شركة إكس إيه آي التابعة لإيلون ماسك تواجه اتهامات بالتلوث بسبب حاسوب ممفيس العملاق
تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT
تعرض إيلون ماسك لانتقادات لاذعة بسبب مشروعه في بناء حاسوب ضخم في مدينة ممفيس الأميركية والذي يُعده لتشغيل شركة الذكاء الاصطناعي الخاصة به "إكس إيه آي" (xAI)، ويقول السكان المحليون إن حاسوب ماسك أصبح من أكبر ملوثات الهواء في المقاطعة، رغم أن بعض المسؤولين يدافعون عن ماسك مدعين أنه يستثمر في ممفيس. وفقا لتقرير نشرته صحيفة الغارديان.
وسيستمع مسؤولو الولاية إلى جميع أطراف القضية في أول جلسة استماع مع وزارة الصحة، وقبل جلسة الاستماع أفادت مصادر بتوزيع منشورات سرية من قبل شركة "إكس إيه آي" إلى السكان المحليين ذات الغالبية السوداء تدّعي أن لديها انبعاثات منخفضة. وفي الوقت نفسه، كانت جماعات حماية البيئة تجمع بيانات حول كمية التلوث التي يمكن أن تسببها شركة الذكاء الاصطناعي.
وقد وصل النزاع إلى ذروته بداية هذا الشهر عندما كشف مركز القانون البيئي الجنوبي أن "إكس إيه آي" نقلت بتخف ما لا يقل عن 35 توربينا محملا بغاز الميثان دون تصريح وذلك للمساعدة في تشغيل حاسوبها العملاق، وتقول المجموعة إن هذا العدد من المولدات له القدرة على تشغيل مدينة بأكملها وهو مصدر هائل للتلوث السام والمسرطن، وقد كشف المركز هذا من خلال صور الأقمار الصناعية.
إعلانوبعد أيام من انتشار الخبر قال بول يونغ عمدة ممفيس إنه كان على اتصال بشركة "إكس إيه آي" وإن الشركة لم تكن تستخدم جميع مولدات الغاز، وفقًا لشبكة "ريغ نيوز" (WREG News)، وأشار يونغ الذي لطالما دعم عمليات ماسك في ممفيس إلى أن الشركة لديها طلب تصريح معلق لدى إدارة الصحة في مقاطعة شيلبي لتشغيل 15 مولدا، وأضاف "هناك 35 مولدا ولكن 15 منها فقط تعمل، أما المولدات الأخرى فهي مخزنة في الموقع".
والتقط مركز القانون البيئي الجنوبي صورا جديدة لمنشأة "إكس إيه آي" تتضمن تصويرا حراريا والتي تُظهر 33 توربينا تُصدر كميات كبيرة من الحرارة، مما يعني أنها كانت جميعها على الأرجح قيد الاستخدام وقت التقاط الصورة.
وقالت أماندا غارسيا المحامية البارزة في مركز القانون البيئي الجنوبي: "من المروع أن تقوم شركة (إكس إيه آي) بتشغيل أكثر من 30 توربينا دون أي تصاريح أو أي رقابة". وأضافت: "إن عدم إفصاح شركة الذكاء الاصطناعي عن تشغيلها للعشرات من هذه التوربينات الملوثة في مركز بياناتها جنوب ممفيس قد ترك السكان المحليين في جهل تام بما يُضخ في الهواء الذي يتنفسونه يوميا".
مشروع ماسكأعلن ماسك في يونيو/حزيران العام الماضي أن "إكس إيه آي" ستبني حاسوبا عملاقا يدعى "كولوسس" (Colossus) في ممفيس بولاية تينسي، بهدف تدريب نموذج "غروك" (Grok)، ويغطي حجم المبنى الذي يضم هذا الحاسوب مساحة 13 ملعب كرة قدم، وقد صرح ماسك أنه يخطط لمضاعفة هذه المساحة حيث اشترى عقارا آخر في ممفيس لهذا المشروع.
