رفض المثلية.. عارض حكومته ودعّم فلسطين.. «البابا فرنسيس» السياسي والراهب
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
البابا فرنسيس.. توفي اليوم البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، أول بابا من خارج أوروبا منذ عهد البابا جريجوري الثالث «731 - 741»، وأول بابا راهب منذ جريجوري السادس عشر، وأول بابا يسوعي، وامتازت مسيرته بالتمسك بالسلام وإنهاء الحروب في العالم خاصة في الشرق الأوسط.
مواقف البابا فرنسيس السياسية قبل الكرسي البابويمواقف البابا فرنسيس كانت ذات حكم فارق في الوضع الإنساني للبشرية، ويظهر ذلك حتى قبل توليه الكرسي الباباوي، حينما كان باسمه الأول «خورخي ماريو بيرجوليو» الذي ينحدر من الأرجنتين، والذي كانت له مواقف معارضة للحكومة في الأرجنتين في عام 2001، سواء بانتقاده طريقة تعامل الشرطة ووزارة الداخلية مع المتظاهرين، أو السياسة الحكومية تجاه المزراعين ودعا لدعم الريف الأرجنتيني في عام 2008.
عارض قانون المثليين
وفي عام 2010 عارض البابا فرنسيس بشدة قانونًا يتيح للمثليين الزواج وتبني الأطفال، ودعا المشرعين ورؤساء الحكومات والعاملين في مجال الصحة على تبني قوانين تحفظ حقوق الحياة منذ الحمل، ودعا للعمل وفق مبادئ الكنيسة الكاثوليكية بشأن الإجهاض وغيره من القضايا، وكانت هذه الدعوات الشديدة التي شنها على الحكومة الأرجنتينية كفيلة بنشوب حرب بينهما مما جعل الحكومة تتهمه بإعادة تفكير الكنيسة للقرون الوسطى.
استنكر «بيرجوليو» السياسات المؤدية إلى الفقر المدقع والهياكل الاقتصادية الظالمة التي تسبب عدم المساواة كبيرة، وتشكل انتهاكات لحقوق الإنسان، أدان البابا «الاستغلال الجائر» للموارد الطبيعية وحث جميع البشر على أن يكونوا حراسًا للطبيعة.
قبل انتخاب البابا فرنسيس كانت هناك خصومة استمرت لنحو خمس سنوات، بسبب موقف البابا السابق بندكت السادس عشر، من تفجيرات الكنيسة القبطية في الإسكندرية مطلع 2011، واتهامه الإسلام بالعنف ومطالبته بحماية دولية للأقباط، فما كان من الأزهر إلا أن يعتبره تدخلا في الشأن الداخلي، ويعلن تعليق العلاقات مع الفاتيكان، خصوصا بعد تصريحات
البابا السابق التي ربط فيها بين الإسلام والعنف، مما أثار استياء الأزهر وجمّد على إثرها الحوار مع الفاتيكان.
ولكن دعا البابا فرنسيس بعد انتخابه إلى تعزيز العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والإسلام، خصوصا بعدما أرسل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، تهانيه للبابا الجديد، الذي استقبله البابا فرنسيس للمرة الأولى في عام 2016.
ووقّع البابا فرنسيس والدكتور أحمد الطيب، إمام الأزهر الشريف في 4 فبراير 2019 في الإمارات وثيقة الأخوّة الإنسانيّة من أجل السلام العالمي والعيش المشتركا، والمعروفة أيضًا باسم إعلان أبوظبي. وهو الإعلان الذي وثق لعدد من القرارات اتخذتها الأمم المتحدة منها إنشاء اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، لتحقيق تطلّعات الوثيقة.
وفي 2022 التقى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، البابا فرنسيس، في مملكة البحرين، خلال ملتقى البحرين للحوار «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني»، ورحب البابا وقتها بجهود الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في دعم وتشجيع الحوار بين أتباع الأديان ونشر ثقافة الأخوة الإنسانية وتعزيز السلام العالمي.
كان للبابا فرنسيس مواقف متشددة ومنددة باستمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 2023، فكان يعتبر أنها إبادة جماعية للفلسطينيين، وهو ما تسبب في استنكار إسرائيلي مستمر لمواقف الفاتيكان ضد دولة إسرائيل.
وانتقد البابا الممارسات الإسرائيلية القمعية بحق مسيحين فلسطين، وندد بمنع دخول بطريرك القدس لقطاع غزة مؤكدا أن ما يحدث في غزة يحمل خصائص الإبادة الجماعية.
وفي ديسمبر 2024 دعا البابا إلى إجراء تحقيق في الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين باعتبار أنها إبادة جماعية وهو اعتبره المراقبون للشأن الكنسي موقف جرئ ومثير للجدل.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن البابا فرنسيس كان «صديقا مخلصا للشعب الفلسطيني»على ما ذكر. وفي بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية «وفا».
وأضاف «عباس» أن البابا كان «مدافعا قويا عن قيم السلام والمحبة والإيمان في العالم أجمع.. .اعترف بدولة فلسطين ورفع العلم الفلسطيني في حاضرة الفاتيكان».
المرشحون لخلافة البابا فرنسيس.. ما هي أبرز الأسماء المطروحة؟
قادة دول عربية يعزون في وفاة البابا فرنسيس.. «صديق مخلص للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة»
خريجي الأزهر بالغربية تنعى البابا فرنسيس وتتقدم بالتعازي لقيادات الكنيسة الكاثوليكية بطنطا
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: البابا فرانسيس الفلسطينيين البابا فرنسيس البابا فرنسيس بابا الفاتيكان البابا الممارسات الإسرائيلية زيارة البابا فرنسيس البابا فرانسيس الثاني وفاة البابا فرنسيس رحيل البابا فرنسيس البابا فرنسيس اليوم خطاب البابا فرنسيس البابا فرنسيس في مصر انتخاب البابا فرنسيس البابا فرنسیس فی عام
إقرأ أيضاً:
أحاديث نبوية أهملها الفقه السياسي الإسلامي (1)
حديث علي بن أبي طالب وتهافت خرافة التعيين والقرشية*
أخرج النسائي في “السنن الكبرى” (8210) عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“لو كنت مستخلفًا أحدًا على أمتي من غير مشورة لاستخلفت عليهم عبدالله بن مسعود”.
وقد صحح الحاكم في المستدرك هذا الحديث وقال: “صحيح الإسناد وإن لم يخرّجاه”، أي البخاري ومسلم. أما عاصم بن ضمرة، فقد وثّقه جمع من كبار أهل الحديث، كشيخ البخاري علي بن المديني، والعجلي، ويحيى بن معين، والترمذي، وغيرهم، رغم تشيّعه، وهو أمر لا يقدح في هذه الرواية، لأن مضمونها يتناقض مع أصول العقيدة الشيعية، فلا يعيب هذا الحديث أن يكون رجاله ثقات لدي السنة والشيعة بل يزيده قوة.
ولم ينفرد عاصم بن ضمرة بالرواية، بل ورد الحديث من طريق أبي زهير الحارث بن عبدالله، صاحب علي رضي الله عنه، كما في الترمذي (3809)، وابن ماجه (137)، وأحمد (566). ما يمنح الحديث قوة إضافية في السند والمتن. والحارث من أصحاب علي المتهمين بالتشيع، ويرى علماء نقد الحديث أن رواية عاصم عن علي بن أبي طالب اقوى من رواية الحارث.
*مضمون الحديث ودلالاته السياسية:*
يتضمن الحديث جملتين:
جملة شرطية: “لو كنت مستخلفًا أحدًا من غير مشورة…”
وجملة الجواب: “…لاستخلفت عبدالله بن مسعود”.
فالجملة الأولى تُسقِط مزاعم الوصية والتعيين الإلهي التي تروج لها التيارات الكهنوتية، وتؤكد أن مسألة الاستخلاف ليست حقًا فرديًا للرسول نفسه دون مشورة، فكيف بمن دونه؟
أما الجملة الثانية، فتهدم دعوى اشتراط القرشية في الإمامة، لأن ابن مسعود ليس من بطون قريش الكبرى ذات النفوذ السياسي آنذاك، وهذا يسقط شرط النسب.
لماذا أُهمل هذا الحديث؟
من خلال قراءات شروحات الحديث يتضح أن سبب الإهمال والتهوين من قيمة الحديث تعود إلى الوهم بوجود تعارض بين ظاهر الحديث مع خبر “الأئمة من قريش”، وهو حديث إخباري لا يتضمن أمراً تكليفياً، وقد وظّفه جمهور الفقهاء لتقييد الإمامة الكبرى بشرط النسب القرشي، حتى صار هذا التقييد عرفاً فقهياً متوارثاً، رغم تعارضه مع روح الشورى والمساواة التي أكدها النبي في هذا الحديث وغيره.
وقد حاول بعضهم إخراج الحديث عن سياق الإمامة الكبرى، وصرفه إلى تعيين أمراء السرايا أو قادة الغزوات، لكن الرواية صريحة: “على أمتي”، والاستحلاف على الأمة لا يكون إلا في شأن الحكم العام، أما التعيينات العسكرية أو الإدارية فليست موضع حديث هنا، خاصة أنها لم تكن تَشترط الشورى عادة.
*توافق مع أحاديث أخرى:*
لا يعارض هذا الحديث ما رُوي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“لو كنت مستخلفًا أحدًا لاستخلفت أبا بكر أو عمر”.
فالأحاديث تتكامل في سياق إظهار فضل الصحابة لا التعيين الملزِم، والرسول في الحالتين يقرر أنه لا يستخلف أحدًا على الأمة من غير شورى، ليبقى أمر الخلافة حقًا للأمة كلها، تمارسه بالشورى، لا بالوصية أو الاستحواذ العائلي.
*كشف الخرافة السياسية:*
مع اهمال هذه الأحاديث بدلالتها الواضحة تم الترويج لبعض الأحاديث النبوية بطريقة تعسفية لا علاقة لها بالنص النبوي ، كحديث الغدير “من كنت مولاه فهذا علي مولاه”، الذي ترويجه لتكريس خرافات التعيين الإلهي، وتحويل الولاء الديني إلى ولاية سياسية مغلقة على سلالة معينة، تمارس الحق الإلهي في الحكم وتُقصي الأمة وتُكفّر من يعارضها. تستبيح سفك الدماء والفساد في الأرض في سبيل هذا الحق الموهوم بينما حديث عبدالله بن مسعود يُفند هذا التصور من جذوره، ويؤكد أن حتى النبي لم يستخلف أحدًا من غير مشورة، فكيف بغيره؟
إن إعادة إحياء هذا الحديث اليوم، في زمن تتجدد فيه مشاريع الكهنوت السياسي واحتكار الحكم باسم الدين والنسب، هو واجب فقهي وفكري، واستدعاء صريح لروح الإسلام الأولى: شورى، وعدالة، ومساواة، لا استعباد باسم الغيب، ولا تكفير لمن يطلب حريته وحقه في أن يحكم نفسه بنفسه.