الصليب الأحمر: المدنيون في السودان يعيشون كابوساً
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
أشارت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش إيغر، إلى أنّ الصراع في السودان انتشر في كلّ أنحاء البلاد، مبيّنةً أنّ المدنيين يعيشون "كابوساً". وجاء تصريح سبولياريتش إيغر في بيان مكتوب نشرته اليوم الاثنين، بشأن الاشتباكات المستمرّة ما بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، عشيّة الذكرى الثانية لاندلاع الحرب في السودان التي تسبّبت في أزمة إنسانية غير مسبوقة وبلا حدود.
وأوضحت سبولياريتش إيغر أنّ الحرب المدمّرة المستمرّة منذ منتصف إبريل/ نيسان 2023 أثّرت في حياة ملايين السودانيين، مؤكدةً أنّ "الصراع اشتعل في كلّ أنحاء البلاد، واجتاح المناطق الحضرية ومراكز المدن". وشدّدت على أنّ "المدنيين يعيشون كابوساً من الموت والدمار". وأضافت المسؤولة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّ أهل السودان شهدوا، في العامين الماضيَين، صراعات "غير إنسانية"، إذ قُتل وأصيب مدنيون ونُهبت منازلهم ودُمّرت سبل عيشهم.
ولفتت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تعرّض العاملين في المجال الإنساني والإغاثة في السودان لهجمات متعمّدة خلال الحرب القائمة. وأردفت أنّ "الصراع يزداد فتكاً مع الهجمات المتعمّدة على البنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات ومحطات المياه والكهرباء".
يُذكر، في هذا الإطار، أنّ هجوماً على مخيّم زمزم الواقع في ولاية شمال دارفور غربي السودان أودى بحياة عاملين صحيين خلال قيامهم بواجبهم أخيراً. ولا يُعَدّ هذا الهجوم حادثة معزولة، فقد سقط، خلال الحرب المتواصلة في السودان منذ عامَين، عدد كبير من العاملين الصحيين والإنسانيين في مختلف أنحاء البلاد. وقد علّقت منظمة الصحة العالمية على ذلك، في تدوينة نشرتها على حسابها على موقع إكس أوّل من أمس السبت، بأنّ "الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الصحي تُعَدّ انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي"، ومشدّدةً على "وجوب أن تتوقّف".
وفي بيانها الصادر اليوم، شدّدت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أنّ الأهوال التي يتعرّض لها المدنيون في السودان لا ينبغي النظر إليها بوصفها "عواقب حتمية للحرب"، مشيرةً إلى أنّ من شأن وقف إطلاق النار أن يمنح الناس فرصة لتلبية ما يحتاجون إليه. ودعت سبولياريتش إيغر إلى احترام قوانين الحرب قبل وقف إطلاق النار، مضيفة: "كان من الممكن تجنّب كثير من معاناة العامَين الماضيَين لو اتُّبعت قواعد الحرب".
في سياق متصل، كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أصدرت، يوم الخميس الماضي، تقريراً استعرضت فيه "الوضع الإنساني الكارثي" الناجم عن النزاع المستمرّ منذ منتصف إبريل 2023. وإذ بيّنت اللجنة أنّ "التجاهل الصارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني ساهم في تعميق هذه الأزمة الفظيعة"، حذّرت من أنّ "الانخفاض الحاد في تمويل المساعدات الإنسانية يُنذر بتفاقم الأزمة أكثر فأكثر".
ومنذ منتصف إبريل من عام 2023، يخوض الجيش السوداني، بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوّات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً مدمّرة خلّفت أكثر من عشرين ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين كان بحث صادر عن جامعات أميركية قد قدّر عدد القتلى في حرب السودان بنحو 130 ألفاً.
(الأناضول، العربي الجديد)
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر فی السودان
إقرأ أيضاً:
نحن (السودانيين) لنا قيمة و فائدة لهذا العالم
We (Sudanese) matter!
نحن (السودانيين) لنا قيمة و فائدة لهذا العالم
بكري الجاك
فى كثير من اللقاءات التى تجمعني مع العديد من بنات و أبناء بلادنا اتضح لي اننا كسودانيين فى اغلب الاحوال لا نتفق فى تعريف طبيعة حرب ١٥ أبريل كما و ايضا لا نتفق فى تحديد المسؤولية لما حاق ببلادنا من جراء هذه الحرب بحكم التباين فى تعربف طبيعة و جذور الحرب، و مع الاخذ فى الاعتبار حجم التضليل و آلة الدعاية المستخدمة فى الحرب وفى توظيف ما تفعله الحرب من تفعيل لغريزة الخوف و البقاء و من ثم إرجاع الناس الى انتماءاتهم الأولية من قبيلة و عقيدة، و مع الاخذ فى الاعتبار حقيقة ان الناس فى بلاد السودان ظلوا يتموضعون فى الموقف من الحرب و أطرافها وفق عدة عوامل اهمها ١) الموقع الاجتماعي( الاثنية و الجغرافية و الطبقة) و ٢) المصلحة المباشرة و ٣) تصورات من المتسبب فى الاذي و اخيرا الفكر و التجارب الحياتية بالاضافة الى عوامل اخري يصعب حصرها.
الا ان الحقيقة التى نتفق حولها جلنا كسودانيين فى ظنى ان العالم بكل تنوعه (الافريقي و العربي و الاسيوي و الأوروبي و الأمريكي) لا يبدو انه يكترث البتة لنا و لما حل بنا و لكارثتنا الإنسانية الأكبر فى العالم و للحرب الضروس التى قبل ان تدمر كل ماهو مادي فقد دمرت فكرة الوطن و الانتماء و المواطنة و الشعور بالفخر بأن يكون الفرد منا جزءا من كل و ها قد تفرق هذا الكل الي جماعات كعقد السكسك الذي انفرط و اصبح الاتفاق على بديهيات أمر عسير و يتطلب ورشة و مؤتمر.
الحقيقة الموضوعية بعيدا عن ما هو مادي من جغرافيا ان السودان بلد يربط شرق القارة بوسطها و غربها و شمالها بجنوبها و بعيدا عن قيمة المادي من ثروات من ذهب و يورانيوم و ثروة حيوانية و اراضي و موارد مائية و شواطي و غيرها من فرص للتبادل بين الشعوب، فعلي المستوي المعنوي، و فى ظني ان لا قيمة لما هو مادي ما لم يجد صيغة للتعبير عنه في صيغة ما هو معنوي، و للترجمة لا قيمة للثروات و المال ما لم يتم اعطاء معني للثروة و قيمة لها فى المخيلة الاجتماعية للمجموع البشري السائد فى ظرف ما فى مكان ما، و افضل مثال هو الذهب ذلك الشيء الأصفر القبيح شكلا فما هي قيمة الذهب سوي تصورات البشر التاريخية عن انه مخزون مادي للقيمة و الذي حلت محله النقود لاحقا و الأصول القابلة للتسييل من عقارات و اراضي و اسهم لاحقا. و هل سيكون للذهب قيمة اذا كان الانسان يواجه العطش فى الصحراء و لا يوجد مشتري او سوق بعرض و طلب او ان كان الانسان فى جب بئر و يبحث عن النجاة؟
نحن لنا قيمة معنوية فوق ارثنا المادي كشعوب فنحن وحدنا من يستطيع ان يمشي فى شرق أفريقيا و لا نشعر بأننا غرباء و نحن وحدنا ( وربما غيرنا) من نستطيع ان نذهب الي شمال أفريقيا و لا نشعر بأننا غرباء و نحن وحدنا من يتجول فى منطقة السهل و لا احد يسألنا عن من نكون و نحن من يستطيع ان نطبخ اللحوم بكافة انواعها من سلات فى شرقنا الحبيب الى كمونية دارفور ( ناس الوسط كمونية دارفور دي ما الكمونية البتعرفوها) بأكثر من ٤٠ طريقة كل له مذاق و شكل و لون و طعم.
و بخلاف قيمتنا و تقديرنا لذواتنا و هنا اعني ourself esteem و هى اقل درجات تقدير الانسان لذاته نحن صرة هذه القارة و حبلها السري، بلا ادني شك، اذا ما تدبرنا حالنا و رأينا انفسنا فى مراة الوجود، و لعل ما نجده من تعاطف و نظرة انكسار و حسرة للتعبير عن الاسي و الاسف من جل شعوب القارة حينما نمر بمطاراتهم و حينما نلتقي مثقفيهم و صناع الراي عندهم لما حل بنا لهو محل تقدير لنا و لتصورات هذه الشعوب عن من نكون و كيف يمكن ان نتصور مستقبلنا كأمة و كشعوب.
و لكن نظل نحن السودانيين و السودان كموطن و أرض و كثقافات و كجعرافيا و كمعبر و رابط لهذه القارة أناس لنا ما نقدمه للبشرية اكثر من الكوارث و الخراب و كل ما نرجوه من العالم (قريبه و بعيده) ان يقف معنا فى محنتنا التى من صنع ايدينا، و للأمانة هي من صنع اقلية منا قد لا تتجاوز اصابع الايدي و الارجل و لكنها طبيعة البشر و صيرورة الاشياء ان يمضي الحمقي فى تصوير جنونهم على انه محفل وطني و بكل اسف تتبعهم مالات الشعوب، و بكل تأكيد سوف لن يعدم الحمقي لفيفا من حارقي البخور و صانعي الاهازيج لتصوير ان خيارات الحمقي هى من لب مصالح الشعوب و عقيدتها و كينونتها و كهذا تعيد دوامة الجهل و العنف اعادة إنتاج تاريخ البشرية و نحن لسنا استثناء يا رفاق..
هذه مجرد ملاحظات من مئات اللقاءات و التقاطعات حول طريقة تعامل فاعلين سياسيين و اجتماعيبن و صناع رأي و اناس عاديين حين يسمعون عن ما يحدث فى بلاد السودان من خراب و موت جلهم لا يجد تقسير منطقي له فى جوهره و لمالاته و لصيرورته و انعكاس ذاك على أهلنا و ناسنا من غمار الناس الذين لا حيلة لهم و لا مأوي..
بكري الجاك
من مكان ما فوق الاطلنطي
١٢ الي ١٣ يونيو ٢٠٣٥
الوسومالسودانيين تحديد المسؤولية حرب 15 أبريل د. بكري الجاك قيمة و فائدة لهذا العالم