من دير ياسين إلى تيتانيك.. محطات مفصلية في الأسبوع الثاني من أبريل
تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT
وكانت مجزرة دير ياسين ضمن مجموعة من الأحداث التاريخية البارزة التي حدثت في أبريل/نيسان، وتركت بصمات عميقة في الذاكرة الإنسانية، واستعرضها برنامج "في مثل هذا الأسبوع" في حلقته بتاريخ (2025/4/13).
وتناولت الحلقة 3 أحداث أخرى شكلت منعطفات تاريخية مهمة، وهي: استشهاد مراسل قناة الجزيرة طارق أيوب خلال الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وإعلان إيران نجاحها في تخصيب اليورانيوم عام 2006، وكارثة غرق سفينة تيتانيك عام 1912.
ووقعت مجزرة دير ياسين في التاسع من أبريل/نيسان 1948، حين هاجمت عصابتا الأرغون وشتيرن الصهيونيتان القرية الفلسطينية الصغيرة التي لم يتجاوز عدد سكانها 750 نسمة.
وحدث ذلك بعد يوم من استشهاد القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني في معركة القسطل، رغم توقيع أهالي القرية اتفاقية سلام مع رؤساء المستوطنات اليهودية قبل أسبوعين فقط.
وأثبتت شهادات وروايات الفظائع التي ارتكبت بحق سكان القرية، حيث قُتل أكثر من ثلث سكانها وهُجّر الباقون، وشكلت المجزرة حدثا فاصلا في تاريخ النكبة الفلسطينية، حيث استخدمتها الدعاية الإسرائيلية لبث الرعب في نفوس الفلسطينيين لتسهيل احتلال القرى الفلسطينية الأخرى.
وفي مفارقة صادمة تولى مناحيم بيغن وإسحاق شامير، قادة العصابات المسؤولة عن المجزرة، لاحقا منصب رئيس وزراء إسرائيل، بل إن بيغن حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1978.
إعلان
استهداف مكتب الجزيرة
وانتقل البرنامج بعد ذلك إلى حادثة استشهاد مراسل قناة الجزيرة طارق أيوب في الثامن من أبريل/نيسان 2003، إثر قصف الطيران الأميركي لمكتب قناة الجزيرة في بغداد خلال غزو العراق.
وقصف المكتب بعد أقل من 3 أسابيع من بدء الغزو الأميركي للعراق، في وقت كانت فيه قناة الجزيرة تقوم بدورها المهني في نقل صورة ما يجري على الأرض، وكانت تتعرض لانتقادات من مسؤولين أميركيين وبريطانيين بسبب عرضها صور قتلى أميركيين وبريطانيين وأسرى قوات الغزو.
وأكد تقرير نشرته صحيفة "الديلي ميرور" البريطانية أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش أطلع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير سنة 2004 على خطة لقصف مقر قناة الجزيرة وبعض مكاتبها في الخارج، ما يرجح فرضية أن استهداف مكتب الجزيرة كان متعمدا.
نووي إيران
وشكل إعلان الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد في 11 أبريل/نيسان نجاح بلاده في تخصيب اليورانيوم واستكمال دورة الوقود النووي لأغراض سلمية، أبرز أحداث الشهر التي حدثت عام 2006، لتصبح إيران ثامن دولة في العالم تمتلك تقنية تخصيب اليورانيوم منخفض المستوى.
ومثل هذا الإعلان تحديا كبيرا للبيت الأبيض، حيث هدد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش باتخاذ إجراءات فعالة ضد إيران إذا استمرت في برنامجها النووي، في حين أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية أن بلاده لن تسمح لطهران بامتلاك التكنولوجيا اللازمة لإنتاج أسلحة نووية.
وتطور هذا الخلاف لاحقا مع انهيار الاتفاق النووي الإيراني عقب انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018 خلال فترة رئاسة دونالد ترامب السابقة، وأفادت وكالة رويترز في فبراير/شباط 2023 بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية عثرت على يورانيوم مخصب بنسبة 84% في إيران.
