حمامة السلام الترامبية.. العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب (5)
تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT
قبل أيام أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته عقد لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة خطة يرى فيها حلا للأزمة الأوكرانية، وإنهاء للحرب التي هددت أمن حلفائه في أوروبا، وأثرت في سلاسل إمداد الغذاء في العالم. وجاءت ردود الفعل سريعة بعد الإعلان، إذ رحب المدعو، ورحب الحلفاء مع تحفظات، وتخوف الطرف الآخر، أوكرانيا، في ظل البنود الموضوعة على طاولة اللقاء الذي تحدد له الخامس عشر من آب/ أغسطس الجاري، في ولاية ألاسكا الأمريكية.
موقف ترامب قد يبدو غريبا على سياساته التي انتهجها، والتي غيرت وجه العالم منذ توليه منصبه، وفي ذلك أدعوك عزيزي القارئ للعودة إلى سلسلة مقالات "العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب". والغريب هنا أن ترامب الذي انتهج القوة وفرض السيطرة منذ يومه الأول في البيت الأبيض، أصبح داعية للسلام وحمامة تحمل في فمها غصن الزيتون، ليحلق فوق مناطق الصراعات محاولا إطفاء نيرانها وتضميد جراح المكلومين.
الغريب هنا أن ترامب الذي انتهج القوة وفرض السيطرة منذ يومه الأول في البيت الأبيض، أصبح داعية للسلام وحمامة تحمل في فمها غصن الزيتون، ليحلق فوق مناطق الصراعات محاولا إطفاء نيرانها وتضميد جراح المكلومين
المتابع لتصريحات ترامب وتقارير المتابعة الإعلامية للرجل يجد أنه حديثا؛ بدأ يركز على إنهاء عدد من الصراعات العالمية كجزء من سياسته الخارجية التي تتبنى شعار "أمريكا أولا"، ويعتمد في ذلك على القوة الدبلوماسية والاقتصادية لبلاده، وهو ما يفتح المجال للتخمين، الذي بدا يتجلى في صورة الحقائق، عن رغبته في نيل جائزة نوبل للسلام، وهو يمكن فهمه من خلال دعوات بعض الدول والجهات ترشيح ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، وعلى رأسها تل أبيب.
يسعى ترامب لإنهاء الحرب في ربوع المعمورة وإضفاء السلام على البسيطة، وكأنه المسيح مخلص البشرية من آثامها ومضمد جراح الضحايا والآخذ بيد الضعفاء، فلم يترك ترامب صراعا إلا وطرح له مشروعا للسلام، فكما طرح مشروعا لإنهاء الصراع بين الهند وباكستان، طرح آخر لتايلاند وكمبوديا، وثالثا لرواندا والكونغو الديمقراطية، كما ذهب بعيدا إلى أذربيجان وأرمينيا، كي يحل مشاكلهما، حتى إسرائيل وإيران؛ يسعى الرجل بعد نجاحه وقف حرب الــ12 يوما بينهما لإنهاء الصراع بالكلية.
في غزة طرح الخطط، ووضع المشاريع والمخططات، سواء كانت تلك الخطط والمقترحات لصالح طرف على حساب آخر، أو لفرض السلم وإنقاذ الضحايا من آلة الموت الإسرائيلية، أو سواء كانت هذه المساعي تراعي الحقوق التاريخية لشعب عاش على أرض تم اغتصابها ويكافح ألا يغتصب ما تبقى منها، أو لا، وسواء كانت خطته لفرض السلام قائمة على مقررات أممية تم التوافق عليها وإقرارها منذ ثمانين عاما، حتى أضحت، وإن كانت مجحفة، عنوانا للحقيقة أو لا.
وفي أوكرانيا يرى الرجل في نفسه قدرات يستطيع بها إنهاء الحرب بين كييف وموسكو في 24 ساعة، وهو ما أثار جدلا واسعا بسبب تعقيد الصراع، وهو في ذلك يتخذ من تقليص المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وربط أي دعم إضافي بالتزام كييف بالدخول في مفاوضات مع موسكو، في المقابل إمكانية فرض عقوبات جديدة على روسيا إذا رفض الرئيس فلاديمير بوتين التفاوض. ترامب لا ينوي حقا إنهاء الحروب، بل يسعى لتعزيز الهيمنة الأمريكية من خلال القوة الاقتصادية والعسكرية، وهو ما زل به لسانه حين قال مقولته المشهورة "السلام بالقوة"، فهذا هو ترامب، وهذه مساعيه ليعم العالم السلام الذي يصب في خدمة مطامعه في تركيع العالم ليجعل أمريكا "عظيمة"يرى ترامب أنها وسائل ناجعة لحل الأزمة. وميدانيا، اقترح تجميد القتال على الخطوط الأمامية الحالية وإنشاء منطقة منزوعة السلاح كجزء من اتفاق محتمل.
على غرار غزة التي يرى فيها ترامب ريفيرا الشرق الأوسط، ويسعى لأن يعيشها أهلها حياة أفضل في بلاد أخرى يتم توزيعهم عليها، يقترح ترامب استعادة جزئية لمناطق في إقليم خاركيف، وضمان عبور دون عوائق عبر نهر دنيبرو، كحل للأزمة الأوكرانية، وبالتوازي وعود باستثمارات أمريكية في الخيرات الأوكرانية.
الغريب في الأمر أن الرئيس زيلنسكي عندما اعترض على التنازل عن جزء من أراضيه، أيدته أوروبا ووقفت إلى جانبه، في حين يستكثرون على شعب شبه أعزل، تحمل مقاومته في أيديها سلاحا يتيما لكنه مشحون بإرادة لا تنكسر، أن يرفض التنازل عن الأرض والتهجير.
حمامة السلام الترامبية لا تحمل في فمها غصن الزيتون كما في مخيلة الناس، ولكن تحمل في فمها سلاح العقوبات الاقتصادية ومذخرة في كلتا قدميها بأساطيل وحاملات الطائرات أمام شواطئ، وفي الممرات الملاحية، وتخفي بين جناحيها صواريخ نووية تستطيع أن تنهي العالم ليعيش في سلام حياته الأخرى.
فترامب لا ينوي حقا إنهاء الحروب، بل يسعى لتعزيز الهيمنة الأمريكية من خلال القوة الاقتصادية والعسكرية، وهو ما زل به لسانه حين قال مقولته المشهورة "السلام بالقوة"، فهذا هو ترامب، وهذه مساعيه ليعم العالم السلام الذي يصب في خدمة مطامعه في تركيع العالم ليجعل أمريكا "عظيمة" (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى - Make America Great Again).
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء ترامب روسيا امريكا جائزة نوبل روسيا اوكرانيا ترامب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة صحافة مقالات رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وهو ما
إقرأ أيضاً:
قمة تاريخية بواشنطن | ترامب يجمع زعيمي أرمينيا وأذربيجان لإنهاء نزاع طويل
في خطوة وصفت بأنها فصل جديد في تاريخ منطقة القوقاز، استضاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض قمة غير مسبوقة جمعت بين رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، وذلك على طاولة واحدة في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وخلال هذه القمة التي عكست دورا أمريكيا متزايدا في الوساطة الدولية، أعلن ترامب أن الطرفين، أرمينيا وأذربيجان، تعهدا بوضع حد "نهائي" للنزاع المزمن الذي طال أمده بين البلدين، والذي يعود إلى ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
وقال الرئيس الأمريكي، موجها حديثه إلى الزعيمين: "تلتزم أرمينيا وأذربيجان بوقف دائم للقتال، وبالعمل المشترك في المجالات التجارية، وفتح آفاق السفر بين البلدين، وإقامة علاقات دبلوماسية قائمة على الاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي".
وفي حديث بدا فيه واثقا من قدرته على الحفاظ على التوافق، أضاف ترامب ممازحا: "ستكون العلاقة بينكما جيدة جدا.. وإذا لم تكن كذلك، اتصلا بي وسأتولى إصلاح الأمور بنفسي".
ترشيح ترامب لنوبل للسلاممن جهته، اعتبر الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف هذا اليوم "تاريخيا"، واقترح ترشيحا مشتركا مع أرمينيا للرئيس الأمريكي لنيل جائزة نوبل للسلام، قائلا: "إذا لم يكن الرئيس ترامب هو الأحق بها، فمن يكون؟".
وشكر علييف ترامب أيضا على قراره، المعلن خلال نفس اليوم، القاضي برفع القيود المفروضة منذ سنوات على التعاون العسكري بين الولايات المتحدة وأذربيجان.
أما رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، فقد أيد المقترح بشدة، مؤكدا: "أعتقد أن الرئيس ترامب يستحق نوبل للسلام، وسندافع عن هذا الترشيح وسنعمل على الترويج له".
ورحبت تركيا بدورها بالتقدم المحرز، وجاء في بيان صادر عن وزارة خارجيتها: "نرحب بالتطورات الإيجابية والخطوة المهمة نحو تحقيق سلام دائم بين أرمينيا وأذربيجان".
إعلان مشترك و"مسار ترامب للسلام"وتوج اللقاء بتوقيع وثيقة حملت اسم "إعلان مشترك"، وقعها علييف وباشينيان تحت أنظار ترامب الذي بدا عليه الرضا، وتصافح الزعيمان كإشارة رمزية لإنهاء عقود من الصراع.
وقال علييف تعليقا على الحدث: "نؤسس اليوم لسلام دائم في منطقة القوقاز"، بينما وصف باشينيان الاتفاق بأنه "يمهد الطريق لإنهاء صراع استمر لعقود".
وتضمن "الإعلان المشترك" بندا رئيسيا يقضي بإنشاء "منطقة عبور" تمر عبر الأراضي الأرمينية وتربط أذربيجان بجيب ناخيتشيفان الأذربيجاني المنعزل غربا. هذا الممر، الذي كانت باكو تطالب به منذ وقت طويل، سيطلق عليه اسم "مسار ترامب للسلام والازدهار الدوليين"، ويعرف اختصارا بـ"TRIPP" (تريب).
وأوضح البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستحصل على حقوق تطوير هذا المسار، ما سيمكّن واشنطن من الوصول إلى الموارد الغنية بالنفط في المنطقة، ويعزز نفوذها الاقتصادي والسياسي هناك.
ورغم ما بدا أنه انتصار دبلوماسي، إلا أن هناك تساؤلات حول ما ستجنيه أرمينيا من هذا الاتفاق. مسؤول أمريكي كبير، رفض الكشف عن اسمه، أجاب باختصار: "ستكسب أرمينيا أهم وأقوى شريك في العالم: الولايات المتحدة"، دون أن يفصح عن تفاصيل تتعلق بمصير إقليم ناغورني قره باغ، الذي ما زال ملفا شديد الحساسية.
وأضاف المسؤول: "الخاسرون الحقيقيون في هذا الاتفاق هم الصين وروسيا وإيران".
والجدير بالذكر، أن شهدت العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان توترات حادة وحربين دمويتين من أجل السيطرة على إقليم ناغورني قره باغ، وهو إقليم أذربيجاني تقطنه غالبية من الأرمن.
والحرب الأولى اندلعت عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، وأسفرت عن انتصار أرمينيا، بينما الحرب الثانية اندلعت عام 2020، وانتهت بانتصار أذربيجان.
وفي سبتمبر 2023، شنت باكو هجوما خاطفا استمر 24 ساعة، سيطرت خلاله على الإقليم بالكامل، مما أدى إلى نزوح أكثر من 100 ألف أرميني.
وفي مارس الماضي، اتفقت باكو ويريفان على نص مشروع اتفاق سلام شامل، غير أن أذربيجان لاحقا قدمت مجموعة من الطلبات الجديدة، أبرزها تعديل دستور أرمينيا لحذف أي إشارة لمطالبة بمنطقة ناغورني قره باغ.
وقد أعلن رئيس الوزراء باشينيان استعداده لتنفيذ هذه المطالب، مؤكدا عزمه على إجراء استفتاء دستوري عام 2027.
ورغم ذلك، ما تزال صدمة فقدان ناغورني قره باغ – المعروفة بالأرمنية باسم "أرتساخ" – تمثل جرحا عميقا يقسم الداخل الأرميني.
والجدير بالذكر، أن باب الترشح لـ جائزة نوبل للسلام لعام 2025 قد أغلق في 31 يناير، فيما لم تعلن الأسماء بعد.
وكانت دول مثل إسرائيل، باكستان، وكمبوديا قد أعلنت مؤخرا ترشيحها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنيل الجائزة، في ضوء وساطاته الدولية.