لم يكلفني أمر أن أحظى بإجابة منك سوى أن أدق أبواب هذا الصرح المتين، والحمد لله والمنة وجدت في ثنايا الحضوة دفئا لا يمكن تصوره، خاصة وأنني إنسانة تعبة وجلة .

سيدتي، أعياني الغلب وأنهكني أن ألعب دورا لم أكن يوما أظن أنني سأكون مطالبة مجبرة به، فأنا إمرأة مطلقة عدت أدراجي خائبة إلى بيت أهلي وفي كنفي طفل هو الآن في ال15من عمره.

أحب إبني إلى درجة لا يمكن تصورها، والدليل أنني لم أشأ إعادة تجربة الزواج بعد طلاقي مخافة أن يكون له زوج أمّ يزجره وينهره. وبقيت على ذات الحال أتخبط بين مسؤولية أن أكون أما حنونا لإبني وأن أكون نعم السند والمعين وفي مثابة أب له حتى لا يضيع.

إكتشفت مؤخرا أن إبني يدخن ومن أنه يتصرف مع أترابه كالكبار. حيث أنه اخبرني أحد أصدقائه من أنه يريد أن يثبث وجوده بين الناس  بأن يحمي المستضعف منهم ويرد المظالم لأصحابها.

لست أدري سيدتي لما توجست للأمر. حيث أنني أعلم قدرات إبني وأدرك أنه ليس بكل هذه القوة، كما أنني متخوفة من أن تتطور الأمور إلى ما لا يحمد عقباه. فأجد نفسي أمّا لشاب طائش أو منحرف يوما.

أريد منك سيدتي أن تمديني ببعض النصائح التي من خلالها أنقذ إبني من مخالب الضياع.

الرد:

أحييك أختاه وأحيي صمودك ورباطة جأشك وأنت تخوضين بعد طلاقك رحلة إثباث الذات، مؤثرة على نفسك السعادة التي أردتها أن تتجلى في فلذة كبدك الذي لم تتخذي له زوج أم قد يدخله في متاهة. أدرك أن المسؤولية الملقاة على عاتقك صعبة، ومن أن الحياة ليست بالسهلة لمن تكافح وحدها في سبيل بلوغ مرفأ الأمان، إلا أنه ومادام الله معك فمن المؤكّد أنك ستبلغين ما تريدينه لا محالة.
في غمرة حرصك على إبنك وفي غمرة إحاطتك له بالحب والحنان وجدته في سنه الحرج هذا كمن إنسلخ من براءته وراح يمارس مع أترابه لغة الكبار ، لا لشيء إلا ليثبث لهم جدارته وحتى يبني لهم شخصية غير شخصيته تحبرهم على إحترامه وعدم إيذائه.

تصرف مثل هذا سيدتي يعكس عدم إحساس إبنك بالأمان، فلو كان قد غرف من الأمان والحنان ما بنى شخصيتك لما كان إنسلخ كما قلت من براءته ليمارس تصرفات الكبار خارج المنزل. وهذا ما يدفعك أختاه لأن تكوني أكثر قربا منه، ولتغدقي عليه أكثر بالإحاطة والدنوّ.

ينقص إبنك في سنه هذا رجل بإمكانه أن يكون قدوة له، وهذا ما يجب أن تبحثي عنه لدى أحد إخوتك الذي بإمكانه أن يكون الصديق والباني لمعالم شخصية إبنتك المراهق الذي لا يجب أن يحيا بلا براءته، حدثيه وأخبريه أن كل شيء في أوانه جيد، حيث أنه من الجميل أن يرد المظالم لأهلها ويدافع عن المستضعفين، لكن ماذا لو واجه لأجل ذلك ممن لا يخافون الله من العرابدة والمدمنين ما يجعله يدفع حياته ثمنا ؟

وبعيدا عن سلطة الأم والأب التي تلعبين أطوارها، حاولي أن تخبري إبنك ببلوغ مسامعك أنه يدخن، ولتخوضي معه في هذا الموضوع بكثير من اللين مبينة له خطورة ما يمكن أن يصيبه من أمراض وهو في سنه هذا ، وكذلك يجب أن تخطريه بمسألة الأموال التي لن يمكنه تأمينها للحصول على السجائر التي ستصبح بالنسبة له كإدمان قد يؤدي به إلى إدمان من نوع أخر.

أدرك أختاه أن الأمر ليس بالهين، لكن صدقيني لفّ إبنك بكثير من الحب والحنان، هو ما سيعزز ثقته في نفسه، كما أنه يجب عليك أن تبيني له عدم إنكسارك وسيطرتك على الوضع، حتى تضمني على الأقل أنك أما فلذة كبدك ذات شخصية يمكنه أن يحيا تحت كنفها مرتاح البال هانئا من دون أن ينسلخ من برائته ويمارس سياسة ولغة الكبار.

كان الله في عونك أختاه، وسدّل خطاك إلى ما فيه خير مع هذا الإبن الذي هو أمانة في عنقك بعد أن غاب طيف أبيه عن حياته.

ردت: س.بوزيدي.

المصدر: النهار أونلاين

إقرأ أيضاً:

من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟

غزة- أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم السبت اغتيال رائد سعد القيادي في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، باستهداف سيارة مدنية على الطريق الساحلي جنوب غرب مدينة غزة.

وزعم الاحتلال أن اغتيال سعد جاء ردا على خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، بتفجير عبوة ناسفة في وقت سابق بقوة من الجيش الإسرائيلي داخل غزة، لكن القناة الـ 12 العبرية قالت إنه "تم استغلال الظروف المواتية لاغتياله دون أي علاقة بأي انتهاك للتهدئة".

وأطلق الجيش الإسرائيلي على عملية اغتيال سعد اسم "وجبة سريعة"، حيث سنحت له الفرصة لاغتيال الرجل الثاني حاليا في الجناح العسكري لحركة حماس، بعد القيادي عز الدين الحداد الذي يقود كتائب القسام.

وباغتيال رائد سعد تكون إسرائيل قد نجحت في الوصول إليه بعد أكثر من 35 عاما من المطاردة، تعرض خلالها للكثير من محاولات الاغتيال.

مسيرة قيادية

ولد رائد حسين سعد في الخامس عشر من أغسطس/آب عام 1972 في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، والتحق مبكرا بصفوف حركة حماس، وبدأ الاحتلال يطارده في بداية الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987.وعتقلته قوات الاحتلال أكثر من مرة.

حصل على درجة البكالوريوس في الشريعة من الجامعة الإسلامية أثناء وجوده في السجن عام 1993، حيث كان نشطا حينها في الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس، وحصل سعد على شهادة الماجستير في الشريعة من الجامعة نفسها عام 2008.

وبحسب المعلومات الخاصة التي حصلت عليها الجزيرة نت، التحق سعد بالعمل العسكري مبكرا، وعمل مع قدامى المطاردين من كتائب القسام أمثال سعد العرابيد، ويعتبر من أواخر جيل المطاردين في مرحلة انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000.

وتولى سعد منصب لواء غزة الشمالي في  كتائب القسام عام 2007، وكان ممن أشرفوا على تأسيس وتأهيل القوة البحرية للكتائب في غزة.

إعلان

وفي عام 2015 ترأس ركن العمليات، وكان عضوا ضمن مجلس عسكري مصغر مكون من قيادة كتائب القسام في قطاع غزة، إلى جانب القياديين محمد الضيف ومروان عيسى، وذلك في الفترة الواقعة بين عامي 2012 و 2021.

كيف تناول الإعلام الإسرائيلي عملية اغتيال رائد سعد في غزة؟.. التفاصيل مع مراسلة #الجزيرة فاطمة خمايسي#الأخبار pic.twitter.com/gLL2nMKLsc

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 13, 2025

تقول إسرائيل إن سعد كان مسؤولًا عن الخطط العملياتية للحرب، حيث أشرف على خطوتين استراتيجيتين شكّلتا أساس الاستعداد التنفيذي لعملية طوفان الأقصى: الأولى إنشاء كتائب النخبة، والثانية إعداد خطة "سور أريحا"، الهادفة إلى حسم المعركة ضد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي.

وزعم الاحتلال -خلال الحرب الأخيرة على غزة- اعتقاله أثناء اقتحام مجمع الشفاء الطبي في مارس/آذار 2024، ونشر صورته حينها ضمن مجموعة ممن تم اعتقالهم، قبل أن يعترف بأنها وردت بالخطأ مما يشير إلى ضعف المعلومات الاستخبارية المتوفرة عنه لدى الاحتلال الإسرائيلي.

