العسكريون مع حسم الملف.. ونتنياهو يسعى لـ«نصر سياسي»
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
نتنياهو يصطدم بالجيش.. و«الأسرى» يدفعون ثمن التعنّت الإسرائيلي
- القاهرة تطرح مبادرة جديدة.. وتعثّر المفاوضات يفاقم عدوان الاحتلال
- أزمة نقص الجنود تتمدّد.. والتذمّر يتصاعد في صفوف قوات الاحتياط
- الحكومة في مأزق.. والعائلات الغاضبة تتهمها بالتخلي عن أبنائها
بينما تستمر الحرب في غزة لأكثر من عام ونصف العام، بدأتِ الخلافات تظهر بشكل واضح داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي، إذ يختلف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو مع قادة جيشه حول أهداف الحرب، ففي الوقت الذي يعلن فيه الجيش أن مهمته الأساسية هي إعادة الأسرى، يؤكد نتنياهو أن الانتصار العسكري هو الهدف الأول، مما يكشف عن أزمة عميقة داخل القيادة، بالتزامن مع نقص حاد في أعداد الجنود، وضغوط داخلية كبيرة، وتعثر في المفاوضات يزيد من معاناة المدنيين في غزة.
وأقر قادة الجيش الإسرائيلي بعجزٍ يتجاوز 10 آلاف جندي عن الاستمرار في الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام ونصف العام، فيما أعلن نتنياهو، عزمَه توسيع العمليات العسكرية في غزة خلال الفترة المقبلة، بعد تعثّر مفاوضات الهدنة ووقف إطلاق النار نتيجة تعنته، وفريقه المفاوض.
اتسعت حالةُ التململ والغضب داخل صفوف جيش الاحتلال، خاصة بين جنود الاحتياط، عقب صدور قرار بتمديد خدمتهم لأربعة أشهر إضافية، ما فاقم من معاناتهم النفسية والاقتصادية، وألقى بظلاله على الكيان المحتل الذي يخوض حربًا مستمرة تخطتِ العام ونصف العام دون تحقيق أهداف استراتيچية واضحة، باستثناء القتل العشوائي للنساء والأطفال، في مشهد يزيد من عزلة الجيش أخلاقيًّا أمام المجتمع الدولي.
كانت وسائل إعلام عبرية تحدثت عن صدور قرار رسمي باستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، في إطار توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة. وأكدتِ القناة 12 الإسرائيلية أن اجتماعًا أمنيًّا عقده نتنياهو انتهى باتفاق على تنفيذ عملية توسيع تدريجية للقتال خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، مع توجيه الجيش للتصرف بشكل «أكثر عدوانية» في القطاع.
ويهدف هذا التصعيد، بحسب المراقبين، إلى زيادة الضغط على المقاومة الفلسطينية للحصول على شروط تفاوضية أكثر ملاءمةً لحكومة الاحتلال، خصوصًا بعد تعثر الجولة الأخيرة من المفاوضات نتيجة رفض المقاومة مقترحات نتنياهو. ووفقًا للتسريبات، تم اتخاذُ القرار النهائي خلال اجتماع الجمعة، على أن يُستكمل النقاش حول خطوات التنفيذ مساء الأحد.
ورغم غياب تفاصيل دقيقة بشأن طبيعة المهام «الأشد عنفًا» التي سيُكلَّف بها الجيش، فإن بعض التحليلات تشير إلى أن توسيع الحرب ليس سوى محاولة لإطالة أمدها.. مستغلةً في ذلك دعمًا أمريكيًّا مستمرًّا، ومناخًا دوليًّا يسمح للكيان بمواصلة عدوانه دون مساءلة، ولا يقتصر ضغط نتنياهو على المقاومة في غزة فحسب.
يمتد الضغط الإسرائيلي ليشمل الوسطاء، الذين تتعقد مهماتهم أمام تعنت حكومة الاحتلال، رغم التنازلات المتكررة التي قدمتها المقاومة. وفي ظل هذا الجمود، بدأتِ القاهرة الترويج لمقترح بديل عن الهدنة الطويلة التي رفضها نتنياهو سابقًا، والتي كانت تقضي بإطلاق جميع الأسرى مقابل تهدئة تمتد لخمس سنوات.
ويقضي المقترح المصري الجديد بهدنة قصيرة لا تتجاوز العام، تُنفَّذ على مرحلتين بضمانات أمريكية. المرحلة الأولى منها تشمل إطلاق سراح نصف الأسرى الأحياء، وتسليم رفات بعض القتلى، مقابل إخراج حركة حماس من إدارة غزة. أما المرحلة الثانية، فتنص على التفاوض لاحقًا حول الملفات العالقة.
وكشف مسئول مصري رفيع المستوى أن تعثر المفاوضات لا يعود إلى تصلُّب موقف المقاومة، كما تدَّعي تل أبيب، بل إلى عراقيل متعمدة يضعها وفد الاحتلال، رغم تجاوب الطرف الفلسطيني. ووفق تقديرات إسرائيلية، فإن عدد المحتجزين لدى المقاومة يبلغ نحو 59 إسرائيليًّا، من بينهم 24 فقط يُعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة. ورغم جهود الوساطة الممتدة لأكثر من عام ونصف العام، فإن الحرب لا تزال قائمةً دون تقدم فعلي في ملف الأسرى.
ويبدو أن أولى بوادر الخلاف العلني بدأت تطفو على السطح بين نتنياهو وقيادة الجيش بعد إعلان العسكريين أن «الحرب من أجل إعادة 59 محتجزًا لدى المقاومة، تليها مهمة هزيمة حماس»، بينما يؤكد نتنياهو أن «إعادة الأسرى ليستِ الهدف الأهم في حرب غزة. الهدف الأسمى في الحرب هو الانتصار على أعدائنا، وسنحققه».
وبحسب محللين، فإن البيان يعكس بدايةَ شرخٍ متصاعدٍ بين المؤسستين العسكرية والسياسية، خاصة أن الجيش يسعى إلى تبرير مواقفه أمام جمهوره الداخلي، في ظل تصاعد الانتقادات المجتمعية لأدائه وارتفاع أعداد الرافضين لمواصلة الحرب، من المدنيين والعسكريين على حد سواء.
هذا التباين العلني في الأهداف المعلنة بين نتنياهو والقيادة العسكرية يُعَدّ الأول من نوعه منذ تعيين وزير دفاع ورئيس أركان جديدَين، وقد يكون مقدّمةً لخلافات أعمق في المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل رغبة نتنياهو في إطالة أمد الحرب، باعتبارها طوقَ نجاة له من الاتهامات الجنائية التي تلاحقه في قضايا فساد، إلى جانب مسئوليته السياسية عن فشل التعامل الاستباقي مع هجوم السابع من أكتوبر عام 2023.
تصريح نتنياهو أثار غضبًا واسعًا داخل المجتمع الإسرائيلي، خصوصًا في أوساط عائلات المحتجَزين، الذين اعتبروا أن توسيع العمليات العسكرية يعني إصدار حكم بالإعدام على أبنائهم، خاصة أن كثيرًا من القتلى سقطوا بسبب قصف الاحتلال نفسه خلال فترة الأسر، غير أن تصريحات نتنياهو لم تكن استثناءً، بل سبقه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي قال قبل أيام: «إعادة الرهائن ليستِ الهدف الأهم. عازمون على إخلاء غزة ممَّن فيها، تنفيذًا لرؤية ترامب».
ويرى محللون أن حكومة نتنياهو المتطرفة لا تُعير حياةَ الأسرى أهميةً حقيقيةً، بقدر ما تسعى لإطالة أمد الحرب واستثمارها سياسيًّا، حتى لو استلزم ذلك تطبيقَ ما يُعرف بـ«تعليمات هانيبال»، التي تبرر التضحية بالأسرى لتحقيق أهداف عسكرية، من بينها السيطرة على مزيد من الأراضي وتنفيذ خطة إخلاء غزة وتهجير مَن تبقَّى من سكانها، وصولًا إلى تحويل القطاع إلى منطقة غير قابلة للعيش.
اقرأ أيضاًعائلات المحتجزين الإسرائيليين: حكومة نتنياهو ليس لديها خطة واضحة لإعادتهم
وسائل إعلام إسرائيلية تزعم تصديق الحكومة على خطة احتلال غزة.. وانتقادات حادة لنتنياهو
عاجل | ترامب يصدم نتنياهو بقرار مفاجئ بخصوص إيران
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي الحرب في غزة تل أبيب حكومة نتنياهو نتنياهو عام ونصف العام فی غزة
إقرأ أيضاً:
الملف الأسود لتمويل الحرب والتجنيد.. إيران تنقل مصانعها من سوريا لليمن وتوسع شبكات التهريب لإغراق دول المنطقة بالمخدرات
في السنوات الأخيرة تحوّل ملف المخدرات في اليمن من ظاهرة محلية إلى قضية إقليمية ذات بعد أمني وسياسي دولي, تقارير أممية والدولية تتحدث عن زيادة في تهريب وتجارة مخدرات عبر المياه الإقليمية وفي الداخل اليمني، وتحمّل جماعة الحوثي دوراً محورياً في الاستفادة من هذه التجارة لتمويل عملياتها، بينما تشير تقارير أخرى ضلوع إيران في توسيع شبكات تهريب المخدرات عبر اليمن وبناء مصانع للمخدرات بعد تعرضها لضربات موجعة في سوريا.
هذا التوسع النشط يأتي في ظل تصاعد مهول في الأرباح الاقتصادية التي حققتها المليشيا من تلك التجارة وكشفت تقديرات حقوقية واقتصادية أن مليشيا الحوثي تجني المليارات من الدولارات سنويًا من تجارة المخدرات.
مسارات التهريب
تشير تقارير أممية وإقليمية إلى تحوّل مسارات التهريب بعد تقلّص بعض قنوات التهريب من سوريا ولبنان وأماكن أخرى نتيجة ضغوط متزايدة، باتت اليمن تُعتبر مساراً بديلاً للطرق البحرية والبرية إلى دول شبه الجزيرة العربية.
تشير تقارير أمنية إلى أن إيران تلعب دورًا محوريًا في دعم تجارة المخدرات داخل اليمن، حيث يشرف ضباط من الحرس الثوري الإيراني على عمليات تهريب المواد المخدرة إلى مناطق سيطرة الحوثيين، بهدف تمويل المجهود الحربي للمليشيا وتحقيق أرباح ضخمة بعيدًا عن الرقابة الدولية.
مافيا التهريب ومصانع التصدير
كشف العميد عبدالله أحمد لحمدي، مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، عن تحول خطير في نمط تهريب وتصنيع المخدرات في اليمن، مؤكدًا أن البلاد أصبحت وجهة رئيسية لعصابات المافيا الإقليمية بعد تلقيها ضربات موجعة في سوريا.
وأوضح العميد لحمدي أن العمليات الأمنية محافظة المهرة، كشفت عن أول مصنع متكامل لصناعة مادتي الكبتاجون والشبو على الأراضي اليمنية، مضيفًا أن ستة متهمين يمنيين ضُبطوا مرتبطين بشبكات تمويل ودعم تتبع مليشيا الحوثي الإرهابية، إضافة إلى خبراء أجانب سبق ضبط بعضهم في عدن والمهرة.
وأشار إلى أن المعلومات الاستخباراتية أكدت وجود مصانع نشطة للمخدرات في مناطق سيطرة الحوثيين، ما يعكس حجم التهديدات الأمنية والإنسانية التي تواجه اليمن والمنطقة بأكملها.
وأوضح مصدر أمني خاص لـ"مارب برس" أن "المستهدف الأساسي من تهريب المخدرات هي دول الخليج العربي واليمن ليست سوى محطة ترانزيت" رغم توسّع انتشارها داخل اليمن.
ولفت إلى أن المليشيا الحوثية تعتبر نشاطها في تهريب المخدرات إلى دول الخليج جزءً من حربها الطائفية ضد الخصوم وتعتمد على هذه التجارة منذ بداية ظهورها، قبل نحو ثلاثة عقود، كأحد أهم مصادر تمويل أنشطتها التوسّعية, لافتاً إلى أنها تستند في ذلك على فتوى لمؤسسها الأوّل بدر الدين الحوثي، الذي أجاز لها تجارة الممنوعات لمحاربة من الوهابية وتمويل الجهاد.
كما أكّدت مصادر أمنية وعسكرية لـ"مارب برس" أن مليشيا الحوثي هي من تتحكّم بأنشطة التهريب من اليمن إلى السعودية على طول الشريط الحدودي بين البلدين الذي يبلغ طوله 1,458 كم، بدءً من مدينة ميدي بمحافظة حجّة غرباً إلى المهرة شرقاً.
أرقام صادمة… اليمن يغرق في سموم المخدرات
منذ بداية عام 2025، سجلت الأجهزة الأمنية ضبطيات ضخمة، أبرزها:
599 كجم من الكوكايين داخل شحنة سكر في عدن
646,290 قرص بريجابالين في دار سعد
314 كجم شبو و25 كجم هيروين و108 كجم حشيش في سواحل لحج
432 كجم شبو عبر البحر الأحمر
150,000 حبة كبتاجون في قارب بباب المندب
13,750 قرص كبتاجون عبر منفذ الوديعة في شاحنة قادمة من صنعاء
المخدرات أداة للتجنيد والسيطرة
بحسب تقارير دولية، يستخدم الحوثيون المخدرات لتجنيد الشباب والأطفال، حيث يُعطى المقاتلون الكبتاجون قبل المعارك لزيادة العدوانية والولاء، ما يفاقم الانهيار الاجتماعي ويحوّل المدمنين إلى أدوات حرب يمكن الاستغناء عنها.
وحول ذلك حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن تجارة المخدرات تحولت إلى وسيلة للسيطرة النفسية على المجندين، في مشهد يعكس تشابك العنف والإدمان في مشروع الجماعة.
الحوثيون ينقلون زراعة المخدرات إلى اليمن
كشفت مصادر قبيلة بمحافظة الجوف لمأرب برس أن المليشيات الحوثية باشرت في زراعة عدة أنواع من المخدرات في عدة مناطق من الجوف العالي وفي عشرات المزارع , وقالت المصادر أن المليشيات تمنع المزارعين والأهالي القاطنين بالقرب من تلك المزارع من الاقتراب من تلك المزارع أو الوصول اليها , خاصة في ظل السلطة القمعية التي تفرضها المليشيات على مناطق سيطرتها, كما كشفت ذات المصادر عن قيام جماعة الحوثي بزراعة المخدرات قبل سنوات في عدة مديريات من محافظة صعدة مسقط رأس عبدالملك الحوثي ويشرف علي ذلك جهاز أمني خاص مهمته توفير الأمن والحماية لتلك المناطق.
احتكار التهريب وتأهيل العصابات
بعيد سيطرتهم على العاصمة صنعاء هيمنت جماعة الحوثي على تجارة الممنوعات بأنواعها، وأخضعت المهربين المحليين لسلطتها مستغلّة سطوتها على الأجهزة الأمنية والعسكرية، وفقاً لما أكّدته مصادر أمنية لـ"مارب برس".
وخلال السنوات الماضية تقول المصادر إن الحوثيين اطلقوا عشرات المعتقلين على ذمّة تهريب أو ترويج وبيع المخدّرات، مشترطين عليهم العمل لصالحهم, مضيفة أنهم تلقّوا بعد إطلاقهم أموالاً وتسهيلات لاستعادة نشاطهم في تجارة الممنوعات.
وفي سبتمبر 2016، تداول نشطاء على مواقع التواصل وثائق تؤكّد إفراج الحوثيين عن تجار مخدرات، منهم 82 سجينًا من السجن المركزي بصنعاء أغلبهم تجار مخدرات، و4 تجار مخدرات أفرجوا عنهم من مركزي محافظة حجة.
وقال مسؤول أمني كان يعمل بمحافظة الجوف لـ"مارب برس"، طلب عدم كشف هويّته، إن مليشيا الحوثي اعتقلت مهربي الحشيش ممن لا يخضعون لسلطتها خصوصاً الذين كانوا ينشطون في محافظة صعدة على الشريط الحدودي مع السعودية.
ووفقاً للمسؤول فإن من جملة من اعتقلتهم "950 رجلًا و50 امرأة كانوا يعملون ضمن شبكات التهريب", موضحاً أن ذلك جاء ضمن مساعيها لمنع أي "عملية تهريب حشيش أو مخدرات في اليمن أو من خلالها إلى المملكة إلا عن طريقها وتحت إشرافها".