كارثة تيتانيك
وظلت كارثة غرق سفينة تيتانيك في 14 أبريل/نيسان 1912، بعد 4 أيام فقط من انطلاقها من ميناء ساوث هامبتون في إنجلترا متجهة نحو نيويورك، حدثا تاريخيا مهما خلال الشهر، حيث تسبب جبل جليدي في غرقها، في أول رحلة بحرية لها.
إعلانوكانت السفينة العملاقة التي بلغ طولها 269 مترا ووزنها 52 ألف طن، تجري في مياه المحيط الأطلسي بسرعة قصوى بلغت 22 عقدة (نحو 41 كيلومترا/ساعة)، رغم تلقيها 4 تحذيرات على الأقل من خطورة المنطقة المعروفة بكتلها الجليدية الضخمة.
وعرض البرنامج تفاصيل اصطدام السفينة بالجبل الجليدي وكيفية غرقها، مشيرا إلى أن عملية الإنقاذ تمت بشكل طبقي حيث أعطيت الأولوية للأثرياء، في حين تُرك العمال محبوسين في غرف السفينة الداخلية ليكونوا أول الغرقى، وهذا أسفر في النهاية عن مقتل أكثر من 1500 شخص.
الصادق البديري13/4/2025-|آخر تحديث: 13/4/202503:39 م (توقيت مكة)المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قناة الجزیرة أبریل نیسان
إقرأ أيضاً:
هل ستخوض الولايات المتحدة حربًا ضد إيران؟ اسألوا سارية العلم!
ترجمة: بدر بن خميس الظفري -
هل ستخوض الولايات المتحدة حربًا ضد إيران؟ لنسأل دونالد ترامب، ذلك «الكرة السحرية البشرية» التي تجيب على الأسئلة بشكل عشوائي.
في بعض الأحيان، تشير العلامات إلى «نعم». ففي اجتماع بالمكتب البيضاوي بعد ظهر الأربعاء، قال الرئيس: «قد نضطر إلى القتال... نحن نسعى إلى نصر كامل وشامل»، وكأن الهجوم الأمريكي بات وشيكًا.
وفي أوقات أخرى: «لا تعوّل على ذلك». ففي الجلسة ذاتها، أشار ترامب إلى أنه يفكر في دعوة القادة الإيرانيين إلى البيت الأبيض للتفاوض: «سنرى. ربما أفعل ذلك».
أما في معظم الأحيان؟ فالإجابة غامضة، جرب مرة أخرى.
سألته مراسلة (سي. إن. إن) كايتلان كولينز «هل يعني ذلك أنك لم تتخذ قرارًا بعد بشأن ما ستفعله؟». رد ترامب قائلًا: «لدي أفكار بشأن ما يجب فعله»، وأضاف وفقًا لمبدئه المعروف بـ «مفهوم الخطة»، «لكنني أحب اتخاذ القرار النهائي قبل لحظة واحدة فقط من موعده».
مرتبك؟ من الطبيعي أن تكون كذلك.
قد يشعر الأمريكيون بالقلق عندما يعلمون أن رئيسهم يتخذ قرار الحرب والسلام بناءً على نزوة لحظية. لكن تصريحاته العلنية خلال الأسبوع الماضي تشير إلى أنه يعتمد بدرجة كبيرة على مستشاره الجديد للأمن القومي، الجنرال «نزوة».
فبعد أن شنت إسرائيل غارات جوية على إيران، سارع ترامب إلى التصريح: «الولايات المتحدة لم تشارك في الهجوم على إيران». وبعد يومين، بدأ ينسب الفضل لنفسه في الهجوم، قائلاً إن بلاده تسيطر كليًا على الأجواء الإيرانية، ومشيرًا إلى أن «الأسلحة الأمريكية» هي من حققت النجاح الإسرائيلي. وبحلول الأربعاء، بدأ يوحي بأنه هو من أعطى الأمر بالهجوم: «قلت: لننطلق»!
وخلال فترة لا تتجاوز 24 ساعة، غيّر ترامب موقفه من إيران مرتين. صباح الإثنين، قال في قمة مجموعة السبع في كندا إن اتفاقًا نوويًا مع إيران «ممكن». وبعد ثماني ساعات، حذر سكان طهران البالغ عددهم 9.7 مليون نسمة من ضرورة «الإخلاء الفوري». وعندما سُئل في اليوم التالي إن كان هذا يعني أن الحرب باتت وشيكة، قال: «لا، إطلاقًا. أريد فقط للناس أن يكونوا بأمان».
أي أسئلة أخرى؟
لو حاولنا تتبع تسلسل تصريحات ترامب المضطربة، فسنجد ما يلي:
في الأيام الأولى بعد الهجوم، كتب أن لدى إيران «فرصة ثانية» للتفاوض، مضيفًا أن إيران وإسرائيل «ستتوصلان إلى اتفاق»، وأن هناك «مكالمات واجتماعات كثيرة جارية الآن».
ولكن بعد بضعة أيام، أنكر بغضب تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن وجود عرض لوقف إطلاق النار، قائلاً: «إيمانويل دائمًا يخطئ»، مضيفًا: «لم أتواصل مع إيران من أجل مفاوضات سلام بأي شكل من الأشكال».
ومع تقدم الأسبوع، ازداد خطاب ترامب عدوانية، وبدأ يهدد بأن بلاده تعرف «مكان اختباء ما يسمى بالمرشد الأعلى»، وأن «صبرنا بدأ ينفد». ثم أتبع ذلك بتغريدة كتبها بأحرف كبيرة: «استسلام غير مشروط!» ظهر الثلاثاء.
لكن في صباح الأربعاء، عاد إلى نبرة التهدئة، قائلاً: «لا شيء فات أوانه»، و»لا شيء قد انتهى». وأوضح للصحفيين أنه قدم لإيران «الإنذار النهائي»، ولكنه عندما سُئل عما يتضمنه ذلك، قال: «آه، لا أريد أن أقول».
واختصر تفكيره في مهاجمة إيران بجملة: «قد أفعلها، وقد لا أفعلها. أعني، لا أحد يعرف ما سأفعله». حتى ترامب نفسه، على ما يبدو، لا يعلم. وفي ظهر الخميس، أرسلت سكرتيرته الصحفية لتقول إنه سيتخذ قراره «خلال الأسبوعين القادمين».
حتى في الشؤون الداخلية، لا شيء ثابت. الأسبوع الماضي، أمرت إدارة ترامب وكالة الهجرة والجمارك بالتراجع عن حملات مداهمة المهاجرين في القطاعات الزراعية والسياحية، وذلك بعد اعتراض رجال الأعمال. وبدلاً من ذلك، أمر ترامب الوكالة باستهداف المهاجرين في «المدن الكبرى مثل لوس أنجلوس وشيكاغو ونيويورك»، والتي وصفها بأنها «معاقل الديمقراطيين».
لكن بعد غضب مؤثري حركة «لنجعل أمريكا عظيمة من جديد» من تراجع خطط ترحيل عمال المزارع والمطاعم، تراجعت الإدارة عن القرار بعد ثلاثة أيام فقط.
كل ذلك يمكن تسميته بأسلوب «فلنرفعه على سارية العلم» في اتخاذ القرارات التنفيذية. وربما لهذا السبب أقام ترامب ساريتين بارتفاع 88 قدمًا في أراضي البيت الأبيض هذا الأسبوع. وقال: «هذه أفضل السواري المصنوعة، فهي طويلة ومدببة ومقاومة للصدأ والحبل بداخلها، ومن أعلى جودة».
وبينما كان العالم يترقب يوم الأربعاء ما إذا كان ترامب سيجر البلاد إلى الحرب، دعا الصحفيين إلى الحديقة الجنوبية لمشاهدته وهو يراقب رفع السارية بواسطة رافعة، لمدة 45 دقيقة.
وخلال ذلك، سأل الصحفيون عن إيران والصين وكندا وخلافه مع كاليفورنيا، لكنه كان يعود دائمًا للحديث عن ساريتيه.
قال عن السارية: «هذه من أجمل ما سترون»، و»في دورال (مدينة في كاليفورنيا)، وضعتها بالقرب من المبنى. دائماً تبدو أفضل وهي قريبة»، و»لدي سارية مماثلة في مارالاغو (مدينة في فلوريد)»، و «هذا أحدث وأعظم ما لدينا».
في ظل هذه الفوضى، يبدو أن البلاد والعالم يسيران نحو الهاوية. إسرائيل وإيران تتبادلان الضربات الصاروخية، وروسيا تقصف كييف بشكل لم يسبق له مثيل، وفي مينيسوتا، أقدم متطرف يميني على قتل قائدة ديمقراطية في المجلس النيابي وزوجها، وأصاب نائبًا آخر وزوجته، وكان يحتفظ بقائمة اغتيالات تشمل شخصيات سياسية ليبرالية.
وما يزيد الطين بلة، أن ترامب لا يزيد الأمور إلا فوضى. فرغم إدانته للهجوم في مينيسوتا، قال إنه لن يتصل بحاكم الولاية لأنه «مختل تمامًا» و»شخص فاشل» و»عديم الكفاءة».
كما ترك قمة مجموعة السبع فجأة، قائلاً إنه يريد العودة إلى واشنطن بسبب «عدم إيمانه بالهواتف»، وذلك بعد أيام فقط من إطلاق شركته لهاتف «ترامب موبايل».
وأسهم في شهر مليء بالفوضى، فقد حشد الحرس الوطني والمارينز لقمع احتجاجات لوس أنجلوس، وأحدث شجارا مع إيلون ماسك، وأقام استعراضا عسكريّا يوم عيد ميلاده، وأصدر أوامر بتوقيف نواب ديمقراطيين بالقوة، وهناك ارتباك في الشأن الاقتصادي، حيث انخفضت تصاريح البناء والمبيعات، وارتفع التضخم، بينما فشل في إجبار رئيس الاحتياطي الفيدرالي على خفض الفائدة.
حتى أن حلفاءه بدأوا بالتذمر، فستيف بانون تساءل «ما الذي يجري؟» واتهم «الدولة العميقة». فيما سخر تاكر كارلسون من السيناتور تيد كروز، واتهم حلفاء ترامب بـ «دفعه نحو الحرب». فيما دافعت مارجوري تايلور غرين عن تاكر، وقالت لترامب: «هذا ليس جنونًا».
ومع ذلك، واصل ترامب الادعاء بأن أنصاره «يحبونه اليوم أكثر من يوم الانتخابات»، وعندما سُئل عن تصريح مدير الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد بأن «إيران لا تطور سلاحًا نوويًا»، قال: «لا يهمني ما قالته».
وعرض ترامب رسالة من مايك هاكابي قال فيها: «أعتقد أن السماء ستنبئك ما يجب فعله بشأن إيران». بينما وصفت متحدثة الخارجية الأمريكية ترامب بأنه «اليد الهادية الوحيدة» و «أفضل صانع صفقات في العالم».
لكن هذه «اليد الهادية» بدأت تفقد السيطرة في مجلس الشيوخ، حيث أبدى الجمهوريون اعتراضات على مشروع خفض الضرائب والإنفاق، مشيرين إلى أنه «سيواجه صعوبات كبيرة» وقد «يفشل». لذا، لجأ حلفاؤه في المجلس إلى تحويل الأنظار، فعقدوا جلسة تحقيق في لجنة القضاء لمهاجمة إدارة بايدن بوصفها «بلا قيادة». لكن الجلسة كانت مكرسة لبحث مزاعم «تدهور القدرات العقلية» للرئيس السابق بايدن.
وخلال ذلك، وقف ترامب في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض بجانب سواريه، يتحدث عن جمالها وأناقتها... والحرب تطرق الأبواب.
دانا ميلبانك كاتب مقالات رأي في صحيفة واشنطن بوست، يغطّي البيت الأبيض والكونغرس. وهو مؤلف لخمسة كتب سياسية، أحدثها «حمقى فوق التل».