قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن ربنا سبحانه وتعالى يقول: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ}، فهذه واحدة من ثلاث نتائج للإيمان بالله، وبما أرسله من نورٍ في شخص النبي المصطفى ﷺ، ومن كتابٍ هو هداية للمتقين.

وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أما الثانية، فقوله تعالى:{وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} أي إن النور يؤدي إلى النور، عندما يكون اتباعك للنور، للبيان، للظهور، للوضوح، للجمال؛ فإنك ستخرج من الظلمات: ظلمات الحيرة، وظلمات الضيق، وظلمات الدنيا والتعلّق بها، وهي لا نهاية لها، فكلما ظننت أنك قد حصلت منها شيئًا، وجدت من هو قد فاقك في التحصيل.. أمرها عجيب، لا ينتهي، وملكها ليس بيدك، وكلها كدر؛ فمن تعلّق بها تعلّق بالكدر.

هل أفضل صيغة للدعاء من القلب أم القرآن؟.. 7 أسرار ليستجيب الله لكفضل الاستغفار للمسلم.. ينير القلب وسبب في إجابة الدعاء

وتابع: لذلك كان من دعاء الصالحين - والذي نكرّره كثيرًا - قولهم:
“اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا.”

قالوا: وجعلُها في القلب أن تحزن على كل مفقود، وأن تفرح بكل موجود.

فإذا خلّصك الله من الحزن على المفقود، ومن الفرح بكل موجود، كانت الدنيا في يدك، وليست في قلبك.

فإذا فُقِدت، قلت:  "حسبنا الله ونعم الوكيل، إنا لله وإنا إليه راجعون، أستغفر الله العظيم".

وإذا وُجِدت، قلت:  "الحمد لله، الشكر لله، الفضل من عند الله، لا إله إلا الله".

أما من ينهار في قلبه، فهو في ظلمات، وليس في نور.

فالقضية الثانية التي تنتج من اتباعك للنبي ﷺ، وإيمانك من خلاله بالله رب العالمين، أنك ستخرج من الظلمات: من ظلمات الدنيا، ومن ضيق الدنيا، ومن ظلمات الحيرة، ومن ضيق الحيرة، ومن ظلمات التعلّق ومن عدم القناعة والرضا، إلى نور التوكل على الله، والرضا بالله، والسير في نور الله، والرضا عن الله، فيرضى الله سبحانه وتعالى عنك. {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}.

ترضى عن الله تعالى، وتكون سعيدًا بالله تعالى. لكن هناك أناس قليلة الأدب مع الله، ليست سعيدة بالله، فهم في ظلمات، لا في نور.

وأما القضية الثالثة، فهي قوله تعالى: {وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. {وَيَهْدِيهِمْ} أي فيستجيب الدعاء، ولكنه سبحانه لا يستجيب دعاءك إلا بشرط: أن تفهم النبي ﷺ والقرآن؛ لأن كل الأبواب أُغلقت، إلا باب سيدنا النبي ﷺ، والذي بيننا وبين الخلق هو سيدنا النبي ﷺ، هي كده ملناش إلا سيدنا النبي ﷺ.

فاللهم صلِّ وسلم على سيدنا النبي، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة دعاء الصالحين ظلمات الدنيا الايمان بالله المزيد سیدنا النبی من ظلمات النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

تأملات قرآنية

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 6 من سورة القارعة: ” فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ. فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ”.
مما استوقفني في هذه الآية ثلاث مسائل، الأولى: لماذا جاء ثقل الموازين دلالة على زيادة الأعمال الصحيحة، مع أن الميزان واقعيا يوازن بين شيئين، فهو إما أن تضع الشيء في كفة وفي الكفة الأخرى ما يعادله من أثقال مقدرة، فتحسب قيمة الثقل الموازن لتعرف وزن الشيء الموزون، وإما أن تضع الشيئين فتنقص أو تزيد من أحدهما لكي يتعادلا فيصبحا بالوزن ذاته.
في الحالتين يلزم الميزان التوازن، فإن رجحت كفة فلا يعلم مقدار زيادة وزنها إن كان قليلا أو كثيرا إلا بالترجيح وهو إضافة أثقال معلومة وحساب قيمتها.
فإن كانت الحسنات في كفة والسيئات في الأخرى، فلماذ اعتبر الله تعالى ثقل الميزان لصالح الصالح، وأنّ خِفّتَها تعني رجحان السيئات؟، مع أن كفة السيئات من الممكن أن تكون الراجحة، فلم يقل من ثقلت (أي رجحت) كفة أعماله الصالحة، بالمقابل من ثقلت كفة أعماله السيئة؟.
معنى ذلك أنه تعالى لم يقم وزنا للأعمال السيئة!، أليس في ذلك بشارة وطمأنة للبشر؟
إذاً فالعمل الصالح هو المعتبر عنده تعالى، وهو الذي له قيمةٌ وحساب، وتقدير قيمته عائد لعدل الله وكرمه، وتقدير قيمة السيء من العمل عائد لرحمة الله وعفوه.
التساؤل الثاني يتعلق بدلالات استعمال الميزان في التقييم، وهو عنوان العدالة، إذاً فالأمر ليس تقديريا، بل يُحسب بدقة، فكل شيء فعله في الدنيا أحصاه الله، و”لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى” [طه:52]، و”وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا” [الإسراء:13]، لذا فلا يستصغر المرء أعماله التي قصد بها رضا الله تعالى مهما ضؤلت، لأنه لا يهمل الله أمرا كان بقصد نيل رضاه جل وعلا مهما قل، ولا أمرا أغضب الله فيه مهما صغر” فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ” [الزلزلة:7-8]، وإنه “لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً” [الحجرات:14].
من هنا يتعلم المرء حسن الأخلاق، فليس عمل الخير مقصورا على من يملك المال، بل الكلمة الطيبة والإبتسامة والود في التعامل وحتى في رفع الأذى عن الطريق، كل ذلك رصيد له يوم لا يتمنى المرء غير إثقال الميزان.
كما جاءت لفظة الموازين بصيغة الجمع لأن الصالحات كثيرة التنوع ومتفاوتة في الأثر، فلا تقاس بميزان واحد، فذكر الله يقاس بمقدار ما حققه من تقوى وبعد عن المعاصي وليس بعدد الأذكار، والصدقات بمقدار النفع المتحقق وليس القيمة، ونوافل العبادات بالإخلاص في أدائها وليس بعددها، والجهاد بمقدار صدق النية في التضحية وليس بعدد المعارك، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمقدار الأثر المتحقق،..الخ.
وأما الثالثة فهي في دلالة استعمال (راضية) والتي هي إسم فاعل، ولم ترِدْ (مرضي عنها)، أي في مقام إسم المفعول، فالمفترض أنّ العبدَ هو الذي يرضى عن العيشة.
إن استعمال اسم الفاعل في مقام اسم المفعول أحد الإعجازات القرآنية الباهرة ، ومثلها قوله تعالى:”جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا” [الإسراء:45]، فالحجاب يكون ساترا أي إسم فاعل فكيف جاء مستورا(اسم مفعول)؟، قال العلماء في تفسير ذلك أنه يكون حجابا مضاعفا بطبقات عديدة تستر بعضها بعضا، وإذاً فتفسير العيشة الراضية أنها ليست مُرضِيةً فحسب، بل هي متعددة الإرضاء، وكأنها هي الراضية بذاتها عن العبد، لأنها محققة لجميع ضروب السعادة والكفاية.
كم من الكنوز النفيسة في قرآننا العظيم، والتي مهما نقب الإنسان سيجد منها الجديد في كل عصر، وبما وسعته مدارك كل زمان، لذلك حض الله على دوام التفكر في كتابه، ولم يقل بالاقتصار في فهمه على ما جاء به الأولون، وذلك لأجل استنباط فهم جديد ينفعهم في حل مشكلات استحدثت بفعل التطور والتغيير على مر الأزمنة.
فالحمد لله على هذه النعمة الدائمة الباقية أبد الدهر، قد تزول أية نعمة لكنها لا تزول.

مقالات ذات صلة كاريكاتير د. علاء اللقطة 2025/07/30

مقالات مشابهة

  • تأملات قرآنية
  • ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: الإيمان والتوكل أساس عز المسلمين ونصرهم
  • نصيحة سيدنا النبي لمن يكثر من الشكوى والهم ويعاني من الكرب والضيق
  • حضرتك مش محتاج حد.. الشيخ خالد الجندي: علاقتك بالله لا تحتاج وسيطا
  • دعاء النبي عند الحر الشديد .. ردد أفضل 14 تغفر ذنوبك وتدخلك الجنة
  • آية واحدة تحميك وأسرتك ومنزلك من أي مكروه وسوء.. وأوصى بها سيدنا النبي
  • علي جمعة: الرضا والتسليم والتوكل مفاتيح النجاة في عالم يملكه الله
  • دعاء بعد صلاة الوتر .. كان يردده النبي ثلاث مرات
  • الأزهر: استحضار الأحزان مرهق للنفس فاحرص على ما ينفعك واستعن بالله
  • أذكار الصباح الواردة عن النبي.. اغتنم ثوابها ورددها الآن