"ضمانات وقف الحرب" مفتاح نجاح "مفاوضات غزة".. وهذا ما جرى في اجتماعات القاهرة
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
◄ وقف الحرب والانسحاب الكامل شرطان أساسيان لدى المقاومة في التفاوض
◄ "حماس" تقدم بادرة خاصة للإدارة الأمريكية مقابل ضمانة استكمال مراحل الاتفاق ووقف الحرب
◄ المقاومة تؤكد استعدادها للتنازل عن إدارة القطاع وترفض نزع السلاح نهائيا
◄ رد إسرائيل يتضمن هدنة لـ55 يوما ونزع سلاح المقاومة والتنازل عن إدارة القطاع
◄ اجتماعات القاهرة بحثت تفعيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة القطاع
◄ "حماس" تجدد موافقتها على الخطة المصرية التي اعتمدتها القمة العربية حول إدارة القطاع
الرؤية- غرفة الأخبار
بعدما أعلنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التعامل بجدّية ومرونة عالية مع المقترحات التي يقدمها الوسطاء في قطر ومصر، والتوافق مع المقترح الذي قدمته القاهرة مؤخرا، تأتي "ضمانات وقف الحرب" لتكون كلمة السر لنجاح هذه المفاوضات والتوصل إلى صفقة.
وفي جولة المفاوضات بالقاهرة، أكدت حركة "حماس" خلال اجتماعات القاهرة مع مسؤولين كبار عن ملف الوساطة من مصر وقطر أنها "لا مشكلة لديها في عدد الأسرى الذين سيُفرج عنهم، وأنها منفتحة على إطلاق سراح عدد متفق عليه بما يضمن إنهاء الحرب، وانسحاب القوات الإسرائيلية من كل مناطق قطاع غزة".
ولقد أبلغت الحركة الوسطاء خلال لقاءات في القاهرة أنها "لا تمانع الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير لديها الذي يحمل أيضاً الجنسية الأمريكية، عيدان ألكسندر، بمثابة بادرة خاصة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب"، وذلك بحسب تصريحات مصادر مسؤولة لـ"الشرق الأوسط".
وقالت المصادر، إن تلك الخطوة "مقابل إعلان إطار عمل أولي لوقف إطلاق النَّار لمدة تقارب أو تزيد على الخمسين يومًا، وبضمانة أن تكون هناك مرحلة ثانية تتضمّن إنهاء الحرب بشكل كامل".
وأوضحت المصادر أن الاجتماعات "ناقشت الرد الإسرائيلي على مقترح مصر للهدنة"، مشيرة إلى أن حكومة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو "طالبت بإطلاق سراح 10 أسرى، إلى جانب عدد مماثل من الجثث، وأن يكون وقف إطلاق النار بين 45 و55 يوماً، مع نزع سلاح حماس وتأكيد تنازلها عن إدارة القطاع".
وكان المطروح من مصر قبل الاجتماعات، هو الإفراج عن 9 أسرى، منهم 5 تطالب إسرائيل بالإفراج عنهم ضمن مفاتيح المرحلة الأولى.
ووفق المصادر فإنَّ وفد "حماس" أكد أنه "لا مشكلة لدى الحركة في التنازل عن إدارة القطاع، لكنه تشبث بأنه لا تنازل عن سلاح المقاومة، أو القبول بنزعه نهائيا".
وأكدت المصادر أنه "جرى بحث قضية تفعيل لجنة الإسناد المجتمعي التي ستقوم بإدارة أوضاع قطاع غزة مؤقتاً، لحين تولي الحكومة الفلسطينية في رام الله مسؤولياتها بشكل كامل"، مبينة أنَّ وفد حماس أكد للوسطاء مجدداً أنه "لا مانع لديها من أن يكون مسؤول اللجنة وزيراً من الحكومة الحالية في الضفة الغربية، وجدّد تأكيد موافقة الحركة على الخطة المصرية التي اعتمدتها القمة العربية بهذا الشأن".
