موقف اليمن في إسناد غزة ومواجهة قوى الاستكبار: النصر والدرس
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
وذلك من خلال التحدي والإصرار على الاستمرار في إسناد قطاع غزة، الذي يتعرض لجريمة إبادة جماعية وتجويع ممنهج من ناحية ، ومن ناحية أخرى تحقيق النصر المؤزر على أبشع عدوان تعرض له اليمن عبر التاريخ الحديث.
على الرغم من العدوان الثلاثي المكثف لقوى الاستكبار على اليمن؛ لم يتوقف اليمن عن نصرة وإسناد غزة في موقف غير مسبوق؛ بل لقد قدم ، في ذلك، درسًا عظيمًا من دروس الإنسانية للعالم أجمع.
هذا البلد القصي البعيد لم ينس واجبه، ولم يتخل عن التزاماته الدينية والأخلاقية تجاه أكبر مأساة يشاهدها العالم كل ساعة؛ ولم يحرك أحد ساكنًا، بما فيهم أخوة العرق والدين من الأنظمة العربية والإسلامية؛ بينما اليمن اتخذ القرار وقال وفعل غير آبه من أي قوة من قوى الاستكبار، وحقق ما لم يحققه أحد قبله.
تحقق في الأخير الانتصار لليمن بفضل الله وحكمة القيادة، على العدوان الأمريكي؛ حيث أذعنت واشنطن بعد أكثر من شهر ونصف من التصعيد العدواني؛ وطلبت إيقاف الهجمات اليمنية على سفنها مقابل إيقاف العدوان، متخلية بذلك عن دعمها لحليفها الكيان الإسرائيلي؛ الذي جاء عدوانها من أجل فك الحصار عنه؛ ليتجلى بذلك انتصارًا لليمن غير مسبوق؛ انتصار سيكون درسًا في الجامعات والأكاديميات العسكرية عبر العالم، وقبل ذلك عِبرة أمام الضمير العالمي.
أختار اليمن قيادة وشعبًا الاستمرار في دعم وإسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، ضد العدو الإسرائيلي؛ انطلاقًا من الموقف الديني والأخلاقي والإنساني ، في مرحلة تخلى عن غزة الجميع بما فيهم الأقربون، إذ وقف العالم أجمع موقف المتفرج والصامت؛ بينما تقدم نشرات الأخبار كل ساعة ما لم تألفه السجية الإنسانية من مشاهد جرائم الإبادة الجماعية بحق سكان غزة قتلًا وتجويعًا وتعطيشًا وغيرها من وسائل الموت والدمار؛ وهو ما لم يقبله اليمن، ولم يرض بالصمت؛ فاتخذ موقفه وصدق الموقف بالفعل؛ فكان اليمن انموذجًا في النصر والإسناد ودرسًا عربيًا واسلاميًا وانسانيًا؛ لما يجب أن تكون عليه نصرة الأخوة والإنسانية؛ وهو الموقف الذي تحقق بانتصاره أمام العدوان الأمريكي، مع استمرار إسناده لغزة دون تراجع ، بل من خلال ثبات غير مألوف ، متحديًا بذلك عدوان ثلاثي انكسر وتراجع خوفًا مما يبديه اليمن من قوة التحدي والإصرار والثبات والمفاجآت.
في هذا الإطار، جددّ قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، التأكيد على ثبات الموقف اليمني المبدئي بشكل متكامل في الإسناد للشعب الفلسطيني سواء بالقصف إلى عمق فلسطين المحتلة أو بالحظر على السفن الإسرائيلية.
وفي كلمة ألقاها في الثامن من مايو 2025 حول آخر مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية أشار قائد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، إلى أن الأمريكي صعّد في الجولة الثانية من غاراته وقصفه البحري، لكنه فشل ولم يؤثر على القدرات العسكرية، ولم يوقف العمليات، ولم يؤثر على الإرادة الشعبية لليمنيين الذين يخرجون كل أسبوع، خروجًا مليونيًا عظيمًا في مئات الساحات".
وأضاف "تجاه الفشل الأمريكي في التأثير على القدرات والموقف الثابت، وصل الأمريكي إلى خيار أن يوقف الإسناد حسب ما أعلن عنه الأمريكي، وأبلغ به أشقائنا في سلطنة عمان".
وبين السيد عبدالملك، أن "التضحيات في سبيل الله ليست خسائر، هي ذات قيمة وأهمية ولها نتائج محسوبة ونتائج عظيمة، والخاسر من يخسر رضوان الله".
وأوضح أن العمليات اليمنية المساندة منذ 15 رمضان إلى 9 ذي القعدة بلغت أكثر من 131 نُفذت بـ 253 صاروخا باليستيًا ومجنحًا وفرط صوتي وطائرة مسيّرة، وهذا العدد الكبير من العمليات المساندة تم تنفيذها بالرغم من العدوان الأمريكي المكثف على اليمن.
وأردف قائلًا "نفذنا هذا الأسبوع عدة عمليات بـ 10 صواريخ وطائرات مسيّرة إلى يافا وعسقلان والنقب وأم الرشراش وحيفا المحتلة"، مؤكدًا أن صدى عملية استهداف مطار اللد "بن غوريون" كان واسعًا جدًا على المستوى العالمي وفي تعليقات الخبراء والمحللين.
وصباح يوم الأحد 4 مايو الجاري، استهدف القوة الصاروخية للقوات المسلحة اليمنية مطار بن غوريون بصاروخ فرط صوتي، تجاوز منظومات الدفاع الجوي في طبقاته الأربعة، ما أدى إلى إغلاق المطار وتعليق الرحلات الجوية.
وفي خطوة تصعيدية ضمن برنامج النصرة والاسناد اليمني لغزة؛ أعلن اليمن فرض حظر على الملاحة الجوية من وإلى المطارات الإسرائيلية، اعتبارًا من 4 مايو 2025، حتى إشعار آخر، وذلك بالتزامن مع إعلان عدد من شركات الطيران الدولية وقف رحلاتها من وإلى "تل أبيب" يافا المحتلة، وسط تحذيرات متصاعدة من اتساع نطاق التصعيد في المنطقة.
وإسنادًا لغزة، أعلن الناطق العسكري باسم القوات المسلحة يحيى سريع، أن القرار يأتي ردًّا على توسيع العمليات العسكرة الإسرائيلية في غزة، مؤكدًا أن “جميع المطارات الإسرائيلية باتت في مرمى الاستهداف اليمني”.
القرار الذي أعلنه اليمن بحظر الملاحة الجوية للعدو الإسرائيلي عقب استهداف مطار اللد لم يكن تصريحًا إعلاميًّا أو بيانًا سياسيًّا، بل جاء استجابة لطبيعة الموقف اليمني التصعيدي في علاقته بنصرة وإسناد غزة؛ وهو ديدن اليمن منذ انطلق في إسناد غزة؛ وتنقل في عدد من المراحل وصولًا إلى المرحلة الخامسة من التصعيد.
لقد وجد القرار اليمني بالحظر الجوي على إسرائيل استجابة من العديد من شركات الطيران، بوقف وتعليق رحلاتها إلى "تل أبيب" يافا المحتلة، بينما بقي الآلاف من الصهاينة عالقين في الداخل والخارج، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تشير إلى تزايد المخاوف من تصعيد هجمات اليمن بعد إعلان الولايات المتحدة وقف عدوانها عليه؛ وذلك في ظل الحصار البحري والجوي المفروض يمنيًا على الكيان الإسرائيلي.
وأكدت وسائل إعلام العدو الصهيوني، أن الوضع في المطارات "الإسرائيلية" جراء الصواريخ اليمنية يزداد تعقيدا. وقالت القناة 12 الصهيونية: القوات المسلحة اليمنية تسعى لفرض حصار جوي على "إسرائيل".
وأضافت: الهجوم على مطار "بن غوريون" الجمعة الماضية أثار تساؤلات جادة حول إمكانية استمرار شركات الطيران. وأشارت إلى المخاوف "من أن يؤثر تعليق شركات الطيران رحلاتها على كامل موسم الصيف، مما يمثل ضربة قاسية للاقتصاد "الإسرائيلي"".
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: شرکات الطیران
إقرأ أيضاً:
اليمن وغزة.. إخفاقاتٌ تكشفُ هشاشةَ التحالف الأمريكي “الإسرائيلي”
يمانيون../
تشهدُ العلاقاتُ بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء كيان العدوّ الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “انتقالةً مثيرةً” من التوافق إلى التوتر، بحسب ما يرى مراقبون.
هذا التحول ليس عشوائيًّا، بل يأتي نتيجةً لتراكم الإخفاقات والفشل المتكرّر للطرفين في التعامل مع مِلفات دولية وإقليمية استجدَّت أَو طال أمدُها، وفي مقدمتها مِلَفُّ إيران النووي، وتطوراتُ العدوان على قطاع غزة، والحملة العدوانية الأمريكية على اليمن.
وخلال الشهرَينِ الماضيين والمئةِ يوم الأولى من رئاسة ترامب، جرى الكثيرُ من الماءِ تحت جسر العلاقات الأمريكية مع كَيانِ العدوّ الإسرائيلي، إلَّا أنَّ سَيْلَ الإخفاقات المتكرّرة جَرَفَ الثقةَ بين ترامب ونتنياهو، مع بروز تضارب في المصالح والرؤى حول كيفية التعامل مع هذه الإخفاقات التي وقفت حجرَ عثرةٍ أمام مخططات كَيانِ العدوّ الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية.
في مِلف إيران النووي، كان نتنياهو يعتقدُ -فور عودة ترامب إلى البيت الأبيض- أن الحرب الأمريكية الإيرانية باتت قريبة، وأن الأمر لا يتعدى تحديدَ موعد بَدءِ الهجوم؛ فكان هذا مسعىً إسرائيليًّا منذ سنوات، ولكن بدلًا عن ذلك، اختار ترامب مسارَ طاولةِ المفاوضات غير المباشرة، ودون إشعارِ كيان العدوّ الإسرائيلي؛ مما أثار حفيظة (تل أبيب).
ترى الولايات المتحدة الأمريكية أن الحوار مع إيران ضروري لتجنب حصولها على سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران، أما العدوُّ الإسرائيلي، فلا يختلفُ هذا المسارُ -في نظرهِ- عن الحوارات السابقة التيْ أفضت في نهاية المطاف لصالح إيران.
وفي غضون ذلك، تراقب واشنطن وإدارةُ ترامب إخفاقاتِ كَيان العدوّ الإسرائيلي وفريق نتنياهو مجدّدًا في قطاع غزة، على الرغم من الدعم الأمريكي غير المحدود الذي تلقاه الكيان منذ استئناف العدوانِ في الثاني عشر من مارس الماضي.
وبينما يعجزُ العدوُّ الإسرائيلي عن تحقيق أهدافه في غزة، تخفق أَيْـضًا الحملة الأمريكية الجوية العدوانية على اليمن، والتي كان هدفها الأَسَاسي إسناد الكيان وإحداث تغيير في القدرة اليمنية على مواصلة إسناد غزة.
هذا الإخفاق المزدوج في غزة واليمن شكَّل طريقًا جديدًا للخلاف بين نتنياهو وترامب، ويعكس الوصول إلى مسار مغلق أمام استمرار الحرب.
يريد ترامب -الذي واجه تحديًا كَبيرًا في اليمن وتعرضت حملته الجوية والبحرية لما وُصف بـ”هزيمة مُذِلَّة”- التوقُّفَ عن هذا المسار؛ لتلافي الأسوأ والعودة مجدّدًا لتجريب خطط المفاوضات والمسارات السياسية لوقف الحرب.
يتوافق ذلك مع زيارته المقرَّرة للمنطقة، لكن هذا التحول ليس مُجَـرّدَ خيار، بل هو “تحوُّلٌ أمريكي اضطراري” جاء نتيجةً لفشلٍ حقيقي في خيار الحرب وتكاليفها الاستراتيجية، خَاصَّة بعد أن وصلت العملياتُ اليمنية إلى ضرب مبدأ الحماية الأمريكية التقليدية التي تعرَّضت للتدمير في العدوان على اليمن.
من منظورِ العدوّ الإسرائيلي، يمثِّلُ وقفُ الحملة الأمريكية في اليمن “تخلِّيًا قاسيًا وغيرَ مسبوق”، فهذا التباين في الرؤى والمصالح، والذي تصاعد خلال أَيَّـام إلى قطع التواصل بين ترامب ونتنياهو -بحسب البيت الأبيض- يؤكّـد أن الإخفاقاتِ المتكرّرةَ في مِلفات إقليمية حيوية باتت تصنعُ خلافاتٍ عميقةً بين واشنطن وتل أبيب.
وفي الختام، يرى مراقبون أن الصمودَ الفلسطيني واليمني، وتمسُّكَ الجمهورية الإسلامية في إيران بحقها السيادي في الإنتاجات النووية السلمية، قد بدأ يصنعُ تحوُّلًا إقليميًّا ودوليًّا في الصراع مع “الشر المطلق”.. هذا التحول -الذي تغذِّيه الإخفاقاتُ المتكرّرة للكيان وداعميه- قد يكون انتصارًا غيرَ منقوص أَو في الطريق إليه.
محمد الأسدي – المسيرة