هيئة عربية: دمار غزة غير مسبوق والإعمار يحتاج 80 مليار دولار
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
إسطنبول- نظّمت الهيئة العربية الدولية لإعمار فلسطين، اليوم الجمعة، ملتقى دوليا في مدينة إسطنبول تحت شعار "من الركام نبني الأمل"، بهدف تنسيق الجهود العربية والدولية لإعادة إعمار قطاع غزة، الذي يواجه دمارا واسعا جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويأتي الملتقى، الذي شهد مشاركة مؤسسات مانحة وخبراء من أكثر من 20 دولة، في وقت تُشير فيه التقديرات إلى أن الحرب تسببت بتشريد نحو مليون و900 ألف فلسطيني، واستشهاد ما يزيد على 50 ألفا، وتدمير ما يقارب 450 ألف وحدة سكنية، وسط تصاعد الحاجة إلى خطة إعمار شاملة تستجيب للكارثة العمرانية والإنسانية في القطاع.
في الجلسة الافتتاحية قال رئيس مجلس أمناء الهيئة، طاهر المصري، في كلمة ألقاها نيابة عنه نائبه المهندس ناصر الهنيدي، إن الهيئة، التي تأسست عقب العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008، راكمت سجلا نوعيا في دعم القطاع، مما جعلها مرجعا للعديد من الهيئات العربية والدولية، مشيرا إلى أن هذا الرصيد يفرض مسؤولية مضاعفة في مواجهة المحنة الراهنة.
وأكد المصري أن "الحضور النوعي في الملتقى وعدد الشراكات التي ستُوقع خلاله، يعكس وعيا جماعيا بضرورة تحمّل المسؤولية الأخلاقية تجاه غزة".
إعلانمن جانبه، شدد رئيس مجلس إدارة الهيئة زهير العمري، في كلمته، على أن غزة تواجه اليوم أكبر عملية تدمير ممنهجة في تاريخها، وسط تقديرات دولية تُشير إلى حاجة تتراوح بين 60 و80 مليار دولار لإعادة الإعمار.
وأوضح أن الهيئة عرضت خلال الملتقى دليل مشاريع متكاملا، يستند إلى دراسات ميدانية وتقنية، ويركز على الأولويات العاجلة، بدءا من إزالة الركام، وصولا إلى إعادة تأهيل الخدمات الأساسية والإسكان.
وأشار العمري إلى أن الملتقى يضم أكثر من 20 جهة مانحة، عربية ودولية، وأنه سيُتوج بتوقيع اتفاقيات شراكة وتعاون لتفعيل المشاريع المطروحة. وأضاف أن الهيئة لا تكتفي بطرح الرؤية، بل تُعِد فرقها الفنية والعاملة في غزة لتنفيذها فور توفر البيئة الممكنة.
من جهته، استعرض ناصر قطامي، مستشار الرئيس الفلسطيني لشؤون الصناديق العربية والإسلامية، حجم الكارثة الإنسانية في القطاع، مشيرا إلى أن نحو 92% من الوحدات السكنية دمرت، وتشرد ما يقارب مليون و900 ألف مواطن، فيما تضررت 84% من المرافق الصحية وخرج 34 مستشفى عن الخدمة.
وعلى الصعيد التعليمي، أكد أن 620 ألف طالب باتوا بلا مدارس، بينما وصلت نسبة البطالة إلى 79%، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي للقطاع بنسبة تجاوزت 83%. وقال قطامي إن الواقع في غزة يلخّصه مشهد واحد: "شعب يحاول البقاء حيا وسط الركام".
وفي عرض مرئي تضمنه برنامج الملتقى، استعرضت الهيئة العربية الدولية لإعمار فلسطين سجلّ إنجازاتها، مسلطة الضوء على مشاريعها الممتدة في قطاع غزة، والتي تجاوز عددها 100 مشروع قبل عدوان 2023، بتكلفة إجمالية فاقت 70 مليون دولار.
وتوزعت هذه المشاريع على قطاعات حيوية شملت:
بناء وتجهيز المستشفيات والمدارس. ترميم دور العبادة. إنشاء مراكز تدريب مهني. وإيواء نساء في أوضاع هشة. إعادة تأهيل البنية التحتية من طرق وشبكات مياه ومحطات تحلية، ومرافق خدمية ذات طابع تنموي وإنساني. إعلانومن أبرز ما نفذته الهيئة، بناء أكثر من 600 وحدة سكنية خلال السنوات الماضية، أسهمت في إيواء آلاف الأسر التي فقدت منازلها في الحروب المتعاقبة على القطاع.
ومع تصاعد الكارثة الإنسانية في أعقاب العدوان الأخير، بادرت الهيئة إلى تنفيذ حزمة مشاريع إغاثيّة وإعماريّة عاجلة تجاوزت قيمتها 14.5 مليون دولار، وشملت:
توزيع الخيام والكرفانات لإيواء النازحين. وتأمين مياه الشرب في المناطق المحاصرة. إضافة إلى ترميم المخابز لضمان الحد الأدنى من الأمن الغذائي.وعلى هامش أعمال الملتقى، أعلنت الهيئة عن توقيع عدد من اتفاقيات الشراكة والتعاون مع جهات مانحة ومؤسسات عربية وإسلامية، في خطوة وُصفت بأنها إطلاق فعلي لمسار الإعمار المرتقب. وشملت الاتفاقيات مشاريع في مجالات الإيواء والصحة والمياه والبنية التحتية، سيتم تنفيذها فور توفر الظروف الميدانية المناسبة.
