ارتفاع أسعار البناء يضاعف معاناة المهجّرين بعد عودتهم لقراهم بسوريا
تاريخ النشر: 4th, May 2025 GMT
عاد محمد البرو إلى منزله في منطقة كفرومة جنوب إدلب، بعد 6 سنوات من التهجير والعيش في الخيام، جراء هجوم عام 2019 الذي شنه النظام السوري المخلوع، ليُفاجأ بمشهدٍ صادم حيث تهدّم سقف منزله وتعرّض للسرقة بالكامل.
ويؤكد البرو، الذي شيّد منزله عام 2017 بتكلفة بلغت نحو 40 ألف دولار، أن إعادة ترميمه اليوم ستكلّفه أكثر من 80 ألفا بسبب تضاعف أسعار جميع المواد الأساسية من أجور العمال إلى الحديد والأسمنت والوقود، بالإضافة إلى تكاليف نقل المياه والبضائع.
ويقول في حديثه للجزيرة نت "طيلة فترة نزوحي لم يكن لدي عمل ثابت، وكل ما كنت أكسبه أنفقه على المعيشة دون القدرة على التوفير. وبعد العودة، لا أملك حتى ما يغطي سقف المنزل بالنايلون".
ويضيف "فكرت في بيع أرضي الزراعية لتمويل ترميم المنزل، لكن بعد اقتلاع الأشجار من قبل جيش النظام، بات السماسرة يعرضون ربع قيمتها فقط. لذلك، عدت إلى الخيمة وقررت البقاء فيها حتى تتكفل المنظمات يوماً ما بترميم منازلنا".
جنون الأسعارقرر آلاف المهجرين العودة إلى منازلهم لترميمها بعد تحرير مناطقهم، بعد 6 سنوات من النزوح من ريف إدلب الشرقي والجنوبي، وريف حماة الشمالي، وريف حلب الغربي، وهي من أكثر المناطق تضرراً بفعل القصف والتخريب الذي نفّذه النظام. ولكنهم فوجئوا بارتفاع أسعار مواد البناء وأجور العمال بشكل كبير.
إعلانفقد ارتفع سعر طن الحديد من 610 إلى 670 دولارًا، بينما زاد سعر طن الأسمنت من 103 إلى 123 دولارًا. وتستمر الأسعار في الارتفاع مع ازدياد الطلب.
كما تضاعفت أجور العمال من 4 دولارات يومياً إلى ما بين 15 و20 دولارًا، في حين تطلب بعض الورش أرقامًا قياسية، بسبب ندرة العمال وتوجه الكثير منهم للعمل في الوظائف الحكومية.
وارتفع سعر متر صب البيتون من نوع "هوردي" من 15 إلى 30 دولارًا، وزاد سعر صب البيتون من نوع "بلاطة" من 10 إلى 20 دولارًا. وتشير هذه الأرقام إلى تضاعف التكاليف مقارنةً بما كانت عليه قبل تحرير المناطق.
ويعزو الكثيرون هذا الارتفاع إلى التعديلات الأخيرة في تعرفة الجمارك المفروضة على الإسمنت والحديد المستورد من تركيا عبر المعابر بين البلدين مما أثر بشكل كبير على حركة الأسواق في الشمال السوري.
يؤكد حازم الهادي (صاحب منشأة لبيع مواد البناء في كفرنبل جنوب إدلب) أن النشاط التجاري في قطاع البناء لا يزال ضعيفًا مقارنةً بعدد السكان، إذ تتراوح نسبة العائدين ما بين 5% و10%. وحتى من عاد، فإن معظمهم من الرجال الذين جاؤوا للعمل بسبب غلاء المعيشة.
ويقول "جميع سكان هذه القرى من المهجرين الذين لا يملكون قوت يومهم، وغالبية منازلهم مدمّرة، وأي سقف مهما كان بسيطًا يحتاج إلى نحو ألفي دولار أميركي، وهو مبلغ كبير بالنسبة لأي مهجَّر خارج بلدته، خصوصًا أن السنوات الماضية كانت مليئة بالبطالة وتدني الأجور".
وقد دفع غياب الخدمات الأساسية -من كهرباء ومدارس ونقاط طبية- الآلاف إلى التردد في العودة إلى منازلهم، فبات أقصى طموحهم دخول منظمات إنسانية لترميم منازلهم ولو بشكل جزئي، نظراً لعدم قدرتهم على تغطية جزء بسيط من التكاليف المرتفعة.
أرقام صادمةيؤكد عبد الباري شحود، مهندس ومسؤول في المجلس البلدي، أن نسبة الدمار في المناطق الواقعة على خطوط التماس تصل إلى 50% دمارًا كليًا، ونحو 40% دمارًا جزئيًا، لافتًا إلى أن معظم المنازل تضررت باستثناء تلك التي استخدمها جيش النظام كثكنات عسكرية.
إعلانويضيف في حديثه للجزيرة "اجتمعنا مع المحافظ وطالبنا بتوجيه الدعم إلى الخدمات الأساسية، ووُعدنا بالعمل على إعادتها، خصوصاً النقاط الطبية وترحيل الأنقاض والمدارس قبل بداية العام الدراسي، إلى جانب إعادة التيار الكهربائي، وهو ما قد يسهل عودة عدد من سكان المخيمات".
وبسبب تردي الأوضاع، اضطر العديد من النازحين إلى حمل خيامهم أو منازلهم البديلة المصنوعة من البلاستيك العازل، والعودة إلى قراهم المدمرة، رغم غياب الخدمات الحيوية وعلى رأسها الرعاية الطبية.
مدينة بلا حياة
محمود الأحمد، الذي عاد مع زوجته وابنه إلى معرة النعمان، وهي منطقة يبلغ عدد سكانها في المدينة والريف أكثر من نصف مليون نسمة، يصف الوضع في الليل بأنه "موحش" حيث لا توجد حركة مرور، ولا أضواء، ولا سكان.
ويضيف "فقط 50 عائلة عادت إلى قريتنا من أصل 3200 عائلة، وهي نسبة ضئيلة للغاية. ولا يوجد جيران بالقرب منا، مما يجعل الأمر صعبًا جدًا في حال غيابي عن المنزل للعمل".
ويروي قصة مأساوية عن شاب في الأربعين من عمره تعرّض لأزمة قلبية أثناء عمله في أرض زراعية، فحاول شقيقه إسعافه بدراجته النارية، لكن بعد ساعة من الوصول إلى أقرب نقطة طبية، كان الشاب قد فارق الحياة نتيجة التأخير.
يُشار إلى أن هذه المناطق تعرّضت لاقتلاع ممنهج لعشرات الآلاف من الأشجار المثمرة، لا سيما الزيتون والتين والرمان، مما شكّل ضربة قاسية للقطاع الزراعي في ريف إدلب الجنوبي، الذي يعتمد على الزراعة البعلية كمصدر أساسي للدخل والغذاء، الأمر الذي زاد من تعقيد ظروف العودة بالنسبة لكثير من المهجرين.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الأرصاد تحذر: موجة حارة شديدة تضرب البلاد.. تفاصيل
أكدت الدكتورة منار غانم، عضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن البلاد تتعرض حاليًا لموجة شديدة الحرارة، بدأت فعليًا من مساء الخميس، ومن المتوقع استمرارها حتى منتصف الأسبوع المقبل، مع ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة ونسب الرطوبة، وسوف تصل درجة الحرارة لـ43 درجة في المناطق الجنوبية.
وأضافت غانم، خلال مداخلة هاتفية مع أحمد دياب وعبيدة أمير ببرنامج "صباح البلد" المُذاع على قناة صدى البلد، أن درجات الحرارة خلال النهار تتجاوز المعدلات الطبيعية في أغلب محافظات الجمهورية، مشيرة إلى أن ارتفاع نسب الرطوبة يزيد من الإحساس بحرارة الطقس، وقد يشعر المواطن بدرجات حرارة أعلى من المسجلة فعليًا.
وأوضحت أن نسب الرطوبة تتخطى 85% في بعض المناطق مثل القاهرة الكبرى والدلتا، ما يساهم في تكون الشبورة المائية صباحًا، والتي قد تكون كثيفة على الطرق الزراعية والسريعة القريبة من المسطحات المائية.
وأشارت عضو هيئة الأرصاد الجوية إلى وجود مرتفع جوي في طبقات الجو العليا ابتداءً من غد السبت، ما سيؤدي إلى زيادة فترات سطوع الشمس وتقليل فرص ظهور السحب، وبالتالي ارتفاع إضافي في درجات الحرارة نهارًا، خاصة مع احتباس الرطوبة بالقرب من سطح الأرض.
وعن الأماكن المناسبة للهروب من حرارة الصيف خلال عطلة نهاية الأسبوع، أكدت غانم أن المناطق الساحلية مثل مطروح والعلمين والإسكندرية تعتبر مناسبة، خاصة بعد انخفاض سرعة الرياح وهدوء حالة البحر المتوسط، حيث يتراوح ارتفاع الأمواج بين متر إلى مترين، ما يجعله مؤهلاً لممارسة الأنشطة البحرية.
وحذرت من خطورة التعرض المباشر لأشعة الشمس بين الساعة 12 ظهرًا وحتى الرابعة عصرًا، وهي الفترة التي تكون فيها الأشعة فوق البنفسجية في أعلى مستوياتها، داعية المواطنين لارتداء غطاء للرأس واستخدام واقٍ من الشمس، والتواجد في أماكن جيدة التهوية لتقليل الشعور بالحرارة.
واختتمت غانم حديثها بأن موجة الحر مستمرة على الأقل حتى يوم الثلاثاء، مشيرة إلى أن التوقعات تشير إلى استمرار درجات الحرارة ما بين 36 و37 درجة مئوية في القاهرة الكبرى، بينما قد تنخفض تدريجيًا بعد منتصف الأسبوع المقبل.