تايمز: سباق مع الزمن لتأمين سوريا من ماضيها الكيميائي
تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT
سلط تقرير نشرته صحيفة تايمز البريطانية الضوء على ملف لم يغلق بعد في سوريا، حيث لا تزال العدالة غائبة، والمخزون القاتل من أسلحة الأسد الكيميائية يهدد أرواح الأبرياء في كل لحظة.
ويقول التقرير الذي أعدته من بلدة خان شيخون مراسلة الصحيفة راشيل هاغان إن سوريا لا تزال تعاني من آثار ترسانة قاتلة خلفها نظام بشار الأسد، رغم مرور خمسة أشهر على سقوطه.
وأضافت أن سباقا خفيا أكثر خطورة يدور في الوقت الذي تنشغل فيه العواصم العالمية بإعادة رسم علاقتها مع دمشق؛ هذا السباق هو تحديد مكان الأسلحة الكيميائية المفقودة التي استخدمت في مجازر أودت بحياة مئات المدنيين، بينهم عائلات كاملة.
خان شيخون
وأعادت هاغان إلى الأذهان حادثة قصف بلدة خان شيخون في محافظة إدلب بغاز السارين السام في أبريل/نيسان 2017، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 90 شخصا، بينهم 25 شخصا من عائلة واحدة وعدد كبير من الأطفال.
وأشارت إلى أن أحد الناجين، واسمه عبد الحميد اليوسف ينتمي إلى العائلة التي فقدت هذا العدد الكبير من أفرادها، وظهر في فيديو آنذاك وهو يحتضن جثتي طفليه باكيا. وكان اليوسف قد فقد زوجته وتوأمه الرضيعان وأشقاءه وأبناء عمومته.
وكان ذلك الفيديو، قد تسبب في تحريك مشاعر الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب، في فترة رئاسته الأولى. وأمر ترامب، بعد ثلاثة أيام، بشن ضربات صاروخية على قاعدة الشعيرات الجوية السورية، في أول تدخل عسكري مباشر للولايات المتحدة ضد نظام الأسد منذ بدء الحرب.
إعلان ترامب يفتح الباب مجدداوذكر التقرير أن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا الذي أعلنه ترامب خلال جولته الخليجية، لاقت ترحيبا حذرا في الغرب. ففي حين خفّف كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بعض العقوبات، لا تزال الغالبية العظمى منها قائمة.
وقال منتقدون إن التسرع في رفع العقوبات قد يعرقل جهود نزع السلاح الكيميائي، خاصة في ظل غياب الشفافية الكافية من السلطات السورية الجديدة.
ترسانة هائلة لا أحد يعرف مكانها
وبعد أن سرد التقرير تاريخ إنتاج النظام السوري للسلاح الكيميائي، والذي قال إنه بدأ قبل خمسة عقود، أشار إلى أن مسؤولين سوريين سابقين أبلغوا مفتشي الأسلحة بأن كميات من المواد الكيميائية "فُقدت في حوادث مرور"، وهو ادعاء وصفه خبراء بأنه مراوغة متعمدة.
ونقل عن غريغوري كوبلنتز، مدير دراسات الدفاع البيولوجي في جامعة جورج ماسون، قوله إن الأسلحة الأكثر إثارة للقلق هي تلك التي اختفت.. "بعضها سام حتى قبل أن يُجهز للاستخدام العسكري"، مضيفا أن هناك خطر أن يعثر مدنيون على هذه المواد، أو أن تستخدمها جماعات مسلحة في أعمال "إرهابية".
جهود بطيئة في ظروف معقدة
وفي مارس/آذار الماضي، يستمر التقرير، تمكن مفتشو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من الوصول إلى خمسة مواقع حول دمشق، بينها موقعان لم يسبق الإعلان عنهما.
وعثر المفتشون على فواتير وملاحظات وخرائط تخضع حاليا لتحليل جنائي، لكن التقدم بطيء، ولا تزال 19 قضية "خطيرة" لم تُحل، بحسب المنظمة.
ووصف وزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني البرنامج الكيميائي بأنه "من أحلك الفصول في تاريخ العالم"، متعهدا بالتعاون الكامل.
ورغم ذلك، لم تقدم الحكومة السورية أي تقارير شهرية للمنظمة في أبريل/نيسان، وهو ما عده بعض الخبراء مؤشرا مقلقا.
ويؤكد كوبلنتز أن "الحكومة الانتقالية تقول الأشياء الصحيحة، لكنهم قد لا يعرفون حتى ما هو موجود لديهم. سوريا ليست دولة مستقرة تماما، ولا يمكن إدارة عمليات نزع السلاح وفق جداول زمنية عادية. ساعة الوقت تدق".
إعلان
حرب أخرى على الناجين
اليوسف، الناجي من خان شيخون، أدلى بشهادته أمام الأمم المتحدة، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهيومن رايتس ووتش، موثقاً تفاصيل المجزرة.
لكن الرواية الرسمية السورية في نظام الأسد أنكرت الهجوم، بل وصفت مقاطع الأطفال المختنقين بأنها "تلفيق بنسبة 100%". وشنت روسيا، الداعم الرئيسي للأسد، حملات تضليل ضد الناجين، وشن المتصيدون على وسائل التواصل الاجتماعي اسم حامد وهددوه بالقتل.
"لقد خاطر بحياته لقول الحقيقة"، يقول أحد المحققين الدوليين. تحقيقات المخابرات الغربية أكدت رواية اليوسف، وربطت غاز السارين المستخدم بالمخزونات السورية. كما أظهرت صور موقع القصف بقايا ذخائر من الحقبة السوفيتية.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، غادر الأسد إلى موسكو قبيل سقوط نظامه. ومع ذلك، لم يُقدم للمحاكمة. "لماذا لم يُحاكم الأسد؟" يتساءل اليوسف. "لا يمكن أن نعيش في عالم يُسمح فيه بارتكاب هذه الجرائم دون عقاب".
الحرب مستمرة في ذاكرة اليوسفرغم مرور سنوات، لم تنته الحرب بالنسبة لليوسف الذي ظل يتردد يوميا على المقبرة، لا ينسى أبناءه وزوجته. ورغم زواجه من جديد وإنجابه طفلة، لا يزال يتذكر كل لحظة فقد فيها عائلته. "كان لديهم مستقبل مشرق. أفكر فيهم كل يوم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات خان شیخون لا تزال
إقرأ أيضاً:
ترامب يعلق على رد حماس حول وقف إطلاق النار في غزة.. ماذا قال؟
علّق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، على رد حركة "حماس" بشأن مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مكتفيًا بالقول: "حسناً، هذا جيد"، في أول رد فعل علني له على التطورات الأخيرة المتعلقة بالمفاوضات الجارية لتهدئة الأوضاع في القطاع المحاصر.
جاء تصريح ترامب خلال حديثه للصحفيين، حيث أشار إلى أن هناك احتمالًا للتوصل إلى اتفاق حول غزة "خلال أيام"، ما يعكس تفاؤلًا حذرًا من الجانب الأمريكي إزاء المساعي التي تقودها أطراف الوساطة الإقليمية والدولية.
وفي سياق التصريحات، أوضح الرئيس الأمريكي أنه لم يتم إطلاعه حتى الآن على التفاصيل الدقيقة لرد "حماس" الذي نُقل إلى الوسطاء المصريين والقطريين، قائلاً: "لم يتم إيجازي بشأن التفاصيل". ورغم ذلك، لم يُخفِ رغبته في المضي قدمًا نحو تسوية محتملة للوضع المتأزم في غزة.
وفي سياق متصل، أشار ترامب إلى حجم المساعدات الأمريكية المقدمة للفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة، قائلاً: "نرسل الكثير من المال والكثير من المساعدات"، مشددًا على أن هذا الواقع يستدعي "أن نفعل شيئًا ما بخصوص غزة"، في إشارة إلى ضرورة تفعيل جهود وقف إطلاق النار مقابل استمرار الدعم الإنساني.
وتأتي تصريحات ترامب تزامنًا مع الإعلان عن استعداد إسرائيل لإرسال وفد تفاوضي لبحث تفاصيل اتفاق التهدئة، بعدما وصفت مصادر حكومية الرد الصادر عن "حماس" بأنه "إيجابي من حيث الروح العامة".
حراك دبلوماسي على أكثر من جبهةيُذكر أن حركة "حماس" كانت قد أعلنت، مساء الخميس، أنها أجرت مشاورات مع الفصائل الفلسطينية بشأن مقترح قدمه الوسطاء لوقف إطلاق النار، مؤكدة أن ردّها كان إيجابيًا، وأنها على استعداد للدخول في مفاوضات فورية لتنفيذ بنود الاتفاق، لا سيما ما يتعلق بآلية الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وتبادل الأسرى، وضمان تدفّق المساعدات الإنسانية.
ومن المقرر أن يستقبل ترامب الأسبوع المقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، لمناقشة آليات الدفع باتجاه التهدئة، بحسب ما أعلنته مصادر أمريكية مطلعة.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الدولية لوقف الحرب المتواصلة في غزة، تبرز المواقف الأمريكية كعامل حاسم في توجيه دفة المفاوضات، خاصة مع تصاعد الانتقادات للسياسات الإسرائيلية بشأن العمليات العسكرية وتقييد وصول المساعدات الإنسانية.