15 مايو من كل عام هو ذكرى لأعظم وأكبر نكبة عرفها العرب والمسلمون والعالم، هي نكبة فلسطين التي نسجت خيوطها الإمبريالية الاستعمارية البريطانية، ثم تلقفتها الإمبريالية الاستعمارية الفرنسية والأمريكية بعد إعلان قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية لتكون (وطنا قوميا للصهاينة).
في مثل هذا اليوم 15 مايو 1948م الذي أطلق عليه أشقاؤنا في فلسطين (يوم النكبة)، فيما هناك من وجدوا في قيام هذا الكيان الأمان لعروشهم التي قامت برعاية استعمارية وفي مهمة وظيفية هي حماية هذا الكيان، واستطاعت القوى الاستعمارية أن تربط وتوثق وجود بعض العروش العربية وبقاءها ببقاء هذا الكيان متسلطا على أرض فلسطين.
77 عاما مرت على النكبة وعلى قيام الكيان وعلى المؤامرة الاستعمارية الصهيونية القذرة التي لم يكن بعض العرب والمسلمين للأسف بعيدين عنها، بل كانوا جزءا منها ووجودهم كان مقابل وجود الكيان ومهمتهم الوظيفية كانت ولا تزال هي حماية هذا الكيان الذي إن زال زالت دويلات وعروش، لهذا ليس غريبا ولا من قبيل الصدفة أن تتزامن زيارة الرئيس الأمريكي _ دونالد ترمب – مع ذكرى (النكبة الكبرى) ومع ديمومة حرب الإبادة الجماعية التي يشنها العدو الصهيوني على أشقائنا في فلسطين، في ظل صمت عربي إسلامي رسمي وشعبي.. حرب يصعب وصفها أو تسميتها بغير أنها حرب إبادة جماعية متفق عليها ضد شعب يقاوم منذ عقود ضد احتلال استيطاني صهيوني غير مسبوق في تاريخ الاحتلال، ولم تعرف البشرية احتلالاً بهمجية ووحشية وانحطاط الاحتلال الصهيوني في فلسطين الذي لم يبق على خارطة الكون احتلالا غيره، بعد أن كانت كل شعوب العالم المحتلة قد نالت استقلالها وحريتها من المستعمرين الغزاة بحلول العقد السادس من القرن العشرين، إلا فلسطين التي لم تتحرر من الاحتلال، لأنها وشعبها ببساطة يدفعون ثمن رفاهية واستقرار وتقدم بعض الأنظمة التي ولدت من رحم الاستعمار، الذي لم يغادر الوطن العربي إلا بعد أن زرع له وكلاء ليس فيهم الكيان الصهيوني الذي رغم أنه حامية عسكرية متقدمة لقوى الاستعمار الإمبريالي، غير أن هناك أنظمة وظيفية عربية وإسلامية تعد بمثابة الوكيل الحقيقي لقوى الاستعمار الإمبريالي والحراس الأمناء للكيان الصهيوني..
نعم إن رفاهية بعض الأنظمة العربية الوظيفية يدفع ثمنها الشعب العربي في فلسطين دماً ودموعاً وآهات وقهراً وتهجيراً وتشربداً وقتلاً واعتقالات، فيما العرب والمسلمون يتفرجون لكل ما يتعرض له هذا الشعب من صنوف التنكيل غير المسبوق والإبادة الجماعية والقتل الممنهج والتدمير وطمس لكل المعالم التاريخية والحضارية والدينية لأطهر أرض عربية انبثقت منها وعلى ترابها كل الأديان السماوية ومنها أسري الله بخاتم أنبيائه ورسله سيدنا المصطفى محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام وعلى آله.
عقوداً من النكبة وفي ذكراها نشاهد صورة أخرى مطورة وحديثة، ربما لنكبة أخرى، نكبة تتجاوز النكبة الأولى وتطمس أحداثها، وتؤسس لأخرى حافلة بالمفاهيم الاحتيالية، بما يتناسب مع الوعي الجمعي العربي والإسلامي الذي بلغ مرحلة من انحطاط حضاري شامل، لدرجة أن هذا الوعي لم يعد لديه من الأحلام والتطلعات أكثر من رغبته الجارفة في الحصول على (رغيف خبز) وإن عجن بالذل وخبز بآهات القهر، وتغلف بأحزان أمة..
يجزم البعض أن الحرب مع العدو فاشلة، ويتحدثون عن (السلام والمفاوضات)، مع أن الكل يدرك أن (السلام) فشل هو الآخر و(المفاوضات) فشلت و(الحوار) مع العدو ورعاته لم يجد، ولو كان العدو يؤمن بالسلام والحوار والمفاوضات لكانت الأمور قد حلت من عقود، لكن العدو لا يؤمن بكل هذه المصطلحات التي يسوقها بعض العرب ولا يعترف بحق الشعب الفلسطيني في وطنه ومقدساته وحقه في الاستقلال وإقامة دولته المستقلة، ولأجل ذلك قدم العرب التنازلات ومع كل تنازل يسحبهم العدو إلى متاهات ومسارات جانبية تبعد أصحاب الحق عن حقهم
جبال من الجماجم، وأنهار من الدماء، ويحور من الدموع، وآهات تكاد تغطي بضبابها سماء الكون، وأنين المعتقلين في السجون تبلغ (سدرة المنتهى)، لكن كل هذا لم يلفت نظر بعض العرب والمسلمين..؟! الذين يعيشون رفاهية واستقراراً ويعبثون بخيرات الأمة وثمن كل هذا يدفعه الشعب العربي في فلسطين..!
نعم رفاهية أنظمة الخليج ما كانت لتكون لولا فلسطين والشعب الفلسطيني، إذ كانت المقايضة مع ميلاد الكيان، وأكبر دليل ما نشاهده اليوم في فلسطين والوطن العربي، حيث انتقلت مراكز الثقل العربي من دول التأثير ذات الجذور الحضارية والتاريخية إلى دول الخليج التي ليس لها جذور تاريخية ولا إرث حضاري، بل لديها ( آبار النفط والغاز) التي تفجرت في صحاريها ولديها ثروات، وهي اختارت الرفاهية بدلاً عن فلسطين، بل واختارت العدو صديقاً لها وشريكاً معها في الرفاهية، عن فلسطين الشعب والحقوق والمقاومة والقضية والحرية ..
لكن هل سيطول الأمر؟
هذا هو السؤال..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
وسط التطورات العالمية المتسارعة.. ملف التكامل الاقتصادي العربي على أجندة قمة بغداد
في أجواء إقليمية متوترة وتحديات اقتصادية غير مسبوقة، تحتضن العاصمة العراقية بغداد، اليوم السبت 24 مايو 2025، القمة العربية الرابعة والثلاثين، والتي تُشكل فرصة لمناقشة سبل تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، في وقت تواجه فيه العديد من الدول ضغوطًا مالية خانقة بسبب النزاعات وتداعيات جائحة كورونا وتغيرات المناخ.
ملفات اقتصادية حيوية على طاولة قمة بغدادوتناقش القمة مجموعة من الملفات الاقتصادية الحيوية، أبرزها تفعيل اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى، ومشاريع الربط الكهربائي، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي، وسط دعوات متكررة لترجمة هذه الملفات إلى مشروعات واقعية قابلة للتنفيذ.
وتركز مداولات اليوم الأول على الخطط المشتركة لدعم الاقتصادات المتضررة من النزاعات، لا سيما في السودان وسوريا واليمن، بالإضافة إلى بحث آليات التمويل المشترك للبنية التحتية، وسبل تعزيز الاستثمارات البينية، وتشجيع القطاع الخاص العربي.
الاضطراب الخطير في النظام الاقتصادي الدوليودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في كلمته خلال الاجتماع التحضيري لقمة بغداد، إلى التوصل إلى رؤى جماعية عربية للتعامل مع الاضطراب الخطير في النظام الاقتصادي الدولي، مشيراً إلى أن التطورات العالمية المتسارعة والخطيرة، خاصةً في المجال الاقتصادي، ترفض وضع رؤى تأخذ في الاعتبار ما نلمسه من انحسار تيار العولمة، وصعود الإجراءات الحمائية.
وأضاف: ما من شك في أن الدول العربية يمكن أن تكون في حال أفضل كثيراً إن تعاملت مع هذه التحديات المستجدة برؤية جماعية، وباعتماد نهج تشاركي مرن يتسع للجميع ولا يبقى أحداً خلف الركب.
وبحث وزراء الاقتصاد والتجارة العرب في اجتماعهم ببغداد مشروع جدول أعمال القمة التنموية، الذي يتضمن، «موضوعات مهمة، ومبادرات ومشاريع وبرامج عمل، تتعلق بمجالات التكامل الاقتصادي العربي، والطاقة، والحماية الاجتماعية، والصحة، والتعليم، والمرأة والشباب، والتمويل المستدام والرؤية العربية 2045.
استراتيجيات وطنية لتلبية احتياجيات المواطنوأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أن دولاً عربية عدة شهدت خلال الفترة الماضية، طفرةً مهمةً واعتمدت استراتيجيات وطنية لتلبية احتياجات المواطن والتجاوب مع متطلباته المختلفة، داعياً لتبادل الخبرات في هذا السياق لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من التجارب العربية الناجحة.
قمة بغداد.. بوابة جديدة لتعزيز التعاون العربيويأمل العراق، الذي يستضيف القمة بعد غياب طويل عن المشهد العربي، أن تشكل القمة بوابة جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي العربي، لا سيما في مجالات الطاقة والزراعة والنقل، في ظل توفر بنية تحتية واعدة في عدة محافظات عراقية، ودعوات حكومية صريحة لجذب الاستثمارات الخليجية والعربية.
وتأمل قطاعات واسعة من المواطنين العرب أن تمهد هذه القمة لانطلاقة جديدة في مسار التعاون الاقتصادي، خاصة في ظل الأزمات المعيشية التي تفاقمت مؤخرًا في عدة بلدان، وتراجع الدعم الدولي للمنطقة، ما يعزز الحاجة إلى حلول داخلية قائمة على التكامل والتضامن.
رئيس فلسطين: قمة بغداد منصة استراتيجية لإيصال صوت الشعب الفلسطيني
تحديات إقليمية متشابكة.. ملفات مهمة على طاولة الزعماء العرب في قمة بغداد
اصطفاف في مواجهة المؤامرة على غزة والضفة.. رهان على «قمة بغداد».. و7 قرارات لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة