أكاديمي إسرائيلي بارز: ما فشلنا بتحقيقه في عام ونصف في غزة لن نحققه خلال أسابيع
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
#سواليف
مع تزايد الدعوات الإسرائيلية لوقف #حرب_الإبادة الجماعية ضد قاطع #غزة، ترى محافل أخرى أن #الاحتلال يسيطر عمليًا على كامل أراضي القطاع، وله حرية كاملة في ممارسة عدوانه، وبعد قرابة عشرين شهرًا حان الوقت للتوقف، وإعلان النصر المزعوم، وإطلاق سراح الأسرى ومحاولة إكمال المهمة المتبقية عبر الدبلوماسية، كما فعل في معظم حروبه السابقة.
وقال نائب رئيس جامعة تل أبيب، المؤرخ #آيال_زيسر إن “معظم الأهداف التي حددها الاحتلال لنفسه في بداية #الحرب تحققت منذ زمن بعيد، فجيش حماس، القوة العسكرية النظامية، تضم ألوية وكتائب ووحدات النخبة، وتمتلك 20 ألف صاروخ تغطي أجزاء كبيرة من إسرائيل، جرى تدميره إلى حد كبير، وما تبقى منها مسلحون أو خلايا معزولة تحاول الالتفاف على القوات العاملة في القطاع، وكذا الحال مع نظام حكم الحركة، والخدمات الاجتماعية التي تديرها تعطلت تمامًا، والقطاع أصبح في معظمه ركامًا، وغير صالح للسكن”.
وأضاف في مقال نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم”، أن “إسرائيل تسيطر حاليًا على كامل أراضي قطاع غزة، وتمارس الحرب ويتمتع بحرية كاملة في مواجهة أي تهديد يُحدّده، وفي مثل هذا الوضع، يتضح للجميع أن استمرار القتال في غزة لم يعد يخدم أي مصلحة إسرائيلية، ومن الصعب افتراض أن ما لم نحققه خلال عشرين شهرًا من القتال سنحققه خلال أيام أو أسابيع قليلة، وفي هذه الأثناء لا يزال المختطفون يرزحون في الأنفاق، ولا يزال الجيش يدفع ثمنًا باهظًا من أرواح جنوده أسبوعيًا تقريبًا”.
وأشار إلى أن “إسرائيل يجب أن تأخذ في الاعتبار أن نافذة الفرصة التي أتيحت له للعمل بحرية، ودون قيود في غزة، وكانت غير مسبوقة في تاريخ الحروب الإسرائيلية، على وشك الانقضاء، ويمكن بالفعل العثور على إشارة لذلك في تصريحات الرئيس دونالد ترامب في الأيام الأخيرة، ويتوقع بموجبها من بنيامين نتنياهو تخفيف الضغط على غزة، والسماح بدخول المساعدات والمواد الغذائية لسكانها، ويأمل إنهاء الحرب، ربما تمهيدًا لزياراته القادمة للسعودية وقطر والإمارات، التي اختارها كوجهة أولى لجولاته حول العالم والشرق الأوسط”.
وأوضح أنه “بما أن #النصر_الشامل لن يكون، بل لم يكن يومًا، هدفًا عمليًا قابلًا للتحقيق، فيجب على إسرائيل السعي للتوصل لاتفاق سياسي، مماثل للاتفاق الذي اتفقت عليه في لبنان، بهدف تحسينه، وينبغي أن يشمل ذلك، أولًا وقبل كل شيء، إعادة جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس، يجب ألا نستخف بهذه القضية، فهي بالغة الأهمية، ليس فقط للحاضر، بل أيضًا لمستقبل الدولة ومجتمعه، هكذا سيحكم عليه التاريخ، وهذا ما سيبقى للأجيال القادمة من هذه الحرب، إطلاق سراح الرهائن، وليس بالضرورة القضاء على خلية أخرى أو نفق آخر في غزة”.
وأكد أن “هذه الصفقة المطلوبة يفترض أن تتناول اليوم التالي في قطاع غزة، وهي قضية تحجم #الحكومة عن مناقشتها باستماتة، رغم أنه على أي حال، ستملي عليها واشنطن التفاصيل، لذا يجدر بالاحتلال إعداد وتعزيز عملية يكون فيها المبادر، وليس من يتم سحبه، كما هو الحال اليوم”.
وأشار إلى أنه “بجانب إطلاق سراح جميع #الرهائن، ينبغي أن تتضمن صفقة #إنهاء_الحرب ثلاثة عناصر رئيسية: أولها حرية عمل كاملة لإسرائيل في التعامل مع أي تهديد تراه في غزة، كما في لبنان، لمنع ظهور تهديد مماثل للتهديد الذي شكلته حماس عشية السابع من أكتوبر، وثانيها إدارة مدنية تدير شؤون القطاع تحت إشراف إسرائيلي وعربي ودولي، وثالثها القضاء على الوجود العسكري لحماس في غزة”.
وأوضح أنه “يجب التأكيد على أن هذه العملية ليست ضربة واحدة، أو هدفًا يمكن تحقيقه في يوم واحد، ففي النهاية، لم تحقق إسرائيل هذه الأهداف خلال عشرين شهرًا من القتال العنيف، وربما لن تتحقق إذا تواصل القتال في غزة لأشهر طويلة قادمة، لذلك، تُعدّ الصفقة العرض الأفضل والأوحد في السوق، الذي سيعيد المخطوفين، وينقذ أرواح عدد لا يُحصى من الجنود، ويمنح إسرائيل مكاسب على الساحة الدولية، دون تعريض أمنها ومستقبلها للخطر”.
وختم بالقول إن “كل ذلك يستدعي من إسرائيل الإعلان أنها حققت انتصارًا، ليس انتصارًا كاملًا، بل انتصارًا ذا دلالة، كي تنتقل للتحديات التالية التي تنتظرها، وفي مقدمتها القضية الإيرانية، وبجانبها، الترويج لاتفاقيات لتطبيع لتشمل العالم العربي بأكمله”.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف حرب الإبادة غزة الاحتلال الحرب النصر الشامل الحكومة الرهائن إنهاء الحرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
جولة ترامب في الشرق الأوسط تكشف تجاهله لغزة
بينما يتنقل دونالد ترامب من عاصمة خليجية إلى أخرى، ويُوقّع صفقات لافتة، ويزور الرئيس السوري الجديد، بل ويُحرز، كما يُقال، تقدمًا في ملف إيران النووي، يبدو أن الحرب في غزة قد أُزِيحت إلى هامش الدبلوماسية الأمريكية.
فرغم وجود مفاوضات شارك فيها الأمريكيون الأسبوع المنصرم في قطر بشأن إطلاق سراح الرهائن، فإن إسرائيل رأت من المناسب تنفيذ محاولة اغتيال مدمرة لقائد حماس، محمد السنوار، تلتها غارات جوية كثيفة على قطاع غزة. وعلى الرغم من أن مصير السنوار لم يُؤكَّد بعد، فإن توقيت هذا التصعيد خلال وجود الرئيس الأمريكي في المنطقة يكشف بوضوح مدى عدم جدية الحكومة الإسرائيلية في إنهاء الحرب.
وفي الحقيقة، إذا استؤنفت الحرب بشكل كامل قريبًا، فلن يكون ذلك مفاجئًا، إذ إن المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي صادق في وقت سابق من هذا الشهر بالإجماع على خطة لتوسيع الهجوم العسكري في غزة، مع قيدٍ وحيد، وهو انتظار انتهاء جولة ترامب في الشرق الأوسط. وقد وُضعت هذه الخطة الجديدة تحت ضغط شديد من أكثر أعضاء الائتلاف تطرفًا، وتذهب إلى ما هو أبعد من - هزيمة حماس-، حيث لا تُبدي اهتمامًا يُذكر بمصير الرهائن المتبقين، بل تسعى إلى احتلال دائم لكامل أراضي القطاع.
