في كتابه "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، يحكي لنا الكاتب، الطبيب المغربي الدكتور محمد خليل، عن الصين التي لا نعرفها، الناس وطقوس حياتهم اليومية، وحركة تنقلهم في الشوارع، ومدن ومعالم كأننا نقرأ عنها للمرة الأولى، حيث سرد المؤلف فصول ومحطات رحلته بلغة تشم فيها رائحة الأماكن، وعبق التاريخ.

يقول الدكتور محمد خليل، وهو يروي لنا يومياته ومشاهداته في الصين: "اللافت للنظر حين تمر بالطرقات، هو اللباس الموحد للناس رجالاً ونساء، كلهم يرتدون لباس "ماو" ذا لون أزرق أو رمادي، وعلى رؤوسهم قبعات من لون البدل نفسه، ويتنقل معظمهم على دراجات هوائية".

ويسرد لنا "خليل" كيف شعر بالرهبة حين زار ضريح الزعيم ماو وحين شاهد موميائه المحنطة: "يظهر الزعيم ماو محنطا، وكأنه نائم بلباسه المعروف. لا يُسمح بالوقوف أو أخذ الصور عنده، والحقيقة، أن هذه الزيارة لا تزال محفورة في ذاكرتي، نظرا للرهبة التي يشعر بها المرء حين دخوله الضريح خصوصا عندما يشاهد لأول مرة إنسانا محنطاً.

ويحكي مؤلف الكتاب عن الجامع الكبير في شيان، الذي يُعد أول مسجد في الصين، شُيّد على مساحة 12 كيلومتراً مربعاً على شكل قصر إمبراطوري، بناه الإمبراطور شیان رونغ من سلالة تانغ سنة 742م. في عهد الخليفة عثمان بن عفان، وأهدى الإمبراطور هذا الصرح الإسلامي للتجار المسلمين الذين تزوجوا من الصينيين.

إعلان

وهكذا تتنوّع الموضوعات وتتعدد الحكايات في كتاب "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، لمؤلفه الدكتور محمد خليل، الذي كان أول طالب مغربي تطأ أقدامه أرض الصين، تلك البلاد البعيدة عن عالمنا العربي.

أفكار وذكريات

الكتاب الذي صدر عن دارة السويدي بأبوظبي، والمؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، حمل نصوصاً لافته أهّلته للفوز بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، في دورتها الثانية والعشرين لعام 2024، في فرع الرحلة المعاصرة.

وقد دوّن الكاتب المغربي الدكتور محمد خليل، مشاهداته باعتباره أول طالب مغربي في الصين، وأول طبيب مغربي جمع بين الطب الغربي والطب التقليدي الصيني؛ بهدف الإجابة عن كثير من الأسئلة التي كانت تُطرح عن رحلته إلى الصين، مثل: كيف فكرت في الذهاب إلى أقصى مكان في العالم للدراسة؟ وكيف قضيت حياتك الدراسية هناك؟ وكيف كان تعامل الصينيين معك؟ وكيف كانت معيشتك في الصين؟.. ولماذا لم تكتب معايشتك تلك الأحداث؟ وغير ذلك من الأسئلة، ومن هنا جاءت فكرة الكتاب الذي سعى فيه مؤلفه إلى تجميع أفكاره وسرد ذكرياته في الصين وتوثيقها في كتاب يسرد فيه المؤلف تفاصيل ما شاهده وعايشه في الصين وفي الدول المجاورة التي تمكن من زيارتها.

نبش الذاكرة

وحين بدأ الدكتور محمد خليل، في نبش ذاكرته واسترجاع ذكرياته ومشاهداته خلال فترة دراسته في الصين، ليبدأ في تدوين كتابه الذي بين أيدينا، بدأ بالنظر إلى ما لديه من ألبومات صور التقطت في تلك الفترة، والصور التي تحمل تواريخ التقاطها، كما راجع الرسائل التي أرسلها إلى عائلته، والتي كان يقص فيها بعضاً من جوانب حياته اليومية في الغربة، لكن المدهش كما يؤكد لنا "خليل" في صفحات كتابه، هو أنه ما أن بدأ الكتابة في أولى صفحات كتابه، حتى بدأت مخيلته تستحضر أسماء الأماكن التي زارها والأشخاص الذين التقاهم أثناء إقامته في الصين، حيث استحضر مواقف ومشاهد لم يكن يتوقع أن تبقى عالقة بذاكرته.

إعلان الإصلاح والانفتاح

وتطرق الدكتور محمد خليل في كتابه "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، إلى مسيرته الدراسية في الصين، وإلى حال المجتمع الصيني آنذاك، وإلى الحالة السياسية والثقافية بالصين في ثمانينيات القرن الماضي، وبداية الإصلاح والانفتاح أثناء فترة دينغ شياو بينغ.

وسرد المؤلف مشاهداته للأماكن التي تجول فيها في الصين، والدول التي زارها أثناء العطل الدراسية، كما تناول المؤلف في كتابه فترة ما بعد الدراسة ورجوعه إلى وطنه المغرب، ثم عودته إلى الصين من جديد بعد اثنتي عشرة سنة من مغادرتها، وحكى للقارئ عن التغيير الكبير الذي طرأ في الصين وكان شاهدا على تفاصيله.

كما تحدث عن ارتباطه بالصين، ورئاسته جمعية الصداقة والتبادل المغربية الصينية، وهي التجربة التي تكللت بحصوله على جائزة المساهمات المميزة للصداقة الصينية العربية، وهي الجائزة التي تسلمها من الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وبحسب المقدمة التي تصدرت صفحات الكتاب، والتي كتبها المستعرب الصيني الدكتور وانغ يويونغ، فإن كتاب "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، يأتي ليكون بمثابة فيلم وثائقي يعج بتفاصيل تستعرض مسيرة الكاتب العلمية في الصين، وتتناول دقائق حياته اليومية في معهد اللغات الأجنبية ثم في كلية الطب التقليدي الصيني، وتصف التغيرات الكبيرة والتطورات، التي شهدها المجتمع الصيني طوال العقود التي قضاها المؤلف في علاقته بالصين، طالبا مقيماً تارة، وتارة أخرى سائحاً.

وهكذا كان مؤلف الكتاب الدكتور محمد خليل، الذي فاز بجائزة المساهمات المميّزة للصداقة الصينية العربية، بفضل أدواره الفعّالة في تعزيز العلاقات الثقافية بين المملكة المغربية وجمهورية الصين، وإسهاماته في تعميم الطب التقليدي الصيني في وطنه المغرب، شاهداً على التطوّرات التي مرت بها الصين منذ بداية الانفتاح في سبعينيات القرن الماضي وعلى مدار عقود تالية.

إعلان بين صينيْن

ووصف المؤلف الدكتور محمد خليل، الفترة التي قضاها طالبا في الصين، بأنها جاءت متزامنة مع بداية مرحلة الإصلاح والانفتاح التي أعلن عنها الرئيس دينغ شياو بينغ، مُعتبراً رحلته، أنها كانت "رحلة بين صينيْن غير صنوين، هما صين الأمس وصين اليوم".

وخلص "خليل" إلى ضرورة التواصل والتعايش بين بني البشر بمختلف مللهم ونحلهم وألسنتهم وألوانهم، والإيمان بشرعية الاختلاف واحترام الآخر. وكذلك ضرورة السعي المشترك لدعم التعددية والوصول إلى عالم أكثر انسجامًا وتقاربًا، واحترام تنوّع حضارات العالم وتعزيز القيم المشتركة للبشرية جمعاء، ومنح مزيد من الاهتمام للميراث الحضاري الإنساني، وتعزيز التبادلات، وتجاوز الحواجز بين الحضارات عن طريق تعزيز التبادل الحضاري وتجاوز صراع الحضارات.

وأورد الكتاب بعضاً من تاريخ الصين، واستحضر جانبا من رحلة الرحّالة العربي ابن بطوطة إليها، والتي دوّن تفاصيلها في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، ونقل ما قاله ابن بطوطة عن حرص الصينيّين عبر التاريخ على الزائر والتاجر الأجنبي، وسجّل مظاهر رعايتهم الفقراء والمساكين، واهتمام المسلمين الصينيين ودعمهم أشقائهم من المسلمين القادمين إلى الصين من بلدان العالم العربي والإسلامي، ولفت إلى أن الصين من أكثر البلاد أمناً وأحسنها حالاً للمسافرين، وأنّ أهل الصين أعظم الأمم إحكاما للصناعات، وأشدهم إتقانا فيها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الدکتور محمد خلیل فی الصین الصین من فی کتابه الصین م