وبحسب المصادر فإن تطابقاً حدث في اجتماعات القاهرة بين مقترحات إسرائيل أو الوسطاء بدعم من الولايات المتحدة بشأن أن يتضمن الاتفاق "بدء انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي دخلها منذ خرقه الهدنة السابقة، والعودة إلى المواقع التي كان عليها في الثاني من مارس الماضي".
طرح مبدئي حول انسحاب إسرائيل من المناطق التي سيطرت عليها بعد خرق الهدنة
ووفق المطروح مبدئياً في اجتماعات القاهرة من الوسطاء، فإن هناك فكرة تتضمّن "أن تبدأ خلال اليوم الثالث من وقف إطلاق النار بمرحلته الأولى، مفاوضات حول استكمال الانسحاب ومفاتيح وشروط تبادل الأسرى، والترتيبات المتعلقة باليوم التالي للحرب، والوقف الدائم لها".
وأوضحت المصادر أنَّ الوسطاء أكدوا أنه في حال تنفيذ الخطوة السابقة فإنها ستتضمن أيضاً "تسليم معلومات تفصيلية عن كل الأسرى الإسرائيليين، في حين تقدّم تل أبيب معلومات عن جميع الأسرى الفلسطينيين الموجودين لديها بالتفصيل الكامل حول حالتهم وأماكن احتجازهم".
لكن المصادر تقول إنَّ إسرائيل تريد أن يكون "مفتاح الإفراج عن جثث الإسرائيليين لدى حماس، هو الإفراج عن جثامين القتلى الفلسطينيين، وفق معادلة: مقابل كل جثة إسرائيلي تفرج عنها الحركة ستتسلم جثثاً لـ10 فلسطينيين محتجزين لدى إسرائيل".
وسألت "الشرق الأوسط" المصادر من "حماس" عن تقييمها للرد الإسرائيلي، وقالت إنه من الواضح أن إسرائيل "تسعى بشكل أساسي لاستعادة الأسرى دون تقديم ضمانات واضحة حول البحث في وقف إطلاق النار لاحقا".
وأضافت أنه "من الضروري أن يضمن الوسطاء، بمن فيهم الولايات المتحدة، أن تكون هناك مفاوضات في مرحلة ثانية تتضمّن وقف إطلاق نار دائماً وانسحاباً كاملاً، بما في ذلك من محور صلاح الدين (فيلادلفيا)، والواقع بين مصر وقطاع غزة، وكل المناطق داخل القطاع إلى ما كان عليه الحال قبل 7 أكتوبر 2023".
وتقول المصادر إن وفد "حماس" تعامل بحذر مع ما طُرح عليه خصوصاً ما نُقل إلى الوسطاء من إسرائيل، مشيرة إلى أن "هناك بعض الألغام التي تعتري الموقف الحالي خصوصا في ظل عدم وجود ضمانات واضحة بوقف الحرب والانسحاب بشكل كامل، وهو الأمر الذي ترفضه الحركة بشدة وتتمسّك بهما شرطَيْن مهمين لتحقيق كل المطالب الأخرى".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بعد نهاية المواجهات بين إسرائيل وإيران.. "حماس" إلى أين؟
د. أحمد يوسف **
مع تراجع التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، تعود الأنظار مجددًا إلى قطاع غزة، والسؤال الأبرز الآن: ما مصير حركة حماس؟ وإلى أين تتجه خياراتها في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية؟ فبعد سنوات من السيطرة على القطاع، وتصدّر مشهد المقاومة المسلحة، تقف الحركة أمام منعطف تاريخي قد يفرض عليها مراجعة كبرى لمسارها السياسي والعسكري.
أولًا: خيارات حماس بشأن حكم غزة
منذ عام 2007، تفرض حماس سيطرتها الكاملة على قطاع غزة، لكن التحديات المتراكمة من حصار خانق، وحروب مدمرة، وضغوط داخلية وإقليمية، تجعل من استمرار هذا الوضع أمرًا مكلفًا.
فهل تختار الحركة الحفاظ على سيطرتها المنفردة، أم تتجه نحو شراكة وطنية تُعيد الاعتبار للمرجعية الفلسطينية الموحدة؟
ثانيًا: المقاومة والميل نحو السياسة
بعد سنوات من العمل العسكري، تظهر دعوات داخلية وخارجية تطالب حماس بتحول تدريجي نحو العمل السياسي، ضمن مشروع وطني جامع. خيار المقاومة لم يُلغَ، لكنه لم يعد وحده كافيًا في ظل متطلبات إدارة الحكم، وإعادة إعمار القطاع، والبحث عن اعتراف سياسي إقليمي ودولي. وقد يكون الوقت قد حان لأن تعيد الحركة صياغة خطابها لتوازن بين المقاومة والبراغماتية السياسية.
ثالثًا: الانسحاب الإسرائيلي.. جزئي أم شامل؟
في ضوء الضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل، تظهر سيناريوهات تتحدث عن انسحاب جزئي أو كامل من غزة، ليس على طريقة "فك الارتباط" فقط، بل ضمن اتفاق سياسي يضمن التهدئة طويلة الأمد. وهنا يبرز دور حماس في رسم شكل المرحلة التالية: هل ستدخل في تفاهمات هدنة أم في ترتيبات حكم جديدة؟
رابعًا: إشراف عربي ودولي ومشاريع إعادة الإعمار
مع تصاعد الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب، تطرح أطراف إقليمية ودولية فكرة إشراف عربي-دولي على القطاع، لإعادة الإعمار وتوفير ضمانات الاستقرار، وهو ما قد يفتح الباب أمام نموذج جديد في إدارة القطاع، شبيه بتجارب دول ما بعد النزاع. غير أن نجاح هذه الفكرة مرهون بوجود طرف فلسطيني مُوحّد يحظى بشرعية وطنية وشعبية.
خامسًا: حكومة تكنوقراط انتقالية ومرجعية وطنية موحّدة
من السيناريوهات المطروحة تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية، تتولى إدارة الشأن العام في غزة، بإجماع وطني، وبالتنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية شرعية ووطنية. هذه الخطوة قد تفتح الباب لمرحلة جديدة من التفاهم الداخلي، وتساهم في تخفيف الحصار وتسهيل جهود الإعمار.
سادسًا: نحو شراكة وطنية عادلة
تدرك كافة القوى الفلسطينية أن الانقسام أضعف المشروع الوطني وأضر بالقضية الفلسطينية. لذلك، فإن أفضل شكل للشراكة الوطنية يجب أن يُبنى على قواسم استراتيجية، وليس مجرد تفاهمات إجرائية. المطلوب هو مشروع وطني مشترك يعيد بناء منظمة التحرير، ويضمن تمثيل الجميع ضمن رؤية موحدة.
سابعًا: خطاب سياسي جديد تحت عباءة منظمة التحرير
لكي تكون لحماس ولغيرها من الفصائل دور فاعل في النظام السياسي الفلسطيني، لا بد من خطاب سياسي موحد، يتكئ على الشرعية التاريخية والدولية التي تمثلها منظمة التحرير. وهو خطاب يُراعي ثوابت القضية، لكنه في ذات الوقت مقبول عربيًا ويحظى بدعم دولي، ويُشكّل مظلة للعمل السياسي والمقاومة الشعبية والدبلوماسية.
ختامًا.. حماس أمام مفترق طرق، وأيًّا كانت الخيارات، فإن اللحظة الراهنة تفرض مراجعة شاملة، ما بعد المواجهة الإيرانية الإسرائيلية ليس كما قبلها، والمنطقة تدخل مرحلة إعادة تشكيل قواعد اللعبة، وعلى حماس أن تختار: إما العزلة أو الشراكة، إما الاستمرار في إدارة أزمات القطاع، أو المساهمة في صناعة مستقبل وطني جامع.
والفرصة لا تزال قائمة، ولكنها لن تنتظر طويلًا!
** المستشار السابق لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية