في خطوة جريئة تؤكد بها Meta استمرارها في سباق الذكاء الاصطناعي، كشفت الشركة، بشكل غير تقليدي عن مجموعة Llama 4 الجديدة من نماذج الذكاء الاصطناعي، والتي تشمل Llama 4 Maverick، Llama 4 Scout، و Llama 4 Behemoth "قيد التدريب حتى الآن.

تقول Meta إن هذه النماذج دربت على "كميات ضخمة من البيانات النصية، والصور، ومقاطع الفيديو غير المصنفة"، مما يمنحها "فهمًا بصريًا واسع النطاق".

منافسة شرسة مع DeepSeek الصينية

يبدو أن إطلاق Llama 4 جاء كرد فعل مباشر على النجاح المتزايد لنماذج DeepSeek الصينية مفتوحة المصدر، مثل R1 وV3، التي أثبتت كفاءة عالية وأداءً يعادل أو يفوق نماذج Llama السابقة. 

ووفقًا للتقارير، أطلقت Meta "غرف طوارئ" لفهم كيف نجحت DeepSeek في تقليل تكاليف تشغيل وتوزيع هذه النماذج.

وثائق تكشف: Meta تتفق على مشاركة الأرباح مع مضيفي نماذج الذكاء الاصطناعي Llamaالنماذج متوفرة لكن بشروط

أصبح كلا من Scout وMaverick متاحين الآن عبر Llama.com ومن خلال شركاء Meta مثل منصة Hugging Face، أما Behemoth لا يزال قيد التدريب.

فيما تم تحديث مساعد Meta AI الذكي ليستخدم Llama 4 في 40 دولة، بما في ذلك تطبيقات مثل واتساب، وإنستجرام، وماسنجر، لكن الخصائص متعددة الوسائط متاحة فقط داخل الولايات المتحدة وبلغة إنجليزية حاليًا.

ومع ذلك، يمنع المستخدمون والشركات الموجودة داخل الاتحاد الأوروبي من استخدام أو توزيع هذه النماذج، نتيجة لقيود تنظيمية تتعلق بالخصوصية والذكاء الاصطناعي فرضها الاتحاد. 

كما يتوجب على الشركات التي تضم أكثر من 700 مليون مستخدم نشط شهريًا الحصول على ترخيص خاص من Meta، التي تحتفظ بحق الموافقة أو الرفض.

Llama 4  بداية عصر جديد من الكفاءة

تعد Llama 4 أول مجموعة تستخدم بنية تُعرف باسم Mixture of Experts (MoE)، والتي تُقسم عمليات المعالجة إلى مهام فرعية تُسند إلى نماذج فرعية متخصصة تُعرف باسم "الخبراء"، مما يُحسن الكفاءة في التدريب والاستجابة.

على سبيل المثال يحتوي Maverick على 400 مليار معلمة إجمالية، لكن يتم تفعيل 17 مليار معلمة فقط موزعة على 128 خبيرًا، اما Scout فيحتوي على 109 مليار معلمة إجمالية، مع 17 مليار معلمة نشطة فقط و16 خبيرًا.

فيما تظهر اختبارات Meta أن Maverick يتفوق على نماذج مثل GPT-4o من OpenAI وGemini 2.0 من Google في اختبارات متعددة، تشمل الترميز، والاستدلال، والتعامل مع لغات متعددة، وتحليل الصور. 

لكنه لا يتفوق على النماذج الأحدث مثل Gemini 2.5 Pro، أو Claude 3.7 Sonnet من Anthropic، أو GPT-4.5.

أما Scout، فيتميز بقدرات قوية في تلخيص المستندات والتعامل مع الأكواد المعقدة، ويمتلك نافذة سياقية ضخمة تصل إلى 10 ملايين رمز (Token)، مما يُمكّنه من تحليل مستندات ضخمة للغاية وحتى الصور.

 ويمكن تشغيله باستخدام وحدة GPU Nvidia H100 واحدة، في حين يتطلب Maverick نظام DGX كامل.

Behemoth الوحش القادم

أما النموذج الثالث، Behemoth، فيُعد الأضخم على الإطلاق. وفقًا لـMeta، يحتوي على 288 مليار معلمة نشطة و 16 خبيرًا، و ما يقارب تريليوني معلمة إجمالية.

ويظهر أداءً يفوق GPT-4.5، وClaude 3.7 Sonnet، وGemini 2.0 Pro في اختبارات المهارات الرياضية والاستنتاج، لكنه لا يتفوق بعد على Gemini 2.5 Pro.

تغيير في السياسات: Llama 4 أقل تحفظًا في الردود

أحد الجوانب المثيرة في Llama 4 أن Meta صمّمته ليكون أقل تحفظًا في التعامل مع الأسئلة الجدلية. فعلى عكس الإصدارات السابقة، أصبح Llama 4 قادرًا على الرد على موضوعات سياسية واجتماعية مثيرة للجدل بمزيد من التوازن وبدون إصدار أحكام.

وأوضح متحدث باسم الشركة لموقع TechCrunch:"يمكنك الاعتماد على Llama 4 للحصول على ردود دقيقة ومفيدة دون إصدار أحكام، نحن نعمل على جعله أكثر تجاوبًا مع مختلف وجهات النظر".

ويأتي هذا التغيير بالتزامن مع انتقادات من شخصيات سياسية أميركية بارزة، مثل إيلون ماسك وديفيد ساكس، الذين اتهموا نماذج الدردشة الذكية بالتحيز ضد الآراء المحافظة.

هل هناك نموذج للتفكير المنطقي؟

رغم التقدم الكبير، فإن Llama 4 لا يُصنّف كنموذج "تفكير منطقي" (Reasoning model) مثل o1 وo3-mini من OpenAI، وهي النماذج التي تتحقق من صحة إجاباتها قبل الرد. هذه النماذج أكثر دقة لكنها أبطأ في الأداء.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المزيد الذکاء الاصطناعی هذه النماذج

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي وعصر الفراغ القادم

مؤيد الزعبي

عندما يصبح الذكاء الاصطناعي هو المهيمن والمحرك الأساسي للاقتصاد، ومع تحوّل اقتصادنا تدريجيًا إلى اقتصاد بلا بشر، سنصل في نهاية المطاف إلى عصر من الفراغ، فراغ لا يشبه البطالة التي عرفناها سابقًا، بل هو فراغ وجودي، حيث لا دور نؤديه ولا حاجة لنا في عجلة الإنتاج بعد أن كنا منهمكين في اللهاث اليومي بين العمل والمسؤوليات، سيصبح الوقت متاحًا بشكل ممل، أكثر مما يُحتمل، وفي خضم هذا التغيّر العميق تُطرح أسئلة جوهرية: ما الذي يعطي حياتنا المعنى إذا لم نعد ننتج؟ ماذا سيحدث للعلاقات الاجتماعية عندما تُنتزع الحاجة للعمل الجماعي؟ وما هو مصير الطبيعة البشرية التي تشكّلت عبر آلاف السنين في بيئة من التحدي والبقاء والكدّ والتعب؟

عزيزي القارئ بعد هذه المقدمة يبرز الآن السؤال الأهم هل الفراغ الوجودي: نعمة أم لعنة؟ لطالما حلمنا نحن البشر بزمن لا نضطر فيه للعمل لنكسب قوت يومنا، لكن لم نكن نتصور أن ذلك قد يتحقق على يد "عقل" غير بشري وأقصد هنا الذكاء الاصطناعي أو حتى الروبوتات، ومع تحقق هذا الحلم يتضح أنه أقرب إلى كابوس وجودي، صحيح أنه في عصر الذكاء الاصطناعي سنتحرر نحن البشر من عبء الوظيفة، لكن هذا سيفقدنا الإحساس بالقيمة الذاتية المرتبطة بالعطاء والإنجاز.

في هذا السيناريو سيصبح الفراغ قاتلًا ليس لأنه مجرد وقت زائد، بل لأنه وقت بلا معنى، وبلا غاية، فالفراغ ليس فقط غياب العمل، بل غياب الحاجة إلينا وحين يشعر الإنسان بأنه غير "مطلوب"، يبدأ بالانحدار في شعور باللاجدوى، وقد يتحول هذا الشعور إلى قلق أو اكتئاب أو حتى إلى موجات من العنف الذاتي أو الاجتماعي، هل أنت متخيل كيف سيكون الفراغ قاتلًا ومرعبًا.

إذا أردنا أن نفهم الأمر بشكل أدق فعلينا أن نتفق بأن العمل بالنسبة لنا سواء وظيفة أو ريادة أعمال أو حتى حرفة لم يكن فقط مصدر دخل، بل كان أيضًا نسيجًا اجتماعيًا يربط بين الناس، علاقات وصداقات تنشأ في مواقع العمل وتصبح أنت جزءا من عائلة أو مجتمع أكبر تتشارك معهم تقريبًا نفس الظروف، وتتعاون معهم وتبني ثقة، وحتى تحديات العمل ومشقته تُشعرك بأن هناك تحديا وإنجازا، وفي غياب ذلك تتعرض العلاقات الاجتماعية للتآكل، وسنصبح نعاني الوحدة والفراغ القاتل.

