أدباء وباحثون: أدب الطفل يبني الهوية ويزرع القيم الإنسانية في الأجيال
تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT
أكد عدد من الكتّاب والباحثين في أدب الطفل أن القراءة وأدب الطفل يشكلان أدوات أساسية لبناء شخصية الطفل وتعزيز هويته الثقافية، مشيرين إلى أهمية غرس القيم العربية والإنسانية في سن مبكرة، وإلى دور الأدب في معالجة القضايا الاجتماعية بطريقة تناسب وعي الأطفال، وتشجعهم على التفكير النقدي والانفتاح على التنوع.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية بعنوان "قصص توحدنا"، نظمتها هيئة الشارقة للكتاب ضمن البرنامج الثقافي لمهرجان الشارقة القرائي للطفل 2025، وتحدث فيها كل من: الكاتبة الإماراتية بدرية الشامسي، وروندا روماني، مؤلفة وصحفية أمريكية من أصل سوري، والكاتب المغربي الحسن بنمونة، والباحث والأكاديمي التونسي الدكتور نزار القمري، وأدارتها الإعلامية عائشة المازمي، من إذاعة بلس 95 في الشارقة.
خصوصيات ثقافية
بدرية الشامسي، تحدثت عن اختفاء الفروق بين الفئات العمرية في تلقي المعرفة، تماماً كذوبان الحدود الثقافية العالمية في ظل وفرة المعرفة وسرعتها، مؤكدة أهمية توعية الطفل في سن مبكرة لتكون عنده حصانة ثقافية ومعرفية، وتعزيز القيم العربية لأن شخصية الطفل تبنى خلال السنوات الخمس الأولى، مشيرة إلى أهمية الأدب في معالجة كل هذه القضايا الاجتماعية والثقافية، حيث يمكن لأدب الطفل أن يكون أداة قوية لمناقشة القضايا الهامة بطريقة مناسبة للأطفال، مما يشجعهم على التفكير النقدي وتطوير وعي اجتماعي، إضافة إلى تأثير القصص على الهوية والانتماء وتعزيز التراث المحلي أو من ثقافات أخرى.
زرع الأمل
بدورها، تحدثت روندا روماني عن كتاباتها وحضور الهوية وقضايا الحرب والسلام، ومحاولتها زرع الأمل من خلال هذه الكتابات في نفوس الأطفال، كما أشارت إلى أهمية تمثيل التنوع والشمولية في أدب الطفل، وضرورة وجود شخصيات وقصص متنوعة تمثل مختلف الخلفيات الثقافية والاجتماعية والقدرات في كتب الأطفال، ما يساعدهم في الشعور بالانتماء والتقدير لذواتهم وللآخرين، مبينة أن أدب الطفل يلعب دوراً رئيساً في الوحدة والتنوع وبناء جيل أكثر انفتاحاً وتقبلاً للآخر. كما تحدثت عن تجربتها الشخصية مع القصص وكيف تؤثر الكتب في حياة الأطفال ونظرتهم للعالم، وكيف يمكن لهم أن يترجموا هذه التجارب في أعمالهم وحياتهم.
مشتركات إنسانية
أما الحسن بنمونة فأصَّل لمفهوم الاختلافات الثقافية، خاصة بين الشرق والغرب، مؤكداً ضرورة التركيز على المشتركات الإنسانية التي يقدم الأدب، حيث تتكرر الموضوعات المشتركة منذ فجر التاريخ، مثل الصداقة، والتعاون، والرحمة، والتسامح، والعدالة، ويعيد الكتّاب كتابتها بطرق مختلفة وجديدة، لذلك عليهم إعادة إنتاج هذه القيم التي تمثل البعد الإنساني للأدب والقوة الحقيقية للقصص بأساليب جديدة، وتمكين الأطفال من معرفة اللغة وتذوق الأدب، لافتاً إلى أن مهمة الكاتب ليست بناء المجتمع فقط، بقدرما هي صناعة الأدب وتكييف كل الموضوعات لجعلها متلائمة مع البيئة الثقافية وبناء مجتمعات أكثر تماسكاً ووحدة، إضافة إلى استكشاف قوة القصص في جمع الناس وتجاوز الاختلافات.
أدوار علمية
من ناحيته، قال الدكتور نزار القمري: "تلعب القراءة دورًا علميًا مهمًا لا يمكن تجاهله؛ فالقصة يمكن قراءتها في أي زمان ومكان، وتُسهم في تنمية اللغة وتوسيع الخيال. كما أن تأثير القراءة على الطفل كبير، فهي تحفزه على التفكير وتساعده على تكوين صور ذهنية تعزز قدراته الإدراكية". كما أشار إلى دور القصص في بناء الجسور الثقافية وتعريف الأطفال بثقافات وعادات وتقاليد مختلفة، مما يعزز التفاهم والاحترام المتبادل بينهم وبين أقرانهم من خلفيات متنوعة، وكسر الصور النمطية وتعزيز التعاطف مع الآخر.
وتندرج هذه الجلسة ضمن ندوات مهرجان الشارقة القرائي للطفل، والذي يضم إضافة للجلسات مجموعة واسعة من الإصدارات الجديدة المخصصة للأطفال واليافعين إلى جانب برنامج حافل بالفعاليات التفاعلية والعروض والأنشطة التثقيفية والترفيهية التي تستمر على مدار 12 يوماً.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: أدب الطفل
إقرأ أيضاً:
7 آلاف جريمة ارتكبها أطفال خلال عام.. والعقوبات توبيخ أو إيداع دور الرعاية
مع تزايد حوادث العنف التي بات أبطالها - أو ضحاياها - أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة، يطرح الشارع المصري تساؤلات مهمة حول جدوى قانون الطفل الحالي، وما إذا كان بحاجة إلى تعديل يعكس واقعًا اجتماعيًا جديدًا تتداخل فيه جرائم غير مسبوقة مع تأثيرات الدراما و«السوشيال ميديا».
لقد شهد العام الماضي وحده أكثر من سبعة آلاف جريمة ارتكبها أطفال، بينما لا تزال العقوبات المقررة لهم تدور بين التوبيخ والإيداع في مؤسسات الرعاية، دون بلوغ مستوى الردع المطلوب.
لقد عرّف القانون المصري الطفل بأنه من لم يكمل عامه الثامن عشر، وحدد له عقوبات مخففة في حالة ارتكاب الجرائم، كما حدد جهات ودور رعاية يتم تأهيله فيها عند ارتكاب جريمة، وتتدرج عقوبة الطفل المتهم ما بين التوبيخ واللوم أو إعادته إلى أهله مع التعهد برعايته، أو الإيداع في دور التأهيل، ولا يُحبس الطفل في جرائم القتل أو الجنايات، ولا يُعاقب بالسجن المشدد أو الإعدام أيًا كانت الجريمة التي ارتكبها، وفق نصوص القانون.
لكن ارتفاع وتيرة الجرائم المرتكبة بواسطة الأطفال، يفتح الباب أمام سؤال جوهري: هل يجب تغليظ العقوبات؟ وهل أصبح النزول بسن المسؤولية الجنائية إلى 16 عامًا ضرورة لحماية المجتمع وأطفاله معًا؟
في البداية تقول الدكتورة رجاء عبد الحميد، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة الأهرام الكندية: إن هناك اختلافًا كبيرًا بين طفل التسعينيات وطفل الألفية الجديدة، بل وحتى بين أجيال السنوات العشر الماضية، فكل ما يدور حول الطفل اليوم يتحرك بسرعة كبيرة، وأطفال العصر الحالي يشاهدون الحروب ضمن ألعابهم الإلكترونية.
وتشير إلى أنه قبل سنوات قليلة، عندما كان الطفل ينجح، كنا نكافئه بساعة أو كتاب أو لعبة تُنمّي ذكاءه، أما اليوم فأصبحت الهدية «موبايل»، يعزله عن العالم ويجعله مستهلكًا أكثر منه منتجًا.
وتضيف: إن طفل اليوم يبحث عن المظاهر أكثر مما كان في الماضي، فبينما كنا في صغرنا نلجأ لإصلاح الحذاء أو الحقيبة عند تمزقهما، أصبح طفل اليوم يبحث عن «براند» شهير، ولا يخرج من البيت إلا بكامل أناقته، ويتركز اهتمامه على مظهره وتقليد «البلوجرز» والفنانين والمشاهير، ولتحقيق هذه الصورة التي يحلم بها، قد يفعل أي شيء أو يرتكب أي جريمة تحت ضغط التقليد فقط.
ويرى المحامي بالنقض ناصر عمر، أن الجرائم التي يرتكبها الأطفال في السنوات الأخيرة، وإن كان للعنف والتقليد الأعمى لما يشاهدونه عبر «السوشيال ميديا» وغياب الرقابة والقدوة دورٌ كبير فيها، إلا أن العقوبة المخففة نظرًا لكونهم أطفالًا تجعلهم يفعلون ما يحلو لهم دون رادع أو خوف.
مشيرا إلى أن النزول بسن المسؤولية الجنائية من 18 إلى 16 عامًا قد يساهم بشكل كبير في الحد من بعض الجرائم، إلى جانب التوعية المجتمعية وتسليط الضوء على ضرورة تغليظ العقوبة. فالمحاكمة أمام جهات التحقيق العادية ستكون رادعًا قويًا للأطفال قبل الإقدام على أي جريمة.
