"أنت تملك ذاكرة السمك "، يقال هذا الوصف الساخر تهكما على كل من ينسى سريعا، حتى تسربت إلى الثقافة العامة حقيقة باتت غير قابلة للنقاش، وهي أن القدرات العقلية للأسماك محدودة.

لكن دراسة هولندية جديدة أعادت للأسماك بعضا من حقها المسلوب، إذ أثبتت أنها تتعلم من تجاربها، وتتعاون، بل وتغش أحيانا بشكل يحاكي السلوك البشري.

ودراسة القدرات الإدراكية للأسماك ليست بالأمر الجديد، لكن مشكلة مثل هذه النوعية من الدراسات، أنها كانت تجرى في ظروف مختبرية معقمة وبعيدة كل البعد عن المواطن الطبيعية في الأنهار والبحيرات والبحار، مما أدى إلى الاستخفاف بذكاء الأسماك لفترة طويلة.

لكن الباحثين من جامعة "فاخينينغن" الهولندية عالجوا هذا القصور عبر تطوير طريقة بسيطة ومنخفضة التكاليف، استطاعوا من خلالها تقييم قدرات الأسماك الإدراكية في بيئتها الطبيعية، وأسفرت نتائجهم المنشورة في دورية "ميثودس إن إيكولوجي آند إيفولوشن"، عن مفاجآت مثيرة.

الأسماك تتعلم من تجاربها وتتعاون بل وتغش أحيانا بشكل يحاكي السلوك البشري (أسوشيتد برس) ماذا فعل الباحثون؟

وتتلخص الطريقة المختلفة التي ابتكرها الباحثون في تطوير جهاز بسيط يشبه "لوح تغذية" مصنوع من بلاستيك متين يحتوي على ثقوب صغيرة مغطاة بأقراص بلاستيكية ملونة يمكن للأسماك دفعها للحصول على الطعام الموجود تحتها.

إعلان

وهذا الابتكار لا يتطلب الإمساك بالأسماك أو نقلها من بيئتها، بل يُوضع مباشرة في الماء حيث تعيش الأسماك.

واختبر الباحثون الجهاز على نوعين من الأسماك، وهما "أسماك الجوبي" في جزر ترينيداد الاستوائية، و"أسماك الشوكيات" ذات التسعة أشواك في هولندا، وقد لاحظوا أن الأسماك أظهرت قدرة على التعلم التدريجي مع الوقت.

وبعد عدة محاولات، بدأت الأسماك تختار الأقراص الصحيحة للوصول إلى الطعام بوتيرة أسرع وأكثر دقة، مما يدل على اكتساب خبرة ومعرفة بالمهمة، وهذا يعارض الاعتقاد الشائع بأن الأسماك تفتقر إلى الذاكرة أو القدرة على التعلم.

وبعض الأسماك لم تتعلم عن طريق التجربة المباشرة، بل راقبت ما تفعله الأسماك الأخرى "المستكشفة" وتعلمت منها كيف تصل إلى الطعام، وهذا يشير إلى وجود شكل من أشكال التعلم الاجتماعي أو التعاون، حيث تستفيد بعض الأسماك من جهود الآخرين.

ولوحظ أن بعض الأسماك لم تبذل مجهودا في اكتشاف الأقراص الصحيحة، بل تتبعت الأسماك الأخرى الناجحة واستفادت من مجهودها بالوصول إلى الطعام مباشرة بعد أن تفتحه تلك الأسماك، وهذا النوع من السلوك يفسر على أنه انتهازي أو "غش"، أي الاستفادة دون المشاركة في الحل.

ثورة في الفهم

وتعد المنهجية الجديدة التي استخدمها الباحثون وقادت إلى هذه النتائج المهمة نقلة نوعية في دراسة سلوكيات الأسماك، ليس فقط لكونها سهلة التطبيق وقليلة التكاليف، بل لأنها تفتح الباب لدراسة أنواع متعددة من القدرات المعرفية، والأهم أنها تزيل الغبار عن المفهوم القديم بأن الأسماك تفتقر للذكاء أو للقدرة على التعلم.

ووفق بيان أصدرته جامعة فاخينينغن الهولندية، فإن هذه الدراسة من أولى التجارب التي تتيح فحص القدرات العقلية للحيوانات المائية في بيئاتها الطبيعية دون تدخل بشري مباشر، ويرى الباحثون أن الجهاز الذي نجحوا في تطويره يمكن تعديله لاختبار مهارات مختلفة، مثل الذاكرة، تمييز الألوان، وحتى العد البسيط.

إعلان

ويقول ألكسندر كوترشال، الباحث المشارك بالدراسة في البيان: "عندما ندرس الحيوانات في بيئاتها الطبيعية، يمكننا ملاحظة سلوكها الحقيقي، وهذا لا يعزز فهمنا لتطور الإدراك فحسب، بل يحمل أيضا دلالات مهمة في مجالات الحفاظ على البيئة ورفاهية الحيوان".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

رحيل أسطورة العنف في الحلبة عن عمر 60 عاماً

صراحة نيوز ـ فُجع عالم المصارعة الحرة بوفاة أحد أبرز رموزه، المصارع الأمريكي الشهير سابو، عن عمر ناهز 60 عاماً، وفق ما نقل موقع PWInsider. ولم يُكشف حتى الآن عن سبب الوفاة، رغم أنه خاض آخر نزال له الشهر الماضي ضد المصارع جوي جانيلا.

سابو، واسمه الحقيقي تيري برانك، كان أسطورة حقيقية في حلبات المصارعة العنيفة، وذاع صيته في تسعينيات القرن الماضي مع اتحاد ECW، الذي اشتهر بالعروض الدموية والمباريات المليئة بالطاولات والكراسي والأسلاك الشائكة. وكان يُلقب بـ”الانتحاري، القاتل، الجينيكيدي، المجنون المتحدي للموت” لما قدمه من لحظات مروعة ومثيرة للجمهور.

ينحدر سابو من عائلة مصارعة، فهو ابن شقيق الأسطورة “ذا شيك”، وحقق إنجازات بارزة في ECW، حيث تُوّج مرتين ببطولة الوزن الثقيل، وفاز ببطولة التلفزيون، واحتفظ بثلاثة ألقاب في فئة الفرق.

وعقب مسيرته في ECW، انضم سابو إلى اتحاد TNA ثم WWE عام 2006، حيث كان أحد أعضاء فريق “ECW Originals” الذي شارك في راسلمينيا 23. ورغم تسريحه لاحقاً، ظل اسمه مرتبطاً بقوة بتاريخ المصارعة العنيفة. كما شارك في اتحادات كبرى مثل WCW، نيو جابان، وAAA، وظهر مؤخراً في AEW عام 2023 كحكم خاص.

وعقب إعلان وفاته، نعته AEW على منصة “إكس” قائلة: “من معاركه وسط الأسلاك الشائكة إلى لحظاته الخطرة التي لا تُنسى، قدّم سابو كل ما لديه لعالم المصارعة المحترفة”. كما أعرب عدد من نجوم المصارعة عن حزنهم، من بينهم روب فان دام وتاز، اللذان تربطهما علاقات قوية بسابو، وعبّرا عن امتنانهما لما قدمه من دعم ومشاركة في مسيرتهما.

برحيل سابو، تفقد المصارعة الحرة واحداً من أكثر مصارعيها تفرّداً وجرأة، وواحداً ممن أعادوا تعريف مفهوم “التضحية” داخل الحلبة.

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة ناعيًا عصمت داوستاشي: رحيل مبدع استثنائي نقش الجمال في ذاكرة الوطن
  • «أسطورة الدراجات» يكشف تطورات معركته مع السرطان
  • لقطة نادرة من ذاكرة دبي: هكذا بدت الإمارة قبل 49 عامًا
  • أسعار السمك اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا
  • دوولينغو يطلق نظام “بطارية الطاقة” لتحفيز المستخدمين وتسهيل التعلم
  • رحيل أسطورة العنف في الحلبة عن عمر 60 عاماً
  • غطرسة الاستكبار تتحطم على صخرة إرادة شعب الإيمان
  • أسعار السمك اليوم الأحد 11-5-2025 في محافظة قنا
  • التعلم المدمج في ضوء النظرية الاتصالية