عالي الهمة لا يقنع بالدون ولا يرضيه إلا معالي الأمور، ويعلم أنه إذا لم يزد شيئاً في الدنيا فسوف يكون زائداً عليها ، ومن ثم فهو لا يرضى بأن يصبح في هامش الحياة ، بل لا بد أن يكون في صلبها ومتنها عضواً مؤثرا.
وما للمرء خير في حياة … إذا ما عد من سقط المتاع اطلبوا المعالي دائماً ولا تكثروا من الشكوى وضيق الوقت ، فصاحب الهمة العالية يحلق بهمته في سماء الإنجاز والنجاح ، وينتقل من قمة إلى قمة أخرى أعلى منها ، فهو صاحب همة عالية ونفس طموحة ، لا يرضى بالدون أبدا.
قال الشاعر:
ومن يتهيب صعود الجبال … يعش أبد الدهر بين الحفر
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لا تصغرنّ همتك فإني لم أر أقعد بالرجل من سقوط همته”.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «ذو الهمة وإن حط نفسه يأبى إلا علواً كالشعلة من النار يخفيها صاحبها وتأبَى إلا ارتفاعاً»، لذلك قالوا: مَنْ كَبُرَتْ هِمَتُهُ كَبُرَ اهْتِمَامُهُ، ومَنْ شَرُفَتْ هِمَتُهُ عَظُمَتْ قِيمَتُهُ.
إن صاحب الهمة العالية هدفه عظيم ومن أبرز وأقوى صفاته في هذه الدنيا أنه لا يكترث بكثرة العوائق والشدائد والصعوبات ، فشعاره دائمًا: إذا عزمت فتوكل على الله القادر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
قال ابن الجوزي رحمه الله: “من أعمل فكره الصافي؛ دله على طلب أشرف المقامات، ونهاه عن الرضى بالنقص في كل حال، وقد قال أبو الطيب المتنبي:
ولم أر في عيوب الناس عيبا … كنقص القادرين على التمام
فينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه: فلو كان يتصور للآدمي صعود السموات ، لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض ، ولو كانت النبوة تحصل بالاجتهاد، رأيت المقصر في تحصيلها في حضيض.
غير أنه إذا لم يمكن ذلك ، فينبغي أن يطلب الممكن ، والسيرة الجميلة عند الحكماء:
خروج النفس إلى غاية كمالها الممكن لها في العلم والعمل.
إلى أن قال -رحمه الله-: (وينبغي له أن يجتهد في التجارة والكسب ليفضل على غيره، ولا يفضل غيره عليه، وليبلغ من ذلك غاية لا تمنعه عن العلم، ثم ينبغي له أن يطلب الغاية في العلم).
فكن رجلاً رجله في الثرى … وهامة همته في الثريا
بل إن همته تتجاوز الثريا، ولا تقنع بدون أعلى درجات الجنة ، والنفس الأبيّة لا ترضى بالدون.
قال ابن القيم رحمه الله: “النفس الأبية لا ترضىٰ بالدون وقد عاب الله سبحانه أقوامًا استبدلوا طعامًا بطعام أدنىٰ منه فنعىٰ ذلك عليهم وقال: (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) وذلك دليل علىٰ وضاعة النفس وقلة قيمتها”.
وقال الأصمعي: “خلا رجل من الأعراب بامرأة فهم بالريبة فلما تمكن منها تنحى سليمًا وجعل يقول إن امرءًا باع جنة عرضها السموات والأرض بفتر ما بين رجليك لقليل البصر بالمساحة”. روضة المحبين (1/394).
إن أصحاب الهمة العالية هانت عليهم المصاعب ، وباعوا الغالي والنفيس ، من أجل الوصول إلى نجاحهم وتحقيق أحلامهم ، فمنهم من ضحى بحياته وماله ووصل أعالي القمم.
قال على بن محمد الكاتب البستي:
إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يدا … ولم أقتبس علما فما هو من عمري
إن كبير الهمة نوع من البشر تتحدى همته -بحول الله وقوته- ما وراه غير مستحيلا ، وينجز -بتوفيق الله إياه- ما ينوء به العصبة أولو القوة، ويقتحم -بتوكله على الله- الصعاب والأهوال، لا يلوي على شيء:
له همم لا منتهى لكبارها … وهمته الصغرى أجل من الدهر
لا ترضى بالدون فتألفه ، وارتقِ للمعالي حتى وإن اضطررت لذلك وحيداً ، ستجد رفقةً سبقوك ، فكبيرو الهمة يتسابقون إلى المكارم، لا يكلون، ولا يملون، ولا يقنطون.
فاحذروا دناءة الهمة وضعفها ، والقصور عن طلب معالي الأمور ، والتسويف والتأجيل والبطالة ، والقعود عن المكارم ، وضياع الأعمار والأوقات.
قال الطغرائي:
حبُّ السلامة يَثْني همّ صاحِبه … عن المعالي ويُغرِي المرءَ بالكَسلِ
فإن جنحتَ إليه فاتَخِذْ نَفَقاً … في الأرضِ أو سلَّماً في الجوِ فاعتزل
ودَعْ غمارَ العُلى للمقدمين على … ركوبِها واقتنِعْ منهن بالبَلَلِ
يرضَى الذليل بخفضِ العيشِ يخفضُه … والعِزُّ عندَ رسيمِ الأينُقِ الذُلُلِ
فادرأْ بها في نحورِ البِيد جافلة … معارضاتٍ مثاني اللُجمِ بالجُدَلِ
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
احذر حرمان طفل من ذوي الهمم من التعليم .. عقوبات رادعة بانتظارك
شدد قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على ضرورة توفير فرص تعليمية متكافئة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدا أن حرمان أي طفل من التعليم يعد جريمة يعاقب عليها القانون.
وأوضح القانون أن أي شخص يشارك أو يتسبب في حرمان طفل ذي إعاقة من حقه في التعليم، يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرة آلاف جنيه، مع اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحماية الطفل وضمان دمجه في العملية التعليمية.
ونصت المادة 56 من القانون على أن يعاقب كل من ساهم أو شارك أو تسبب في حرمان طفل ذي إعاقة من التعليم بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه.
ونصت المادة 46 على انه مع مراعاة أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ يعتبر الشخص أو الطفل ذو الإعاقة معرضًا للخطر في أي حالة تهدد احترام كرامته الشخصية واستقلاله الذاتي والتمييز ضده بسبب الإعاقة، وذلك في الحالات التالية:
١ – إذا تعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر.
٢ – حبس الشخص ذي الإعاقة أو عزله عن المجتمع بدون سند قانوني أو الامتناع عن تقديم الرعاية الطبية أو التأهيلية أو المجتمعية أو القانونية له.
٣ – الاعتداء بالضرب أو بأي وسيلة أخرى علي الأطفال ذوي الإعاقة في دور الإيداع والتأهيل والحضانات ومؤسسات التعليم، أو الاعتداء الجنسي عليهم أو إيذاؤهم أو تهديدهم أو استغلالهم.
٤ – استخدام وسائل علاجية أو تجارب طبية تضر بالشخص أو الطفل ذي الإعاقة دون سند من القانون.
٥ – وجود الأطفال أو الأشخاص ذوي الإعاقة في فصول بالأدوار العليا بمدارس التعليم العام أو الخاص دون توفير وسائل الإتاحة والتهيئة لظروفهم الخاصة.
٦ – عدم توفير العلاج اللازم للأطفال ذوي الإعاقة، وعدم توفير المواد الغذائية اللازمة والضرورية للأطفال ذوي الإعاقة الذهنية وخاصة في حالات التمثيل الغذائي (الحمية).
٧ – عدم توفير التهيئة المكانية والأمنية والإرشادية للأشخاص ذوي الإعاقة في مواقع عملهم، وتعريضهم للعنف أو التحقير أو الإهانة أو الكراهية، والتحريض على أي من ذلك.
٨ – إيداع الأشخاص ذوي الاعاقة في مؤسسات خاصة للتخلص منهم لكونهم أشخاصًا ذوي إعاقة في غير الحالات التي تستوجب ذلك الإيداع.