في ظل التحديات الأمنية المتزايدة على الحدود اللبنانية السورية، شهدت منطقة الهرمل شرق لبنان حادثة جديدة كادت أن تشعل فتيل التوتر مجددا بين الجانبين، ما استدعى تدخلا سريعا من الجيش اللبناني لاحتواء الموقف ومنع تفاقم الأوضاع.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور أحمد يونس، الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، إنه لا شك أن الحوادث الأمنية التي جرت في منطقة الهرمل الحدودية مع سوريا خلال الأيام الأخيرة والتي  أسفرت عن وقوع جرحى من الجانبين اللبناني والسوري، لم يكن مجرد حادث عرضي، بل جاء ليضع الاتفاق السياسي والأمني الناشئ بين بيروت ودمشق أمام أول اختبار فعلي له.

وأضاف يونس- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن اللافت أن هذه المواجهة الحدودية وقعت بعد نحو عشرة أيام فقط من زيارة رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، في زيارة تاريخية حملت عنوان "إعادة تنظيم العلاقات الثنائية"، وأفضت إلى تفاهمات مبدئية حول ضبط المعابر الحدودية وتعزيز الأمن المشترك، في إطار مقاربة جديدة للتحديات العابرة للحدود.

وأكد يونس، وقوع الاشتباك رغم الاتفاق السياسي المسبق، يكشف بوضوح أن آفة التهريب على الحدود اللبنانية السورية أعمق وأخطر من أن تُعالج بمجرد تفاهمات سياسية. التهريب هنا ليس مجرد نشاط فردي بل هو شبكة منظمة تتداخل فيها المصالح المحلية والاقتصادية وحتى السياسية، مما يجعل السيطرة عليها تتطلب إرادة صلبة وعملًا ميدانيًا طويل النفس، وقد أظهر الجيش اللبناني، برده السريع عبر تنفيذ مداهمات أمنية وتوقيف متورطين، أن هناك قرارا واضحا لدى السلطات اللبنانية بعدم السماح بتكرار الفوضى، لا سيما في ظل الضغوط السياسية والأمنية الإقليمية التي تحتم على لبنان إظهار جدية أكبر في حماية حدوده.

وأشار، إلى أن وقد تبين من الاتصالات المكثفة التي أجرتها قيادة الجيش اللبناني مع الجانب السوري والتي أفضت إلى احتواء التصعيد، تعكس وجود قناة مفتوحة وجدية للتنسيق بين الجيشين. غير أن احتواء الحادث لا يعني انتهاء المشكلة، بل يعني تأجيل الانفجار المحتمل ما لم يتم اجتثاث جذور الفوضى الحدودية.

وأوضح، أن التفاهمات السياسية، مهما كانت متينة، تبقى حبراً على ورق إذا لم تتحول إلى إجراءات عملية ومنها:

إنشاء نقاط مراقبة ثابتة ومتحركة،تفعيل عمل المخابرات في ملاحقة شبكات التهريب.التنسيق الميداني اليومي بين الوحدات الأمنية على طرفي الحدود،والأهم، معالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تغذي هذه الظاهرة.

وتابع: "ومن الواضح أن الحادث الأخير أظهر أن التهريب تحول إلى سلطة أمر واقع في بعض المناطق الحدودية، وأن تفكيك هذه السلطة يتطلب قرارا سياسيا عابرا للحسابات الضيقة والمصالح المحلية".

وأكمل: "وبالتالي، فإن نجاح التنسيق اللبناني السوري سيتوقف على مدى استعداد الطرفين للمضي في معركة صعبة ومعقدة ضد منظومات اقتصادية وأمنية استفادت طويلاً من غياب الضبط الحدودي". 

واختتم: "نستطيع أن نقدر بأن ما حدث في الهرمل ليس حادثا معزولا، بل هو جرس إنذار مبكر وهو مؤشر إلى أن مرحلة جديدة بدأت على الحدود اللبنانية السورية، عنوانها صراع الإرادات بين الدولة وشبكات التهريب، فإما أن تنجح بيروت ودمشق في ترجمة نواياهما إلى أفعال تحمي السيادة وتستعيد هيبة القانون، وإما أن تبقى الحدود مشرعة على احتمالات التصعيد والفوضى".

وسبق، وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، في بيان صادر الجمعة، عن اتخاذ وحدات الجيش المنتشرة في منطقة الهرمل تدابير أمنية مشددة عقب حادث إطلاق نار وقع يوم الخميس من داخل الأراضي اللبنانية باتجاه الجانب السوري، نتيجة خلافات متعلقة بأعمال التهريب عبر الحدود.

ووفقا للبيان، رد الجانب السوري على مصدر النيران، ما أدى إلى سقوط جرحى من الجانبين، وعلى الفور، باشرت وحدات الجيش تنفيذ إجراءات ميدانية لتحديد مصدر إطلاق النار، حيث قامت بعمليات دهم وملاحقة بالتعاون مع مديرية المخابرات.

وقد أسفرت هذه الإجراءات عن توقيف المواطن (أ.أ.)، المشتبه بتورطه في إطلاق النار، بالإضافة إلى انتمائه إلى مجموعة مسلحة تنشط في مجال التهريب عبر الحدود.

وأضاف البيان أن قيادة الجيش كثفت اتصالاتها مع السلطات السورية، مما ساهم في احتواء التصعيد وتجنب انزلاق الأمور إلى مواجهة مفتوحة، فيما تواصل الوحدات العسكرية تنفيذ التدابير اللازمة لضبط الوضع وملاحقة باقي المتورطين.

سوريا .. اشتباكات دامية في حمص بين الأمن وفلول النظام السابقسوريا .. التصدي لمسيرات فوق مطار حميميم

والجدير بالذكر، أن المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا، لاسيما في شرق البلاد، لطالما كانت بؤرة لتوترات أمنية ناتجة عن التهريب والنزاع المسلح، حيث شهدت بعض البلدات في مارس الماضي اشتباكات وقصفا من الجانب السوري، ما أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية مشتركة.

وتؤكد هذه التطورات حساسية الوضع على الحدود الشرقية، وضرورة التنسيق الأمني المتواصل بين الجانبين للحفاظ على الاستقرار في تلك المناطق التي تعاني من ضعف في البنية الأمنية وانتشار السلاح والتهريب.

العراق يتحرك لإعادة تشغيل خط أنابيب النفط عبر سوريا إلى موانئ المتوسطسوريا تشكل لجنة لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية طباعة شارك لبنان الأراضي اللبنانية الجيش اللبناني

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: لبنان الأراضي اللبنانية الجيش اللبناني الجیش اللبنانی الجانب السوری على الحدود

إقرأ أيضاً:

فيديو.. تفاصيل اختطاف عناصر من حماس من داخل سوريا

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، إن عناصره اختطفوا الليلة الماضية أعضاء من حركة حماس خلال عملية في منطقة بيت جن بجنوبي سوريا، ونقلوهم إلى داخل إسرائيل.

وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على حسابه في "إكس" يقول إن "مقاتلين من لواء الإسكندروني نفذوا عملية الليلة الماضية لاعتقال إرهابيين من حماس كانوا ينشطون في منطقة بيت جن جنوب سوريا".

 وأوضح بيان أصدره الجيش الإسرائيلي ان المعتقلين كانوا يخططون لشن هجمات على مدنيين وعسكريين إسرائيليين داخل سوريا.

وأضاف المصدر ذاته ان العملية تمت بناء على "معلومات استخباراتية جُمعت خلال الأسابيع الأخيرة ضد الإرهابيين الذين كانوا يحاولون الترويج للعديد من المؤامرات الإرهابية ضد إسرائيل وقوات جيش الدفاع الإسرائيلي".

وأكد أنه تم نقل المعتقلين إلى داخل إسرائيل لمزيد من التحقيق من قبل الوحدة 504.

وقال إن الجنود الإسرائيليين عثروا خلال العملية على أسلحة نارية ومخازن ذخيرة وصادروها.

 من جهتها، ذكرت قناة الإخبارية السورية أن القوات الإسرائيلية قتلت شابا سوريا، في بيت جن، على بعد حوالي 50 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق، واعتقلت 7 آخرين.

وقالت "الإخبارية" إن شابا قتل برصاص دورية للاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي، واعتقال 7 أشخاص خلال الاقتحام.

الداخلية السورية: المعتقلون مدنيون

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية السورية لرويترز إن 7 اعتلقوا في المداهمة على بيت جن ونفى كونهم تابعين لحركة حماس مؤكدا أنهم مدنيون من سكان المنطقة. وأضاف أن شخصا قتل بنيران إسرائيلية.

ولدى سؤال رويترز للجيش الإسرائيلي عما إذا كانت المداهمة قد أسفرت عن سقوط أي قتلى، رد بالقول إن أعيرة نارية أطلقت على أحد المشتبه بهم لدى محاولته الفرار و"رصدنا أنه أصيب بها".

ولم يصدر أي تعليق بعد من حماس.

مقالات مشابهة

  • صباحًا... هذا ما يفعله الجيش الإسرائيلي في البلدات الحدودية
  • الجيش الإيراني: دمرنا وأسقطنا 44 مسيرة إسرائيلية في المناطق الحدودية خلال يومين
  • نائب رئيس الحكومة اللبنانية: التعاون مع سوريا ركيزة أساسية لحلّ ملف اللاجئين السوريين في لبنان
  • إسرائيل تحشد قواتها في الشمال على الحدود مع سوريا ولبنان
  • من لبنان إلى سوريا.. تفاصيل أكبر العصابات التي تطوّق الحدود
  • الأردن يرفع حالة الاستنفار.. الجيش مستعد للتصدي لأي خرق أمني وسط توتر الإقليم
  • الجيش الأمريكي يعلن قتل قيادي في داعش بضربة جوية شمال غربي سوريا
  • سوريا تدين التوغل الإسرائيلي في بيت جن بريف دمشق وتدعو المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية
  • فيديو.. تفاصيل اختطاف عناصر من حماس من داخل سوريا
  • الجيش الإيراني يطلق مناورات عسكرية مفاجئة وسط توتر إقليمي متصاعد