بعد 400 سنة.. علماء يكشفون سر توهج بحر العرب ليلا
تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT
رصد البحارة منذ قرون ظاهرة بحرية نادرة أثارت فضول العلماء، تتمثل في توهج مساحات شاسعة من سطح المحيط ليلا بضوء أبيض يميل إلى الأخضر، حتى يبدو البحر كأنه بأكمله تحول إلى مصدر إنارة ضخم.
وتعرف هذه الظاهرة باسم "البحار اللبنية"، وتتميز بندرتها واتساع نطاقها، حيث يمكن أن تغطي مساحات تصل إلى عشرات الآلاف من الكيلومترات المربعة، وقد يكون توهجها قويا لدرجة يمكن معها رؤيتها من الفضاء، أو القراءة تحت ضوئها في عرض البحر.
ورغم تواتر المشاهدات منذ القرن الـ17، لا تزال الأسباب الدقيقة لهذه الظاهرة مجهولة، إذ غالبا ما تحدث في مناطق بعيدة عن المحيط الهندي، ما يصعب رصدها ودراستها ميدانيا.
غير أن دراسة جديدة قد تمهد الطريق لفهم أعمق، بعد أن تمكن فريق بحثي من تجميع أول قاعدة بيانات شاملة خلال 3 عقود، تضمنت شهادات تاريخية من البحارة، وسجلات تعود إلى 80 عاما من "مجلة المراقب البحري"، إلى جانب صور التقطت عبر الأقمار الصناعية، وفق الدراسة التي نشرت في التاسع من أبريل/نيسان في مجلة "إيرث أند سبايس ساينس".
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة "جاستن هادسون"، وهو طالب دكتوراه في قسم علوم الغلاف الجوي بجامعة ولاية كولورادو الأميركية، في تصريحات لـ"الجزيرة. نت": "حتى هذه اللحظة، لدينا صورة واحدة فقط ملتقطة من مستوى سطح البحر، جاءت من مصادفة نادرة ليخت خاص عام 2019. وهذا يظهر مدى صعوبة دراسة هذه الظاهرة".
إعلانويوضح الباحث أن الهدف من هذه القاعدة البيانية هو التمكن من التنبؤ بموعد ومكان ظهور البحار اللبنية، حتى يمكن إرسال سفينة بحث علمي في الوقت المناسب لجمع بيانات بيولوجية وكيميائية حيوية.
ويعتقد أن السبب المحتمل وراء هذا التوهج المستمر هو نوع من البكتيريا المضيئة يعرف باسم "فيبريو هارفيي"، وهي كائنات مجهرية قادرة على إنتاج ضوء حيوي، وقد تكون تعيش على سطح الطحالب البحرية خلال فترات ازدهارها.
وبحسب الدراسة، فقد تم تسجيل حالة واحدة فقط تمكن خلالها العلماء من أخذ عينة مائية من هذه الظاهرة، كانت عام 1985، حيث عثروا على هذه البكتيريا مضيئة على سطح الطحالب.
كشفت الدراسة الجديدة أن أغلب مشاهدات البحار اللبنية وقعت في مياه البحر العربي وبالقرب من جزيرة سقطرى اليمنية وسواحل الصومال، حيث تمثل هذه المناطق ما يقرب من 60% من كل الحالات المعروفة عالميا.
ويضيف "هادسون": "تعد هذه المناطق ذات أهمية بيئية واقتصادية كبرى، خصوصا لقطاع الصيد. كما أن نشاط الرياح الموسمية في المحيط الهندي، والذي يتغير تبعا لمراحل المناخ، يؤثر على الحياة البيولوجية هناك، ويمكن يكون مرتبطا بظهور هذه الظاهرة".
ويعتقد الباحثون أن هناك ارتباطا وثيقا بين ظهور البحار اللبنية وبين ظواهر مناخية عالمية مثل "تذبذب المحيط الهندي" و"ظاهرة النينيو"، وهو ما يدل على أن هذه الظاهرة مرتبطة بحركة الكربون والمغذيات في النظام البيئي للمحيط.