ورغم محاولات نتنياهو تزيين المرحلة المقبلة من الحرب بأسباب -أمنية- وحجج -إنسانية- زائفة، مثل القول إن سكان غزة سيتم -نقلهم لحمايتهم- فإن وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أحد رموز اليمين الاستيطاني المتطرف، كشف النقاب عن النوايا الحقيقية. فقد صرّح أن سكان غزة، خلال ستة أشهر، سيُحصرون في رقعة ضيقة من الأرض، بينما سيتم -تدمير ما تبقى بالكامل- ما سيدفعهم إلى -البحث عن أماكن أخرى لبدء حياة جديدة. أي أن الهدف الحقيقي هو التهجير القسري.
في الماضي، حين كانت هذه الأفكار المتطرفة محصورة في هامش السياسة والمجتمع الإسرائيلي، كان من الممكن اعتبارها مجرد شعبوية يمينية. أما اليوم، فهؤلاء الأشخاص أنفسهم يشغلون مناصب وزارية رئيسية، ويُسيطرون على قرارات الحكومة. والأسوأ من ذلك، أن نتنياهو يعتمد عليهم بشكل كامل للبقاء في الحكم إلى حين موعد الانتخابات المقبلة، وهو ما يتيح له أيضًا محاولة عرقلة محاكمته بتهم فساد، خاصة وأن المحاكمة دخلت مرحلة حساسة من استجوابه من قِبل الادعاء العام.
ولكي يُرضي هؤلاء المتطرفين، يفعل نتنياهو ما يشاؤون، لأنه لا يستطيع تحمُّل انتخابات جديدة، وهو ما يطالب بها معظم الإسرائيليين، ولا احتمال تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الفشل الذريع الذي أدى إلى أحداث 7 أكتوبر.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من ثلثي الإسرائيليين يُفضِّلون التوصل إلى صفقة مع حماس تُفضي إلى إطلاق سراح الرهائن على الاستمرار في الحرب. كما تُظهر هذه الاستطلاعات أن الأحزاب الائتلافية الحاكمة ستخسر بشدة في أي انتخابات عامة حالية. لهذا يتمسّك نتنياهو بائتلافه الحالي، ويخضع لإملاءاته، حتى وإن كانت مدمّرة وجنائية.
لكن ثمن هذا التمسّك المحموم بالسلطة يُدفع أولًا وقبل كل شيء من قبل الفلسطينيين، ويُدفع أيضًا من قِبل الإسرائيليين أنفسهم. فإسرائيل تواصل منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ أسابيع، في وقت تُحذِّر فيه المنظمات الإغاثية من مجاعة وشيكة، ومن انعدام الرعاية الطبية، خاصة مع قصف المستشفيات، وانقطاع المياه النظيفة والصرف الصحي. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، الوضع هذا الأسبوع بأنه -غير محتمل تمامًا، وغير مقبول، وغير إنساني، ولا يُغتفر. ويجب إيقافه فورًا.
إن مسؤولية وقف ترجمة قرار الحكومة الإسرائيلية بتوسيع الحرب إلى واقع على الأرض تقع على عاتق المجتمع الدولي.
فقد حشدت قوات الاحتلال عشرات الآلاف من الجنود تمهيدًا لاقتحام غزة المدمّرة، التي يُقيم فيها سكان يعانون من الصدمة الجماعية. وإذا لم يستخدم المجتمع الدولي أدواته ونفوذه لمنع اندلاع حرب جديدة شاملة، وإذا قرر ترامب ألا يُلوِّح بعضلاته كما فعل في مناسبات سابقة، فإن العالم سيكون شريكًا في المزيد من سفك الدماء، والتهجير، وسلب الفلسطينيين أراضيهم. بل وقد يكون هذا الفصل أسوأ من كل ما سبقه.
يوسي ميكلبرغ أستاذ العلاقات الدولية وزميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «تشاتام هاوس».