ومن الجدير بالذكر أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تتطلب كميات ضخمة من الطاقة للعمل بسرعة وكفاءة، وتعتمد الولايات المتحدة في إنتاج الكهرباء على الوقود الأحفوري في معظم الولايات، ولكن على بعد بضعة كيلومترات من مشروع ماسك يقبع آلاف السكان من أصحاب البشرة السوداء الذين سكنوا هذه المناطق تاريخيا وكانوا يعانون دوما من التلوث الصناعي، وتشهد هذه المنطقة معدلات إصابة بالسرطان والربو أعلى ومتوسط عمر أقل من مناطق أخرى في المدينة.
إعلانوقد أعرب أعضاء هذا المجتمع عن معارضتهم الصريحة لشركة "إكس إيه آي"، ودعوا إلى مزيد من الرقابة واللوائح البيئية على الشركة. وخلال الأسبوع الماضي، أفاد آلاف السكان بتلقيهم منشورات عبر البريد تُقلل من شأن التلوث المنبعث من توربينات الغاز التابعة لشركة الذكاء الاصطناعي.
وتأتي هذه المنشورات من مجموعة مجهولة تُدعى "الحقائق فوق الخيال"، وتتضمن قائمة موجزة تزعم أن التوربينات هي تقنية أنظف وأقل تلويثا لأنها تستخدم الغاز بدلا من الديزل أو الفحم، كما تزعم أن هذه التوربينات منخفضة الانبعاثات وتخضع لرقابة وكالة حماية البيئة وإدارة الصحة في مقاطعة شيلبي، ولكن كلتا المؤسستين نفت إصدار أي تصاريح لتشغيل مولدات الغاز التابعة لشركة "إكس إيه آي".
وقد جاء في المنشورات "توربينات (إكس إيه آي) الـ15؟ – إنها مصممة خصيصا لحماية الهواء الذي نتنفسه جميعا".
وكتب جاستن بيرسون ممثل ولاية تينيسي في منشور على إنستغرام "إن المنشورات تكذب علينا بشأن تلوث شركة (إكس إيه آي) بغاز الميثان، ونحن نعلم أن غاز الميثان يؤدي إلى نوبات ربو وأمراض في الجهاز التنفسي".
وطالب بيرسون بمعرفة مصدر المنشورات وأوصى جميع أفراد المجتمع بحضور جلسة الاستماع العامة يوم الجمعة. وكتب: "علينا مكافحة الأكاذيب والمعلومات المضللة، الهواء النظيف حق من حقوق الإنسان وعلى إدارة الصحة في مقاطعة شيلبي واجب حماية الهواء الذي نتنفسه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات شرکة الذکاء الاصطناعی إکس إیه آی فی ممفیس
إقرأ أيضاً:
هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟
وقع نظري مؤخرًا على مقال نشره كاتب أمريكي يُدعى «رونالد بروسر»، وهو أستاذ إدارة الأعمال بجامعة «سان فرانسيسكو».
نُشر المقال في مجلة «Current Affairs»، وهي مجلة سياسية ثقافية تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في 1 ديسمبر 2025.
تحدّث الكاتبُ في هذا المقال عن أزمة التعليم في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، ويرى أن الجامعات الأمريكية عقدت الكثير من الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل شركة OpenAI، وأن هذا التوجّه يمثّل تهديدًا للتعليم ومستقبله، ويسهم في تفريغه من مضمونه الرئيس؛ بحيث يتحوّل التعليم إلى ما يشبه مسرحية شكلية فارغة من التفكير وصناعة الفكر والمعرفة الحقيقية.
يرى «بروسر» أن هناك تحوّلا يدفع الطلبة إلى استعمال الذكاء الاصطناعي بشكل مكثّف وغير منضبط في إنجاز الواجبات والأعمال المنوطة إليهم، وكذلك يدفع كثيرا من الأساتذة إلى الاعتماد المفرط عليه في إعداد المحاضرات وعمليات التقويم والتصحيح، وتدفع الجامعات ـ كما يذكر «بروسر» ـ ملايين الدولارات في إطار هذه الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI؛ لتوفير النُّسخ التوليدية التعليمية وتسخيرها للطلبة والأكاديميين.
