هل تقود روسيا القيصرية إلى نظام عالمي مُتعدد الأقطاب؟
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
حمد الناصري
تمتلك روسيا الاتحادية جوانب ثقافية مُتعددة، تتشابك إثنياتها في تقاليد شتى، لا سيما المتعلقة بالأدب والفن الشعبي والموسيقى التقليدية والعمارة والسينما والفلسفة والسياسة، وكل ذلك له تأثير على الثقافة العالمية، ناهيك عن امتلاكها ثقافة مادية ثرية كالتراث التقني الذي تثري به.
والثقافة الروسية نشأت منذ نشوء السلاف الشرقيين وتكوين معتقدهم الوثني في الغابات والسهول، كما تأثرت مناطق أوروبا الشرقية وأوراسيا بالثقافة الروسية؛ فالشعب السلافي في روسيا عبارة عن أتراك "بدو" والتتار وقبائل أخرى من أصول إيرانية.
وللإمبراطورية البيزنطية واليونانية روابط قوية في روسيا القديمة أواخر الألفية الأولى بعد الميلاد، إضافة إلى ثقافة بحر الشمال كالأرانجيين أو الفايكينج الأسكندنافيين في الألفية الثانية للميلاد. وكان لها أثر عميق على الثقافة الروسية، ومن خلال ذلك الاندماج القبائلي أو الثقافي الزاخر بتراث بعيد وعميق تشكَّلت القبائل السلافية الأولى، واندمجت في ثقافات الشمال الأوروبي وأوروبا الشرقية وآسيا الشرقية التي شكلت الهوية الروسية.
ولا شك أن الزخم الكبير لثقافة "الفولجا" التي عُرفت بـ"روس كاجاناتي" أو بـ"روس الكييفية"؛ إذ بدأ المسيحيون الأرثوذكس يتوافدون عبر الإمبراطورية الرومانية الشرقية في القرن التاسع، واعتنقت روس الكييفية رسميًا المسيحية الأرثوذكسية في عام 988 ميلادية. وعُرِفت بالثقافة الروسية في الألفية التي تلت توليف الثقافات السلافية والبيزنطية. وهكذا طورت روسيا ثقافتها وتأثرت بموقعها بين ثقافتين أوروبية وآسيوية أي ثقافة روسية أوراسية.
وبعد سقوط القسطنطينية على يد العثمانيين الأتراك عام 1453م، ظلت روسيا الدولة الأرثوذكسية الأكبر في العالم، فأطاحت بإرث الخلافة البيزنطية في فكرة روما الثالثة. وتداعت الأحداث بين عامي 1547م- 1721م وقعت أحداث تاريخية مهمة، من مثل نشوء سمات ثقافية روسية تطورت إلى ما يعرف بـ"روسيا القيصرية".
تطورت إصلاحات بطرس الأكبر الذي حكم بين عامي 1682 و1725 وحكم الإمبراطورية الروسية لقرنين من الزمان، والتي توافقت ثقافتها مع الثقافة الأوروبية إلى حد كبير. وقد تغير الموقف في القرن العشرين حين أصبحت الأيديولوجية الشيوعية في الثقافة الروسية مُستوردة من أوروبا.
وتعد اللغة الروسية أكثر اللغات السلافية تجانسًا والأكثر انتشارًا واعتمادًا في روسيا. ويقع أشهر المتاحف الروسية في العالم على نهر النيفا في مدينة سانت بطرسبورج.
خلاصة القول.. يُعد التنوع الثقافي الروسي ميزة تنافسية في السياسة الدولية؛ إذ أصبحت الثقافة الروسية قوة ناعمة تُشغل المنظمات العالمية، مُجبرةً بذلك الدول المتقدمة على الاهتمام بتعزيز تنوعها الثقافي الخاص. ويُثير هذا التفاعل تساؤلات حول افتراضات نظام عالمي أحادي القطب، مُحتملًا أن يؤدي إلى احتكار لهذا التنوع الثقافي. وبدلًا من ذلك، يُفترض وجود نظام عالمي متعدد الأطراف يُعزز التنوع الثقافي الحقيقي ويسعى لسياسة مجتمعية موحدة، يُمارس قيادته إيجابًا وخارجًا عن أي انحياز.
أسئلة كثيرة تدور في دهاليز السياسة، فضلًا عن طرح قضايا وتوقعات فكرية مهمة كالدور الثقافي القوي المُحتمل حدوثه لروسيا نتيجة تنوع مصادره التاريخية والفكرية والدينية والعرقية، كما إن دور روسيا الحالي والقوي في السياسة العالمية والناتج عن نمو جانبها العسكري إلى درجة كبيرة، جعل صوتها يصدح في الساحة السياسية الدولية العُليا، وجعل منها ندًا لا يُستهان به للولايات المتحدة الأمريكية، ناهيك عن تحالفاتها السياسية والاقتصادية مع دول المنطقة وبالأخص في الشرق الأوسط؛ مما جعلها معادلًا منطقيًا لكفة ميزان القوى العالمية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الثقافة الروسیة
إقرأ أيضاً:
بوتين: نسعى لعالم متعدد الأقطاب للحفاظ على هوية الدول
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن روسيا والهند تنتهجان سياسة مستقلة في إطار "بريكس" و"شنغهاي للتعاون" وتسعيان لعالم متعدد الأقطاب للحفاظ على هوية الدول، واحترام سيادتها.
رئيس وزراء الهند يعلن عن اتفاقية مع روسيا للتعاون الاقتصادي حتى 2030 بوتين: حجم التسويات المالية بين روسيا والهند بلغ 96%وقال بوتين في أعقاب المحادثات الروسية الهندية في نيودلهي اليوم: "تنتهج روسيا والهند سياسات خارجية مستقلة بالتعاون مع دول "بريكس" و"منظمة شنغهاي للتعاون"، وتدفعان عجلة بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب أكثر عدالة وديمقراطية، وتتمسكان بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة".
ولفت إلى أن المحادثات بين الجانبين شملت بحثا معمقا لمجمل جوانب التعاون الروسي الهندي، واصفا حزمة الاتفاقيات الموقعة بأنها "قوية".
وشكر بوتين رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي على حفاوة الاستقبال مؤكدا أن المحادثات كانت مفيدة وبناءة.