كمال الزين: الجنجويد قتلوا أبي
تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT
حينما نزح أهلي شمالاً بطريقهم إلى مصر المؤمنة ، عدة أشهر من المعاناة بالطريق إلى عطبرة ثم مصر ، وصلوا أخيراً ، لكن والدي سقط منهم بأم الطيور …
سقط كما يسقط شيئاً من قافلة الملح في صحراء العتمور ، تركوا خلفهم قبره و مضوا ليحافظوا على ما تبقى من أبي …
( أمي ) .
زهدت بالحياة …
لم تعد تعني لي شيئاً …
خسرت الكثير بسبب هذه الحرب …
خسرت منزلي و سياراتي و كل مغتنياتي …
خسرت تعاطفي مع غمار الناس …
خسرت إحساسي بوطني و بمكارم أهليه …
بيني و بين الجنجويد ثأرٌ شخصي …
ليس لأنهم نهبوا بيتنا و شردوا أهلنا و سرقوا كل ما عملنا من أجله …
بيني و بينهم ثأر ٌ شخصي …
لأنهم حرفياً …
قتلوا أبي …
زهدت بالحياة …
لأن أبي كان كل شيء بالنسبة لي …
لم أعد أحفل بصراعات الساسة ، يمينهم و يسارهم …
لم أعد أأبه لمن سيحكم و من سيُحكم و من سيجلس على عرش مملكة الجماجم و النار و الدم …
فقط أنتظر أن أرى نهاية الجنجويد و مقاتل قادتهم …
هذا الجيش الذي يحارب الجنجويد ، لم يعد يهمني إن قاده البرهان أو كرتي أو الخطيب …
فهو جيش يقاتل عني و عن ثأري و عن ثأر كل من سقطوا بطرق النزوح من آباء و أمهات كانوا مسالمون هانئون غاية حياتهم أن ينعموا بالسكينة في كبرهم …
لم ينازعوا أحداً سلطانه …
و لم يقتلوا نملة بمفازة و لم يقطعوا شجرة بمرعى …
هذا الصراع لم يعد بالنسبة لي صراعاً سياسياً …
لم يعد حتى صراعاً جهوياً ولا قبلياً …
هو بالنسبة لي حرباً تدور بين قتلة أبي و أعداءهم أنى كانوا كنت معهم …
لست محايداً في دم أبي …
و لست متسامحاً فيه …
فمن أخذ منا أبي …
أخذ حياتنا …
أخذ منا حتى الرغبة في المضي قدماً في ما يمكن أن يسميه غيرنا مستقبلاً …
أستطيع أن أقول و بكل صدق :
أنني زهدت كل شي ء
عدا توقي لرؤية الجنجويد و مناصريهم بالمشانق و القبور …
و لن تقبل روحي التي صدأت سوى ذلك …
أو أن يعيدوا لنا أبي حياً …
أنتظر موتهم بشغف …
أنتظر هزيمتهم بحقد لم أعهده في نفسي من قبل …
فكل هذا التراب الذي يقتتلون حوله و كل هذه المكتسبات و الثروات التي أسالوا دماءنا لأجلها لا تسوى إبتسامة أبي المطمئنة في مخدعه الوادع قبالة معهد أم درمان العلمي بضاحية العرضة المستباحة من عرب الشتات و مناصريهم من كل حدب و كل صوب …
لقد قتل الجنجويد بأنفسنا كل معنى تربينا عليه و كل حلم وطني نمنا و بأجفاننا وعد إنتظاره …
فقد قتلوا أبي …
زهدت بالحياة و لا زلت أنتظر مصارع التتار و لن يزعجني رؤية الكلاب و هي تأكل جيفهم ….
لست محايداً في ذلك …
و لست موارباً حقدي …
بعدها لن أحفل بالموت و لن أحرص على البقاء و لن أقلق على مستقبل هذا الوطن الذي صار مملكة الجماجم و البغضاء و الأرواح الرخيصة و الأعراض المستباحة و الدماء التي تسيل شلالات في سبيل سلطة لا تدوم و ثروة تصب بدول الجوار و جاه مبتذل يلتحف به كل قاتل و سفاح لبس رداء السياسي …
زهدت في متابعة أخبار الحرب …
أجلس بغرفتي المظلمة أنتظر نبأ مقاتل الجنجويد و تذوقهم لما أذاقونا من ويلات سبقها وعيد …
زهدت …
كمال الزين
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
“رويترز”: كبرى الشركات خسرت 34 مليار دولار بسبب حروب ترامب التجارية
الولايات المتحدة – كشفت وكالة “رويترز” أن الحروب التجارية التي شنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلفت الشركات العالمية أكثر من 34 مليار دولار نتيجة تراجع المبيعات وارتفاع التكاليف.
وأشارت “رويترز” في تحليل أعدته استنادا إلى إفصاحات الشركات والوثائق التنظيمية ووقائع المؤتمرات الصحفية، إلى أن هذه الخسائر مرشحة للارتفاع في ظل الغموض المستمر بشأن السياسات الجمركية، والذي شل عملية اتخاذ قرارات الاستثمار في كبرى الشركات العالمية.
وحسب تقرير “رويترز”، فإن الشركات لم تتأكد بعد من حجم التكلفة النهائية، وخفضت 42 شركة توقعاتها للأرباح، بينما قامت 16 شركة أخرى بينها “أبل”، و”فورد”، و”بورشه”، و”سوني” سحبت توقعاتها بالكامل أو أجلت نشرها. وتتفق الغالبية العظمى من الشركات على أن السياسة التجارية المتقلبة لترمب تجعل من المستحيل تقدير التكاليف بدقة.
ويرى الاقتصاديون أن الأثر الحقيقي أكبر بكثير مما أفصحت عنه الشركات، وقال جيفري سوننفيلد، أستاذ الإدارة في جامعة ييل، إنه “يمكنك مضاعفة الرقم مرتين أو ثلاث، وسنظل نؤكد أن حجم الأثر أكبر مما يتخيله الناس”.
وأضاف أن تداعيات سياسة ترامب الجمركية قد تكون أسوأ بسبب تراجع إنفاق المستهلكين والشركات، وارتفاع التوقعات التضخمية.
وفي 28 مايو قضت محكمة التجارة الدولية الأمريكية بتعليق جزء من الرسوم التجارية التي أعلنها ترامب، مشيرة إلى أن هذه الرسوم تتجاوز الصلاحيات الرئاسية التي يقضي بها قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة.
وأوقف قرار المحكمة الرسوم بنسبة 30% على الصين والرسوم بنسبة 25% على بعض السلع من المكسيك وكندا والرسوم الشاملة بنسبة 10% على معظم دول العالم. ومع ذلك، لم يشمل القرار القضائي الرسوم المفروضة على واردات السيارات وقطع غيارها، وكذلك الصلب والألومنيوم.
وفي اليوم التالي 29 مايو أعادت محكمة استئناف أمريكية العمل بالأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب بفرض رسوم جمركية. وأشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت في مؤتمر صحفي إلى أن الإدارة الأمريكية تنوي رفع القضية إلى المحكمة العليا في البلاد.
المصدر: “رويترز”