في دراسة جينية حديثة أجراها باحثون في جامعة فيرارا الإيطالية، أثيرت من جديد الشكوك بشأن الاعتقاد السائد في سمات الإنسان الأوروبي القديم، حيث ظهر أنه قبل 3 آلاف سنة فقط، كانت البشرة السمراء موجودة في أوروبا.

إذ كشف تحليل الحمض النووي لـ 348 عيّنة، كانت معظمها لبشر عاشوا في أوروبا في الفترة الممتدة بين ألف و700 سنةـ 45 ألف سنة مضت، أنّ البشرة الداكنة كانت السائدة في القارة الأوروبية حقبا طويلة، خلافًا لما كان يُعتقد سابقًا، أن التحول إلى البشرة الفاتحة كان بوتيرة سريعة.

مثّلت الهجرة من أفريقيا نحو آسيا وأوروبا قبل نحو 50 ألف سنة و70 ألف سنة على التوالي نقطة تحول في تاريخ البشر، حيث واجهوا بيئات جديدة ذات مستويات أقل من الأشعة فوق البنفسجية، وقد أدّى هذا التغير المناخي والجغرافي إلى ظهور تحوّلات جينية مرتبطة بلون البشرة، ما أسهم لاحقاً في انتشار البشرة الفاتحة تدريجيًا نظرًا لقدرتها الأكبر على امتصاص أشعة الشمس اللازمة لإنتاج فيتامين د الضروري للجسم.

الدراسة لم تركز فقط على لون البشرة وإنما أظهرت تحليلات خاصة بلون العيون والشعر (بيكسابي) بداية التحول إلى البشرة الفاتحة

تشير التحليلات إلى أن ما يقارب 60% من الأفراد الذين عاشوا في أوروبا صارت بشرتهم داكنة، مقابل أقل من 10% فقط لصالح البشرة الفاتحة، بينما كانت النسبة الباقية لأصحاب البشرة المتوسطة، خلال غالبية الحقبات الزمنية التي شملتها عينات الحمض النووي.

وتشير الدراسة إلى أنّ التحوّل نحو البشرة الفاتحة بدأ قبل نحو 14 ألف سنة، ولم تصبح البشرة الفاتحة هي السائدة إلا في وقت حديث نسبياً، قبل نحو 3 آلاف سنة، ما يؤكد أنّ الانتقال إلى اللون الفاتح كان بطيئاً ومتفاوتاً زمنياً وجغرافياً.

جدير بالذكر أنّ الدراسة لم تركز فقط على لون البشرة وإنما أظهرت تحليلات خاصة بلون العيون والشعر، ومن اللافت أنه وخلال العصر البرونزي (3000ـ7000 سنة مضت) والذي لاحظ الباحثون خلاله حدوث ازدياد في نسبة انتشار العيون والشعر الأفتح لوناً بشكل أكبر في أوروبا.

إعلان

وقد أظهرت عيّنتان مأخوذتان من الأردن وكازاخسنان شرقاً شعراً فاتحاً وعيوناً فاتحة بالرغم من أنّ الشعر الداكن والعيون الداكنة كانت لا تزال هي السائدة في غالب العيّنات حينها.

كما لوحظ خلال هذه الفترة الزمنية زيادة في اجتماع السمات الفاتحة في ذات العيّنة؛ مثل ظهور البشرة الفاتحة، والعيون الزرقاء، والشعر الأشقر معاً، وذلك في أربعٍ من عيّنات أوروبا.

في حديث مع الجزيرة نت، أشار غويدو باربوجاني، أستاذ علم الوراثة والوراثة السكانية وأحد المشاركين في هذا البحث إلى أنّ بعض أفراد النياندرتال امتلكوا بشرة فاتحة وذلك حتى قبل وصول البشر الحاليين إلى أوروبا.

ويضيف باربوجاني أنه مع ذلك، فإن البشرة الفاتحة لدى إنسان نياندرتال والإنسان الأوروبي الحديث نشأت لأسباب مختلفة؛ فجميع السمات المتعلقة بالتصبغ، مثل لون البشرة والعينين والشعر، تُعد صفات معقدة تعتمد على تفاعل عدة جينات ما يعزز فرضية، أن تطور تصبغ الجلد عملية متعددة المسارات حدثت في أوقات وأماكن مختلفة.