إقرأ أيضاً:

الدكتور القرني يكرم الفائزين بجائزته برعاية أمير عسير وحضور محافظ بلقرن.. صور

صالح بن دايل

كرّم الدكتور عائض بن عبدالله القرني برعاية كريمة من أمير منطقة عسير صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز في قاعة الكلية التقنية للبنات بمدينة سبت العلاية خمسة فائزين بجائزته للتميز في دورتها الأولى ، وذلك بحضور محافظ بلقرن الأستاذ محمد بن سعيد بن عامر ، إذ كرم كلاً من : الشيخ دحيم بن محمد آل حويس القرني ، والرائد الطيار علي بن محمد آل دواري القرني ، والمخترع بدر بن محمد بن ظافر القرني ، و الأستاذة براء عبدالكريم القرني ، والموهوبة أريج عبدالله القرني .

وقال الدكتور عائض القرني الجائزة دعم للابتكار والتميز والإبداع في شتى مناحي الحياة وهي تتويج للمخلص المتقن لعمله المحب لوطنه ، مشيراً إلى أن التكريم هو عرفان بجهود المثابرين من أبناء وبنات بلقرن .

من جانبه أشاد محافظ بلقرن بأبناء قبيلة بلقرن والثناء عليهم ، مؤكداً أن الجائزة ودعم التميز والمميزين ليست مستغربة من الدكتور عائض القرني ، وأضاف نبارك هذا التجمع ونشكر القائمين عليه ونسأل المولى عز وجل أن يديم على وطننا الغالي أمنه واستقراره وأن يوفق قادته لكل خير .

إلى ذلك أكد الأمين العام للجائزة الاستاذ عايض بن سعيد القرني أن جائزة الدكتور عائض للتميز تترجم اهتمام وتوجيهات قادة الوطن وتعكس محبة الدكتور عائض لوطنه وقبيلته من خلال حرصه وتشجيعه للتميز والإبداع في كافة المجالات ، كما أعلن عن موعد انعقاد الدورة الثانية للجائزة على أن تقام كل عامين .

وتهدف الجائزة – التي ﺗﺴﺘﻬﺪف اﻟﻤﺘﻤﻴﺰﻳﻦ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء وﺑﻨﺎت ﺑﻠﻘﺮن – إلى دعم وتعزيز التميز والإبداع للفرد حتى يواصل تميزه ويحقق الريادة والتنافسية والتنمية المستدامة في كافة مجالات الحياة .

وكان الدكتور عائض القرني قد أطلق في 28 سبتمبر 2024 م جائزته للتميز ؛ وذلك انطلاقاً من رؤية المملكة 2030 م ، وتجسيداً للدور والدعم اللامحدود من القيادة الحكيمة ، وامتثالاً للمسؤولية المجتمعية ، وإيماناً بأهمية رفع مستويات الآداء وتحقيق التميز للفرد وتنمية مهاراته وتمكينه التمكين الأمثل والصحيح حتى يكون عضواً صالحاً يعوّل عليه في مجتمعه ووطنه .

مقالات مشابهة

  • الحاج أبو محمد… بائع الأمل الذي تحدى الحرب بابتسامة
  • ما هو مرض الدكتور علي المصيلحي الذي تسبب في وفاته؟
  • طالب ماجستير سوداني على متن حاملة طائرات أمريكية.. ما الحكاية؟
  • محمد عبدالعزيز يطالب خليل الحية بقيادة شاحنة مساعدات لغزة
  • 16 شهيدًا ومصابون في غارات إسرائيلية على غزة
  • تعلن محكمة زبيد الابتدائية بأن على المدعى عليه/ خالد محمد خليل الحضور إلى المحكمة
  • عجائب الأستاذ جابر وغرائب الدكتور ربيع في مجموعة قصصية جديدة للقاص العمراني
  • الدكتور القرني يكرم الفائزين بجائزته برعاية أمير عسير وحضور محافظ بلقرن.. صور
  • مقهى مام خليل.. حارس ذاكرة أربيل وقلبها النابض
  • يوتيوبر مغربي يحصل على حقوق نقل دوري روشن