ما الفرق بين «شر الشيطان وشَرَكِه» و«شر الشيطان وشِرْكِه»؟ وأيهما ورد في رواية النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: كلا الروايتين صحيحتان، فقد وردت الأولى وهي الأشهر «من شر نفسي ومن شر الشيطان وشِرْكه»، ووردت أيضا «ومن شر الشيطان وشَركه» بفتح الشين في الثانية، أما في الأولى، فإن المقصود بها هو وساوس الشِرْك التي ينفثها الشيطان في ابن آدم، والشرك الذي هو الجحود، وهو مقابل للإيمان والتوحيد، وأما معنى «وشَرَكه»، فهو يشير إلى حبائل الشيطان ومصايده التي ينصبها، فالشَرَك هنا هو المصيدة.

الشرك معروف، فعلى الروايتين، يستعيذ المسلم من هذا الذكر الوارد في حال أن يأخذ الإنسان مضجعه للنوم، وورد في مناسبات أخرى، لكن الرواية الأشهر وردت في هذه الحالة، فيتعيّن أن يستعيذ من «شر الشيطان وشركه»، ومن هنا، إذا استعاذ بالصيغة الثانية، فإن الأولى تدخل في معناها، لأن من حبائل الشيطان ومصايده ما يتعلق بالوسوسة التي تطعن في الإيمان، وتشكك في الله تبارك وتعالى والتوحيد.

وإذا استعاذ بالصيغة الأولى، وهي الأشهر، فإن ذلك يتضمن ما يتعلق بحبائل الشيطان ومصايده أيضا، لأن أعظم مصايد الشيطان وأعظم وساوسه إنما تتعلق بإخلاص التوحيد لله تبارك وتعالى، بحقيقة الإيمان به جل وعلا، وإذا صدق الإيمان وأخلص العبد لربه في إيمانه، وأيقن بوحدة التوحيد، فإنه حينئذ يكون في عصمة من أن تسري إليه وساوس الشيطان، لأنه يتعلق بالله تبارك وتعالى إيمانا به، إيمانا باليوم الآخر، ومراقبة له جل وعلا، وخشية منه سبحانه، والله تعالى أعلم.

ما حقيقة أن الإنسان بعد أن يتوفاه الله يظل يرى ويسمع كل ما حوله، ولكنه لا يستطيع أن يتحرك؟

المسألة محل خلاف، فمن العلماء من يرى أن الموتى يسمعون، واستدلوا لذلك بما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما خاطب قتلى بدر من المشركين، فعجب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألوه، فبين لهم أنهم يسمعون «ما أنتم بأسمع منهم لما أقول»، هذا أحد الأدلة التي يستدل بها القائلون بأن الموتى يسمعون، واستدلوا أيضا بحديث سؤال الميت بعد دفنه، فقد ورد فيه: «إنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا»، أي أن الميت يسمع وقع خطاهم عندما ينصرفون عنه بعد دفنه.

وذهب آخرون إلى أن الموتى لا يسمعون، فقد قبض الله تعالى أرواحهم، وانتقلوا إلى عالم البرزخ، ولا دليل صريح على أنهم يسمعون، ومن ذلك ما استشهدت به السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث استندت إلى قول الله تبارك وتعالى: «وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ»، وبقوله تعالى: «إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى»، فقالت: «يعني لا نترك كتاب ربنا لما يقول فلان وفلان؟» ثم ذكرت ما كان يقال بأن الموتى يسمعون.

هؤلاء قالوا إن ما ورد من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاطب قتلى بدر من المشركين، أو قوله: إن الميت يسمع وقع نعالهم عندما ينصرفون، إنما هو من خصوصيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الله عز وجل هو الذي أوصل صوته إليهم فأسمعهم، وأما في الرواية الثانية، فقد فسرها البعض بأنها تدل على سرعة سؤال العبد بعد دفنه، وأن هذا ليس المقصود منه حقيقة اللفظ، بل هو مجازٌ عن أن العبد بعد مواراته في القبر يُرسل إليه الملكان اللذان يسألانه، فهذه المسألة محل خلاف، وهذه هي أشهر الأقوال، والله تعالى أعلم.

كيف تكون متابعة المأموم للإمام في قراءة الفاتحة؟ هل يقرأ بعد انتهاء الإمام من تلاوة كل آية أم يمكن أن يتبعه بفارق كلمات في الآية نفسها؟

أما عندنا، فإن المتابعة تكون أثناء تلاوة الإمام، وقد ذكر الشيخ القطب رحمه الله في شرح النيل أن الإمام إذا قرأ البسملة، فإن المأموم ينصت، ثم إذا شرع في قوله: الحمد لله رب العالمين، فإن المأموم يأتي بالبسملة، وهكذا إذا انتقل إلى الآية الثانية، فإن المأموم يأتي بالآية السابقة، وقيل: يتابعه كلمة كلمة.

والخلاصة أن مردّ ذلك إلى ما يورث مزيد خشوع، والناس يتفاوتون في ذلك؛ فمنهم من يتأتى له الخشوع بمتابعة الإمام آية آية، ومنهم من يتأتى له الخشوع بمتابعة الإمام أثناء الآية، كلمة كلمة أو كلمتين كلمتين، بشرط ألا يتقدّم على الإمام.

وأما عند عموم المذاهب الأربعة، فإنهم يرون أن ينصت المأموم حتى يفرغ الإمام فيسكت، ثم يتلو المأموم الفاتحة، هذا عند أكثرهم، وقيل عند بعضهم، كما هو عند الأحناف، أن تلاوة الإمام تُجزئ عنهم، وأن إنصاتهم مجزئ، فالخلاف على هذا المنوال، وهي مسألة رأي وفيها مجال، ولكن القول الراجح هو الأَسَدُّ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال، وهو الأرجح: «لا تفعلوا إلا بأم الكتاب»، حينما سألهم: «لعلكم تقرأون خلف إمامكم؟» فقالوا: نعم، فقال: «لا تفعلوا إلا بأم الكتاب»، فهذا، والله تعالى أعلم.

امرأة أجهضت جنينها عمدًا، ماذا يلزمها من حقوق ودية؟ وهل عليها كفارة؟ ولو تنازل صاحب الحق، هل تسقط الدية؟ وهل يوجد فرق في عمر الجنين من حيث مقدار الدية؟

أولًا لنقرر أن تعمّد إجهاض الجنين حرام في دين الله تبارك وتعالى في كل مراحل تكوّن هذا الجنين، لأنه نفس بشرية نامية لها حقوق أثبتتها الشريعة، فبتكوّن الجنين في رحم أمه ترتفع بعض الأحكام التكليفية عن الأم نفسها، فيُباح لها الفطر في الصيام الواجب، وإن استحقت عقوبة، فإن العقوبة تؤجل مراعاةً لجنينها، ويثبت له الإرث، وهو جنين في بطن أمه.

فإذا اعتُدي على الأم أو تسببت الأم في إسقاط الجنين، فإن من فعل ذلك أثم، ويلزمه أن يتوب إلى الله تبارك وتعالى مما وقع فيه، ويلزمه «أي المتسبب» دية يدفعها إلى ورثة الجنين، دون أن يدخل المتسبب في الاستحقاق إن كان من ورثته، وهذا لا بد أن يُتنبه له، وهنا أيضًا تنبيه بالغ الأهمية، وهو أن من لا يرث بسبب مانع، فإنه لا يحجب غيره، أي لو كان موجودًا مستحقًا لفريضة مقررة شرعًا، فإنه في هذه الصورة لا يحجب غيره.

وبقي الكلام في الكفارة: هل يلزم من فعل ذلك كفارة، فعند الإباضية والأحناف والمالكية، لا كفارة، لأن هذه النفس المعتدى عليها كما يقول الفقهاء «نفس دون نفس»، أي لم تثبت حياتها بعد، لأنها لم تخرج إلى عالم الوجود حية، فإنما الكفارة تكون في النفس الكاملة التي تخرج حية، والدليل: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمر بالكفارة في حادثة المرأتين من هُذيل، حين رمت إحداهما الأخرى فأجهضت جنينها، فقضى فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغُرّة، أي دية الجنين: غرة عبد أو أمة، وهذا مقدار الدية.

ومقدار دية الجنين: عُشر دية الأم، أو نصف عشر دية الرجل، أو عشر دية المرأة، وهذا هو التقدير المعروف، لأن الحديث لم يبيّن فرقًا في مقدار الدية بين الذكر والأنثى، وإن كان بعضهم يفرّق، فيقول: العُشر إذا كان الجنين ذكرًا، ونصف العُشر إن كان أنثى، ولكن الحديث أطلق، ولا شك أن الاحتياط أولى.

هذا إن خرج الجنين ميتًا، أما إن خرج حيًا ثم مات بعد استهلاله (أي ظهرت عليه علامات الحياة)، فهذا فيه دية النفس الكاملة، وفيه الكفارة بلا خلاف، وإذا كانت الأم قد تعمدت الإجهاض، فخرج الجنين حيًا ثم مات، فإن عليها الدية الكاملة والكفارة، سواء كان التسبب من الأم أو من شخص آخر.

أما إن سقط الجنين ميتًا من رحم أمه، فقد تحدثنا عن الدية، وفي الكفارة خلاف، وقلنا: إن القول بعدم لزوم الكفارة هو أرجح، وهو قول الإباضية والحنفية والمالكية، أما الشافعية والحنابلة فيرون أن الكفارة واجبة، وهي: صيام شهرين متتابعين، والله تعالى أعلم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم رسول الله صلى الله علیه الله تبارک وتعالى

إقرأ أيضاً:

فوائد حسن معاملة الآخرين في الإسلام.. علي جمعة يكشف عنها

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن الإسلام دعا إلى حسن معاملة الآخرين وذلك في معاملتهم بلطف ومودة والاستماع إليهم وتقدير وجهة نظرهم، وشملت دعوته في ذلك الرجل والمرأة، والغني والفقير، بل الإنسان والحيوان.

ماذا يحب الله تعالى ؟.. علي جمعة يجيبعلي جمعة: قلوب البشر ليست واحدة فمنها غليظ قاسٍ ومنها رفيق لين

وأضاف علي جمعة، في منشور له، أنه لحسن معاملة الآخر فوائد كثيرة في المجتمع لعل من أهمها نشر الأخلاق الحميدة بين الناس كاليسر والصفح والسماحة وطلاقة الوجه، كما أنها أيضاً تزيد من المحبة والألفة بين أفراد المجتمع، ويمكن تقسيم حسن المعاملة على محاور مختلفة.

وأشار إلى أن هناك حسن المعاملة مع الله سبحانه وتعالى هو الذي يورث التقوى والورع بين العباد، وهناك حسن المعاملة مع الناس وهو الذي يكسب المرء ثقة الآخرين فيه وثقته مع نفسه ويأتي هذا المحور تحت معنى قوله: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (البخاري)، هناك حسن المعاملة مع المرأة وهي التي تعبر عن رقي دين الإسلام وعالمية رسالته، وهي التي تأتي تحت قوله: «واستوصوا بالنساء خيرا» (البخاري).

وتابع: إلا أن من المحاور الرئيسية في حسن المعاملة في عصرنا هذا محوران هما: 
حسن معاملة الحيوان وهي تدل عن رحمة الإسلام بجميع المخلوقات وتجلب الخير والبركة والرشاد للأمة جامعة.
وحسن المعاملة مع العمال والمستخدمين وهي التي تدفعهم إلى الإخلاص والمحافظة على الأموال وسلامتها، ومن ثم تنشر في المجتمع روح من السلام والألفة بين طبقاته المختلفة فتحافظ على كيانه وتقوي أواصر وحدته.

ووردت أمثلة كثيرة في السنة النبوية الشريفة تحث على الرأفة بالحيوان كأحد المحاور المهمة لفضيلة حسن المعاملة، فعن أبي هريرة عن النبي قال: «إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم» (أخرجه أبو داود في سننه) وفيه الأمر بحسن معاملة الحيوان ورحمته، مع ذكر وبيان للسبب الذي يحض على هذا، وهو أن الحيوان مسخر بأمر الله، وأنه يساعد الإنسان في قطع المسافات الطويلة لقضاء الحاجات، وأظهر لأصحابه بديلا لإرهاق الحيوان والجلوس على ظهره للتسامر، وهو الأرض.

وعن ابن عباس قال: نهى رسول الله عن التحريش بين البهائم (أبو داود). والتحريش هو الإغراء والتحريض، والتحريش بين الطيور والحيوانات يتخذ لعبة في بلدان كثيرة، وفيه إيذاء للحيوان واستخدامه في غير ما خلق له، وفي هذه اللعبة يقوم العابثون بالحيوان أو الطير بإعطائه عقاقير وكيماويات تجعله يثور ويشرس على مثله كي تزداد متعة المشاهدة، وهو نوع من العدوانية وسوء الخلق، يربي النفس على التوحش والتلذذ بتعذيب الآخرين وآلامهم.

وعن ابن عباس أن النبي قال: «لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا» (مسلم)، فالرسول حريص أن يربي أصحابه على احترام الحيوان والرفق به لأن صلاح النفس ومنهجها القويم في المحبة والاحترام للمخلوقات واحد، سواء كان هذا المخلوق جمادا أو حيوانا أو إنسانا حقيرا أم شريفا، فالالتزام بالمنهج واحد، وهو احترام المخلوقات تقديرا لخالقها الواحد؛ لأن الاستهانة ببعض الخلق وإن كان حيوانا نذير بفساد في النفس يدعوها للاستهانة ببقية المخلوقات وعدم توقير خالقها.
 

طباعة شارك علي جمعة معاملة الآخرين معاملة الناس فوائد حسن المعاملة معاملة الحيوان

مقالات مشابهة

  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • فوائد حسن معاملة الآخرين في الإسلام.. علي جمعة يكشف عنها
  • هل لمس الزوجة ينقض الوضوء؟.. الأزهر يجيب
  • ماذا يفعل من فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • الجبهة الوطنية بشرم الشيخ ينظم قافلة تعليمية للمراجعات النهائية لطلاب الوديان
  • سنن الأضحية.. مايستحب فعله عند الذبح
  • وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يشهدان صلاة الجمعة بمسجد الإمام الشيخ عبد الحليم
  • في ذكرى ميلاد الشيخ عبد الحليم محمود.. الأوقاف عالم رباني، وقائد وطني
  • ماذا قال الإمام الشعراوي عن الشيخ محمد رفعت؟ كلمات مؤثرة في ذكرى قيثارة السماء