا حصانته البرلمانية، وبالمحصلة فإننا سنكون -كما كنا من قبل- أمام مجلس لتقنين الفساد، والدفاع عنه لا مكافحته، أو محاسبة المسئولين عنه.
لنعد بالذاكرة إلى الوراء قليلا في انتخابات برلمان 2012، حيث جرت بكل حرية وشفافية، وتنافست فيها كل الأحزاب، وجرت فيها تحالفات انتخابية قوية، وأنتجت برلمانيا متنوعا من كل الاتجاهات، وكان بتركيبته تلك أقوى برلمان؛ لولا التآمر السريع عليه، وحله بقرار قضائي غريب بعد شهور معدودة من انعقاده، ومنذ ذلك الوقت جرت الانتخابات البرلمانية 3 مرات، لتأتي النتائج في كل مرة ببرلمان أسوأ مما سبقه.
كان من الممكن أن تصبح الانتخابات البرلمانية نافذة للإصلاح السياسي عبر السماح بحرية الترشح والتنافس، طالما أن النظام وأحزابه ومؤيدوه يشعرون بقوتهم! والتفاف الشعب حولهم! فقد كان ذلك سينعكس على نتائج التصويت! وفي الوقت نفسه كانت أحزاب المعارضة ستحصل على نصيب معقول من التمثيل البرلماني الذي يحيي البرلمان بعد موات، لكن ما حدث هو المزيد من الهيمنة والاستحواذ بقوة ونفوذ السلطة، وليس بقوة التصويت الانتخابي الحر، وهو ما ضاعف حالة الانسداد السياسي.
ورغم أن أنصار النظام يتباهون بموقفه الأخير في مفاوضات شرم الشيخ التي انتهت بوقف الحرب في غزة، ويدّعون أنها زادت من شعبيه النظام، فإن المؤكد أن هذه حالة عارضة ما تلبث أن تتبدد مع إعلان نتائج انتخابات البرلمان، ومع تطبيق المزيد من السياسات الاقتصادية المؤلمة، والزيادات الجديدة للأسعار، وبيع المزيد من أرض الوطن وفاء لديون فاسدة.
x.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الانتخابات البرلمانية مجلس الفساد فساد برلمان انتخابات مجلس قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات البرلمانیة مجلس الشیوخ المزید من فی المئة
إقرأ أيضاً:
مستقبل وطن في الصدارة.. حصص الأحزاب في مجلس الشيوخ بعد التعيينات
أظهرت النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 خريطة توزيع المقاعد بين الأحزاب السياسية، بعد حسم المقاعد بالنظامين الفردي والقائمة، إضافة إلى المعينين بقرار رئاسي، حيث بلغ إجمالي عدد أعضاء المجلس 300 عضوًا.
وجاء حزب مستقبل وطن في الصدارة بحصوله على 118 مقعدًا بواقع 60 على النظام الفردي، و44 بالقائمة، و14 بالتعيين، يليه حزب حماة الوطن بـ72 مقعدًا (25 فردي – 19 قائمة – 28 تعيين).
وحصدت الجبهة الوطنية 45 مقعدًا، ثم الشعب الجمهوري 14 مقعدًا، والعدل 5 مقاعد، والإصلاح والتنمية 5 مقاعد، بينما حصل حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي على 7 مقاعد، والوفد 6 مقاعد، والتجمع والمؤتمر 3 مقاعد لكل منهما.
كما نالت أحزاب الحرية، النور، إرادة جيل، السادات، المصريين الأحرار، العربي الناصري، الجيل، والوعي مقاعد محدودة تراوحت بين مقعد ومقعدين لكل حزب.
ووفق الحصر النهائي، شغل المستقلون 11 مقعدًا في التشكيل الجديد لمجلس الشيوخ، ليصبح التوزيع العام كالآتي:
100 مقعدًا بالنظام الفردي، 100 بنظام القائمة، 88 كادرا حزبيا بالتعيين، و12 كادرا مستقلًا.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
مجلس الشيوخ حصص الأحزاب في مجلس الشيوخ حزب مستقبل وطن انتخابات مجلس الشيوخ أخبار ذات صلةفيديو قد يعجبك:
إعلان
أخبار
المزيد المحتوى تضمن ألفاظًا إباحية.. الداخلية تعلن تفاصيل القبض على البلوجر "عُمرإعلان
مستقبل وطن في الصدارة.. حصص الأحزاب في مجلس الشيوخ بعد التعيينات
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
30 21 الرطوبة: 41% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك