تقارير دولية: تصاعد التوترات التجارية يهدد الاقتصاد العالمي في 2025 وتوقعات بتباطؤ النمو إلى أدنى مستوياته منذ 2009
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على عدد من التقارير الصادرة عن مؤسسات دولية كبرى، والتي تناولت بقلق التراجع الحاد في توقعات نمو التجارة والاقتصاد العالميين خلال عام 2025، نتيجة التوترات المتصاعدة في السياسات التجارية، لا سيما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
منظمة التجارة العالمية تحذر من تباطؤ خطير في نمو التجارة العالميةكشفت منظمة التجارة العالمية في تقريرها الصادر تحت عنوان "توقعات التجارة العالمية والإحصاءات - أبريل 2025"، عن تدهور ملحوظ في آفاق نمو التجارة الدولية.
وأوضحت أن تصاعد الرسوم الجمركية، إلى جانب تزايد حالة عدم اليقين في السياسات التجارية، شكّل تهديدًا مباشرًا على استقرار حركة السلع والخدمات عبر الحدود.
وقلصت المنظمة توقعاتها لنمو حجم تجارة السلع من 2.7% إلى 2.5% خلال عام 2025، بانخفاض قدره 0.2 نقطة مئوية.
كما حذّرت من إمكانية تراجع النمو بنسبة إضافية تصل إلى 1.5% حال استمرار فرض الرسوم المتبادلة وتفاقم حالة عدم اليقين، وهو ما سينعكس سلبًا بشكل خاص على الدول الأقل نموًا.
التجارة بين أمريكا والصين تعيد تشكيل خريطة التدفقات العالميةشهدت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين تحولات جذرية بفعل السياسات الحمائية، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في واردات واشنطن من المنتجات الصينية، لا سيما في قطاعي المنسوجات والمعدات الكهربائية.
وبيّن التقرير أن هذا الانخفاض قد يفتح المجال أمام دول أخرى، لا سيما النامية، لزيادة صادراتها إلى السوق الأمريكية.
في المقابل، توقعت منظمة التجارة العالمية أن ترتفع صادرات الصين إلى بقية دول العالم بنسبة تتراوح بين 4% و9%، مما يعكس قدرة الصين على إعادة توجيه صادراتها جزئيًا رغم التحديات.
تراجع في تجارة الخدمات وتباين في أداء القطاعاترغم عدم خضوع قطاع الخدمات بشكل مباشر للرسوم الجمركية، إلا أن منظمة التجارة العالمية أوضحت أن انخفاض الطلب على الخدمات المرتبطة بالبضائع، كالنقل والخدمات اللوجستية والسفر، أدى إلى تقليص التوقعات الخاصة بنمو هذا القطاع.
وتم تعديل تقديرات نمو التجارة في الخدمات إلى 4.0% في 2025 و4.1% في 2026، بعد أن كانت 5.1% و4.8% على التوالي.
وسجّل قطاع النقل أبطأ نمو متوقع بنسبة 0.5% فقط، في حين بلغ النمو المتوقع لقطاع السفر 2.6%. أما الخدمات الرقمية، فرغم تأثير التوترات، إلا أنها حافظت على مكانتها بين الأقل تأثرًا، مع توقعات بنمو يصل إلى 5.6%.
أداء متباين بين المناطق.. وآسيا تتفوق على أوروباأظهر التقرير أن آسيا سجلت أداءً قويًا في صادرات السلع والخدمات خلال عام 2024، مما أسهم في رفع متوسط النمو العالمي، في حين شهدت أوروبا تراجعًا في الصادرات والواردات نتيجة حالة التباطؤ الاقتصادي والتحديات الجيوسياسية.
كما بيّنت البيانات أن الدول الأقل نموًا سجلت تحسنًا ملحوظًا في صادراتها بنسبة 5% في 2024، بعد عام من التراجع، ويُتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 4.8% خلال 2025، لا سيما في قطاعات المنسوجات والإلكترونيات.
أمريكا الشمالية تقود التراجع في مساهمات التجارة العالميةتوقعت منظمة التجارة العالمية أن تسهم أمريكا الشمالية سلبًا في نمو تجارة السلع بمقدار -1.7 نقطة مئوية خلال 2025، نتيجة التوترات التجارية وتباطؤ الطلب المحلي.
في المقابل، حافظت آسيا وأوروبا على مساهمات إيجابية، رغم انخفاضها مقارنة بالسيناريوهات الأساسية. وسجلت إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية مساهمات طفيفة إيجابية مدفوعة باستمرار الطلب على الطاقة.
وكالة فيتش: الحرب التجارية تدفع الاقتصاد العالمي لأدنى معدلاته منذ الأزمة الماليةفي سياق متصل، أصدرت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني تقريرها الاقتصادي لشهر أبريل 2025، محذّرة من تراجع حاد في النمو الاقتصادي العالمي بسبب التصعيد الكبير في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والذي دفع متوسط الرسوم الجمركية بين الجانبين إلى ما يفوق 100%، وهو ما تسبب في صدمة تضخمية وأثر سلبي واسع النطاق على التجارة والاستثمار.
وقد خفضت "فيتش" توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي إلى أقل من 2%، وهو المستوى الأدنى منذ عام 2009 باستثناء فترة جائحة "كوفيد-19".
كما خفضت توقعات النمو للاقتصاد الأمريكي والصيني بنسبة 0.5 نقطة مئوية لكل منهما، ليصل النمو في أمريكا إلى 0.4% فقط بحلول الربع الرابع من 2025، بينما تتوقع أن ينخفض نمو الصين إلى أقل من 4%.
صدمات اقتصادية وارتفاع التضخم في أمريكاكشف التقرير أن الولايات المتحدة فرضت رسومًا جمركية قياسية تحت شعار "يوم التحرير"، والتي تسببت في ارتفاع متوسط معدل الرسوم إلى 23%، الأعلى منذ عام 1909.
وعلى الرغم من تخفيف الإجراءات لاحقًا، فإن الأضرار الاقتصادية قد وقعت بالفعل، ودفعت الصين إلى اتخاذ إجراءات مضادة.
وكنتيجة مباشرة، رفعت "فيتش" توقعاتها لمعدل التضخم في الولايات المتحدة إلى أكثر من 4%، مشيرة إلى تأثيرات سلبية محتملة على الاستهلاك واستثمارات الأعمال.
كما نبه التقرير إلى أن تراجع أسعار الأسهم وضعف الثقة سيؤثران على ثروات الأسر الأمريكية ويحدان من النمو الاقتصادي.
تباطؤ صيني وركود محتمل في قطاع البناءأكدت "فيتش" أن جزءًا كبيرًا من النمو الاقتصادي الصيني في 2024 جاء من التجارة، وهو ما يتعرض الآن لضغوط شديدة بفعل انخفاض الصادرات.
وأشارت إلى أن استمرار الركود في سوق البناء، إلى جانب ضغوط انكماشية، سيدفع الحكومة الصينية إلى المزيد من السياسات التيسيرية على المستويين المالي والنقدي.
سياسات نقدية متباينة.. وتوقعات بانخفاض أسعار النفطأوضحت الوكالة أن "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي قد يُبقي على أسعار الفائدة حتى الربع الأخير من العام قبل البدء في خفضها.
في المقابل، يُتوقع أن تتجه البنوك المركزية في أوروبا والدول الناشئة إلى تيسير أكبر في السياسة النقدية، بدعم من تراجع أسعار النفط العالمية إلى 65 دولارًا للبرميل، مما يخفف الضغوط التضخمية خارج الولايات المتحدة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: التجارة العالمية الاقتصاد العالمي منظمة التجارة العالمية وكالة فيتش الرسوم الجمركية الصين الولايات المتحدة تباطؤ النمو التضخم العالمي
إقرأ أيضاً:
الوزراء: ثلاثة تحولات أساسية تُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي
في إطار اهتمام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، برصد وتحليل كل ما هو متعلق بالتقارير الدولية التي تتناول الشأن المصري أو تدخل في نطاق اهتماماته، سلط المركز الضوء على عدد من التقارير الدولية التي ترصد التوقعات الاقتصادية العالمية، ومن ذلك تقارير لعدد من الجهات والمؤسسات الدولية أبرزها بنك مورجان ستانلي وبروجيكت سينديكت.
حيث سلط تقرير بنك مورجان ستانلي، - والذي جاء بعنوان “التوقعات الاقتصادية لمنتصف عام 2025: تباطؤ واسع النطاق”، الضوء على تباطؤ واسع في النمو الاقتصادي العالمي خلال عام 2025، المدفوع بتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية وتراجع الطلب العالمي، مع تفاوت في السياسات النقدية والمالية بين الدول.
كما يبرز اختلاف مسارات التضخم، واستمرار التحديات البنيوية في الصين، وتماسك نسبي في الهند واليابان، وسط حالة متزايدة من عدم اليقين على المستويين السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية.
أوضح التقرير أنه من المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي العالمي إلى معدل سنوي يبلغ 2.9% في عام 2025، مقارنة بـ3.3% في 2024، مع انخفاضه إلى 2.5% بحساب الربع الرابع على أساس سنوي.
ويُعزى هذا التراجع أساسًا إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي الذي يؤثر سلبًا على بقية دول العالم، مشيرًا إلى أن هذا التباطؤ سيجعل من عام 2025 أضعف عام نمو منذ جائحة "كوفيد-19".
وأشار التقرير إلى أن السياسات التجارية الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة الزيادات الجمركية، قد أحدثت صدمة هيكلية للاقتصاد العالمي، حيث أدت حالة عدم اليقين الناتجة عن تلك الإجراءات إلى تقييد الطلب عالميًّا، وعلى الرغم من احتمال استمرار المفاوضات التجارية الأمريكية، إلا أنه من غير المرجح إزالة الرسوم بالكامل، مما يبقي على التوتر في النظام التجاري العالمي.
أوضح التقرير أن التوقعات تشير إلى أن التضخم سيواصل الانخفاض في معظم الدول، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قد تؤدي الرسوم الجمركية إلى ارتفاع أسعار المستهلكين، لتبلغ ذروتها بين 3% و3.5% في الربع الثالث من 2025، ومن المتوقع أن تؤدي أسعار النفط المنخفضة، وتقدير العملات، وتراجع الطلب إلى استمرار التباطؤ في نمو الأسعار عالميًّا، مع بلوغ التضخم العالمي 2.1% في عام 2025 و2% في عام 2026.
أفاد التقرير أنه في ظل تراجع النمو والتضخم، قد تتجه البنوك المركزية في أغلب الدول إلى خفض أسعار الفائدة إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تمثل حالة استثنائية، حيث من المرجح أن يُبقي الاحتياطي الفيدرالي على معدلات الفائدة دون تغيير حتى مارس 2026، وفي المقابل، ستزيد الحكومات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين من الإنفاق العام لتحفيز النمو، مما سيرفع مستويات العجز، لا سيما في كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد الأمريكي من نمو بلغ 2.8% في عام 2024 إلى 1.5% في عام 2025، ثم إلى 1% في عام 2026، نتيجة للقيود على الهجرة، وعدم اليقين بشأن السياسات، وارتفاع الرسوم الجمركية، كما من المتوقع أن يكون هناك ضغوط تضخمية إضافية بفعل نقص العمالة، لا سيما في قطاع الخدمات، على أن يبدأ التضخم في التراجع في عام 2026 مع ضعف الطلب وانخفاض الإنفاق الاستثماري.
ويرجح التقرير أن يحتفظ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بموقفه الحذر حتى أواخر 2025، حين تبدأ الضغوط التضخمية في الانحسار، ليعقب ذلك ضعف في سوق العمل، وبناءً على ذلك، من المتوقع أن يخفض الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 175 نقطة أساس بحلول نهاية 2026، متجاوزًا ما يُعرف بمستوى "الحياد النقدي".
أما في منطقة اليورو، فإن ضعف الصادرات يمثل العائق الرئيس أمام النمو، ويتوقع أن ينمو الاقتصاد الأوروبي بنسبة 1% في عام 2025، مقارنة بـ0.8% في عام 2024، على أن يتراجع التضخم دون مستهدف البنك المركزي الأوروبي خلال نفس الفترة، ويرجح أن يواصل البنك المركزي الأوروبي دورة التيسير النقدي ليصل سعر الفائدة إلى 1.5% بنهاية العام.
وفي الصين، أوضح التقرير أنه من غير المتوقع أن تنجح جهود الحكومة في تحفيز الاقتصاد في تعويض الأثر السلبي للرسوم الجمركية الأمريكية، كما تواصل البلاد مواجهة ضغوط انكماشية وضعف في قطاع الإسكان، ويتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.5% في عام 2025 و4.2% في عام 2026، مقارنة بـ5% في عام 2024، مع استمرار التحديات البنيوية المرتبطة بالديون والاختلالات الاقتصادية.
وفي هذا الصدد، تشير التقديرات إلى أن اليابان ستستفيد من تحسن دخول الأسر بفضل زيادة الأجور وتباطؤ التضخم، ما يدعم ثقة المستهلك ويُبقي على نمو اقتصادي بنسبة 1% في عام 2025 و0.5% في عام 2026، ارتفاعًا من 0.2% في عام 2024. أما الهند، فتظل الاقتصاد الأسرع نموًا عالميًّا، مع توقعات بنمو يبلغ 5.9% في عام 2025 و6.4% في عام 2026، مدعومًا بقوة الطلب المحلي وتوسع صادرات الخدمات والسياسات الاقتصادية الداعمة للنمو.
أضاف التقرير أنه في أمريكا اللاتينية، من المتوقع أن يتوقف النمو في المكسيك خلال 2025، مع احتمال التعافي في عام 2026، بسبب تأثير الرسوم الجمركية والارتباط الوثيق بالاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى ضعف الطلب المحلي وسوق العمل، ويرجح استمرار حالة عدم اليقين حتى منتصف عام 2026، موعد إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة بين كل من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك (USMCA).
أوضح التقرير أنه من المتوقع أن تحقق البرازيل نموًا في عامي 2025 و2026، وإن كان بوتيرة أبطأ، وتكمن أبرز التحديات في أسعار الفائدة المرتفعة، وتآكل الأجور، وضعف الاستثمارات قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2026، مما يضغط على إمكانات النمو في أكبر اقتصاد بأمريكا الجنوبية.
اتصالاً؛ سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الضوء أيضاً على تقرير منظمة بروجيكت سينديكت والذي جاء بعنوان "فهم الاقتصاد العالمي الجديد"، والذي تناول التحولات البنيوية التي تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، من خلال استعراض ثلاث عوامل رئيسة هي: اضطراب تدفقات رؤوس الأموال بسبب التوترات الجيوسياسية، والتفاوت الديموغرافي بين مناطق نامية تتسم بوجود قوة شابة بها وأخرى متقدمة تتجه نحو الشيخوخة، وتصاعد الانقسامات الإيديولوجية الذي يعمق تفكك العولمة ويزيد من تعقيد البيئة الاقتصادية وصعوبة التنبؤ بتوجهاتها المستقبلية.
أوضح التقرير أن البيئة الاقتصادية العالمية تشهد اليوم اضطرابًا متزايدًا، الأمر الذي يفرض على صانعي السياسات وقادة الأعمال والمستثمرين إعادة التفكير في النماذج الذهنية التي يستخدمونها لتحليل الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى ثمة ثلاثة تحولات أساسية تُعيد تشكيل هذا الاقتصاد، وهي تدفقات رؤوس الأموال، والتغيرات الديموغرافية، والانقسامات الإيديولوجية، وهي جميعًا تدفع نحو عالم أكثر تجزؤًا وانغلاقًا.
أفاد التقرير أن تدفقات رؤوس الأموال تخضع لتغيرات ناتجة عن متطلبات تنظيمية كحظر الولايات المتحدة الأمريكية للاستثمار في الصين، وسعي المستثمرين وراء فرص جديدة لعوائد مرتفعة في مختلف القطاعات والمناطق، فقد تمثل الولايات المتحدة الأمريكية حاليًّا ما يقارب 70% من القيمة السوقية للأسهم عالميًّا، وتجذب أكثر من 70% من التدفقات إلى سوق الاستثمارات الخاصة البالغة 13 تريليون دولار، ويرجع ذلك إلى كون السوق الأمريكية الأكثر قدرة على تحقيق عوائد جذابة بفضل ريادتها في الابتكار وعمق سيولتها.
بالإضافة إلى، خطر الرفع المالي الخفي (Hidden Leverage) وديون القطاع المصرفي الموازي، إذ أفادت "ستاندرد آند بورز" بأن هذه البنوك امتلكت أصولًا مالية بقيمة 63 تريليون دولار بنهاية 2022، أي ما يعادل 78% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وفي عام 2024، شكلت هذه المؤسسات 70% من إقراض الرهن العقاري والتمويل عالي المخاطر في الولايات المتحدة الأمريكية، مما يستدعي من المستثمرين وقادة الأعمال التساؤل عن طبيعة الجهات الحائزة للديون، وأين تكمن نقاط التركّز المالي الكبرى.
والجدير بالذكر أن الرفع المالي الخفي هو استخدام الديون أو الأدوات المالية ذات المخاطر العالية بطريقة غير واضحة أو غير مُعلنة ضمن النظام المالي، بحيث لا تظهر هذه الالتزامات بشكل مباشر في الميزانيات العمومية للمؤسسات أو لا تخضع للرقابة التنظيمية الكاملة.
وفي السياق الديموغرافي، أوضح التقرير أن الكثافة السكانية تستمر في الارتفاع عالميًّا، إذ تتوقع الأمم المتحدة بلوغ عدد السكان 11.2 مليار نسمة بحلول 2100، مقارنة بـ8.1 مليار حاليًّا، حيث يعيش قرابة 90% من سكان العالم في الأسواق الناشئة الأفقر، وتُظهر التوقعات استمرار النمو السكاني في مناطق مثل إفريقيا والهند والشرق الأوسط بمعدلات تفوق 2.1 طفل لكل امرأة، ما يعني بقاء هذه المناطق شابة.
وفي إفريقيا، على سبيل المثال، يشكِّل من هم دون سن 25 عامًا ما بين 50% و60% من السكان، مقارنة بـ20% فقط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وفي المقابل، تشهد مناطق أخرى مثل أوروبا والصين تراجعًا في معدلات المواليد وشيخوخة سكانية متسارعة. في حين، تُظهر بيانات "يوروستات" أن عدد سكان الاتحاد الأوروبي سيبلغ ذروته عام 2026 عند 453.3 مليون نسمة، لينخفض لاحقًا إلى 419.5 مليون بحلول 2100.
وفي الصين، تفيد بيانات الأمم المتحدة بأن عدد سكانها سيتراجع من 1.4 مليار حاليًّا إلى أقل من 800 مليون في نهاية القرن، ولهذا التباين في الاتجاهات السكانية آثارٌ بعيدة المدى على الطلب والإنتاج العالمي للسلع كالطاقة والغذاء، فعلى سبيل المثال، لا تزال الهند تعتمد بشدة على الفحم والوقود الأحفوري لتلبية احتياجات سكانها الفقراء، مقارنة بالاعتماد على الطاقة المتجددة.
أما على الصعيد الأيديولوجي، أوضح التقرير أن التباعد بين الدول والمناطق أصبح أمرًا واقعًا يجب مراعاته، فانهيار التعددية وتجزئة التجارة وتدفقات رؤوس الأموال والهجرة وتبادل الأفكار أصبحت جميعها تدخل في حسابات الأسواق، ورغم أن كبرى الشركات الأمريكية ما زالت تحقق أكثر من نصف إيراداتها من خارج الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها مطالبة بإعادة تقييم علاقاتها التجارية التقليدية وتحالفاتها المتوترة.
وعلى المدى القصير، قد تؤدي سياسات الرسوم الجمركية وعمليات الترحيل التي تنتهجها إدارة ترامب إلى ارتفاع الأجور وأسعار السلع والخدمات، ما يغذي التضخم، وسيرافق ذلك ارتفاع في تكلفة رأس المال، مما قد يضعف شهية الاستثمار لدى الشركات، أما على المدى البعيد، فإن فك العولمة وتطورات التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية ستُعمّق من الانقسامات الإيديولوجية.
أشار التقرير إلى أن التوترات الجيوسياسية تُظهر انقسامًا حادًا بين الرأسمالية الحكومية والرأسمالية السوقية، مع إعادة تشكيل التحالفات والمجموعات الدولية.
كما أكد التقرير أن هذه التحولات تزيد من صعوبة تحقيق التوافق العالمي، حتى في جهود كانت محل احتفاء عالمي مثل مؤتمرات المناخ التابعة للأمم المتحدة، وفي ظل تباطؤ النمو العالمي، أصبحت التجارة والتمويل والطاقة والدين والذكاء الاصطناعي والهجرة تُستخدم كأدوات للنفوذ، ما يعقّد المشهد ويجعل التنبؤ بالسياسات أكثر صعوبة.
أوضح التقرير في ختامه أن التحولات المتسارعة في بنية الاقتصاد العالمي تفرض على صانعي السياسات وقادة الأعمال تقليص آفاقهم الزمنية في التخطيط واتخاذ القرار، مع اعتماد أفق زمني أقصر لا يتجاوز 18 شهرًا بدلًا من الدورات الاقتصادية التقليدية الممتدة.
فوسط هذا القدر المتنامي من التقلبات، لم يعد بالإمكان الاعتماد إلى استقرار الأطر التنظيمية أو التوازنات الجيوسياسية أو المعطيات الاقتصادية، مما يجعل من المرونة والتكيّف السريع شرطًا أساسيًّا للنجاح في البيئة العالمية الجديدة.