تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحيي منظمة الأمم المتحدة اليوم الدولي للتعددية والدبلوماسية من أجل السلام في مثل هذا اليوم 24 أبريل، ولا يمكن اختزال مفهوم التعددية في كونه مجرد بديل للثنائية أو الأحادية في العلاقات الدولية، ولا في كونه تعاوناً بين ثلاث دول أو أكثر. فالتعددية، في جوهرها، تعبر عن توافق سياسي نابع من منظومة قيم ومبادئ يتشارك فيها الفاعلون الدوليون.


 

هي ليست ممارسة طارئة، ولا مجرد تكتل عابر، بل مسار من التعاون يقوم على التشاور، والانفتاح، والتضامن. كما تعتمد على إطار من القواعد التي صيغت جماعياً لضمان استمرارية التعاون وفعاليته، وتُطبّق هذه القواعد بالتساوي على جميع الأطراف، مما يرسّخ مبدأ التوازن بين الحقوق والمسؤوليات.
 

ومن هنا، تصبح التعددية أسلوباً فعّالاً لتنظيم التفاعل بين الدول ضمن نظام دولي مترابط، لا يستقيم إلا بتوزيع عادل للأعباء والمهام.

التعددية في السياق التاريخي


ورغم أنّ التعددية أصبحت عنصراً راسخاً في هيكل النظام الدولي الحالي، فإن فهمها لا يكتمل إلا بالعودة إلى جذورها التاريخية وتأمل تطورها ضمن شبكة العلاقات الدولية.

ميثاق المستقبل وتجديد الالتزام


في قمة المستقبل التي استضافتها الأمم المتحدة في سبتمبر 2024، جدد قادة العالم التزامهم بمسار التعددية، مؤكدين تمسكهم بقيم السلام، والتنمية المستدامة، وصون حقوق الإنسان. وفي ظل عالم يزداد ترابطاً، باتت التعددية والدبلوماسية أدوات لا غنى عنها لمواجهة التحديات المعقدة التي تواجه البشرية.

الأمم المتحدة.. حجر الزاوية للتعددية


تمثل الأمم المتحدة النموذج الأبرز للتعددية الحديثة. فميثاقها التأسيسي لا يقتصر على تحديد هياكل المنظمة ووظائفها، بل يشكّل مرجعية أخلاقية للنظام الدولي المعاصر. وقد وصفه الأمين العام أنطونيو غوتيريش في تقريره لعام 2018 بأنه “البوصلة الأخلاقية” التي توجه العالم نحو السلام، وتصون الكرامة، وتعزز حقوق الإنسان وسيادة القانون.
ويؤكد الميثاق على أهمية التنسيق بين الدول لاتخاذ إجراءات جماعية فعّالة للحفاظ على الأمن، وتعزيز علاقات ودية قائمة على المساواة واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، فضلاً عن تعزيز التعاون الدولي في مختلف المجالات.

نمو التعددية وتوسعها


شهدت التعددية تطوراً ملحوظاً منذ عام 1945، إذ ارتفع عدد الدول الأعضاء من 51 إلى 193، بالإضافة إلى مشاركة أوسع من قبل المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، حيث تحظى أكثر من ألف منظمة بصفة مراقب في الأمم المتحدة.
وقد أثمرت هذه التعددية عن إنجازات كبيرة، بدءاً من القضاء على أمراض خطيرة مثل الجدري، وصولاً إلى توقيع اتفاقيات دولية للحد من التسلّح، والدفاع عن حقوق الإنسان. ولا تزال جهود التعاون ضمن إطار الأمم المتحدة تُحدث فارقاً ملموساً في حياة ملايين البشر يومياً.

دور الدبلوماسية الوقائية


تأسست الأمم المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية بهدف منع تكرار مآسي النزاعات، حيث شدّد ميثاقها على أهمية تسوية الخلافات بطرق سلمية.
ورغم أن الدبلوماسية الوقائية قد لا تحظى دوماً بالاهتمام الإعلامي، فإنها تظل أداة أساسية لمنع الأزمات ومعالجة أسبابها الجذرية قبل تفاقمها.

ترسيخ الاعتراف الدولي بالتعددية


في سبتمبر 2018، أعاد قادة العالم تأكيد التزامهم بالتعددية خلال اجتماعات الجمعية العامة، وتبع ذلك حوار رفيع المستوى في أكتوبر من نفس العام حول تجديد هذا الالتزام. وفي ديسمبر 2018، تبنت الجمعية العامة القرار رقم A/RES/73/127، معلنة 24 نيسان/أبريل يوماً دولياً للتعددية والدبلوماسية من أجل السلام، وداعية الدول والمؤسسات حول العالم إلى إحياء هذا اليوم وزيادة الوعي بأهمية التعددية كنهج يضمن الأمن والاستقرار والعدالة في العالم.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: منظمة الأمم المتحدة الامم المتحده مفهوم التعددية الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

حمامة السلام الترامبية.. العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب (5)

قبل أيام أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته عقد لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة خطة يرى فيها حلا للأزمة الأوكرانية، وإنهاء للحرب التي هددت أمن حلفائه في أوروبا، وأثرت في سلاسل إمداد الغذاء في العالم. وجاءت ردود الفعل سريعة بعد الإعلان، إذ رحب المدعو، ورحب الحلفاء مع تحفظات، وتخوف الطرف الآخر، أوكرانيا، في ظل البنود الموضوعة على طاولة اللقاء الذي تحدد له الخامس عشر من آب/ أغسطس الجاري، في ولاية ألاسكا الأمريكية.

موقف ترامب قد يبدو غريبا على سياساته التي انتهجها، والتي غيرت وجه العالم منذ توليه منصبه، وفي ذلك أدعوك عزيزي القارئ للعودة إلى سلسلة مقالات "العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب". والغريب هنا أن ترامب الذي انتهج القوة وفرض السيطرة منذ يومه الأول في البيت الأبيض، أصبح داعية للسلام وحمامة تحمل في فمها غصن الزيتون، ليحلق فوق مناطق الصراعات محاولا إطفاء نيرانها وتضميد جراح المكلومين.

الغريب هنا أن ترامب الذي انتهج القوة وفرض السيطرة منذ يومه الأول في البيت الأبيض، أصبح داعية للسلام وحمامة تحمل في فمها غصن الزيتون، ليحلق فوق مناطق الصراعات محاولا إطفاء نيرانها وتضميد جراح المكلومين
المتابع لتصريحات ترامب وتقارير المتابعة الإعلامية للرجل يجد أنه حديثا؛ بدأ يركز على إنهاء عدد من الصراعات العالمية كجزء من سياسته الخارجية التي تتبنى شعار "أمريكا أولا"، ويعتمد في ذلك على القوة الدبلوماسية والاقتصادية لبلاده، وهو ما يفتح المجال للتخمين، الذي بدا يتجلى في صورة الحقائق، عن رغبته في نيل جائزة نوبل للسلام، وهو يمكن فهمه من خلال دعوات بعض الدول والجهات ترشيح ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، وعلى رأسها تل أبيب.

يسعى ترامب لإنهاء الحرب في ربوع المعمورة وإضفاء السلام على البسيطة، وكأنه المسيح مخلص البشرية من آثامها ومضمد جراح الضحايا والآخذ بيد الضعفاء، فلم يترك ترامب صراعا إلا وطرح له مشروعا للسلام، فكما طرح مشروعا لإنهاء الصراع بين الهند وباكستان، طرح آخر لتايلاند وكمبوديا، وثالثا لرواندا والكونغو الديمقراطية، كما ذهب بعيدا إلى أذربيجان وأرمينيا، كي يحل مشاكلهما، حتى إسرائيل وإيران؛ يسعى الرجل بعد نجاحه وقف حرب الــ12 يوما بينهما لإنهاء الصراع بالكلية.

في غزة طرح الخطط، ووضع المشاريع والمخططات، سواء كانت تلك الخطط والمقترحات لصالح طرف على حساب آخر، أو لفرض السلم وإنقاذ الضحايا من آلة الموت الإسرائيلية، أو سواء كانت هذه المساعي تراعي الحقوق التاريخية لشعب عاش على أرض تم اغتصابها ويكافح ألا يغتصب ما تبقى منها، أو لا، وسواء كانت خطته لفرض السلام قائمة على مقررات أممية تم التوافق عليها وإقرارها منذ ثمانين عاما، حتى أضحت، وإن كانت مجحفة، عنوانا للحقيقة أو لا.

وفي أوكرانيا يرى الرجل في نفسه قدرات يستطيع بها إنهاء الحرب بين كييف وموسكو في 24 ساعة، وهو ما أثار جدلا واسعا بسبب تعقيد الصراع، وهو في ذلك يتخذ من تقليص المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وربط أي دعم إضافي بالتزام كييف بالدخول في مفاوضات مع موسكو، في المقابل إمكانية فرض عقوبات جديدة على روسيا إذا رفض الرئيس فلاديمير بوتين التفاوض. ترامب لا ينوي حقا إنهاء الحروب، بل يسعى لتعزيز الهيمنة الأمريكية من خلال القوة الاقتصادية والعسكرية، وهو ما زل به لسانه حين قال مقولته المشهورة "السلام بالقوة"، فهذا هو ترامب، وهذه مساعيه ليعم العالم السلام الذي يصب في خدمة مطامعه في تركيع العالم ليجعل أمريكا "عظيمة"يرى ترامب أنها وسائل ناجعة لحل الأزمة. وميدانيا، اقترح تجميد القتال على الخطوط الأمامية الحالية وإنشاء منطقة منزوعة السلاح كجزء من اتفاق محتمل.

على غرار غزة التي يرى فيها ترامب ريفيرا الشرق الأوسط، ويسعى لأن يعيشها أهلها حياة أفضل في بلاد أخرى يتم توزيعهم عليها، يقترح ترامب استعادة جزئية لمناطق في إقليم خاركيف، وضمان عبور دون عوائق عبر نهر دنيبرو، كحل للأزمة الأوكرانية، وبالتوازي وعود باستثمارات أمريكية في الخيرات الأوكرانية.

الغريب في الأمر أن الرئيس زيلنسكي عندما اعترض على التنازل عن جزء من أراضيه، أيدته أوروبا ووقفت إلى جانبه، في حين يستكثرون على شعب شبه أعزل، تحمل مقاومته في أيديها سلاحا يتيما لكنه مشحون بإرادة لا تنكسر، أن يرفض التنازل عن الأرض والتهجير.

حمامة السلام الترامبية لا تحمل في فمها غصن الزيتون كما في مخيلة الناس، ولكن تحمل في فمها سلاح العقوبات الاقتصادية ومذخرة في كلتا قدميها بأساطيل وحاملات الطائرات أمام شواطئ، وفي الممرات الملاحية، وتخفي بين جناحيها صواريخ نووية تستطيع أن تنهي العالم ليعيش في سلام حياته الأخرى.

فترامب لا ينوي حقا إنهاء الحروب، بل يسعى لتعزيز الهيمنة الأمريكية من خلال القوة الاقتصادية والعسكرية، وهو ما زل به لسانه حين قال مقولته المشهورة "السلام بالقوة"، فهذا هو ترامب، وهذه مساعيه ليعم العالم السلام الذي يصب في خدمة مطامعه في تركيع العالم ليجعل أمريكا "عظيمة" (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى - Make America Great Again).

مقالات مشابهة

  • اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي يدعو لوقف فوري للنار
  • منظمة التعاون الإسلامي تعقد اجتماعًا طارئًا لبحث العدوان على غزة
  • حمامة السلام الترامبية.. العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب (5)
  • الاتحاد الدولي للصحفيين: ما نشهده من مجازر بغزة غير مسبوق في التاريخ
  • اجتماع بمقر مجلس النواب لبحث التعاون مع الأمم المتحدة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة
  • أبوراس: شراكة جديدة مع الأمم المتحدة لدعم مسار التنمية في ليبيا
  • مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة حاسمة... هل ينجح العالم في وقف احتلال غزة؟
  • الأمم المتحدة ترحب باتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا
  • مجلس النواب يعزز التعاون مع الأمم المتحدة لتنفيذ أجندة 2030 وأفريقيا 2063
  • أكادير تستضيف الدورة التكوينية للنساء حول العمليات العسكرية لحفظ السلام (صور)