الوعي والأمل والطموح في التغييرات الجذرية..
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
التغيير حين يحدث، يبدأ أولاً تحت الجلد، أحيانا تبدو الأمور على السطح هادئة وطبيعية إلى أقصى درجة، وتظهر الشعوب خامله وكأنها جثث تنتظر الجوارح كي تنهشها، إلا أنه في حقيقة الأمر لا شيء ثابت، الحركة الدائمة هي سيدة الحقائق، واكبر حقيقة اليوم هي الحركة الشعبية التي تحركها شعبنا اليمني العظيم في ثورته وصموده وتحديه ومواجهته لدول العدوان والحصار، أغلب الناس لا يلاحظون هذه الحركة رغم حدوثها، لكنهم سوف يتفاجأون بالتغيير الحر ويتعجبون كيف حدث، لأنه تغيير كان يعتمل في الداخل، رغم كل الكوابح والمعوقات الظاهرة، لهذا و على ضوء مفهومية ” التغييرات الجذرية” التي أطلقها السيد القائد، علينا أن ندرك أن هناك أناسا سوف يبدأون بإطلاق مشاعر الأمل في المستقبل، وأيضا هناك أناس سوف يبدأون بإطلاق الخوف من المستقبل، وهذه المشاعر وإن اختلفت سوف تسبب لجميع الناس القلق، و القلق يخلق الاستعداد لتقبل الإيحاءات، وخاصة تلك الإيحاءات المغلوطة والمضللة التي يرسلها ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي حول ان التغيير الجذري مهمته عزل فلان وتعيين علان، وهنا سوف يبدأ الناس بتصديق أي حاجة.
لذلك باعتقادي الشخصي، أن مفهوم التغييرات الجذرية التي تحدث عنها السيد القائد لا تعني بأي حال من الأحوال أن التغيير يعني تغيير الأشخاص أو الأفراد أو تعيين فلان بدل علان – وإن كان ذلك المطلوب نوعا ما – ولكن التغييرات الجذرية التي فهمتها تعني أنه بعد بحوث ودراسات وتجارب ونقاشات وجهد جهيد تم الوصول – علميا وعمليا – إلى المستوى الأعلى والأرقى في فهم الأساليب ومعرفة الطرق والأدوات الأنجع والأنجح والأفضل التي تحقق الجودة الأعلى في أداء وسلوك وعمل وخدمة القيادة و الإدارة للوظيفة العامة في مؤسسات الدولة، وزيادة الإنتاج في كل شيء إيجابي، والابتعاد عن كل شيء سلبي، وتحسين الدخل العام، وتوفير الخدمات العامة، وإحقاق الحقوق، ودفع الناس لأداء واجباتهم، والإدراك والالتزام التام بمعايير السلوك والقيم العليا وعلى رأس ذلك النزاهة في العمل و الكفاءة في التعيين، وتفعيل قيم المعرفة الدينية والأخلاقية والشعبية والقانونية في ممارسات وتصرفات موظفي الدولة التي تؤلف قلوب الناس لاحترام الدولة والقانون ومؤسساتهم وموظفيهم..
وحتى نفهم أكثر، علينا أن نعترف أنه ربما قد يبدو للوهلة الأولى عند بعض اليائسين والخائفين من المستقبل، أن الحالمين في التغييرات الجذرية في ظل الظروف الصعبة الناتجة عن الحرب والعدوان والحصار مجرد مجانين، وفي أحسن الأحوال مجموعة من المنظرين الذين لا يفهمون ما يحدث على أرض الواقع، لكن في الحقيقة هذه نظرة عَجلٍ وسطحية بالأساس، وإذا أردنا أن نعرف لماذا، فعلينا أن نأخذ رأي الجهة الأخرى، رأي اليائسين الذين يرون أنه لا فائدة مرجوة من التغييرات الجذرية، ولا يوجد أي أمل في حدوث أي تغيير مهما حاولنا، فماذا يقدم هؤلاء بهذه الواقعية الرثّة التي يتحدثون بها.. ؟!! ماذا يفعلون برصدهم لواقع اليأس وإعلان صعوبته وعدم القدرة على تجاوزه ولو بعد ألف عام.. ؟!! هؤلاء أشبه بتجلط الدم، يعيقون حركة المسيرة والدولة والمجتمع في الوقت الذي يعتقدون أنهم أكثر أبنائه وعيا، لأن تصورهم مجرد رصد للواقع، حتى وإن كان رصدا مصيبا، إلا أنه لن يغير من الأمر شيئا إذا توفرت الإرادة والعزيمة والتوكل على الله..
