المعارضة الأردنية وأسئلة الوعي الوطني
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
#سواليف
#المعارضة_الأردنية وأسئلة #الوعي_الوطني
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
في زمن تزدحم فيه الأوطان بالتحديات، وتتسارع فيه التحولات من حولنا، يصبح السؤال عن موقعنا من معادلة الإصلاح والوعي السياسي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
ليس من قبيل الترف الفكري أن نعيد اليوم قراءة مسيرة المعارضة السياسية الأردنية الممتدة على مدى قرن من الزمن، بل هي ضرورة وطنية ملحّة، إذا أردنا أن نرسم لأنفسنا طريقًا إلى المستقبل، بعيدًا عن التكرار العقيم والاجترار البائس لخيبات الماضي.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه علينا بإلحاح لا يحتمل التأجيل:
ما الدور الذي اضطلع به المثقفون الأردنيون في تشكيل الوعي السياسي الوطني؟
وهل استطاعت النخب الفكرية أن ترتقي بدور المعارضة فتقودها إلى خدمة المشروع الوطني، أم أنها وقعت – كما وقع غيرها – في شراك المعارك الجانبية، وتاهت وسط الحسابات الفئوية والإقليمية الضيقة؟
لقد كان الرهان على المثقفين كبيرًا. كانوا يؤمل منهم أن يكونوا صوت العقل الوطني، والحصن الأخير في وجه تكلس النظام السياسي وانغلاقه. ولكن التجربة، للأسف، كانت متباينة، وتكشفت عن مواقف مترددة، وأحيانًا متناقضة، عجزت عن تقديم بديل وطني جامع وقادر على إحداث الفارق.
من جهة أخرى، فإن سؤال جدوى المعارضة ذاته يحتاج إلى مراجعة شجاعة:
هل كانت المعارضة، عبر مئة عام، أداة فاعلة في دفع الإصلاح الوطني إلى الأمام، أم أنها تحولت – في كثير من محطاتها – إلى مجرد صدى للاحتجاج، دون أن تقدم مشروعًا وطنيًا متكاملاً ومؤسسًا؟
وهل استطاعت أن تؤسس جبهة وطنية موحدة قادرة على حمل هموم الوطن والمواطن، أم أن الخلافات الأيديولوجية، والانقسامات الفئوية، والطموحات الشخصية كانت أقوى من أي حلم بالإصلاح الحقيقي؟
أسئلة موجعة، ولكنها ضرورية، تلامس جرح الوعي الوطني، وتدق ناقوس الخطر أمام كل من يؤمن بأن الأردن يستحق أكثر مما هو عليه الآن.
نطرحها لا بغرض جلد الذات، ولا استحضار الأسى، بل بحثًا عن بصيص أمل في أن يكون هناك طريق ثالث، طريق وطني صادق، يعيد للحياة السياسية معناها، ويجعل من المعارضة شريكًا مسؤولًا لا خصمًا مبتورًا.
إن هذه المرحلة من تاريخنا السياسي تفرض علينا جميعًا، مثقفين وناشطين وأصحاب رأي، أن نراجع أنفسنا بصدق، بعيدًا عن الانفعال أو التبرير أو الاتكاء على الماضي.
فالتحولات الإقليمية والدولية لا تنتظر المترددين، والفرص الوطنية الحقيقية تحتاج إلى شجاعة الاعتراف بالخطأ، والتفكير الجاد في كيفية تجاوز حالة الاستنزاف السياسي والاجتماعي التي نعاني منها.
وإيمانًا مني بأهمية فتح هذا النقاش الوطني العميق والمسؤول، سأخصص سلسلة من المقالات التحليلية النقدية خلال الفترة القادمة، أتناول فيها بتفصيل المحطات المفصلية في مسيرة المعارضة الأردنية: نجاحاتها، إخفاقاتها، وملامح الطريق الذي ينبغي أن يُرسم إن أردنا أن نصنع إصلاحًا حقيقيًا لا يضيع وسط الضجيج أو التسويات السطحية.
