موقع النيلين:
2025-07-29@08:16:22 GMT

حرب الخيارات المفتوحة وتفتيت الجنجويد

تاريخ النشر: 4th, April 2025 GMT

تمكّن حميدتي من توحيد عرب الساحل والصحراء ودرء صراعاتهم الداخلية بخلق “أرض الميعاد” التي تقع عند مقرن النهرين، وحّدت هذه الأرض الموعودة -صُحبة خطاب المظلومية العنصري- جميع مَن في نفسه حقد وطمع، حملوا السلاح الذي اتاهم بالأطنان المؤلفة، وجدوا سرباً من المبيوعة ذممهم يمجدونهم، يخبرونهم بأنهم المُنقِزون، يوارون سوء جرائمهم بل يشرعنون لها، لم يكن عليهم سوى السير قدماً بقدم من أجل الحصول على هذه الوليمة.

اليوم يركضون فوق جسر عرضه بضعة أمتار، تحفه المياه من الجانبين ومن خلفهم مِغوارون لا يثنيهم عنهم سوى الله، تحطمت كل أساطيرهم، تبددت كل أحلامهم، ويصحون الآن من سكرة هذه المغامرة البائسة، تاركين خلفهم “إخوتهم” في القتال والإجرام، تاركين منهوباتهم، أسلحتهم، بل أن البعض ترك أسرته التي وعدهم بتوطينهم في الخرطوم.

خسارة أرض الميعاد هذه هي مفتاح الإنتصار في المرحلة القادمة، فالعائدون اليوم عائدون على مبدئٍ قبليٍ بحت، يأخذون ما أعتطهم الدويلة من سلاح لا إلى قيادة الدعم السريع بل إلى قُراهم وأهاليهم، سيتحولون من قوة قبلية وحدت هدفها إلى ميليشيات مُتفرقة بين الحواكير، كلٌ منها يقول نفسي نفسي.

سيصير تحريكهم بين الولايات المتباعدة أمراً صعباً، وعمليات الهجوم ستصير أكثر تعقيداً، فكيف لهم أن يقنعوا من يريد مهاجمة الفاشر بأهمية الهجوم على الأبيض، وذلك الذي يريد أن يدافع عن قريته كيف لك أن تقنعه بأن يدافع عن قرية آخر كانت لهم مشاكل واختلافات ممتدة عبر السنين.

نظام التفرقة العنصرية في داخل الميليشيا، من توزيع السلاح، الرعاية الطبية وأخيراً التفضيل في “التعريد” ستخلق اختلافات تتغلغل في أواصر الميليشيا، فأرض الميعاد تحولت إلى مقبرة جماعية لكل من لم تسمح لهم القيادة بالهروب، بل أنها ألقت بهم إلى المحرقة لينجو ذوي القرابة بآل دقلو.

مَن عقِل من الميليشيا سيسلم إلى أقرب وحدة عسكرية بقواته كما فعل البعض في الأبيض اليوم، فالصراعات الداخلية للميليشيا ستقضي على الأخضر واليابس فيما بينهم، وتحولهم لجزر معزولة يملأوها القلق من الآخر، لذلك فإن التسليم للجيش يصير الباب الذي يُقدم أفضل خيارات البقاء.

يملك الجيش طيفاً واسعاً من الخيارات في إدارة المرحلة القادمة من الحرب، فعلى المستوى الحربي التكتيكي يملك الجيش مسارات افتراضية عديدة للتحرك تخلق كابوساً لوجستياً للميليشيا.

واستراتيجياً يملك الجيش العديد من الخيارات في طريقة إدارة المعركة تتفاوت في مداها الزمني، ويحكم كل هذه القرارات الأهداف السياسية:

قد يسعى الجيش إلى تفتيت الميليشيا تدريجياً بدون الدخول في معارك تؤدي إلى إفراغ ما تبقى من مخزون بشري للقبائل العربية عن طريقة ضرب نقاط حساسة تؤدي إلى زيادة ضعف وتباعد الميليشيا مما يدفع قياداتها المتعددة إلى الاستسلام والخضوع للدولة أحاداً.

أو يمكن للجيش خوض معارك كسر عظام، إما أن تؤدي إلى إعلان الدعم السريع الاستسلام أو الدخول في خسائر بشرية هائلة تُهدد وجود بعض المجموعات مستقبلاً، حرب أرض محروقة طاحنة تُغير طبيعة المنطقة إلى الأبد.