أما إذا انتقلنا إلى جهة الحالمين الممتلئين بالأمل في المستقبل، ولا أقصد بالحالمين المنظرين الذين ينفصلون عن الواقع تماما، ولكن أقصد بالحالمين هنا من يعرفون حقيقة الأمر على أرض الواقع لكنهم لا يستسلمون للوضع القائم، ويأملون في التغيير ويسعون نحوه دائما، وإذا ضربهم إحباط المحبطين ويأس اليائسين وخوف وقلق المنظرين يستحضرون الهمم والعقل والتوكل على الله و دروس التاريخ كي تشحن نفوسهم نحو المستقبل، يشاهدون كيف خرجت أمم وحضارات من قاع التخلف والجهل والاستبداد لتجلس على رأس الأمم، هؤلاء هم صانعو المستقبل، هؤلاء هم أصحاب رؤية ونظرية التغيير الجذري الذي نأمله ونحلم به، أما المنظرين و من يدعون الواقعية والممتلئين بالإحباط والخوف والقلق فلن يفعلوا شيئا سوى تعطيل المسيرة والدولة والشعب في كل الأحوال..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
العيسوي ودور الديوان الملكي في ترسيخ الوعي الوطني عبر اللقاءات المجتمعية
صراحة نيوز- كتب د. محمد جرار آل خطاب
يواصل معالي يوسف العيسوي، رئيس الديوان الملكي الهاشمي العامر، بهمة لا تعرف اللين، وجهد قل نظيره، أداء دور محوري في تشكيل وتعميق حالة الوعي الوطني الأردني، من خلال اللقاءات الدورية التي يعقدها مع ممثلي القطاعات الشبابية والعشائرية من مختلف محافظات المملكة. هذه اللقاءات، التي تُعقد في أروقة الديوان الملكي، تجاوزت كونها لقاءات بروتوكولية لتتحول إلى منصات حوار وطني مفتوح، تُرسّخ الشفافية وتوضح الثوابت الأردنية في وجه التحديات الإقليمية والدولية. معالي العيسوي، الذي كُلّف برئاسة الديوان الملكي في آب 2018، نال ثقة جلالة الملك عبد الله الثاني في رسالة ملكية حملت رؤية متكاملة لطبيعة الدور المطلوب، وجاء فيها: “واليوم أعهد إليك برئاسة ديواننا الهاشمي العامر، لتكون حلقة الوصل بيني وبين سائر مؤسسات الدولة، ولتعمل على تعزيز التواصل بين الديوان الملكي وأبناء وبنات شعبنا الوفي العزيز، ولتبقي أبواب الديوان مفتوحة أمام الجميع، لكي يكون كما كان على الدوام بيتاً وموئلاً لكل الأردنيين، بيتاً يجدون فيه المرجع والملاذ الذي يفيئون إليه لإيصال صوتهم أو قضاء حاجاتهم وخدمتهم.” هذه الرسالة الملكية كانت النبراس للعيسوي في أداء مهمته التي شرفه بها جلالة الملك، وقد التزم العيسوي بهذا التكليف الملكي حرفًا ومعنى، فجعل من الديوان فضاءً وطنيًا رحبًا، يجمع مختلف مكونات الشعب الأردني. في خضمّ التحولات السياسية في المنطقة، والأزمات المتلاحقة التي تعصف بالإقليم، حرص العيسوي على أن يكون الديوان الملكي منبرًا مباشرًا لتوضيح الرؤية الهاشمية حيال مختلف القضايا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والأزمات الإقليمية، ومسار العلاقات الخارجية الأردنية. فقد قدّم معاليه، في مختلف اللقاءات، شرحًا صريحًا وواقعيًا للموقف الأردني الثابت تجاه حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، كما أكّد على الثوابت الوطنية في حماية السيادة الأردنية والتعامل مع الملفات الإقليمية بحكمة ومسؤولية. ما يميز هذه اللقاءات أنها لا تقتصر على النخبة كما كانت في السابق، بل تضم ممثلين حقيقيين عن الشباب وطلبة الجامعات والعشائر والمجتمع المدني، ما يوفّر بيئة حوار تفاعلية تنقل نبض الشارع الأردني وتعبّر عن همومه. ومعالي العيسوي، بأسلوبه المتزن والميداني، يحرص على الاستماع إلى الملاحظات والاقتراحات، مؤكدًا على أهمية المشاركة الشعبية في صناعة القرار وتعزيز التماسك الوطني. والملفت للنظر بعد انتهاء اللقاءات يتم التواصل مع المعنيين لتنفيذ ما جاء في اللقاءات واقعا. وفي الوقت ذاته، ساهمت هذه اللقاءات في تعزيز مناعة المجتمع الأردني ضد الإشاعات والتأويلات المغرضة، في ظل الجحود والتشكيك بالدور الأردني في تعامله مع مختلف القضايا القومية، وفي مقدمتها دوره المحوري في الحرب الاسرائيلية على غزة، من خلال توفير المعلومة الدقيقة من مصدرها الرسمي، وتعزيز الثقة بين المواطن والدولة. فالديوان الملكي الهاشمي ، بقيادة العيسوي، لم يعد فقط مؤسسة تنفيذية عليا، بل جسر تواصل مباشر بين القيادة الهاشمية وأبناء الوطن. هذا النهج المتبع في إدارة اللقاءات يعكس حقيقة رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني، في تكريس الشفافية والحوار والانفتاح، ويضع معالي يوسف العيسوي في موقع متقدم كأحد أبرز رموز الإدارة الوطنية التي تجمع بين الحنكة السياسية والحس الشعبي، ويجعل منه قدوة لكافة المسؤولين في أهمية التواصل المباشر مع أبناء الوطن. ختامًا، فإن استمرار هذه اللقاءات يشكّل ركيزة في ترسيخ الوعي الوطني الأردني، وإبقاء المجتمع على تماس دائم مع حقيقة المواقف الأردنية تجاه مختلف الملفات، بما يعزّز صمود الدولة واستقرارها وسط محيط إقليمي متقلب.