منابر الوطني هل صارت منصات للهجوم؟
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
منابر الوطني هل صارت منصات للهجوم؟
لغة البيانات هل لتوضيح المواقف أم لتصفية الخصومات؟
في خضم التجاذبات الأخيرة داخل المؤتمر الوطني، برز المهندس إبراهيم محمود رئيس أحد طرفي الحزب – كصوت لا يهدأ في مهاجمة الطرف الآخر بقيادة أحمد هارون، حيث توالت بياناته وتصريحاته التي لم تخلُ من الاتهامات الشخصية والإساءات، وتجاوزت حدود الاختلاف في الرأي والمواقف إلى الطعن في النوايا والتشكيك في المبادئ.
آخر تلك البيانات كان حول ملابسات مشاركة أحد طرفي الحزب في ورشة بالدوحة وغياب الطرف الآخر، وقد تضمن البيان عبارات تفتقر إلى اللياقة السياسية وتفيض بالاتهام والتجريح، واصفاً خصومه بعدم المبدئية، واتباع الهوى، والتضليل، والتزوير، بل واتهامهم بأنهم يعترضون فقط بدافع “النكاية” لا أكثر.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتناول فيها إبراهيم محمود أحمد هارون بهذه اللغة، فقد سبق له أن أدلى بتصريحات عبر قناة الجزيرة، حمّل فيها هارون مسؤولية “الانتكاسة والخيبة التي أدت إلى السقوط”، وطالبه – بأسلوب لا يخلو من التهكم – أن يعتزل ويعتذر ويكفّر عن ما اقترفه.
بل وأكثر من ذلك، تحوّلت بيانات إبراهيم محمود إلى ما يشبه الحملة المستمرة التي ترصد تحركات الطرف الآخر وتكيل له الاتهامات، دون أن تطرح فهماً موضوعياً للاختلاف أو تحترم أدبيات الحوار السياسي.
وبغض النظر عن صحة المواقف أو جوهر الخلاف، فإن اللغة التي يستخدمها المهندس إبراهيم محمود لا تسعفه في تبرير موقفه، ولا تمنحه قوة سياسية أو أخلاقية، بل على العكس تماماً، فإن هذا النهج في الخطاب، وهذه الطريقة في مخاطبة الرأي العام، تضر به قبل أن تمس خصومه.
إن اعتماد منطق الهجوم الشخصي والتخوين والتقليل من الآخرين، لا يضيف إلى صاحبه قوة، بل يستنزف من رصيده السياسي، ويضعف مكانته، ويُظهر عجزه عن مخاطبة الجماهير بلغة رصينة وعقلانية.
وإذا استمر إبراهيم محمود على هذا المسار، فإن ما تبقى له من رصيد سياسي أو أخلاقي سيتآكل، وسيجد نفسه في عزلة لا يفرضها عليه خصومه، بل يصنعها بيديه من خلال هذا الأسلوب.
في النهاية، السياسة لا تُدار بالشتائم، ولا تحسم بالخطب العدائية، بل تُكسب بالمصداقية، والحكمة، واحترام الرأي الآخر. ومن لا يملك أدوات النقاش الراقي، لن يجد في التهجم سوى سلاح مرتد، لا يُصيب أحداً غيره.
هذا المقال لا يمثل ميولا لدى الكاتب لأحد طرفي المنازعة، وانما مجرد دعوة ل أن يتوقف محمود عن هذا السيل الجارف من الاتهامات، و أن يتجاوز عنها هارون و أن تقوم أجهزة الحزب بدور حاسم و سريع يوقف سباق الهجن، الموصوف بمقولة: (الناس في شنو و محمود/هارون، في شنو؟)
د. محمد عثمان عوض الله
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: إبراهیم محمود
إقرأ أيضاً: