حكومتا الإمارات وكازاخستان تطلقان مبادرة ” 500 ألف مبرمج”
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
ضمن الشراكة الاستراتيجية في مجالات التحديث والتطوير الحكومي بين دولة الإمارات، وجمهورية كازاخستان، أطلقت حكومتا البلدين “مبادرة 500 ألف مبرمج في كازاخستان”، لبناء قدرات المواهب من أفراد المجتمع والكوادر الحكومية وتزويدها بالأدوات والممكنات اللازمة لتعزيز مشاركتها في صناعة مستقبل التحوّل الرقمي وتحديث العمل الحكومي.
وتهدف المبادرة التي تم الإعلان عنها ضمن فعاليات معرض الماتي للذكاء الاصطناعي، الذي نظم في مدينة الماتي في كازاخستان مؤخراً، إلى تطوير مهارات الشباب وتمكينهم للتعامل مع الأدوات الرقمية المتقدمة، بما يواكب العصر الرقمي والتحولات المتسارعة في المشهد العالمي، وتأهيلهم لوظائف المستقبل وقيادة المشهد الرقمي.
وتعد المبادرة امتداداً لمبادرة “مليون مبرمج “، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، وتنظم في إطار الشراكة الاستراتيجية في التحديث الحكومي بين الإمارات وكازاخستان، بهدف فتح بوابة الفرص أمام الشباب الطامحين بتعلم لغة المستقبل، بما يعزز دورهم في خدمة مجتمعاتهم، ودعم الجهود الحكومية لتحقيق الجاهزية الرقمية للمستقبل.
وأكد معالي زسلان ماديف وزير التنمية الرقمية والابتكار والصناعة الفضائية في جمهورية كازخستان، أن فهم أساسيات الذكاء الاصطناعي أصبح متطلبا أساسيا في عصر التحول الرقمي، وقال إنه من أجل بناء المواهب وتعزيز رأس المال البشري، تسعى كازاخستان إلى تدريب مليون شخص على مهارات الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأشار إلى أنه ضمن هذه التوجهات، أطلقت حكومة كازخستان “أستانا هاب” مدرسة الغد — أول مدرسة مخصصة للذكاء الاصطناعي في المنطقة، إلى جانب البدء بإنشاء مركز تومو للتكنولوجيا الإبداعية في مركز “أيلم.إيه آي” الدولي للذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى مبادرات استراتيجية أخرى مثل “مبرمجي كازخستان”، تشكل معا أساسا متينا للبيئة التكنولوجية في البلاد.
وأكد سعادة عبد الله ناصر لوتاه مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي، أن الشراكة المعرفية الاستراتيجية بين دولة الإمارات وجمهورية كازاخستان، تشهد تطوراً مستمراً في مختلف المجالات، وأن مبادرة 500 ألف مبرمج، تمثل إضافة نوعية جديدة في مسيرة التعاون المشترك، إلى جانب سلسلة من المبادرات والبرامج التي تغطيها محاور الشراكة التي تم إطلاقها عام 2023 ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات.
وقال عبد الله لوتاه، إن تطوير قدرات الشباب يمثل ركيزة أساسية في دعم جهود التنمية، ودفع مسارات التحديث الحكومي، وتعزيز التميّز والأداء والكفاءة في المجال الرقمي، ورفع جاهزية الحكومات للتعامل مع التطور الرقمي العالمي المتسارع، بما ينعكس إيجاباً على حياة المجتمعات ومستقبلها.
وتتضمن المبادرة مسارات تدريبية وأنشطة وبرامج متعددة منها، برنامج “مبرمجي كازاخستان”، إحدى المبادرات الوطنية الرائدة في كازاخستان لتعزيز المهارات الرقمية لدى الشباب، حيث يوفّر تدريباً مجانياً وعالي الجودة حتى يناير 2028، عبر نموذج تعلّم مرن يعتمد التعليم الإلكتروني، ويهدف إلى بناء قدرات تقنية متقدمة تواكب متطلبات المستقبل الرقمي.
ويقدم مسار “أساسيات تطوير تطبيقات أندرويد تدريباً متخصصاً في تصميم واجهات التطبيقات، وطرق تفاعل المستخدم، ما يعزز كفاءة التطبيق ويحدّ من حجم بياناته.
كما يركز مسار “أساسيات البرمجة” على تطوير صفحات الإنترنت، بما يوفر فهماً عملياً لمراحل بناء وتصميم المواقع وتحويلها إلى منصات تفاعلية.
أما مسار “أساسيات تحليل البيانات”، فيُركز على تمكين المتدربين من التعامل مع البيانات غير المنظمة، وتحليلها، وبناء تصورات بصرية تفاعلية، إلى جانب تعزيز مهارات سرد القصص عبر البيانات.
ويُقدم مسار “أساسيات الذكاء الاصطناعي”، معرفة أولية في مفاهيم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، ومهارات استخدام الأدوات الحديثة مثل “شات جي بي تي”، إلى جانب تسليط الضوء على أطر الذكاء الاصطناعي الأخلاقي وتطبيقاته في مختلف القطاعات.
وقد تمكنت حكومتا البلدين من بناء قدرات 834 موظفاً حكومياً عبر 278 ورشة عمل غطت أكثر من 21 ألف ساعة تدريب.
الجدير بالذكر، أنه تم إطلاق التعاون الثنائي بين حكومتي الإمارات وكازاخستان، ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات 2023؛ ووقع اتفاقية الشراكة معالي محمد عبد الله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء، ومعالي غاليمجان قويشيبايف نائب رئيس الوزراء رئيس مكتب حكومة كازاخستان.
وتركّز الشراكة على محاور تشمل؛ البرمجة والأداء الحكومي، والخدمات الذكية، والشركات الناشئة والابتكار، والسياحة، والذكاء الاصطناعي، وبناء القدرات، والمسرعات الحكومية.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يوجه المسيّرات رغم العوائق الطبيعية
في مهمة لإطفاء حرائق الغابات في سلسلة جبال سييرا نيفادا، قد تجد طائرة مسيّرة ذاتية التحكم نفسها تواجه رياح «سانتا آنا» العاتية التي تهدد بإخراجها عن مسارها. التكيف السريع مع مثل هذه التقلبات الجوية غير المتوقعة أثناء الطيران يمثل تحديًا هائلًا لأنظمة التحكم في وضع الطيران الخاصة بهذه الطائرات.
ولمواجهة مثل هذه التحديات، طوّر باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا «MIT» خوارزمية تحكم تفاعلي جديدة تعتمد على تقنيات تعلّم الآلة، قادرة على تقليل انحراف الطائرة عن مسارها المحدد حتى في مواجهة عوائق مفاجئة مثل هبوب الرياح.
وعلى عكس الطرق التقليدية، لا تتطلب هذه التقنية من المبرمج أن يكون على دراية مسبقة ببنية أو نمط هذه الاضطرابات. بدلاً من ذلك، يتعلم نموذج الذكاء الاصطناعي المستخدم في نظام التحكم كل ما يحتاجه من خلال بيانات ملاحظة تُجمع خلال 15 دقيقة فقط من الطيران.
الميزة الأبرز لهذه التقنية تكمن في أنها تحدد تلقائيًا خوارزمية التحسين الأمثل للتكيف مع هذه الاضطرابات، مما يعزز من دقة تتبع المسار. إذ تختار الخوارزمية الأنسب بحسب طبيعة الاضطرابات التي تواجهها الطائرة في كل حالة.
وقد درّب الباحثون نظامهم على تنفيذ هذين الأمرين معًا، التكيّف وتحديد الخوارزمية باستخدام تقنية تُعرف باسم التعلم الفوقي «meta-learning»، والتي تُعلّم النظام كيفية التكيّف مع أنواع مختلفة من الاضطرابات.
النتائج جاءت واعدة، إذ سجل النظام الجديد نسبة خطأ في تتبع المسار أقل بنسبة 50% مقارنة بالطرق التقليدية، سواء في المحاكاة أو في الظروف الحقيقية، كما أثبت كفاءته في التعامل مع سرعات رياح لم يسبق له مواجهتها أثناء التدريب.
يأمل الباحثون أن يُسهم هذا النظام مستقبلاً في تحسين كفاءة الطائرات المسيّرة في توصيل الطرود الثقيلة رغم الرياح القوية، أو في مراقبة المناطق المعرضة للحرائق في المحميات الطبيعية.
يقول نافيد عزيزيان، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية ومعهد البيانات والنظم والمجتمع «IDSS» بمعهد «MIT»، والباحث الرئيسي للدراسة: «قوة طريقتنا تكمن في التعلم المتزامن لمكونات النظام. من خلال الاستفادة من التعلم الفوقي، يتمكن نظامنا من اتخاذ قرارات تلقائية تحقق أفضل تكيف ممكن في وقت قصير».
شارك عزيزيان في إعداد الورقة البحثية كل من سونبوتشين تانغ، طالب دراسات عليا في قسم الطيران والفضاء، وهاويان صن، طالب دراسات عليا في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب. وقد عُرض البحث مؤخراً في مؤتمر «التعلم للديناميكيات والتحكم»
التعلم على التكيف
تتغير سرعات الرياح التي قد تواجهها الطائرة في كل رحلة، لكن من المفترض أن تبقى الشبكة العصبية ودالة الانحدار المستخدمة ثابتتين، لتجنّب إعادة التدريب في كل مرة.
لتحقيق هذه المرونة، اعتمد الباحثون على التعلم الفوقي، ودربوا النظام على مجموعة من سيناريوهات الرياح المختلفة أثناء مرحلة التدريب.
يوضح تانغ: «الهدف ليس فقط أن يتكيف النظام، بل أن يتعلم كيف يتعلم. عبر التعلم الفوقي، يمكننا إنشاء تمثيل مشترك من بيانات متعددة السيناريوهات بسرعة وكفاءة».
في التطبيق العملي، يقوم المستخدم بتغذية نظام التحكم بمسار الطيران المطلوب، ويقوم النظام بحساب قوة الدفع اللازم في الزمن الحقيقي لإبقاء الطائرة على المسار رغم أي اضطرابات جوية.
وقد أثبت النظام كفاءته سواء في المحاكاة أو في اختبارات حقيقية، حيث تفوق على جميع الطرق التقليدية في تتبع المسار، حتى في الظروف الجوية القاسية.
يضيف عزيزيان: «حتى عندما تجاوزت قوة الرياح مستويات لم نشهدها في التدريب، أثبتت تقنيتنا قدرتها على التعامل معها بكفاءة».
واللافت أن تفوق النظام على الطرق الأخرى ازداد كلما زادت شدة الرياح، مما يدل على قدرته على التكيف مع البيئات الصعبة.
ويجري الفريق الآن تجارب ميدانية على طائرات مسيّرة حقيقية لاختبار النظام في مواجهة ظروف جوية متنوعة.
كما يسعى الفريق لتوسيع قدرات النظام ليتعامل مع اضطرابات متعددة المصادر في وقت واحد. فعلى سبيل المثال، تغير سرعة الرياح قد يغيّر من توزيع وزن الحمولة أثناء الطيران، خصوصاً عند حمل مواد سائلة.
كما يطمح الباحثون إلى تطوير خاصية التعلم المستمر، بحيث يتمكن النظام من التكيف مع اضطرابات جديدة دون الحاجة إلى إعادة تدريبه على البيانات السابقة.
وفي تعليق على البحث، قال بروفيسور باباك حسّیبي من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا «Caltech»، والذي لم يشارك في المشروع: «نجح نافيد وزملاؤه في الجمع بين التعلم الفوقي والتحكم التكيفي التقليدي، لتعلم الخصائص غير الخطية من البيانات. واستخدامهم لخوارزميات الانحدار المرآتي مكّنهم من استغلال البنية الجيومترية الكامنة للمشكلة بشكل لم تفعله الطرق السابقة. وهذا العمل قد يساهم بشكل كبير في تصميم أنظمة ذاتية التشغيل تعمل بكفاءة في بيئات معقدة وغير مؤكدة».
وقد حصل هذا البحث على دعم من عدة جهات، منها شركة «MathWorks»، ومختبر «MIT-IBM Watson» للذكاء الاصطناعي، ومركز «MIT-Amazon» للعلوم، وبرنامج «MIT-Google» للابتكار في الحوسبة.