الحاجة إلى فيتامين د

تبيّن الدراسة أنّ الانتقاء الطبيعي وفوائد البشرة الفاتحة في إنتاج فيتامين د لا تفسر وحدها ظهور السمات الفاتحة، إذ من المرجح أن تدفق الجينات بفعل الهجرات واسعة النطاق والتزاوج بين المجموعات السكانية قد لعب دوراً أساسياً أيضاً في ذلك، كما وقد يكون حصول انحراف جيني ساهم ولو بشكل محدود في هذا التحول.

ويشير باربوجاني إلى أنّ للتغييرات الغذائية، ـالتي صاحبت نشوء الزراعة وانتشار المزارعين الأوائل من منطقة الهلال الخصيب باتجاه أوراسيا خلال العصر الحجري الحديث (قبل نحو 8500 سنة)ـ تأثيرا كبيرا جداً على التركيبة الوراثية للأوروبيين.

ويضيف: "بالرغم من أنّ الانتقال إلى الزراعة جلب معه زيادةً في الأمراض المعدية وتدهوراً في جودة الغذاء ونسباً أقل من فيتامين د في الغذاء على المستوى الفردي، إلا أنّ الصورة كانت مختلفة تماماً على المستوى الجمعي؛ إذ امتلك المزارعون ميزتين مهمتين ساعدتهم على التفوق، تتلخص في قدرتهم على إنتاج مزيد من الغذاء بالزراعة وتربية المواشي، وامتلاكهم بشرة فاتحة تُعدّ أكثر ملاءمةً للبيئات ذات الأشعة الشمسية المنخفضة، ما منحهم فرصة للنمو السكاني السريع، ومنه التأثير بقوة على الجينات الأوروبية".

إعلان

ومع ذلك يرد باربوجاني استمرار وجود البشرة الداكنة إلى بطء وتيرة عملية التحول إلى البشرة الأفتح لوناً جزئيا إلى استمرار تواجد بعض المجتمعات المحلية من الصيادين وجامعي الثمار، لا سيما تلك التي اعتمدت على الصيد البحري، حيث واصلت الحصول على حاجتها من فيتامين د من الغذاء.

تعيد هذه النتائج النظر إلى الرواية التقليدية القائلة، إن البشرة الفاتحة ظهرت بسرعة استجابة للظروف البيئية الجديدة، وبدلاً من ذلك تُظهر أنّ التغير لم يكن خطياً، بل تدريجياً ومعقداً بفعل مجموعة من العوامل البيئية والوراثية والاجتماعية على مدار آلاف السنين، ما يشير إلى أنّ تنوع لون البشرة كان واسعاً حتى بين الأفراد الذين عاشوا في نفس الفترات الزمنية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات لون البشرة فیتامین د فی أوروبا ألف سنة قبل نحو إلى أن

إقرأ أيضاً:

لاستفادة الجسم من فيتامين د .. ما الوقت الكافي للتعرض للشمس؟

 يعد فيتامين د أحد العناصر الأساسية لصحة الجسم، حيث يلعب دورًا حيويًا في تقوية العظام؛ ودعم المناعة؛ وتحسين الحالة النفسية، ويُعتبر التعرّض المعتدل لأشعة الشمس الطريقة الطبيعية والأكثر فاعلية لإنتاج هذا الفيتامين، وسنستعرض خلال السطور التالية المدة الكافية للتعرض إلى الشمس من أجل الحصول عليه؛ وأعراض نقصه في الجسم؛ وأيضًا الكمية اليومية الموصى بها من هذا الفيتامين، وذلك وفقًا لما جاء في موقع (تايمز ناو).

أكبر من والدتها.. ابنة كيم كاردشيان تثير الجدل بإطلالتها في عيد ميلادهاقبل مباراة بورتو.. إسلام الشاطر يوجه 5 رسائل قوية للنادي الأهليهل الشمس مصدر آمن دائمًا لفيتامين د؟

على الرغم من أهمية الشمس في تحفيز إنتاج فيتامين د عبر الجلد، يُحذّر الخبراء من أن الإفراط في التعرض لها قد يؤدي إلى أضرار جسيمة، مثل سرطان الجلد، خاصة عند التعرض للأشعة فوق البنفسجية لفترات طويلة دون حماية.

كم من الوقت تحتاجه تحت الشمس؟

يقول الأطباء إن 10 دقائق فقط من التعرض لأشعة الشمس خلال منتصف النهار، مع كشف نحو 25% من الجسم (مثل الذراعين والساقين)، تكون كافية لإنتاج الكمية اليومية اللازمة من فيتامين د خلال فصلي الربيع والصيف.

ورغم أن واقي الشمس يقلل من امتصاص الأشعة فوق البنفسجية، إلا أن الجسم يمكنه إنتاج بعض فيتامين د حتى مع استخدامه، لذا يُنصح بوضع الواقي بعد 10–30 دقيقة من التعرض الأولي المباشر للشمس.

الكمية اليومية الموصى بها من فيتامين دمن عمر سنة حتى 70 عامًا: 600 وحدة دولية (IU) يوميًامن 71 عامًا فأكثر: 800 وحدة دولية يوميًا

ومع التقدم في العمر، تقل قدرة الجلد على إنتاج فيتامين د، مما يُبرز أهمية المكملات الغذائية أو الأطعمة الغنية بالفيتامين.

أعراض نقص فيتامين د

قد لا تظهر الأعراض بشكل مباشر، لكنها تشمل:

التعب المستمرآلام في العظام والمفاصلضعف العضلاتالمزاج الاكتئابيالعدوى المتكررةتساقط الشعرضعف الشهيةبطء التئام الجروحمتى تصبح الشمس خطرًا؟

رغم فوائد الشمس، فإن الإفراط في التعرض لها يسبب أضرارًا صحية، منها:

حروق الشمس

 احمرار، ألم، تورم، وظهور بثور.

تلف العين

 مثل إعتام عدسة العين بسبب الأشعة فوق البنفسجية.

شيخوخة الجلد المبكرة

بفعل التجاعيد والبقع الداكنة.

تغيرات جلدية

 مثل النمش أو الشامات غير المنتظمة.

ضربة الشمس

 قد تؤدي إلى ارتفاع خطير في درجة حرارة الجسم.

سرطان الجلد

 نتيجة للتعرض المفرط وغير المحمي للأشعة فوق البنفسجية.

نصائح للحصول على فيتامين د بأمانتعرّض لأشعة الشمس المباشرة في منتصف النهار من 10–30 دقيقة فقط حسب لون البشرة.ضع واقي الشمس بعد المدة المناسبة لتقليل أضرار الأشعة الضارة.استخدم مصادر غذائية غنية بفيتامين د مثل الأسماك الدهنية، الكبد، وصفار البيض.استشر الطبيب إذا كنت تعاني من أعراض نقص الفيتامين، لإجراء الفحوصات ووصف المكمل المناسب. طباعة شارك فيتامين د الشمس اعراض نقص فيتامين د حروق الشمس صحة الجسم

مقالات مشابهة

  • كيف تعرف نقص فيتامين د بجسمك ؟.. 10 أعراض واضحة
  • إستشهاد 71 فلسطينيا كانوا في انتظار المساعدات
  • مسئول أفريقي: القارة السمراء تصنع 1% من الأدوية المستخدمة بها
  • إنجاز في 90 يوما.. مسؤول: جسر السمراء يربط قلب مدينة حائل بشرقها
  • لاستفادة الجسم من فيتامين د .. ما الوقت الكافي للتعرض للشمس؟
  • النمر يوضح الوقت المناسب لتناول فيتامين “د”
  • مساعد أمين حائل: جسر السمراء يربط شرق ⁧‫حائل‬⁩ بغربها ويساهم في درء أخطار السيول .. فيديو
  • “كشك مرزيفون”.. طبق تركي تقليدي يُحافظ على طقوس طهي عمرها 3000 عام.. وهذه أبرز تفاصيله
  • ماذا يحدث لمن يقرأ سورة الفاتحة في الصباح؟.. 10 عجائب
  • أعراض تعاني منها السيدات تؤكد نقص فيتامين د