وتعرض سعد أيضا خلال الحرب لعدة محاولات اغتيال، كان أبرزها في شهر مايو/ أيار عام 2024، بقصف منطقة سكنية بمخيم الشاطئ، وعرض الجيش الإسرائيلي مكافأة مالية قيمتها 800 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للوصول إليه بعد فشل اغتياله.

ونقلت إذاعة الجيش أن إسرائيل بحثت عن رائد سعد لفترة طويلة جدا، وسعت إلى اغتياله مرتان في الأسبوعين الماضيين، لكن الفرصة لم تكتمل، وبمجرد أن تم التعرف عليه مساء السبت وهو يستقل مركبة برفقة حراسه الشخصيين، نفذت الغارة على الفور.

واقع أمني جديد

وأمام اغتيال إسرائيل الشخصية العسكرية الأبرز في المقاومة الفلسطينية منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعتقد الباحث في الشأن الأمني رامي أبو زبيدة أن "الاحتلال لا يتعامل مع التهدئة في قطاع غزة بوصفها حالة توقف عن الحرب، بل كمرحلة عملياتية مختلفة تُدار فيها المعركة بأدوات أقل ضجيجا وأكثر دقة".

وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن الاغتيالات والاستهدافات الانتقائية التي نُفذت مؤخرا تكشف بوضوح أن الحرب لم تنتهِ، بل أُعيد تدويرها ضمن نمط جديد يقوم على الضرب المتقطع، وإدارة الصراع بدل حسمه.

ولفت إلى أن الاحتلال يحرص على اختلاق مبررات ميدانية لتسويق عدوانه باعتباره ردا دفاعيا، "غير أن هذا الخطاب لا يخرج عن كونه محاولة مكشوفة لإعادة تعريف مفهوم الخرق نفسه، بحيث يصبح أي حادث أمني أو اشتباك محدود أو اختلاق أحداث غير موجودة -في عمق سيطرته داخل الخط الأصفر- ذريعة كافية لتنفيذ عملية اغتيال".

ويرى أبو زبيدة أن الاحتلال يسعى لفرض معادلة جديدة قوامها "أن التهدئة لا تعني الأمان"، وأنه يحتفظ بحق الضرب متى شاء، ويسعى من خلال هذا السلوك إلى فرض قواعد اشتباك أحادية الجانب، تمنحه حرية العمل الجوي والاستخباراتي داخل القطاع دون التزامات سياسية أو قانونية.

وأشار إلى أن الضربات المحدودة لا تهدف فقط إلى إيقاع خسائر مباشرة، بل إلى الحفاظ على زمام المبادرة، ومنع المقاومة من الانتقال من مرحلة الصمود إلى مرحلة التعافي وإعادة التنظيم، وإبقاء البنية التنظيمية للمقاومة في حالة استنزاف دائم.

إعلان

وفي البعد الأمني لفت أبو زبيدة إلى أن كثافة العمل الاستخباراتي تشير إلى أن الاحتلال يستغل فترة الهدوء لتحديث بنك أهدافه استعدادًا لجولات قادمة، وهو ما يفسر عدم تسريح وحدات سلاح الجو والطيران المسيّر، واستمرار عمل شعبة الاستخبارات العسكرية بكامل طاقتها.

ويعتقد الباحث في الشأن الأمني أن "السيناريو الأخطر يكمن في تطبيع هذا النمط من الاستباحة، بحيث تتحول الضربات الخاطفة إلى حالة دائمة، تُنفّذ على مدار الوقت، وإن كانت أقل كثافة من الحرب الشاملة، وهذا يعني عمليًا تكريس واقع أمني جديد في قطاع غزة، تُنتهك فيه التهدئة بشكل مستمر، ويُفتح الباب أمام نزيف دم متواصل بلا سقف زمني أو ضمانات حقيقية".

مقالات مشابهة

  • من رجل القسام الثاني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟
  • فلنغير العيون التي ترى الواقع
  • مصطفى حجاج يطرح أغنية دقات القلب.. فيديو
  • ما أهمية إقليم دونباس الأوكراني الذي تسيطر روسيا على معظمه؟
  • بعد أزمته .. نجم ليفربول يمدح صلاح : يساعدنا كثيرا
  • سرقت برنامجي وأنا محبوس .. موسيلفا يتهم مذيعة شهيرة بالسرقة
  • "الناجي الوحيد".. لقب "بتول" الذي جردها الفقد معانيه
  • رحلة العمر