ويقول الدكتور محمد عمر الرفاعي، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة بني سويف: إن مرتكب الجريمة إذا لم يتجاوز 18 عامًا تُطبَّق عليه عقوبات مخففة حددها الدستور، فهو يُعاقب بالتوبيخ أو بتسليمه إلى أهله إذا كان عمره بين 12 و15 عامًا، وقد يُحبس في بعض الجرائم، لكنه لا يُسجَن ولا يُحكم عليه بالإعدام أو السجن المشدد حتى وإن كان مرتكبًا لجريمة قتل، وقد نصت المادة 122 من قانون الطفل على أن محكمة الطفل هي المختصة دون غيرها بالنظر في أمر الطفل المتهم، كما حددت المادة 80 من الدستور سن الطفل بما دون 18 عامًا.
مشيرًا إلى الارتفاع الكبير في جرائم الأطفال، مؤكدًا ضرورة إعادة النظر في سن المسؤولية الجنائية، لأن الحدث عندما يصل إلى 16 عامًا يكون مدركًا تمامًا لما يفعله، والدليل على ذلك جريمة طفل الإسماعيلية الذي خطط ونفّذ ومَحا آثار جريمته كما يفعل المجرمون المحترفون.
ويرى الدكتور أسامة محمدين، أستاذ القانون بجامعة الأزهر، أن العام الماضي 2024 شهد ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الأطفال المحكوم عليهم داخل المؤسسات العقابية، فقد وصلت جرائم الأطفال إلى 7 آلاف جريمة، شكّل الذكور 70٪ منها، وإذا استمر هذا الارتفاع، فإنه يصبح من الضروري النزول بالسن القانونية، خاصة أن تطبيق العقوبات المخففة خلال السنوات الماضية جعل المجرمين يستغلون الأطفال في نشاطهم الإجرامي.
وتتفق مع هذا الرأي الدكتورة هند عبد الغفار، أستاذ القانون الجنائي بجامعة طنطا، مشيرة إلى أن تجار المخدرات يستغلّون الأطفال لأنهم يعلمون أنهم سيعودون إليهم سريعًا بعد فترة قصيرة من ضبطهم، قائلة: لقد رأينا بين البلوجرز المقبوض عليهم أطفالًا صغارًا يقومون بأعمال مخالفة للقانون عبر منصات السوشيال ميديا، ويجنون الأموال، ويتم استغلالهم في عمليات غسل الأموال دون أن يتعرضوا لعقوبات رادعة بسبب حداثة سنهم.
وأضافت: إن الظروف الاجتماعية القاسية وغياب الرقابة والقدوة، إلى جانب تأثير الإعلام العنيف، عوامل دفعت العديد من الأطفال إلى الانحدار نحو مستنقع الجريمة. ولابد من وجود نصوص مكملة للعقوبات وتغليظها، حتى يخشى الأهالي على أبنائهم، ويعلم الطفل أن للجريمة عقابًا كبيرًا. فكما كان تغليظ العقوبات رادعًا للكبار، فإنه سيكون - بلا شك - أكثر تأثيرًا على الصغار.
وأخيرًا، تعلق الدكتورة عزة سليمان، الاستشاري الأسري والتربوي، بقولها: لابد من النظر إلى أسرة المجني عليه في أي واقعة يرتكبها طفل، فوالدة المجني عليه في حادث الإسماعيلية ناشدت المسؤولين بإعدام قاتل ابنها الذي مثّل بجثته وقام بطهوها.
ومن الناحية النفسية، فإن الجاني خرج من طور الطفولة وبراءتها، وأقدم على جريمته بكامل قواه العقلية، وكان واعيًا ومدركًا لما يفعل، بل اعترف بأنه كان يقلد ما شاهده ونفذه بالفعل.
مضيفة: في حالات أخرى مماثلة، نجد الطفل الجاني مدركًا تمامًا لأفعاله ومُصرًّا عليها، مما يجعل النزول بسن المسؤولية إلى ١٦ عامًا ضرورة ملحّة، لأنه سيدفع مرتكب الجريمة في هذا العمر إلى التفكير ألف مرة قبل الإقدام على فعلها، كما سيقضي على استغلال الأطفال في الجرائم، ويؤهل المجتمع للتعامل مع من تجاوز السادسة عشرة باعتباره مسؤولًا قادرًا على تحمل تبعات أفعاله.
اقرأ أيضاًحبس عامل في واقعة التحرش بأطفال مدرسة بالإسكندرية
خبير علوم جنائية يُطالب بالإعدام علنًا لوقف اغتصاب الأطفال