آبل تقلب موازين الذكاء الاصطناعي.. كيف سيؤثر ذلك على سيري وأيفونك القادم؟
تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT
تبدو أبل وكأنها تعيد التفكير كليًا في استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي، فبعد سنوات من محاولة توحيد جميع فرق الذكاء الاصطناعي تحت قيادة واحدة، قررت الشركة مؤخرًا إجراء تغييرات واسعة.
وفقًا لما كشفه الصحفي الشهير مارك جورمان في تقرير جديد عبر بلومبرغ، لم يعد النهج القديم يواكب سرعة التقدم الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي، مما أثر على مشاريع ضخمة مثل تطوير "سيري" ومبادرات الروبوتات الخاصة بالشركة.
في عام 2018، استعانت أبل بالخبير في الذكاء الاصطناعي جون جياناندريا (JG)، القادم من جوجل، بهدف دمج جهود الذكاء الاصطناعي المتفرقة من تطوير سيري، إلى أبحاث الذكاء الاصطناعي، ومشاريع السيارات، والابتكارات في العتاد.
كانت الخطة آنذاك تهدف إلى تسريع التطوير، خاصة مع تراجع أداء "سيري" مقارنة بمساعدي أمازون وجوجل.
ولكن، بحسب جورمان، لم تسر الأمور كما كان متوقعًا، إذ استمرت أبل في التراجع مقارنة بمنافسيها الذين أطلقوا ميزات ذكاء اصطناعي متطورة بوتيرة متسارعة.
وأكبر دليل على ذلك هو "Apple Intelligence"، الذي شهد طرحًا بطيئًا وتأجيلًا لبعض الميزات الحيوية. وشعر المسؤولون داخل الشركة، أن الهيكلية الموحدة لم تحقق النتائج المرجوة بالسرعة المطلوبة.
في مواجهة هذا الوضع، قررت أبل "إعادة ضبط" هيكلها التنظيمي. وفقًا للتغييرات الجديدة، حيث تم تفكيك الفريق المركزي للذكاء الاصطناعي، بينما يتم تطوير "سيري" عاد ليخضع مباشرة لفريق هندسة البرمجيات بقيادة كريغ فيدريغي.
فيما نقلت مشروعات الروبوتات إلى فريق هندسة العتاد بقيادة جون تيرنوس.
وبحسب جورمان، هذه الخطوة ليست مجرد إعادة ترتيب داخلية، بل تعكس قناعة متزايدة لدى أبل بأن الهيكل السابق لم يعد فعالًا بما يكفي.
سباق محموم و ضغط متزايدتأتي هذه التغييرات في وقت تدفع فيه الشركات المنافسة حدود الذكاء الاصطناعي بقوة، حيث توسع فيما جوجل استخدام نموذج Gemini في كل شيء من محرك البحث إلى هواتف بيكسل وأجهزة سامسونج، بينما تنشر مايكروسوفت مساعدها "Copilot" عبر ويندوز وحزمة أوفيس.
اما ميتا فتدمج الذكاء الاصطناعي حتى في نظارات Ray-Ban الذكية، وفي المقابل، لا تزال أبل تواجه ضغوطًا ضخمة للحاق بالركب.
جياناندريا مستمر... ولكن الدور يتقلصحتى الآن، ما يزال جياناندريا يشرف على التقنيات الأساسية لنماذج الذكاء الاصطناعي وأبحاث البيانات، مع تركيز أضيق على البنية التحتية دون التدخل المباشر في كيفية دمج الذكاء الاصطناعي بالمنتجات النهائية،
كما هناك أحاديث، نقلها جورمان، عن أن أبل قد لا تستبدله إذا غادر منصبه،مما قد يعني نهاية تجربة "رئيس الذكاء الاصطناعي" داخل الشركة.
خلاصة المشهدحتى الآن، يبدو أن أبل اختارت العودة إلى منهجها التقليدي القائم على الفرق الوظيفية المنفصلة أسلوب عملي قد يسرّع دمج الذكاء الاصطناعي في منتجاتها، لكنه أيضًا يكشف أن الشركة أدركت الحاجة الماسة إلى تغيير جذري لمجاراة المنافسة في السباق المحموم نحو مستقبل الذكاء الاصطناعي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أبل الذكاء الاصطناعي مجال الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
تربية الأبناء في عصر الذكاء الاصطناعي.. الموازنة بين الفرص والمسؤوليات
د. عبدالعزيز بن محمد الصوافي
في عالمٍ يتشكل فيه الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد ومتسارع، تواجه تربية الأبناء مجموعة جديدة من التحديات والفرص التي لم تكن معروفة سابقًا؛ حيث يكاد لا يمر يوما دون أن نسمع بظهور أدوات وتطبيقات جديدة قائمة على الذكاء الاصطناعي من أدوات التعلم المدعومة بالذكاء الاصطناعي والمساعدين الرقميين إلى المحتوى المُدار بالخوارزميات على منصات التواصل الاجتماعي، ينشأ أبناء اليوم منغمسين في بيئة رقمية مغرية ومختلفة تمامًا عن تلك التي عرفها آباؤهم.
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداةٍ ثانوية أو حتى اختيارية يمكن تجنبها. فهو يُنظّم ما يشاهده الأبناء على اليوتيوب، ويُخصّص تجاربهم التعليمية في الفصول الدراسية، بل ويُشغّل حتى الشخصيات الافتراضية التي يتفاعلون معها في الألعاب الإلكترونية. في حين أن هذه التقنيات تُقدّم فوائد كثيرة مُحتملة وواعدة، مثل تحسين وتسريع عملية التعليم والتعلم، وسهولة وإمكانية الوصول لمصادر المعرفة المختلفة، والراحة وتقليل الجهد المبذول للحصول على المعرفة واكتسابها، إلا أنها تُثير أيضًا مخاوف بشأن الخصوصية، والسلامة، والتطور، والتواصل الاجتماعي.