لكن، ومع هذا الالتزام، يظل السؤال المرير معلقًا في الأفق:
هل لما نكتب اليوم من جدوى؟
وهل ستجد كلماتنا الصادقة صدى في وطن أرهقته الأزمات والانتظار الطويل؟
سنكتب… لأن الكلمة كانت دائمًا البذرة الأولى لكل تغيير، ولأن الأمل في الإصلاح، مهما تراجع، سيظل أمانة في عنق كل من آمن أن الأوطان لا تبنى إلا بالصدق، والشجاعة، والتضحية.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الوعي الوطني
إقرأ أيضاً:
حكم بسجن المعارض سيكسيه ماسرا 20 سنة في قضية سياسية يثير جدلاً في تشاد
أصدرت محكمة في تشاد، أول أمس السبت 10 أغسطس 2025، حكماً بالسجن 20 سنة نافذة على القيادي المعارض ورئيس حزب "المحوّلون" سيكسيه ماسرا، بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها مليار فرنك أفريقي، بتهم تشمل "نشر رسائل عنصرية" و"الانتماء لجمعية إجرامية" مرتبطة بأعمال عنف طائفية في منطقة مانداكاو، و"التواطؤ في جرائم قتل".
ويأتي هذا الحكم وسط جدل واسع، إذ أبدى ماسرا، وهو رئيس وزراء سابق خلال فترة انتقالية للرئيس الحالي محمد إدريس ديبي إتنو، هدوءاً وثقة عند صدور الحكم، حيث أشار لأعضاء حزبه وأقاربه قائلاً: "لا تقلقوا، سنلتقي قريباً".
من جانبهم، اعتبر محامو ماسرا الحكم "ظالماً" و"سياسياً"، مؤكدين غياب الأدلة الكافية واصفين ما جرى بأنه "استغلال للعدالة لتصفية حسابات سياسية". وأوضح فرانسيس كاجيليمباي، منسق فريق الدفاع، أن موكلهم تعرض لـ"الإهانة والإذلال"، وأن القضية لا تستند على أساس قانوني واضح.
ويأتي هذا الحكم بعد اعتقال ماسرا في 16 مايو الماضي على خلفية اشتباكات طائفية في بلدة مانداكاو جنوب البلاد، أسفرت عن مقتل عشرات الأشخاص. وتثير هذه الاتهامات السياسية والتهم الجنائية المرتبطة بها تساؤلات عن نوايا السلطات التشادية في قمع المعارضة، خاصة وأن ماسرا كان قد خاض انتخابات رئاسية في مايو 2024 ضد الرئيس ديبي إتنو، الذي فاز بنسبة تجاوزت 60%.
ويُذكر أن ماسرا، البالغ من العمر 41 عاماً، وهو خبير اقتصادي تلقى تدريبات في فرنسا والكاميرون، شغل منصب رئيس الوزراء في فترة انتقالية قبل الانتخابات الرئاسية، مما أعطاه حضوراً قوياً في المشهد السياسي التشادي.
تُعد هذه القضية انعكاساً للوضع السياسي المتوتر في تشاد، حيث يتهم المعارضون النظام باللجوء إلى القضاء كأداة سياسية لإسكات الأصوات المناهضة، في وقت يطالب فيه العديد من المراقبين المحليين والدوليين بضمان العدالة المستقلة واحترام حقوق الإنسان.
ويعكس الحكم الصادر بحق ماسرا، برأي أنصاره، حالة القمع السياسي التي تعاني منها المعارضة في تشاد، ويطرح تساؤلات حول مستقبل الحريات السياسية في البلاد، في ظل تصاعد الاحتقان الاجتماعي والطائفي، والتحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة في الحفاظ على الاستقرار.
في هذا السياق، يبرز الحكم كرسالة واضحة من السلطة التشادية للمعارضة، تؤكد على تقييد حرية التعبير ومحاولة حصر المنافسة السياسية، وسط تحذيرات من أن استمرار هذا النهج قد يزيد من تعقيد الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد.