كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، في تحقيق موسع أن علاقات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجارية في الشرق الأوسط تضاعفت بأكثر من ثلاث مرات منذ ولايته الأولى، وسط توسع سريع في مشاريع تشمل ناطحات سحاب فاخرة وملاعب غولف وصفقات عملات رقمية.

وأوضح التقرير أن ترامب، الذي يزور السعودية وقطر والإمارات في جولته الحالية بالشرق الأوسط، يواصل نشاطه في المنطقة "ليس فقط بصفته رئيسا للولايات المتحدة، بل أيضا رب عائلة تواصل إمبراطوريتها التجارية التوسع في ذلك الجزء من العالم".



وأثار هذا التداخل بين النفوذ السياسي والمصالح التجارية قلق خبراء الأخلاقيات، إذ شدد روبرت وايزمان، الرئيس المشارك لمنظمة "بابليك سيتيزن"، على أن "عندما ينتخب الشعب الأمريكي رئيسًا، يتوقع منه أن يعمل لصالحه، لا أن يسعى للربح”.


وأضاف وايزمان، حسب شبكة "سي إن إن"، أن هذه الروابط "تُتيح للقوى الأجنبية فرصةً للتأثير على سياسة الولايات المتحدة".

وأكد التحقيق أن ترامب لم يُخفِ سعيه لدمج المصالح التجارية بالرئاسية، إذ قال في مؤتمر استضافته مجموعة أطلقها صندوق الثروة السيادية السعودي في شباط /فبراير الماضي "لطالما كانت لدي غريزة لكسب المال"، مشيدًا بإنجازاته التجارية إلى جانب ترويج الولايات المتحدة كوجهة استثمارية.

وأشار التقرير إلى أن العديد من مشاريع ترامب في الشرق الأوسط تعتمد على اتفاقيات ترخيص مع مطورين أجانب، فيما تولى أبناؤه إدارة الأصول من خلال صندوق استئماني بعد انتخابه.

وذكر إريك ترامب أن المؤسسة "فخورة للغاية" بتوسيع علامة ترامب التجارية في قطر، عبر شراكة مع شركة "الديار" المملوكة لصندوق الثروة السيادية القطري، وشركة "دار غلوبال".

مع ذلك، نفى متحدث باسم مؤسسة ترامب وجود أي شراكة مباشرة مع الحكومة القطرية، مؤكدا أن الاتفاق يقتصر على "دار غلوبال". 

وسلطت الشبكة الضوء على استثمارات خليجية دعمت مشاريع ترامب، بما في ذلك صفقة مع رابطة "LIV Golf" السعودية، واستثمار ملياري دولار من صندوق الثروة السيادية السعودي في شركة صهره جاريد كوشنر، وسط شكوك بتداخل المصالح الشخصية مع السياسات الرسمية.

وفي السياق ذاته، دعت شركتان إماراتيتان إلى دعم العملة الرقمية التابعة لترامب "وورلد ليبرتي فاينانشال"، حيث أعلنت DWF Labs عن شراء رموز بقيمة 25 مليون دولار، فيما وافقت شركة MGX المدعومة من الإمارات على استخدام العملة ضمن صفقة استثمار بملياري دولار.

ودفع ذلك السيناتورين الأمريكيين جيفري ميركلي وإليزابيث وارن للمطالبة بفتح تحقيق، مؤكدين أن الصفقة "قد تُعرّض حكومتنا لقدرٍ مُذهل من النفوذ الأجنبي"، وفقا للشبكة الأمريكية.

وقال نوح بوكبايندر، رئيس منظمة "مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق"، إن "الرئيس الذي يُمارس أعمالا تجارية في دول الخليج يضفي احتراما كبيرا عليها"، لكنه تساءل "ما إذا كان ذلك مكسبا للشعب الأمريكي".


ولفت إلى أن "هذه منطقة حساسة للغاية من العالم، حيث يتعين اتخاذ قرارات بالغة الأهمية بشأن أماكن نشر القوات العسكرية، والاتفاقيات الاقتصادية"، مضيفا "نريد من الرئيس أن يتخذ قراراته بناء على ما يخدم مصلحة الشعب الأمريكي… لا بناء على ما سيكون أكثر فائدة لشركاته".

وذكّرت الشبكة الأمريكية بأن ترامب اختار السعودية كأول وجهة رسمية له بعد توليه الولاية الثانية، مخالفا التقليد الرئاسي بزيارة أقرب الحلفاء الغربيين، وهو ما فسره البعض بأنه امتداد لتحالفه الوثيق مع المملكة منذ ولايته الأولى.

وقال بن فريمان، مدير برنامج السياسة الخارجية في معهد كوينسي، إن "إبرام صفقات إضافية في المنطقة قد يُقوض الأمن القومي"، مشيرا إلى أن "هناك خطرا حقيقيا يتمثل في أن المصالح الشخصية تتغلب على المصلحة الوطنية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ترامب الشرق الأوسط السعودية الشرق الأوسط السعودية ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

استراتيجية الأمن القومي الأمريكي: راعي الأبقار وماشية العالم

على امتداد 29 صفحة، مضافة إليها 3 صفحات للغلاف وتصدير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والفهرس؛ تلجأ “استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة”، التي أصدرها البيت الأبيض مؤخراً، إلى إعادة إنتاج مرتكزات صغرى، ولكنها محورية نصّت عليها استراتيجيات سابقة؛ وتطوي، في المقابل، سلسلة مرتكزات كبرى (أو هكذا بدت، زمن اعتمادها على الأقل) أو تلقي بها إلى سلّة مهملات الإدارة الراهنة، في انتظار أيّ انتشال أو إعادة تدوير مستقبلية.

ومن تحصيل الحاصل، أو لأنّ المنطق البسيط يفترض الانطلاق من هذا التفصيل، تصحّ قراءة الاستراتيجية من عنوانها، كما هي حال المكتوب في القول الشائع؛ أي قرابة الـ 400 كلمة التي كتبها ترامب على سبيل تقديم الوثيقة، وتسير خاتمتها هكذا: “هذه الوثيقة خريطة طريق لضمان أن تبقى الولايات المتحدة الأمّة الأعظم والأرفع نجاحاً في التاريخ الإنساني، وبيت الحرية على الأرض. وخلال السنوات المقبلة سوف نستمر في تطوير كلّ بُعد من قوّتنا القومية ــ وسنجعل أمريكا أكثر أماناً، أغنى، أكثر حرية، أعظم، وأشدّ جبروتاً من أيّ وقت مضى”.

الفصل الرابع من الوثيقة، وبعد قِسم حول المبادئ وآخر حول الأولويات، توزّع الاستراتيجية الجديدة العالمَ إلى خمس مناطق: نصف الكرة الغربي، آسيا، أوروبا، الشرق الأوسط، وأفريقيا؛ في نقلة أولى دراماتيكية تنأى عن المفهوم التقليدي الشائع لفكرة “الغرب” بوصفه أوروبا والولايات المتحدة، وربما نطاق الحلف الأطلسي عموماً. نصف الكرة الغربي، الذي يتصدّر أقسام العالم، هو الولايات المتحدة + أمريكا اللاتينية، حيث إعادة التأكيد على “عقيدة مونرو” الشهيرة، وتُنسب إلى الرئيس الأمريكي الخامس جيمس مونرو، سنة 1823؛ وتحظر على أوروبا، صراحة وليس تلميحاً، أي تدخل في شؤون دول أمريكا اللاتينية، لأنّ هذه المنطقة مجال حيوي أمريكي حصري.

والاستراتيجية الجديدة تطلق على هذا النهج تسمية “لازمة ترامب” البديهية المكمّلة لـ”عقيدة مونرو”، وبالتالي لا تتردد في تحذير العالم بأسره، وأوروبا في المقام الأول، من مغبة التنافس على نصف الكرة الغربي هذا؛ على أي نحو يضعف الهيمنة الأمريكية فيها، أو يهدد “علوّ الشأن” الأمريكي على امتداد “جغرافيات” المنطقة. أكثر من هذا وذاك، تمضي فقرة تالية في الوثيقة إلى تلخيص أغراض الولايات المتحدة هنا، في قاعدتين: الإدراج (بمعنى التطويع والتجنيد)، ثمّ التوسّع (حتى إذا اقتضى التدخل العسكري المباشر). وفي كلّ حال، لا تخفي طرائق تطبيق القاعدتين مزيجَ الترغيب والترهيب: “نريد الأمم الأخرى أن ترى فينا شريك الاختيار الأول، وسنعمل (بوسائل متعددة) على تثبيط تعاونهم مع الآخرين”؛ نعم، هكذا بالحرف!

وللمرء أن يترك لهؤلاء الـ”آخرين” التعليق على لغة لا تكتفي باستلهام عقلية راعي البقر/ زعيم العصابة، بقدر ما تترجمها إلى “استراتيجية” كونية شاملة للقوة العظمى على الارض؛ الأمر الذي في الوسع العثور عليه لدى وزير خارجية ألمانيا (حيث الجزء الأوروبي الأكثر تصنيعاً والأغنى اقتصاداً في القارة)، الذي اكتفى بالقول إنّ بلاده “ليست بحاجة إلى نصائح من الخارج”، متغافلاً عن أنّ أمريكا ما بعد الحرب العالمية الثانية أسدت إلى ألمانيا ما هو أثقل وأفدح وأبعد أثراً، من النصائح. أو، في ردّ فعل “أكاديمي” بعض الشيء، موقف معهد “شاتام” البريطاني العريق، حيث طُبخت وتُطبخ التغطيات الفلسفية والاقتصادية الأكثر تمجيداً للإمبريالية الغربية المعاصرة. هذا إذا لم يذهب المرء إلى الصامتين في قصر الإليزيه أو 10 داوننغ ستريت أو بروكسيل، حيث حصون أوروبا المريضة بـ”شيخوخة ديموغرافية” وقعيدة “أزمة هوية”؛ حسب توصيفات الاستراتيجية الأمريكية الجديدة.

وبالطبع، ثمة “آخرون” هنا وهناك في أصقاع العالم، أو بالأحرى على كلّ بقاع الكوكب الأرضي التي ليست جغرافية أمريكية رسمية؛ وبالتالي حالها مع استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة تتشابه في كثير أو قليل، أو أنها لا تختلف إلا حيث تتباين أولويات البيت الأبيض، إذْ تقارب شؤون مناطق الكون الخمس. آسيا، في المثال الثاني، تُسجَّل باسم الرئيس الأمريكي ترامب، بوصفها ضربة شخصية من جانبه “قلبت رأساً على عقب ما يتجاوز ثلاثة عقود من الفرضيات الأمريكية الخاطئة حول الصين”؛ وحول النطاق “الهندو ـ باسفيكي”، الذي يشكل اليوم مصدر ما يقارب ثلث الناتج القومي الإجمالي العالمي، وترامب أيضاً هو الذي بسط الهيمنة الأمريكية هناك؛ وحوّل سياسة “أمريكا أوّلاً”، التي أعادت التوازن إلى الميزان التجاري مع اليابان وكوريا وسائر آسيا…

الشرق الأوسط، المنطقة الرابعة، يندرج حسب الوثيقة تحت عنوان ثنائي عريض، تحويل الأعباء وبناء السلام، وهنا أيضاً لا توفّر الاستراتيجية الجديدة انتقاد (وأحياناً تبخيس وتسخيف) ركائز استراتيجيات الولايات المتحدة على امتداد خمسة عقود ما قبل ترامب؛ بمعنى أنها تستذكر معطيات الطاقة، والمنطقة بوصفها ميدان تصارع القوى العظمى، والأزمات الإقليمية التي هددت بالانتقال إلى الجوار والعالم.
اثنتان على الأقلّ من أولويات الشرق الأوسط تبدّلت في الحسابات الأمريكية
اثنتان على الأقلّ من أولويات الشرق الأوسط تبدّلت في الحسابات الأمريكية، فلا الطاقة باتت حكراً هناك، خاصة وأنّ أمريكا اليوم منتجة ومصدّرة؛ ولا أنساق نفوذ القوى العظمى بقي على حاله، وقد انقلب إلى مناورات للولايات المتحدة اليد العليا فيها (بفضل ترامب هنا أيضاً، ودائماً). وأمّا إيران، “قوّة زعزعة الاستقرار الرئيسية في المنطقة”، فقد أضعفتها الضربات الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023، وكذلك عملية “مطرقة منتصف الليل” التي أمر بها ترامب في حزيران (يونيو) الماضي.
وضمن ما قد يلوح نقلة فارقة عن خطّ “المحافظين الجدد”، زمن الرئيس الأسبق جورج بوش الابن واجتياح أفغانستان والعراق ونهج “تصدير الديمقراطية”، تقول الاستراتيجية الجديدة بإسقاط “تجريب أمريكي مضلل” قوامه “التغطرس” على الأمم ومطالبتها باستبدال “تقاليدها وأشكال الحكم التاريخية في بلادها”؛ تحثّ الاستراتيجية الجديدة على “تشجيع الإصلاحات حيث تُقتضى عضوياً، ولكن من دون محاولة فرضها من الخارج”. الوقائع على الأرض تؤكد دوام الحال القديمة ذاتها، من حيث أنساق العلاقات الأمريكية مع الأنظمة، وإدخال تسعة أعشار الاعتبارات من بوّابة المصالح الإسرائيلية، أو القياس على نموذج قاطرات التطبيع الإبراهيمية.

بصدد القارة الأفريقية ترى الوثيقة أنّ السياسة الأمريكية عمدت إلى التركيز على، وإشاعة، “الإيديولوجيا الليبرالية”؛ من دون أن يوضح ثقاة البيت الأبيض الذين كتبوا فقرة افريقيا أيّ “ليبرالية” هذه التي دأبت عليها واشنطن، أو بالأحرى: أية “إيديولوجيا” أصلاً! البديل، في المقابل، هو التالي: مطلوب من الولايات المتحدة “التطلع إلى شريك مع بلدان منتقاة لتخفيف التنازع، وتوطيد العلاقات التجارية متبادلة النفع، والانتقال من أنموذج المساعدة الخارجية إلى أنموذج الاستثمار والنمو، الجدير بثروات أفريقيا الطبيعية الوفيرة ومكامنها الاقتصادية الدفينة”… كما يراها كبير تجّار أمريكا، ساكن البيت الأبيض.

وفي خلاصة القول، لعله ليس مجحفاً بحقّ استراتيجية الأمن القومي الأمريكية ـ طبعة ترامب الثاني، ذلك المجاز التصويري الذي قد يمثّلها في علاقات راعي أبقار أمريكي، يتوهم القدرة على، والحقّ في، قيادة ماشية العالم إلى حيث تشاء مصالحه. أو إلى ذلك المبدأ الاختزالي الأخرق الذي ينتج، كي يستهلك ذاتياً، شعار الـ MAGA الشهير، ليس في جعل أمريكا عظيمة مجدداً فحسب، بل تسخير أربع رياح الأرض لخدمة أمنها القومي كما يرسمه رئيسها اليوم. أو، في مقابل ليس أقلّ غطرسة، كما سبق أن رسمه رؤساء سابقون ويتوجب اليوم تسفيه خلاصاتهم، قبيل طيّها وإحالتها إلى سلال مهملات المكتب البيضاوي.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • أذكار الصباح اليوم مكتوبة كاملة.. بداية مباركة ليوم مليء بالخير
  • تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط
  • ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية
  • ما هي صيغة دعاء سجود السهو؟.. كلمات ثابتة عن النبي لا تغفل عنها
  • أذكار الصباح اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025.. «اللهمَّ إنِّي أعوذُ بك من الهمِّ والحَزنِ»
  • استراتيجية الأمن القومي الأمريكي: راعي الأبقار وماشية العالم
  • مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في بني سويف
  • هند الضاوي: ترامب يعتبر جماعة الإخوان أحد أدوات الحزب الديمقراطي في الشرق الأوسط
  • الرئيس عون لمجلس كنائس الشرق الأوسط: رسالتكم هي توطيد الحضور المسيحي في الشرق ليكون ثابتا في خدمة قضية الإنسان
  • عاجل. بارّاك: هذه لحظة ترامب في الشرق الأوسط وإيران هي العقبة وطبيعة المنطقة القبلية تمنع قيام دول كبرى