ويُعدُّ وقت استخدام الشاشة (النقال أو الجهاز اللوحي) من أكثر التحديات إلحاحًا ووضوحًا. غالبًا ما تُصمّم المنصات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لزيادة التفاعل إلى أقصى حد ممكن، وهو نهجٌ قد يؤدي إلى الإفراط في استخدام الشاشة. بالنسبة للعقول الشابة التي لا تزال تُطوّر مهارات التنظيم والتعلم الذاتي، قد يكون لهذا عواقب على تطور حواس الإدراك والانتباه لديهم، وجودة نومهم، وحتى صحتهم النفسية. لذا، يجب على الآباء توخي الحذر، ووضع حدود وتقنين الاستخدام، والتأكد من توازن الاستهلاك الرقمي مع اللعب البدني، والتفاعل المباشر مع اقرانهم، والاستكشاف غير المنظم. في البيئات الحقيقية.
وهناك مصدر قلق آخر يتمثل في خصوصية البيانات وانتهاكها؛ حيث تجمع العديد من الألعاب والتطبيقات والخدمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي البيانات لتخصيص التجارب. وبينما يدعم التخصيص التعلم والتطور، فإنه يعني أيضًا تخزين معلومات الأطفال وتحليلها، وربما مشاركتها مع أطراف أخرى بشكل غير أخلاقي. وفي هذا السياق، تُعد الموافقة المستنيرة من الوالدين والالتزام الصارم بقوانين حماية البيانات، مثل قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA)، ضمانات أساسية. يجب على الآباء معرفة البيانات التي يتم جمعها وكيفية استخدامها.
ومن الناحية الإيجابية، يُمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي حليفًا تعليميًا رائعًا ومسليا في نفس الوقت. فعلى سبيل المثال تستخدم منصات التعلم التكيفي، مثل أكاديمية خان (Khan) وأكاديمية دولينجو (Duolingo)، الذكاء الاصطناعي لتخصيص الدروس التعليمية بما يتناسب مع أنماط التعلم الفردية وسرعتها. بالنسبة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، يُقدم الذكاء الاصطناعي مجالات أكبر - فالمساعدون الصوتيون، وتقنيات التعرف على الكلام، والتطبيقات القائمة على التعلم الآلي، قادرة على كسر حواجز التواصل وإمكانية الوصول. وبهذه الطريقة، يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداةً لـ التعليم والتعلم الشامل.
ومع ذلك، من الضروري أن يظل التوجيه البشري محوريًا ولصيقًا. فلا يُمكن لأي ذكاء اصطناعي أن يُغني عن الوجود البشري، والحكم الأخلاقي، والذكاء العاطفي الذي يُقدمه الآباء والمعلمون ومقدمو الرعاية والخدمات التعليمية. وعليه يجب أن يكتسب ويتعلم الأبناء مهارات التفكير الناقد والتفكير التحليلي وممارستها على كل ما تنتجه وتقدمه لهم أدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة من معلومات ومعارف وعدم قبولها بلا تمحيص أو تفكير. في هذا السياق، ُ تًعد قيم محو الأمية الإعلامية والرقمية، والمواطنة الرقمية، والتفكير الأخلاقي أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ حيث يجب أن يُدرك الأبناء أن وراء كل اقتراح أو توصية رقمية من الذكاء الاصطناعي مجموعة من الافتراضات والخوارزميات والتحيزات المُحتملة من صنع الإنسان.
هناك أيضًا مسألة التنمية الاجتماعية. فالتفاعل مع أدوات الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا عن العلاقات الإنسانية الحقيقية والواقعية (في المسجد والمدرسة والنادي والزيارات العائلية والمناسبات المجتمعية). فبينما قد تُوفر روبوتات الدردشة ممارسةً أساسيةً ومتزايدة للمحادثة، إلا أنها تفتقر إلى دقة وعمق التفاعل البشري الحقيقي الذي يحتاجه الأطفال في هذه المرحلة العمرية لنموهم المعرفي والعاطفي الحقيقي. لذا فإن تشجيع الأطفال على التفاعل مع أقرانهم، وتنمية قيم التعاطف، وممارسة حل المشكلات الواقعية أمرٌ أساسي في عصر الذكاء الاصطناعي.
للآباء والأمهات الذين يخوضون هذه التجربة الجديدة، إليكم بعض المبادئ المفيدة في هذا الشأن:
المشاركة: فهم منصات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها أطفالكم. وضع حدود: إنشاء مناطق خالية من الشاشات والتطبيقات وتشجيع الأنشطة البدنية والعقلية غير المتصلة بالإنترنت. تعليم الأخلاق الرقمية: مساعدة الأبناء على فهم الخصوصية والموافقة والسلوك المحترم على الإنترنت. القيادة بالقدوة: أن يكونوا قدوة لأبنائهم في الاستخدام السليم للتكنولوجيا والتفكير النقدي.إنَّ تربية الأبناء في عصر الذكاء الاصطناعي لا تعني عزلهم عن التكنولوجيا فذلك أمر لا يمكن قبوله ولا يمكن تحقيقه بأي حال من الأحوال؛ بل تعني إعدادهم للتعايش معها بحكمة واستخدامها الاستخدام الأمثل. ومن خلال التوجيه الرصين والمحادثات والنقاشات التربوية معهم، يمكن لأبناء اليوم أن يكبروا ليصبحوا مواطنين رقميين مسؤولين، مُستعدين ليس فقط لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بحكمة، بل أيضًا لرسم مستقبله وتوجيه مساره نحو الأفضل.
** باحث أكاديمي