يوجد أيضاً خيار التفاوض، الجلوس مع بقية قادة الدعم السريع للوصول إلى إتفاقية تُفضي باستسلام الدعم السريع بمقابل إعفاءات أو ضمانات، ولو كانت قيادة الدعم السريع يهمها أمر مَن تُقاتل باسمهم حقاً فأجدر بهم أن يعلنوا استسلامهم.

هناك عدد من الخيارات الأخرى التي تتراوح في المدة الزمنية والتكلفة ومن الصعب التكهن بأي استراتيجية سيعمل بها الجيش، ولكن باستقراء وضع الجيش يمكن أن نقول بأن خيار تفتيت الميليشيا تدريجياً قد يكون مُرجحاً أكثر.

تغيرت كُل موازين القوى وقوانين فوضى الحرب بصورة تامة منذ السادس والعشرين من سبتمبر (العبور العظيم) ولكن المستقبل لا يبدو مُشرقاً لميليشيا الدعم السريع بأي حالٍ من الأحوال.
نصر الله قوات شعبنا المسلحة وثبت أقدامهم وسدد رميهم.
#حرب_السودان

Ahmed Elkhalifa

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

أطباء السودان: ارتفاع قتلى هجوم الدعم السريع على غرب كردفان إلى 27

الخرطوم- أعلنت شبكة أطباء السودان، الخميس 25 يوليو 2025، ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 27 قتيلا و43 جريحا، جراء هجوم قوات الدعم السريع على إحدى قرى ولاية غرب كردفان جنوبي البلاد.

وأفادت الشبكة الطبية (مستقلة) في بيان، "بارتفاع عدد ضحايا مجزرة منطقة ’بريمة رشيد’ إلى 27 قتيلا وإصابة 43 آخرين بجروح خطيرة إثر تجدد الهجوم الغادر الذي شنّته الدعم السريع على المنطقة شمال مدينة النهود بولاية غرب كردفان".

والأربعاء، أعلنت أطباء السودان مقتل 3 أشخاص وإصابة عشرات آخرين جراء هجوم لقوات الدعم السريع على قرية "بريمة رشيد" بولاية غرب كردفان.

وأضاف البيان اليوم: "طال الهجوم الاعتداء على المدنيين العزّل داخل منازلهم، من نساء وأطفال وشيوخ، في مشهد دموي يعيد إلى الأذهان أفظع الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية".

وأدان بـ"أشد العبارات هذه الجريمة النكراء"، وحمّل قيادة الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن الأرواح التي أُزهقت.

وأكد البيان أن "ما جرى في بريمة رشيد جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، تستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا".

وحتى الساعة 13:25 (ت.غ) لم يصدر أي تعليق من قوات الدعم السريع بهذا الخصوص.

ومنذ أيام تشهد ولايات كردفان الثلاث "شمال وغرب وجنوب" كردفان، معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بغرض السيطرة على الولايات الثلاث.

وفي الشهور الأخيرة، بدأت مساحات سيطرة "الدعم السريع" تتناقص بشكل متسارع في مختلف ولايات السودان لصالح الجيش، الذي وسّع نطاق انتصاراته لتشمل الخرطوم وولاية النيل الأبيض (جنوب).

أما في الولايات الـ16 الأخرى بالسودان، فلم تعد قوات الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان، وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، إضافة إلى أربع من ولايات إقليم دارفور الخمس.

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربًا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونًا، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدّرت دراسة أعدتها جامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفًا.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يقصف وقوة من “الدعم السريع” تغادر مدينة مهمة في كردفان
  • فارون من انتهاكات “الدعم السريع”.. مصرع وإصابة 27 نازحا من الفاشر
  • إعادة دفن جثامين من “الدعم السريع” في الخرطوم
  • منشق عن “الدعم السريع” يكشف معلومات خطيرة
  • الاتفاق الذي انقلب على صاحبه، كيف تحولت مبادرة الجيش لأداة ضده
  • جامعة الدول العربية: نُدين إعلان ائتلاف سوداني مرتبط بقوات الدعم السريع عن تشكيل حكومة موازية
  • السودان يدين إعلان الدعم السريع حكومة موازية
  • الناطق الرسمي باسم الجيش..حكومة الميليشيا محاولة بائسة لشرعنة مشروعهم الإجرامي
  • الدعم السريع يعلن تشكيل حكومة موازية في السودان
  • أطباء السودان: ارتفاع قتلى هجوم الدعم السريع على غرب كردفان إلى 27