الأزهر للفتوى: أحكام الميراث قطعية ولا تقبل الاجتهاد.. والتشكيك فيها جريمة فكرية تهدد الأمن المجتمعي
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية نصوص قطعية لا تقبل الاجتهاد أو التغيير، مشددًا على أن هذه الأحكام استمدت قوتها من القرآن الكريم الذي تولى فيه الله سبحانه وتعالى بنفسه تقسيم المواريث، مما يعكس أهميتها وخطورة المساس بها.
وقال المركز في بيان أصدره اليوم الأحد، إن الدعوة إلى ما يُسمى بـ "التدين الشخصي" أو "القانون الفردي" يُعد افتئاتًا واضحًا على الشريعة الإسلامية، كما يُمثل تعديًا على حق ولي الأمر في تنظيم شئون الدولة، ويؤدي إلى إعادة إنتاج أفكار التطرف والتكفير بصور مختلفة، مشيرًا إلى أن محاولات التشكيك في الأحكام الشرعية بحجة التطور أو المعاصرة تمثل تهديدًا للأمن الفكري والاستقرار المجتمعي.
وحذَّر المركز من منهج الشحن السلبي الممنهج تجاه الدين وتشريعاته، والذي يبدأ بالتشكيك في حكم شرعي معين، ثم يمتد تدريجيًّا للتشكيك في أحكام أخرى، مع تحميل الدين مسؤولية المعاناة المجتمعية، وهو أسلوب يُغذي التطرف والانحراف السلوكي والفكري.
وأوضح المركز أن استخدام الاستدلالات غير الصحيحة لصدمة الجمهور وتحليل الحرام أو تحريم الحلال، يُعد جريمة فكرية، داعيًا إلى محاسبة مرتكبي هذه الجرائم لما تسببه من اضطراب فكري وزعزعة لقيم المجتمع وأمنه.
لا صراع بين الفقه والدستوركما شدد مركز الأزهر للفتوى على أن الفقه الإسلامي لا يتعارض مع الدستور أو القانون المصري، لافتًا إلى أن أغلب التشريعات المصرية مستمدة من الفقه الإسلامي، وأن المادة الثانية من الدستور تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وهو ما ينفي أي صراع بين المرجعيتين، ويؤكد تكاملهما في تنظيم حياة المواطنين.
وأضاف أن محاولات خلق صراع زائف بين الشريعة والقانون، كانت دائمًا ذريعة استخدمها المتطرفون لتكفير المجتمع واستحلال دمه، محذرًا من ترويج هذا الطرح الخطير بأي وسيلة إعلامية أو اجتماعية.
خطر الفردانية على المجتمعوتناول بيان الأزهر ظاهرة "الفردانية"، مشيرًا إلى أنها تمثل إحدى صور الفكر المعوج الذي يُغري فئات من المجتمع بالتمرد على القوانين والتشريعات، تحت دعوى أحقية الفرد في وضع قوانينه الشخصية وتفسير الدين حسب أهوائه، محذرًا من تأثير هذه الفوضى على السلم المجتمعي والاستقرار الوطني.
الدفاع عن الشريعة الإسلاميةوانتقد المركز الادعاء بأن الشريعة الإسلامية لا تتناسب مع العصر، معتبرًا ذلك "طرحًا مريضًا" يسعى إلى عزل الإسلام عن حياة الناس، ويؤدي إلى نشر الانحراف والتطرف في كلا طرفيه؛ سواء التطرف المتشدد أو التسيب المفرط.
وأكد البيان أن علم الميراث في الإسلام متشابك مع قضايا عديدة كالنفقات والواجبات المالية، وأن التشكيك فيه لا يعكس إلا تجاهلًا متعمدًا لما يتضمنه من عدالة دقيقة تراعي طبيعة العلاقات الأسرية والمجتمعية.
المرأة والشريعة.. علاقة منصفة لا عدائيةوردًا على محاولات الطعن في أحكام الإسلام المتعلقة بالمرأة، أوضح مركز الأزهر أن التستر خلف شعارات حقوق المرأة للطعن في الشريعة الإسلامية، ليس إلا حيلة مغرضة تهدف إلى تشويه صورة الدين وتقزيم دوره في الحياة، عبر استيراد مفاهيم غريبة عن مجتمعاتنا، بهدف إضعاف الهوية وطمس المعالم الثقافية.
التجديد في الشريعة.. مهمة العلماء فقطوفي ختام بيانه، شدد الأزهر على أن تجديد الفكر الإسلامي مهمة دقيقة لا يحسنها إلا العلماء الراسخون، مشيرًا إلى أن طرح قضايا شرعية معقدة عبر وسائل الإعلام أو من غير المتخصصين يُضر بالدين أكثر مما ينفع، محذرًا من أن الفكر المتطرف له وجهان؛ أحدهما يرفض التجديد تمامًا، والآخر يحوله إلى تمييع للدين وتبديد لأحكامه.
واختتم المركز بيانه بقوله:
«لا يُشكك في الدين وأحكامه إلا طاعن، يتغافل عن الجوانب التعبدية للشريعة، فالمسلم الحق هو من استسلم لله في الحكم والتشريع»، مستشهدًا بقول الله تعالى:
{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ... وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ... يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 13-14].
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الازهر للفتوى أحكام الميراث الشريعة الإسلامية الفكر المتطرف التشكيك في الدين الدستور المصري الأمن الفكري حقوق المرأة في الإسلام الشریعة الإسلامیة ا إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى يوضح ضوابط بيع المحرمات والسلع ذات الاستخدام المزدوج في الشريعة
ناقش الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، مسألة فقهية دقيقة تتعلق بما يجوز بيعه شرعًا وما يحظر، مبيّنًا أن الشريعة الإسلامية تفرّق بوضوح بين الأشياء المحرّمة لذاتها، وتلك التي يختلف حكمها حسب الغرض من استخدامها.
وخلال تصريحات تلفزيونية، أوضح الشيخ شلبي أن بعض السلع مثل الخمر ولحم الخنزير تدخل في دائرة التحريم الذاتي، فلا يجوز بيعها أو شراؤها مطلقًا، مهما كانت نية من يتعامل معها، لأن حرمتها نابعة من ذاتها، لا من طريقة استخدامها.
وأشار إلى أن بعض الأحكام الشرعية قد تتغير بتغير الصفات، موضحًا أن المواد المسكرة مثلًا إذا تحولت بفعل طبيعي إلى مواد نافعة كالخل، خرجت من حكم النجاسة ودخلت في دائرة الطهارة، وبالتالي يجوز بيعها والتعامل بها.
أما بالنسبة للأدوات التي يمكن استخدامها في الخير أو الشر، مثل الأسلحة البيضاء، فحكم بيعها يتوقف على نية المشتري ومدى وضوح غرضه، فإذا ثبت أن الاستخدام سيكون في معصية، وجب الامتناع عن البيع، أما إذا لم يُعرف الغرض أو لم يظهر ما يثير الشك، فلا إثم على البائع.
واختتم الشيخ شلبي حديثه بالتأكيد على أن أحكام البيع في الإسلام لا تنحصر في تبادل المنافع المادية، بل تقوم على أسس تحمي المجتمع من الانزلاق نحو الفساد، وتضع ضوابط دقيقة حتى للأشياء التي قد تبدو محايدة، لكنها قد تتحول إلى أدوات ضرر إن غاب عنها التأطير الشرعي.