"هذه الظاهرة المذهلة تمثل تعبيرا مدهشا عن تفاعلات حيوية في كوكبنا لم تدرس بعد بشكل كاف، وربما تحمل أسرارا حول العلاقة بين المحيط والغلاف الجوي، بل وبين الميكروبات ودورة الكربون العالمية" كما أوضح المؤلف الرئيسي للدراسة.
ويضيف: "لا نعرف بعد ما إذا كانت البحار اللبنية علامة على صحة بيئية جيدة أو على اضطراب بيئي. البكتيريا التي نشتبه في أنها وراء الظاهرة معروفة بأنها قد تضر بالأسماك والقشريات. ما نأمله الآن هو أن تساعدنا هذه البيانات في الوصول إلى إجابات لم تكن ممكنة من قبل".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات هذه الظاهرة
إقرأ أيضاً:
علماء صينيون يطورون وسيلة جينية للوقاية من سرطان القولون
اكتشف علماء من جامعة ميشيغان الصينية طريقة لتحليل المتغيرات الغامضة لجين «MUTYH» ما يساعد في تحديد الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان القولون.
وذكرت مجلة "علم الوراثة البشرية الأمريكية" أن فريق البحث، بقيادة جاكوب كيتزمان، أجرى لأول مرة تحليلا منهجيا لآلاف المتغيرات في جين "MUTYH" المسؤول عن إصلاح الحمض النووي، وتمكنوا من تحديد المتغيرات التي تشكل خطورة حقيقية على الصحة.
ويشير علماء من جامعة ميشيغان إلى أن كل خلية تخزن تاريخها في شيفرة الحمض النووي، من خلال جينات قد تكون قادرة على تغيير المصير.
ويذكر أن الجين المشار اليه يلعب دورا أساسيا في حماية الخلايا من التلف الجيني، وإذا تعطلت هذه العملية، فقد تتكوَّن سلائل في القولون يمكن أن تتطور لاحقا إلى سرطان.
ووفقا لكيتزمان، فإن ما يصل إلى شخص واحد من كل 50 شخصا في الولايات المتحدة يحمل متغيرات خطيرة في هذا الجين، ما يجعل الوقاية المبكرة أمرا بالغ الأهمية لهؤلاء الأفراد.
وبدلا من تحليل الطفرات الفردية بالطريقة التقليدية، أنشأ الباحثون مكتبة تحتوي على أكثر من 10.000 متغير في جين MUTYH، وطبّقوا تقنية فحص وظيفية تعتمد على إدخال مؤشر بيولوجي خاص إلى الحمض النووي داخل الخلايا.
وذكرت المدرة أن هذا المؤشر يوضح إذا كانت عملية إصلاح الحمض النووي تعمل بشكل سليم، بينما يبقى خاملا في حال وجود خلل، ما أتاح للعلماء تصنيف المتغيرات إلى آمنة أو مُمرِضة.
وبعد ذلك، قارن الباحثون نتائجهم بقاعدة بيانات «ClinVar» التي تحتوي على الطفرات المؤكدة سريريا. وقد أكدت النتائج دقة الطريقة الجديدة، التي لم تُحدّد المتغيرات المُمرِضة المعروفة فحسب، بل كشفت أيضا أهمية متغيرات لم تُعرف سابقا.
وعلى سبيل المثال، تبيّن أن أحد المتغيرات يرتبط بمسار أخف للمرض وتطور متأخر للسلائل.
ويؤكد جاكوب كيتزمان أن هذه الأساليب ستُسهم في مساعدة الأطباء على تفسير نتائج الاختبارات الجينية بدقة أكبر، وتقديم توصيات مخصصة للوقاية من السرطان.
ووفقا له، فإن العلوم الأساسية تُحوّل تدريجيا البيانات الجينية المجردة إلى حلول عملية قادرة على الحفاظ على الصحة، بل وحتى إنقاذ الأرواح.
ويشير الخبراء إلى أن هذا العمل يمهّد الطريق نحو تطوير مواد حيوية مخصصة، قد تكون قادرة في المستقبل على استبدال حتى أكثر أنسجة الجسم تعقيدا.