شهدت العاصمة البريطانية لندن، اليوم السبت، مظاهرة جماهيرية حاشدة في الذكرى السابعة والسبعين للنكبة الفلسطينية، تحوّلت إلى منصة سياسية وشعبية لمحاكمة الدور البريطاني التاريخي والمستمر في معاناة الشعب الفلسطيني، بدءًا من وعد بلفور سنة 1917، ووصولًا إلى دعم إسرائيل في حربها المستمرة على غزة منذ أكتوبر 2023، والتي يصفها المتظاهرون بـ"حرب الإبادة الجماعية".



 وشارك أكثر من نصف مليون شخص في المظاهرة التي انطلقت من محطة "إمبانكمنت" باتجاه وسط المدينة وجابت شوارع العاصمة البريطانية لندن، بدعوة من تحالف واسع من المؤسسات البريطانية المتضامنة مع فلسطين، من بينها "المنتدى الفلسطيني في بريطانيا"، و"أصدقاء الأقصى"، و"حملة التضامن مع فلسطين"، و"ائتلاف أوقفوا الحرب"، و"الرابطة الإسلامية في بريطانيا"، و "حملة نزع السلاح النووي" إضافة إلى نقابات طلابية وعمالية.

التحرك في لندن ليس حدثًا معزولًا، بل هو جزء من سلسلة مظاهرات ستشمل مدنًا بريطانية كبرى مثل مانشستر، غلاسكو، برمنغهام، وبريستول، على امتداد الأيام المقبلة.



وتتقاطع هذه التظاهرات في مضمونها بين استذكار النكبة التاريخية التي هجّرت نحو 800 ألف فلسطيني من أراضيهم سنة 1948، وبين الوقوف ضد المذبحة المستمرة التي خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى في قطاع غزة.

النكبة مستمرة.. والجاني لم يتغيّر

رفع المتظاهرون وسط لندن ثم في مسيرتهم نحو مقر الحكومة، شعارات تندد بالدور البريطاني في زرع المشروع الصهيوني بفلسطين، معتبرين أن "النكبة ليست مجرد ذكرى، بل مأساة مستمرة"، وأن "الاحتلال نتيجة مباشرة لوعد بلفور ودعم لندن التاريخي لإسرائيل".


                               السفير الفلسطيني في بريطانيا حسام زملط يتحدث عن النكبة


وشهدت الفعالية كلمات غاضبة لعدد من المتحدثين باسم المؤسسات المنظمة، بالإضافة الى متحدثين من المؤسسات الإنسانية والمجتمعية مثل الناشطة البريطانية الفلسطينية ليان محمد، المؤرخ البريطاني ويليام دالريمبل, العقيدة السابقة والناشطة في أسطول الحرية آن رايت, مدير مؤسسة الحق شهوان جبارين.

وقال فارس عامر المتحدث باسم "المنتدى الفلسطيني في بريطانيا" في كلمته أمام الحشود: "بريطانيا لم تكتف بإصدار وعد بلفور، بل تواصل دعم الاحتلال سياسيًا وعسكريًا. الأسلحة البريطانية تُستخدم في قصف غزة، وصمت الحكومة اليوم يعني التواطؤ في جرائم الحرب، وانتقد عامر دفع الأموال الطائلة لترامب  دون  قدرة على إدخال طعام لغزة المحاصرة".

وأضاف: "رغم محاولات اقتلاع شعبنا ومحو وجوده، إلا أننا ما زلنا هنا، وسنبقى. ما يجري في غزة اليوم هو محاولة لإكمال مشروع النكبة، الذي بدأ قبل 77 عامًا. لكنهم سيفشلون، وستبقى فلسطين حرة من النهر إلى البحر."

شعارات الغضب.. من الذاكرة إلى المحاسبة

المتظاهرون، الذين قدّر عددهم بعشرات الآلاف، حملوا لافتات كتب عليها: "من بلفور إلى غزة.. بريطانيا شريكة في الجريمة"، "أوقفوا تصدير السلاح لإسرائيل"، "النكبة لم تنتهِ.. عار على من يصمت"، "تذكروا دير ياسين.. تذكروا جنين.. تذكروا غزة".

كما شوهد عدد من المشاركين وهم يرتدون الأكفان الرمزية، ويجرّون نعوشًا تمثيلية للأطفال، في إشارة رمزية إلى ضحايا المجازر في غزة، والتي قُتل فيها الآلاف من المدنيين منذ أكتوبر 2023، أغلبهم من النساء والأطفال.

الغضب يتّسع.. نحو تعبئة وطنية شاملة

وفق منظمي التحرك، فإن المظاهرة المركزية في لندن ستكون بداية لسلسلة فعاليات ووقفات احتجاجية وتحركات طلابية في مختلف المدن البريطانية، تهدف إلى الضغط على الحكومة لوقف بيع الأسلحة لإسرائيل، وفرض عقوبات عليها، كما حدث مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا سابقًا.

وقال المتحدث باسم "الائتلاف المناهض للحرب" في تصريحات له اليوم: "الغضب الشعبي يتنامى، ليس فقط بسبب حجم المجازر في غزة، بل لأن البريطانيين بدأوا يكتشفون أن ضرائبهم تموّل هذه الجرائم، وأن صمت حكومتهم تواطؤ. سنستمر في الضغط حتى تتغير السياسات، ليس فقط عبر التظاهر، بل عبر المقاطعة، والعمل النقابي، والجامعات".



مطالب المحتجين.. من الشعارات إلى السياسات

لم يكتف المحتجون بالشعارات، بل قدموا مطالب واضحة للحكومة البريطانية، أبرزها:

الاعتراف الفوري بدولة فلسطين على حدود 1967.

وقف جميع مبيعات الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية لإسرائيل.

فتح تحقيق برلماني في استخدام الأسلحة البريطانية في جرائم غزة.

دعم المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة قادة الاحتلال.

إدراج حقوق الفلسطينيين في أجندة الانتخابات المقبلة.

???? London now. Tens of thousands marching for Palestine to demand our government #StopArmingIsrael and take action to end all complicity in Israel’s genocide against the Palestinian people ????????#Nakba77 pic.twitter.com/wiOkhKEYpN — Palestine Solidarity Campaign (@PSCupdates) May 17, 2025

ردود فعل سياسية خجولة

وأعرب عدد من نواب المعارضة والبرلمانيين المستقلين عن تضامنهم مع المتظاهرين. وكتبت النائبة زارة سلطانة على "إكس": "العدالة لفلسطين ليست خيارًا سياسيًا، بل مسؤولية أخلاقية على بريطانيا أن تتحملها".

This week, as the government defends in court its sale of F-35 parts used in Gaza — and as famine threatens a starving population — it blocked my bill to suspend arms sales to Israel.

The reckoning will come. Ministers will be held accountable for their complicity in genocide. pic.twitter.com/9PzBDPlOgs — Zarah Sultana MP (@zarahsultana) May 16, 2025

من جهته قال عضو البرلمان البريطاني جيرمي كوربين في تغريدة له نشرها على صفحته على منصة "إكس": "لقد أدرك الكثيرون في وسائل إعلامنا أخيرًا حجم الأهوال المروعة التي يكابدها الفلسطينيون في غزة".

وأضاف: "لقد فات الأوان. لقد ارتكبت إسرائيل هذه الأهوال بتشجيع من طبقة إعلامية فشلت في التعامل مع جميع الأرواح البشرية بنفس القدر من الأهمية".

Gaza has been a test for our mainstream media. They have failed. pic.twitter.com/cXx9BQniks — Jeremy Corbyn (@jeremycorbyn) May 16, 2025

بين مشهد الآلاف المحتشدين في لندن، وغضب طلاب الجامعات الذين بدأوا في نصب مخيمات تضامن مع غزة، يزداد الضغط على المؤسسات السياسية البريطانية لاتخاذ موقف واضح من جرائم الاحتلال. فالنقاش لم يعد فقط حول تاريخ النكبة، بل حول استمرارها بدعم من حلفاء إسرائيل.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الفلسطينية بريطانيا مظاهرات النكبة بريطانيا مظاهرات فلسطين نكبة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی بریطانیا فی غزة

إقرأ أيضاً:

رئيس لجنة فلسطين النيابية لصراحة نيوز: النكبة جرح مفتوح لا تنهيه العقود

صراحة نيوز _ عدي أبو مرخية

قال رئيس لجنة فلسطين النيابية في مجلس النواب الأردني، المهندس سليمان عبدالعزيز السعود، إن الخامس عشر من أيار لا يمثل ذكرى تاريخية عابرة، بل هو جرح مفتوح في صدر الأمة، لا يزال ينزف منذ 77 عامًا، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي وممارساته بحق الشعب الفلسطيني.
وأكد السعود، في مقابلة خاصة مع “صراحة نيوز”، أن النكبة ليست صفحة طُويت، بل مأساة قائمة، وجريمة مستمرة، بدأت بعملية تطهير عرقي هي الأكبر في القرن العشرين، تحت مظلة صمت دولي مريب وتواطؤ أممي معيب، مضيفًا أن ما جرى لم يكن مجرد اغتصاب للأرض، بل اغتصاب للتاريخ والرواية، إذ تم تقديم الجلاد كضحية، بينما حُجبت الحقيقة عن الضحية الحقيقية، الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن النكبة لم تنتهِ، لأن الجرائم ما زالت تتكرر، من قتل وقمع وتوسّع استيطاني وحصار خانق على غزة، وصولًا إلى تهويد القدس ومحاولات طمس الهوية الفلسطينية. وأضاف: “اللاجئ ما زال بلا عودة، والأسير بلا حرية، والمحتل يواصل عربدته دون محاسبة”.
وشدد السعود على أن فلسطين ليست ملفًا تفاوضيًا، ولا بندًا بروتوكوليًا على جدول أعمال سياسي، بل هي قضية شعب ووطن وحق مقدس لا يسقط بالتقادم، مؤكدًا أن “حق العودة لا يُساوم عليه، وأن كل أشكال التطبيع خيانة سياسية وأخلاقية وإنسانية”.
ولفت إلى أن لجنة فلسطين النيابية ترى أن دعم القضية الفلسطينية لا يجب أن يكون شعارًا، بل ممارسة حقيقية داخل البرلمان، من خلال الرقابة والتشريع والموقف الثابت، مضيفًا: “نحن في الأردن، بقيادتنا الهاشمية، باقون في خندق فلسطين حتى النصر أو الشهادة”.
وتابع السعود: “نقول لكل من يحاول طمس الرواية الفلسطينية أو يساوم على ثوابتها، إن النكبة علمتنا أن من يتخلى عن فلسطين يتخلى عن شرفه، وأن من لا يقف مع الحق اليوم، سيقف غدًا على أنقاض كرامته”.
وفي ختام حديثه، ترحّم النائب السعود على أرواح الشهداء، ووجّه التحية للأسرى والمقاومين، مؤكدًا أن فلسطين ستبقى حاضرة في الضمير والوجدان والتشريع، حتى يعود الحق إلى أصحابه وتتحرر كل شبر من الأرض المحتلة.

مقالات مشابهة

  • بريطانيا تعتقل شخصين إثر حرائق عقارات يملكها رئيس الوزراء
  • مظاهرة لندن: الآلاف يحيون ذكرى النكبة ويطالبون بوقف الحرب في غزة
  • مظاهرات النكبة تتحوّل إلى محاكمة سياسية لدور بريطانيا في حرب الإبادة بغزة
  • احتجاجات بلندن للمطالبة بوقف تسليح بريطانيا لجيش الاحتلال
  • المحكمة العليا البريطانية تنهي اليوم مناقشات بشأن صادرات الأسلحة لإسرائيل
  • لاجئو لبنان بعد 77 عامًا على النكبة: ماذا تعني "العودة" لجيل لم يطأ أرض فلسطين؟
  • فلسطين أكشن حركة بريطانية مناهضة لإسرائيل
  • رئيس لجنة فلسطين النيابية لصراحة نيوز: النكبة جرح مفتوح لا تنهيه العقود
  • النكبة.. حين بُترت فلسطين وبقي القلب ينبض