وأكد القائمون على الملتقى أن هذه الاتفاقيات تمثل ترجمة عملية لخارطة المشاريع التي استعرضتها الهيئة خلال الملتقى، كما تعكس مستوى الاستعداد الفني والتنظيمي الذي وصلت إليه، واستعدادها لبدء التنفيذ الميداني بمجرد توفر متطلبات الوصول والإدخال.
من ناحيته، قال رئيس لجنة الحوكمة في الهيئة العربية الدولية لإعمار فلسطين محمد غزال، إن الهيئة تعتمد منظومة متقدمة من الضوابط المؤسسية لضمان الشفافية والمساءلة في إدارة التمويل. وأوضح أن الهيئة لا تتعامل مع الأفراد، بل مع مؤسسات شريكة معترف بها، يتم توقيع اتفاقيات اكتتاب معها لتنفيذ مشاريع محددة، ما يضمن ضبط مسار التمويل من المصدر إلى التنفيذ.
وأكد غزال في حديث للجزيرة نت، أن الهيئة أطلقت منصة رقمية تفاعلية تُتيح للجهات المانحة الاطلاع الكامل على تفاصيل كل مشروع، من مرحلة الطرح والمناقصة إلى نسب الإنجاز والدفعات المالية المستحقة واسم المقاول المنفذ.
وأشار إلى أن الهيئة تتبنى معايير الحوكمة الرشيدة المعتمدة عالميا، وتشمل التدقيق الداخلي والخارجي، وإعداد تقارير دورية مفصّلة، وإشراك المجتمعات المحلية في مراحل التخطيط والتنفيذ، إضافة إلى نشر البيانات والتقارير للجهات الداعمة وللرأي العام، ما يعزز الثقة ويضمن أعلى درجات الشفافية.
إعلانومن جانب آخر، أوضح ناصر الهنيدي، نائب رئيس الهيئة، أن التمويل لا يعتمد على الملتقى وحده، بل يأتي عبر شبكة واسعة من الشركاء والجهات المانحة، مثل البنك الإسلامي للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إضافة إلى مكاتب الهيئة المنتشرة في عدد من الدول العربية والأوروبية، وجمعيات إغاثية في العالم الإسلامي والغربي.
وأشار الهنيدي في حديث للجزيرة نت، إلى أن التعاون مع الجهات الحكومية الرسمية في ملف إعادة الإعمار لا يزال محدودا حتى الآن، مؤكدا أن الهيئة تتعامل بشكل مباشر مع الجهات غير الحكومية الأكثر قدرة على الاستجابة الفورية وتجاوز البيروقراطية. ولفت إلى وجود اتفاقيات قيد التفعيل مع عدد من هذه الجهات لبدء مشاريع مشتركة فور انتهاء الحرب وتهيئة الظروف الميدانية اللازمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الهیئة العربیة لإعمار فلسطین أن الهیئة إلى أن
إقرأ أيضاً:
غسل 5 تريليونات دولار سنويا.. خسائر أفريقيا 90 مليار دولار بسبب التدفقات المالية غير المشروعة
حذّر الدكتور محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، من التصاعد المتسارع لاستخدام التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات التواصل الاجتماعي في تسهيل وتنفيذ عمليات غسل الأموال عالميًا، معتبرًا أنها تمثل تحديًا متناميًا يهدد الأنظمة المالية الدولية وجهود مكافحة الجريمة المنظمة.
وأوضح أن منصات مثل "تيك توك"، "إنستجرام"، "تليجرام" و"سناب شات" باتت تُستغل لتمرير أموال مشبوهة تحت غطاء إيرادات رقمية مشروعة، فيما تُستخدم تطبيقات مشفرة مثل "واتساب" و"سيجنال" لتنسيق العمليات بسرية تامة.
وأشار عبد الوهاب إلى أن تقارير أممية ودولية تكشف عن غسل ما بين 3 إلى 5 تريليونات دولار سنويًا، أي ما يعادل 3-5% من الناتج المحلي العالمي، فيما قفزت قيمة الأموال المغسولة عبر العملات المشفرة من مليار دولار عام 2018 إلى 40.9 مليار دولار في 2024. وأضاف أن أكثر من نصف عمليات الغسل تُدار عبر هياكل مؤسسية معقدة، ويُستخدم العقار في نحو 30% منها، لافتًا إلى أن إفريقيا وحدها تخسر 90 مليار دولار سنويًا بسبب التدفقات المالية غير المشروعة.
وكشف الخبير الاقتصادي أن مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال لعام 2025 صنّف دولًا مثل هايتي وتشاد وميانمار وجمهورية الكونغو الديمقراطية ضمن الأعلى مخاطرًا، في حين تسجل اقتصادات كبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا والمكسيك معدلات مرتفعة من هذه الجرائم رغم امتلاكها أنظمة رقابية قوية. وفي الشرق الأوسط، أشار إلى تفاوت مستويات الرقابة بين دول مثل موريتانيا والإمارات، التي تواجه ضغوطًا دولية لتشديد ضوابط مكافحة غسل الأموال.
ودعا عبد الوهاب إلى الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين لتتبع حركة الأموال وكشف الأنماط المشبوهة، مؤكدًا ضرورة التحرك التشريعي العاجل وتطوير سياسات مرنة تواكب التغيرات التقنية. كما شدد على أهمية رفع الوعي المجتمعي بمخاطر المحتوى الرقمي المضلل، مشيرًا إلى أن عام 2024 شهد فرض أكبر غرامات مالية على مؤسسات متورطة في غسل الأموال، ما يعكس بداية تحرك تنظيمي أكثر قوة لمواجهة هذه الظاهرة.