الأمر أوسع وأعقد من بيئة العمل، فعندما يعتمد كل فرد على آلاته الذكية لتلبية حاجاته، سيقل الاحتكاك البشري، تخيّل مجتمعًا غارقًا أفراده في عزلة افتراضية، يتحدثون إلى مساعدات رقمية أكثر مما يتحدثون إلى بعضهم البعض، يشكون همومهم ومشاكلهم لبرمجيات لا تحس ولا تعقل، وبالنسبة لي لا أستبعد أن يصبح "الذكاء الاجتماعي" مهارة نادرة قد تكون فريدة في مجتمع يعاني ويعيش العزل كعادة جماعية لا مهرب منها.

الطبيعة البشرية مبنية على التطور من خلال التحدي، فمنذ أن كنا صيادين وجامعي ثمار في عصورنا الحجرية والجليدية شكلت الحاجة دافعًا للنمو والتطور، وحتى في العصور الحديثة فالمنافسة والمعاناة كانتا وقودًا للإبداع والاختراع، وبالتالي في عصر يزال فيه التحدي، ويقل فيه الضغط تتآكل هذه الطبيعة، ويصبح الإنسان لا دافع له لا للتطور ولا للتطوير وبالتالي الفراغ الذي نحلم فيه سيكون كابوسًا لا يمكن التعايش معه.

ربما تساءلت في سطور سابقة عن سؤال مهم، ولكن الآن أتساءل تساؤلًا فلسفيًا، هل نستطيع نحن البشر التكيّف مع عالم بلا حاجة وبلا ألم وبلا نقص، أم أننا سنعيد خلق المعاناة لأننا لا نستطيع العيش دونها؟ وما أخاف منه حقيقة أن تظهر أنماط جديدة من "التحديات المصطنعة" مثل الألعاب الافتراضية أو الرحلات الفضائية أو حتى خلق معاناة بوسائل تقنية خداعة، وتبقى ما هي إلا محاولات للهرب من الواقع الجديد: واقع بلا ضرورة حقيقة محفزة، صحيح أن المعاناة صعبة وأن العمل فيه مشقة، ولكن الفراغ أصعب من كل هذا، ومهما حاولنا خداع أنفسنا إلا أن طبيعتنا البشرية ستعاني وستجعلنا نعاني حال غيابها.

 

قد يقول قائل بأنه لن يكون أمامنا إلا خيار واحد؛ إعادة تعريف الإنسان، فالبعض يرى أنه لم يعد الإنسان ذلك الكائن المنتج، بل عليه أن يصبح كائنًا مُتأملًا، مبدعًا، ولكن أنا شخصيًا ضد هذا التوجه، فذلك سيتطلب تحولات ثقافية وفلسفية عميقة لا يمكن المراهنة عليها خصوصًا وأن الذكاء الاصطناعي سيتوفق علينا في الإبداع والتأمل، وبالتالي لن يكون لنا مكان في ذلك حتى، ولذلك نحن فعلًا أمام معضلة أنصاف الحلول بها كارثة.

 

الحديث عن عصر ما بعد العمل ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة واقعية علينا الاستعداد لها، فالذكاء الاصطناعي لن يسلبنا فقط وظائفنا، بل سيفرض علينا مراجعة تعريفنا لذواتنا، فهل نكون حين لا نعمل، وهل نستطيع أن نحب، ونتفاعل، وننتمي في غياب الحاجة؟ أشك في ذلك، عزيزي القارئ، ما يبدو في الظاهر تحررًا، قد يكون أعظم اختبار لإنسانيتنا عندما يصبح الفراغ سمًّا قاتلا يهدد وجودنا، ولا تسألني عن الحل فالحل قد يكون صعبًا، ولكن ما هو مهم أن نبني ذكاء اصطناعيا هدفه الأساسي دمج البشر لا إقصاؤهم حينها ربما يكون الفراغ مساحة إضافية لحياتنا نشكل من خلالها توازنًا لعلاقاتنا ولإبداعاتنا، بدلًا من جعل الفراغ قاتلًا لإنسانيتنا وهادمًا لبشريتنا.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام المأزوم
  • الذكاء الاصطناعي وعصر الفراغ القادم
  • شريحة شبكات جديدة من برودكوم تزيد قوة مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي.. 344 مليار دولار انفاق الشركات في عام واحد
  • «مجمع الملك سلمان العالمي» يطلق تقرير النصف الأول لمؤشر «الذكاء الاصطناعي»
  • "العمران" تطلق قافلة عروض السكن لمغاربة العالم تجوب 10مدن على مدى 20 يوما
  • إنفاق شركات التكنولوجيا الـ4 الكبار على الذكاء الاصطناعي تخطى 155 مليار دولار هذا العام
  • ميتا تعتزم استثمار 72 مليار دولار في بنية الذكاء الاصطناعي خلال 2025
  • «شفافية» الذكاء الاصطناعي بالاتحاد الأوروبي تدخـل حيـز التنـــفيذ
  • جوجل تطلق النموذج الأحدث للذكاء الاصطناعي