بناء على ذلك، تذهب هذه الملايين إلى هذه النظم التوليدية الذكية وشركاتها التقنية، في حين استقطعت الأموال من موازنات الجامعات؛ فأدى إلى إغلاق برامج أكاديمية في تخصصات مثل الفلسفة والاقتصاد والفيزياء والعلوم السياسية، وكذلك إلى الاستغناء عن عدد من أعضاء هيئة التدريس.
يكشف الكاتبُ في نهاية المطاف أن الجامعات بدأت تتحول من الاستثمار في التعليم ذاته إلى تسليم النظام التعليمي ومنهجيته وعملية التعلّم إلى منصات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يقلّص الاعتماد على الكوادر البشرية وعلى المنهجيات النقدية والتفكيرية.
كذلك يُظهر الكاتبُ الوجهَ المظلم للذكاء الاصطناعي والاستغلال الذي قامت به شركات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع بعض الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، ويرتبط هذا الوجه المظلم بعملية فلترة المحتوى الذي يُضخّ في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية؛ حيث تُكلَّف فئات من البشر ـ في الغالب من الدول الأفريقية الفقيرة ـ بمراجعة هذا المحتوى وتصنيفه وحذف غير الملائم منه، مقابل أجور زهيدة جدا، وذلك بغية صناعة واجهة «آمنة» لهذه النماذج، وتقتضي هذه العملية في الوقت نفسه استهلاك كميات هائلة من الطاقة والمياه لتشغيل مراكز البيانات التي تقوم عليها هذه الأنظمة.
كما يكشف وجها آخر للاستغلال الرقمي، ضحاياه الطلبة في بعض الجامعات الأمريكية ـ خصوصا المنتمين إلى الطبقات العاملة ـ عبر استغلالهم لصالح مختبرات شركات وادي السيليكون؛ إذ تُبرَم صفقات بملايين الدولارات بين هذه الشركات وبعض الجامعات، دون استشارة الطلبة أو أساتذتهم، في حين لا يحصل الطلبة إلا على الفتات، ويُعامَلون كأنهم فئران تجارب ضمن منظومة رأسمالية غير عادلة.
أتفقُ مع كثير من النقاط التي جاء بها «رونالد بروسر» في مقاله الذي استعرضنا بعض حيثياته، وأرى أننا نعيش فعلا أزمة حقيقية تُهدِّد التعليم والجامعات، ونحتاج لفهم هذه الأزمة إلى معادلة بسيطة معنية بهذه التحديات مفادها أننا الآن في مرحلة المقاومة، والتي يمكن اعتبارها مرحلة شديدة الأهمية، لأنها ستُفضي في النهاية إما إلى انتصار التقنية أو انتصار الإنسان.
مع ذلك، لا أعتقد أن هذه المعركة تحتاج إلى كل هذا القدر من التهويل أو الشحن العاطفي، ولا أن نُسبغ عليها طابعا دراميًا مبالغًا فيه.
كل ما نحتاجه هو أن نفهم طبيعة العلاقة بيننا وبين التقنية، وألا نسمح لهذه العلاقة أن تتحول إلى معركة سنخسرها بكل تأكيد، نظرا إلى عدة عوامل، من بينها أننا نفقد قدرتنا على التكيّف الواعي مع المنتجات التقنية، ولا نحسن توظيفها لصالحنا العلمي والتعليمي؛ فنحوّلها ـ عن قصد أو بدون قصد ـ إلى خصم ضار غير نافع.
نعود بالزمن قليلا إلى الوراء ـ تحديدا تسعينيات القرن العشرين ـ
لنتذكّر المواجهة التي حدثت بين المنظومة التعليمية ـ من جامعات وأساتذة وباحثين ومهتمّين بالمعرفة ـ وبين موجة التهديدات الجديدة التي تزّعمها الإنترنت ومحركاته البحثية، وكان أحد أبرز هذه التهديدات ظهور ما يمكن تسميته بثقافة البحث السريع؛ حيث ابتعد الطالب والباحث عن الطرق التقليدية في البحث مثل استعمال الكتب والقراءة المطوّلة والعميقة، ولجأ إلى الإنترنت والبحث عن المعلومات في غضون ساعات قليلة، والاكتفاء بتلخيص الدراسات والكتب.
ولّد هذا التحوّل مشكلات أخرى، من بينها تفشّي ظاهرة الانتحال العلمي والسرقات الفكرية، ولكن، لم تستمر هذه المشكلة لفترة طويلة؛ فحُلّت تدريجيا بعد سنوات، وتحديدا مع ظهور أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقة العلمية، وظهور أنظمة تأقلمية ومعايير وقوانين تعليمية وأكاديمية عملت على إعادة تموضع الإنترنت داخل المنظومة التعليمية، وهكذا خرج النظام التعليمي والجامعات من تلك المواجهة رابحًا في بعض أجزائه وخاسرًا في أجزاء أخرى.
لا أتصور أن مشكلتنا الحالية مع الذكاء الاصطناعي تشبه تماما المشكلة السابقة التي أحدثها ظهور الإنترنت ومحركات البحث؛ فكانت التحديات السابقة -نسبيا- أسهل، وكان من الممكن التعامل معها واحتواؤها في غضون سنوات قصيرة. أما المشكلة الراهنة مع الذكاء الاصطناعي، فتكمن في سرعته التطورية الهائلة التي لا نستطيع حتى أن نتحقق من مداها أو نتنبّأ بوتيرة قدراتها الإبداعية؛ فنجد، مثلا ، أنه في غضون سنتين أو ثلاث فقط انتقل الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل«ChatGPT» من مرحلته البدائية إلى مرحلته المتقدمة الحالية، تجاوز فيها في بعض الزوايا قدرات الإنسان العادي في المهارات اللغوية، وأصبح يشكّل تحديًا حقيقيًا كما أشرنا في مقالات سابقة.
فيما يتعلّق بالتعليم والجامعات، وكما أشار الكاتب في المقال الذي استعرضناه؛ فنحن أمام مشكلة حقيقية تحتاج إلى فهم عميق وإعادة ترتيب لأولوياتنا التعليمية.
نقترح أولا ألا نتجاوز الحد المسموح والمقبول في استعمال الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ فيجب أن تكون هناك حالة توازن واعية في التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية في الجامعات، وكذلك المدارس.
وبصفتي أكاديميًا، أرى من الضروري أن نقنن استعمال الذكاء الاصطناعي داخل الجامعات عبر وضع معايير وقوانين واضحة، والسعي في الوقت ذاته إلى تطوير أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقات العلمية المرتبطة باستعمال هذه التقنيات والنماذج الذكية، رغم صعوبة ذلك في المرحلة الحالية، ولكن من المرجّح أن يصبح الأمر أكثر يسرا في المستقبل القريب.
رغم ذلك، فلا يعني أنه ينبغي أن نمنع استعمال الذكاء الاصطناعي منعًا تامًا؛ فجلّ ما نحتاجه أن نُشرف عليه ونوجّهه ضمن حدود معيّنة؛ لتكون في حدود تعين على صناعة الإبداع البشري؛ فيمكننا أن نوجّه الذكاءَ الاصطناعي في تنمية مهارات الحوار والتفكير والتحليل لدى الطلبة إذا استُعملَ بطريقة تربوية صحيحة.
ولكن في المقابل يجب أن تُشدَّد القوانين والعقوبات المتصلة بحالات الانتحال والاعتماد الكلّي على النماذج التوليدية سواء في مخرجات العملية التعليمية أو في البحوث العلمية.
كذلك من الضروري أن نُعيد التوازن إلى دور أعضاء هيئة التدريس في الجامعات؛ فمن غير المعقول أن نترك صناعة المحتوى التعليمي مرهونة بالكامل للذكاء الاصطناعي، في حين يتراجع دور الأكاديمي وإبداعه الذي يمارس التفكير والنقد والإضافة المعرفية من عنده.
على صعيد آخر، أظهرت دراسات حديثة التأثير السلبي للاستعمال المفرط للذكاء الاصطناعي والاعتماد عليه على الدماغ البشري بشكل فسيولوجي مباشر؛ فيمكن أن يدخله في حالة من الضمور الوظيفي مع الزمن، خصوصا حال تخلّى الإنسان عن ممارسة التفكير لصالح الخوارزمية.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني