بابا الفاتيكان الجديد.. لماذا اختار اسم ليو الرابع عشر؟
تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT
عندما ظهر الكاردينال روبرت بريفوست على شرفة كاتدرائية القديس بطرس، تم تقديمه باسم ليو الرابع عشر، وباختياره اسم "ليو"، ينضم البابا رقم 267 إلى مجموعة من 13 بابا سابقا حملوا هذا الاسم.
كان الباباوات الذين اختاروا اسم ليو من المصلحين، ومنهم ليو الثالث عشر الذي انتُخب عام 1878، وقد تحدثت رسالته العامة الشهيرة "Rerum Novarum" عن كرامة الإنسان والعمل، بحسب القس كريستوفر روبنسون، عضو هيئة التدريس في قسم الدراسات الدينية بجامعة ديبول.
وقال القس توماس ريس، وهو كاهن أميركي وخبير في شؤون الفاتيكان، عن البابا الجديد: "من خلال اختياره اسم ليو الرابع عشر، يُظهر التزامه بالتعليم الاجتماعي للكنيسة، الذي أرسى دعائمه سلفه ليو الثالث عشر".
لقد اعتاد الباباوات على اختيار أسماء بابوية لعدة قرون، وغالبا ما يستلهمون أسماء من سبقوهم الذين يرغبون في الاقتداء بهم. فمثلا، كان اسم "يوحنا" شائعا للغاية، إذ استخدمه 21 بابا (أو 23 إذا احتُسب يوحنا بولس الأول ويوحنا بولس الثاني).
أما الكاردينال خورخي ماريو برغوليو، فقد اختار اسم "فرنسيس"، تيمنا بالقديس فرنسيس الأسيزي، "رجل الفقر والسلام، الذي يحب ويحمي الخليقة"، كما قال للصحفيين عام 2013 بعد انتخابه.
ومن الأسماء الشائعة الأخرى: غريغوريوس (16 مرة)، بنديكت (15 مرة)، وكليمنت (14 مرة).
وفي بدايات المسيحية، كان الباباوات يحتفظون بأسمائهم المعمودانية، والتي قد تبدو غير مألوفة اليوم، مثل "هيلاريوس" و"سيمبليسيوس".
ولكن حين انتُخب البابا يوحنا الثاني، غيّر هذا التقليد باختياره اسم يوحنا بدلا من اسمه الأصلي "ميركوريوس"، ربما لتجنب الربط بينه وبين الإله الروماني الوثني.
ولم يصبح اختيار اسم بابوي أمرا شائعا حتى أواخر القرن العاشر، مع بعض الاستثناءات مثل أدريان السادس (1522) ومارسيلوس الثاني (1555) اللذين احتفظا بأسمائهما الأصلية.
ومن بين 264 بابا، غيّر 129 منهم أسماءهم عند توليهم المنصب.
ومنذ البابا يوحنا الثاني عشر، شهد الفاتيكان 12 بابا باسم "إينوسنت"، و7 باسم "أوربان"، و6 باسم "ليو"، إضافة إلى 7 آخرين حملوا هذا الاسم قبل أن يصبح تغيير الاسم هو القاعدة.
ومن أواخر القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن العشرين، انتشرت أسماء مثل "بيوس"، بينما في العصر الحديث مال الباباوات إلى اختيار "يوحنا" و"بولس".
واختار الكاردينال البولندي كارول فويتيلا اسم يوحنا بولس الثاني عام 1978 تكريما لسلفه يوحنا بولس الأول، الذي توفي بعد 33 يوما فقط من انتخابه، وكان يوحنا بولس الأول أول من جمع بين اسمين بابويين.
وباستثناء هذا الاسم المزدوج، كان "فرنسيس" هو أول اسم بابوي جديد يُستخدم منذ البابا "لاندو" عام 913.
وعلى غرار فرنسيس، اختار الكاردينال الألماني يوسف راتزينغر اسم بنديكت السادس عشر عام 2005، مستلهما البابا بنديكت الخامس عشر الذي قاد الكنيسة خلال الحرب العالمية الأولى، وأعلن أن خدمته ستتمحور حول "المصالحة والانسجام بين الشعوب".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات ليو الفاتيكان البابا الجديد فرنسيس الأسيزي ليو فرنسيس ليو الرابع عشر البابا الفاتيكان ليو الفاتيكان البابا الجديد فرنسيس الأسيزي ليو فرنسيس منوعات یوحنا بولس اسم لیو
إقرأ أيضاً:
عندما يحزن الأبناء
د. إبراهيم بن سالم السيابي
عندما يحزن الأبناء، تجد نفسك أحيانًا عاجزًا عن فعل شيء، لا تملك حيلة، ولا تسعفك الكلمات، فليس الحزن هذه المرة بسبب طلبٍ لم يُلبَّ، أو حاجة يمكن أن تُقضى، أو حتى حلم نُخفف ألمه بوعدٍ بأن يتحقق يومًا ما؛ بل هو حزن أعمق، وأشدّ وقعًا.
حزنٌ على فقد رفيقٍ كان يمثل لهم معنى الصداقة، عشرة عمر، وشريك أيام لا تُنسى، رحل فجأة، دون وداع، دون أن يشكو شيئًا، وكأنه انسحب من المشهد بهدوء، وترك خلفه قلوبًا صغيرة تصارع وجع الغياب.
في مثل هذه اللحظات، لا يكون الحديث عن الألم فقط؛ بل عن أمر أكبر يستوجب الانتباه: هؤلاء الشباب الذين يرحلون في مقتبل أعمارهم، ليسوا فقط أصدقاء لأبنائنا؛ بل هم جزء من حاضرنا، ومستقبل أوطاننا ورحيلهم خسارة لا تُقدّر، ولا يجوز أن تمرّ مرور الكرام.
فالموت حق، وهو سنة الحياة، لكن إيماننا بالقضاء لا يعني أن نتجاهل الأسباب.
علينا أن نقف وقفة تأمل، أن نبحث ونسأل: لماذا يحدث هذا؟ لماذا يرحل شباب في ريعان العمر فجأة؟ هل هناك ما يمكننا تغييره في أنماط حياتنا؟ هل نولي صحتنا الجسدية والنفسية ما تستحق من اهتمام؟ هل نخضع للفحوص الوقائية بانتظام؟ هل نتعامل بجدية مع أعراض نفسية أو جسدية قد تكون مؤشّر خطر لم ننتبه له؟
وأنا أتابع هذا الحزن في عيون أحد أبنائي، أدركتُ كم يعني "الرفيق" في حياة الإنسان، فلا أحد يمكنه أن يقلل من قيمة الرفاق، فهم أكثر من مجرّد أصدقاء عابرين، إنهم شهود على ضحكاتنا ودموعنا، على بداياتنا وسقطاتنا، على لحظاتنا التي لا تُنسى.
والرفيق الصادق حين يرحل، لا يغيب كشخص فحسب؛ بل يغيب كقطعة من الذاكرة، من الطمأنينة، من الحياة نفسها.
عندما يفقد الأبناء رفيقًا بهذا القرب، فهم لا يفقدون زميلًا فقط؛ بل مرآةً لقلوبهم، من كان يُشاركهم لحظاتهم بكل صدق، وهذا ما يجعل الألم مضاعفًا، ويزيد من وجع الغياب.
هنا، تقع على عاتق الآباء والمربين مسؤولية مزدوجة: كيف نواسي أبناءنا في لحظة الفقد؟ وكيف نساعدهم في تحويل الحزن إلى طاقة بناء، لا إلى انكسار نفسي يصعب رتقه؟ فالمراهق أو الطفل قد لا يُعبّر بالكلمات، لكنه يحمل داخله أسئلة مؤلمة: لماذا رحل؟ هل سأرحل مثله؟ هل كنا السبب؟ وهذه التساؤلات الصامتة تحتاج من يفهمها، من يُجيب عليها بلغة القلب، من يزرع الطمأنينة، ويُذكّرهم بأن الحب الحقيقي لا يموت، وأن من نحب لا يغيب عن الذاكرة أبدًا، وأن وفاءنا لهم يكون بالدعاء، وبأن نعيش كما كانوا يتمنون لنا.
لكننا أيضًا بحاجة إلى الحديث بصوت عالٍ عن أسباب هذا الرحيل المفاجئ، الذي يتكرر كثيرًا بين الشباب، ونحن لا نقصد هنا إثارة الخوف؛ بل الدعوة إلى الوعي، فعلينا أن نُعيد النظر في ثقافتنا الصحية، نُدرِج الفحوصات الدورية ضمن أولوياتنا، نهتم بصحتنا النفسية كما نهتم الجسدية، ونتوقف عن تجاهل الإشارات.
كما إن دور الدولة ومؤسساتها لا يقل أهمية: وزارات: الصحة والتعليم والإعلام والثقافة والشباب، جميعها معنية بإطلاق مبادرات فاعلة، بتوفير مراكز فحص ميسّرة، وبتوصيل الرسائل التوعوية بلغة قريبة من الناس؛ فالشباب ليسوا أرقامًا في الإحصاءات؛ بل هم الوطن، ومستقبله.
أما الأبناء الذين يحزنون، فلا نطلب منهم أن ينسوا، ولا أن يتجاوزوا سريعًا؛ بل نرافقهم، نمنحهم الوقت، ونُظهر تفهُّمنا. نقول لهم: "نحن هنا، نحن نحزن معك، ونفهمك". فحين يحزن الأبناء، لا يكفي أن نقول "اصبر"؛ بل أن نكون إلى جانبهم... بحب، وصدق، واحتواء.
وفي النهاية.. لا نملك أن نمنع الموت فكلنا راحلون ولكل أجل كتاب، لكننا نملـك أن نُعطي الحياة معناها، وأن نُخفف من ألم الفقد، وأن نغرس في أبنائنا الإيمان، والوعي، والتقدير لكل لحظة نعيشها.
رابط مختصر